الإسلام في الفكر الغربي وكيف يرانا الآخر؟.. أحدث إصدارات الأزهر بمعرض الكتاب
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "الإسلام في الفكر الغربي"، بقلم الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق (1933- 2020م)، أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، عضو هيئة كبار العلماء، من سلسلة إصدارات الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر (2025م).
يهدف الدكتور زقزوق من كتابه معرفة كيف يرانا الآخر؛ حتى نستطيع أن نعرض إسلامنا على أسسٍ موضوعيةٍ، لا على أساليب خطابيةٍ وعظيةٍ؛ فهؤلاء يريدون أن يقتنعوا عن فهمٍ وإدراكٍ، فعلينا ألا نقف موقف الدفاع عن الإسلام ورد الهجوم عليه دائمًا، بل علينا أن نقتحم الميدانَ بعرض الإسلام بأسلوبٍ علمي مقنعٍ، يصل إلى عقل كل ذي لب في عالمنا المعاصر، ويستمر تأثيره ويدوم.
ويحاول الدكتور زقزوق في هذا الكتاب الوقوف على صورة الإسلام في أذهان الأوروبيين، ومصدر هذا التصور، فيقول في مقدمته: «والمعروف أن الرجل الأوروبي يستقي معلوماته عن الإسلام من المختصين في هذا المجال من الأوروبيين، وهؤلاء هم -بطبيعة الحال- من طبقة المستشرقين»، وبناءً على هذا يقدم الدكتور زقزوق في هذا الكتاب عرضًا نقديًّا لثلاثة كتبٍ لهؤلاء المستشرقين؛ لنتعرَّف من خلالها على صورة الإسلام من وجهة نظر مستشرقين غير مسلمين، ومستشرقٍ مسلمٍ.
وقد قسم المؤلف كتابه إلى قسمين، تناول في الأول منهما صورة الإسلام في نظر المستشرقين غير المسلمين، وفيه عرض كتابي: «عقائد الإسلام» لهرمان إشتيجلكر، و«محمد والقرآن» لرودي بارت، وكلاهما من المستشرقين الألمان، وقام بعرضهما عرضًا نقديًّا، فعرَّف بالمؤلف، ومنهجه، وهدفه، ومحتويات الكتاب وجوانبه الإيجابية والسلبية، وفي النهاية يعقب الدكتور زقزوق بذكر ملاحظاته على الكتاب.
أما القسم الثاني فعرض فيه كتاب: «إجابة الأديان» للمستشرق جرهارد تشيسني، وتعتمد فكرة هذا الكتاب على جمع إجابات علماء الأديان على واحدٍ وثلاثين سؤالًا وجهت لهم جميعًا، وهذه الأديان هي: اليهودية، والكاثوليكية، والبروتستانتية، والإسلام، والهندوسية، والبوذية، وكان منهج الدكتور زقزوق في هذا الكتاب هو ترجمة إجابات العالم الذي قام بالرد على الأسئلة المطروحة من وجهة النظر الإسلامية، وهو المستشرق الذي اعتنق الإسلام محمد أسد؛ لتتضح لنا صورة الإسلام في ذهن المسلمين منهم.
