جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@01:32:59 GMT

أساس التماسك الاجتماعي وبناء الوطن

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

أساس التماسك الاجتماعي وبناء الوطن

 

 

د. أحمد بن موسى البلوشي

الوحدة الوطنية هي أحد الأسس الراسخة التي قامت عليها سلطنة عُمان منذ القدم، وقد أشاد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- في خطابه الأخير بتماسك الشعب العُماني ووحدته عبر العصور؛ حيث أكد جلالته أهمية نبذ التعصب والتمسك بالقيم الدينية السمحة التي تجمع الأمة، مُشددًا على أنَّ هذه الوحدة هي العمود الفقري لبناء الوطن وتعزيز مكانته بين الأمم.

وعلى مر العصور، شكلت الوحدة الوطنية العُمانية عنصرًا أساسيًا في صمود سلطنة عُمان أمام التحديات المختلفة. وفي عام 1744، قاد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي حركة توحيد البلاد؛ مما أرسى أسس دولة مستقرة وقوية. هذه الوحدة لم تكن مجرد تجمع جغرافي؛ بل كانت تعبيرًا عن التكاتف بين مختلف القبائل والمجتمعات تحت راية القيادة الواحدة.

نبذ التعصب بكافة أشكاله يمثل حجر الزاوية في بناء الوحدة الوطنية، وعُمان قدمت للعالم أنموذجًا فريدًا للتسامح والتعايش السلمي. والنهج العُماني، المستند إلى القيم الإسلامية السمحة، يعكس عمق الحكمة والبصيرة في بناء مجتمع متماسك ومتنوع؛ حيث يعيش الجميع في وئام واحترام متبادل، والقيم الوطنية كالتسامح، الإيثار، والعدالة لا تعزز فقط العلاقات بين مكونات المجتمع العُماني، بل تسهم أيضًا في بناء وطن قوي ومزدهر، وعندما يشعر كل فرد بالانتماء والمسؤولية تجاه وطنه، يصبح المجتمع قادرًا على مواجهة التحديات والعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق التنمية والازدهار، وتأكيد جلالة السلطان هيثم بن طارق على أهمية الالتزام بهذه القيم يشكل رؤية استراتيجية تسعى لتعزيز مكانة عُمان كدولة تحترم التعددية وتدعو إلى التعايش السلمي. هذا النهج يجعل من عُمان مثالًا يُحتذى به، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل على الصعيد الدولي، في نشر قيم التفاهم والسلام.

وفي عالم يشهد تغيرات اقتصادية وسياسية متسارعة، تصبح الوحدة الوطنية صمام الأمان الذي يحمي المجتمع من التشتت ويمنحه القوة للتغلب على الأزمات، وبالرغم من التحديات التي تواجهها عُمان، مثل البطالة، والتغير المناخي، والتحولات الاقتصادية، فإنَّ روح الوحدة والتعاون بين القيادة والشعب العُماني تقدم أنموذجًا ملهمًا في تحويل المحن إلى فرص. هذه الروح تمكّن المجتمع من تبني استراتيجيات مبتكرة ومبادرات خلاقة تُسهم في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق رؤية "عُمان 2040". لذلك، يصبح دور كل فرد في المجتمع؛ سواء كان في قطاع التعليم، الاقتصاد، أو حتى العمل التطوعي، محوريًا في تعزيز هذه الوحدة وتحقيق الأهداف الوطنية، مما يجعل التحديات فرصة لإبراز قوة التماسك وروح الانتماء.

الوحدة ليست مجرد مفهوم نظري؛ بل هي شعور يتجسد في التعاون، الاحترام المتبادل، والعمل الجماعي لتحقيق رؤية مُشتركة، وتمسك العُمانيين بقيمهم وتقاليدهم السمحة، التي عززتها القيادة الحكيمة، يعكس قوة النسيج الاجتماعي وروح الانتماء الوطني، والتأكيد على دور كل فرد في الحفاظ على الوحدة الوطنية هو أمر حاسم؛ فالتعليم، والإعلام، والمؤسسات الاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في ترسيخ هذا الوعي، ليصبح الجميع شركاء في تحقيق مستقبل زاهر لعُمان. ولذلك فإن رؤى جلالة السلطان- حفظه الله- تقدم خارطة طريق واضحة لما يمكن أن نحققه عندما نعمل معًا بروح الفريق الواحد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تركيا تبدأ حقبة جديدة.. لجنة برلمانية تدير تفكيك صفوف «العمال الكردستاني» وتعزز الوحدة الوطنية

أعلن رئيس البرلمان التركي، نعمان قورتولموش، انطلاق عمل لجنة “تركيا بدون إرهاب” البرلمانية مطلع أغسطس المقبل، في خطوة تمثل نقطة تحول تاريخية على صعيد تسوية الأزمة الكردية داخل البلاد.

وتأتي هذه اللجنة الجديدة بعد أن بدأ حزب العمال الكردستاني (PKK) تسليم أسلحته، في تطور وصفه قورتولموش بأنه يفتح آفاقًا جديدة لوحدة المجتمع التركي وإصرار السياسة الداخلية على إنهاء الإرهاب نهائيًا.

وأكد قورتولموش في تصريحاته الأخيرة أن تفكيك صفوف “التنظيم الإرهابي” يعد محطة حاسمة ستقود إلى خلق بيئة تمنع عودة الإرهاب مستقبلاً. وأضاف أن اللجنة البرلمانية ستضم جميع الأحزاب السياسية، ما يضمن تمثيلًا واسعًا وتبادلًا حرًا للأفكار والرؤى بهدف تعميق العملية الديمقراطية في تركيا.

وقال: “سنشكل أرضية مهمة لاتخاذ قرارات تصب في صالح الدولة والشعب، ونتطلع إلى أن تصبح تركيا دولة تجاوزت الإرهاب في ختام هذه المرحلة”. وشدد على أن إدارة هذه العملية بنجاح يحمل أهمية استراتيجية، خاصة في ظل المحاولات الإقليمية والدولية لإخضاع دول المنطقة لقوى الإرهاب.

ويأتي تشكيل اللجنة استجابة لدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الذي أعلن انتهاء الكفاح المسلح ضد تركيا، مؤكدًا أن نزع سلاح الحزب سيحدث بسرعة، وهو ما دفع البرلمان إلى الاستعداد للإشراف على هذه المرحلة الحساسة.

المرحلة الأولى من تسليم الأسلحة بدأت بالفعل مطلع هذا الشهر، ويمثل هذا التوجه بارقة أمل لإنهاء صراع مستمر لعقود، قد يفتح المجال أمام إعادة دمج الأكراد في النسيج الوطني التركي بشكل أكثر ديمقراطية واستقرارًا.

النجاح في هذه الخطوة لن يؤثر فقط على الأمن الداخلي لتركيا، بل سيكون له تأثير إيجابي على استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها، التي شهدت في السنوات الماضية موجات من النزاعات والإرهاب المتعدد الأوجه. في هذا السياق، تبدو تركيا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة قد تعيد صياغة مستقبلها السياسي والاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • مناقشة مستوى إنجاز مشاريع المبادرات المجتمعية في بني العوام
  • وزير العدل يلتقي برؤساء محاكم الاستئناف لبحث التحديات التي تواجه عملهم
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • الضحاك: الاحتلال الإسرائيلي يواصل محاولة ضرب الوحدة الوطنية السورية وعرقلة جهود ترسيخ الاستقرار
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • كمال الدالي بمؤتمر الجبهة الوطنية: الرئيس السيسي لم يختر الطريق السهل بل الصحيح.. والمواطن أساس برنامج الجبهة الوطنية
  • تركيا تبدأ حقبة جديدة.. لجنة برلمانية تدير تفكيك صفوف «العمال الكردستاني» وتعزز الوحدة الوطنية
  • الفرزلي استقبل مفتي راشيا: لتكريس العيش الواحد وتعزيز الوحدة الوطنية
  • أمين تنظيم حماة الوطن: أهل الصعيد رمز الوطنية