وقد جاءت هذه الطبعة الأولى للأمانة العامة لهيئة كبار العلماء عام (2025م) في (180) صفحةً، وصدرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء الكتاب بتقديمٍ بقلم الأستاذ الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء، ثم بتصديرٍ للأستاذ الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء، ثم قدمت الأمانة العامة ترجمةً موجزةً لفضيلة الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معرض الكتاب إصدارات الأزهر بمعرض الكتاب المزيد لهیئة کبار العلماء الدکتور زقزوق صورة الإسلام الإسلام فی هذا الکتاب فی هذا
إقرأ أيضاً:
نزار قبيلات يكتب: النثر العربي القديم وتقبّل الآخر
أخذت الأنواع النثرية كالمقامة والرسائل والوصايا الخطب وسواها بالانتشار نتيجة تغيّر لساني اجتماعي مفاده تبعات المدينة العربية منذ العصر الأموي، ونتيجة ضمورٍ في ذراع الشعر ووظيفته، فقد كان الشعر قبل الإسلام مرآة القبيلة، بل ووجهتها حين تعلّق الأمر كما يقول صاحب كتاب العمدة ابن رشيق بتخليد المآثر وحماية عرض القبيلة والذّب عن حسبها ونسبها والإشادة بأعيانها، فقد تحولت النظرة بعض الشيء عن الشاعر الذي كان يختزل القبيلة في ذاته، فما يصيبه من شهرةٍ وذيوع يصيب القبيلة ليرفع من شأنها، غير أن المدينة بتشكلها الاجتماعي القائم على التنوع والتعدد اللهجوي فرضت مراعاةً جديدة للروافد الثقافية التي تنبع من تباينٍ في الطبقات والحاجيات والممارسات والصور الإنسانية التي تتسع لشعراء وليس لشاعر بعينه، شاعر كان يمدح أول ما يمدح نفسه، فكان لضوضاء المدينة وأزقتها ومجالسها أصواتٌ لا يمكن أن تُختزل ببلاغة شاعر دون غيره، فهناك تنتفي مركزية الشاعر لصالح محيطٍ ألسني يتماشى مع ضروب لغوية ولهجوية ومضامين تختلف عن مضامين الفخر والمدح والرثاء الفردي، فالتجديد في العصر العباسي أتى بمضمون الكدية، وقَلبَ عمودية الفرد لصالح حاجيات إنسانية مختلفة طولاً وعرضاً، مضامين استجلبت نماذج إنسانية جديدة طرأت على مشهد الأدب، فهناك قصص جديدة للرحيل، وأخبار لا تخصّ طبقة اجتماعية أو قبيلة بعينها وذلك نتيجة تطواف المكدين والسّعاة وصغار التجار والمشترين في أرجاء جديدة، فقد وفد للمدينة أقوام من خراسان ونيسابور وجرجان يحملون صوراً لأطلال لا يبكي عليها أصحابها، ولديهم معايير جمالية جديدة للشعر الغنائي والملحمي، فلا مكان يتسع هناك للظّعن والنّوق والخيول في طرقات المدينة وزحامها كما في مضارب القبيلة وبواديها الشاسعة، ففي المدينة أصوات عديدة مختلطة لم يُحسن الشعر ذو الكعب الأعلى أن يضمّ ذلك التعدد الهجوي والثقافي المدني إلى صدفته التي لا يملك مفاتيحها إلا من وهب الشعر والسبك العجيب الموزون بقيود خليلية، فظهر السجع استطوالاً لحكايا المدينة وظلالها المخفية وعتباتها ونوافذها الموصدة.
فالمدينة لا يروقها الصوت المنفرد، كما أنها لا تنتظر شيطان الشعر، فليس من أغراضها العتاب إذ لم تعطَ جائزة المديح، والهجاء والذمّ يذوبان في زحمة البشر أمام كثرة الأعذار التي لا مجال إلا لقبولها ذلك لأن طُرق المدينة وشبابيكها وظلالها وصنائعها تختزن الكثير من العتاب والضحك والسخرية والاعتذار والبطولة والنفور والتناقض، كما أن الأدب ليس المسلك الوحيد للانتفاع والتقرّب والشهرة، ففي المدينة يشيع الأمن والأمان ويستتب بسهولة دون الحاجة لشاعر يصونها ويملك سلطتها بيديه، فالمحافظة على شرعية التنوع والتقبل في المدينة تطلّبت قانوناً يسود الجميع على تباين مشاربهم وألسنتهم، فظهر التقبل مع القضاء المدني والعدل والتساوي والتسامح، فقد قَبِلَ النقد العربي السرديات اليومية والأحاديث العامة من مصادر كثيرة رغم عدم دقتها ورهافتها كالمقامة مثلاً، وذلك بالنظر لوجود سامعين جدد وأذواق مختلفة تريد أدباً يقبلها، إنها أذواقٌ وأعراق تسترعي شعرية بمفهوم مختلق لتعريف الشعر نفسه في ثقافتنا، لقد أتى التطور العمراني الحضري الذي أشار إليه ابن خلدون بمهن وتوقعات إنسانية وحوارات وألغاز فرضت سياقات أدبية جديدة سمحت للآخر أن ينغمس في مشهد إنساني لا يسوده الشعر فقط بل وسرديات بروافد ومتطلبات محدثة وبنوع أدبي يجمع القصة السردية والشعر معاً، ففي السرد شخوص وأصوات بأغراض متعددة، فهل استجاب الشعر لفرضية السرد ومقبوليّته حين تخلّى عن بحوره وأوزانه مؤخراً؟
* أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية