"ثرثرات" وانتصار أهل غزة
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
د. إبراهيم بن سالم السيابي
كعادة بعض العرب ليس لديهم أي شيء سوى الثرثرة في وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات الفضائية أو بعض الصحف المأجورة، بعد أن تحقق وقف إطلاق النار في غزة، والبعض يتبجح بدون خجل عن إنجازات جيش الاحتلال الإسرائيلي ويشكك بكل بساطة في النصر الذي حققه أهل غزة ومقاومتهم الأسطورية لجيش الاحتلال الذي كان يصنف أحد أعتى وأقوى جيوش العالم، ويمتلك من المعدات وآلة الحرب ما يملك مدعوما من دول الشر والبغي بكل ما تملك من مال وسلاح وعتاد.
غزة من الناحية الجغرافية لا تزيد مساحتها عن 360 كيلومترًا مربعًا، ومحاصرة من جميع الجهات من القريب قبل البعيد ومن ذوي القربى وظلم ذوي القربى أكثر غضاضة، والتي قصفت طوال فترة الإبادة الجماعية بمختلف الأنواع من القنابل واستشهد أبناؤها الواحد تلو الآخر ومسحت الكثير من عائلاتها من السجل المدني ودمرت مبانيها وأحياؤها وشوارعها ودمرت جل مرافقها وبنيتها التحتية، فكثير من البيوت والمدارس والمستشفيات سويت بالأرض وأصبحت ركاما، شُرد أهلها وقصفوا في العراء؛ بل مات البعض منهم بالبرد والجوع والعطش. ولكنها لم تركع لأحد سوى الله.
وأخيرًا المحتل الغاصب هو من ركع لتوقيع اتفاقية لوقف القتال وتبادل المحتجزين والمحتل في بداية حرب الإبادة هذه، فهو من أعلن للعالم أهدافه من هذه الحرب وهي القضاء على حركة المقاومة حماس واسترجاع الأسرى ولم يحقق أياً من هذه الأهداف بعد أكثر من 460 يوما من القتل والإجرام وحرب الإبادة، وإنه لم يحقق إلا قتل الأبرياء العزل الذين خذلهم المثرثرون من أهل الدين والعروبة والتاريخ المشترك.
فمنذ عقود طويلة يعاني أهل غزة وأهل فلسطين من وطأة الاحتلال الإسرائيلي في ظل ظروف إنسانية قاسية تتفاقم يوماً بعد يوم، أهل غزة يعيشون في حصار خانق فرضته إسرائيل منذ سنوات طويلة حيث يُمنع عليهم الوصول إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، ففي كل يومٍ يعيشون فيه تحت نيران الاحتلال يزداد تصميمهم على نيل حريتهم.
الذين يثرثون ويشككون في طوفان الأقصى وعن حق أهل غزة في المقاومة لا يفهمون أو يدركون معنى أن تخسر وطنك؛ فالوطن والذي يحارب من أجله أهل غزة ويحارب لأجل ترابه كل الشرفاء، هو ليس مجرد قطعة أرض أو حدود جغرافية؛ هو كل شيء يربطنا بالذاكرة والمستقبل، هو المكان الذي نشأنا فيه، حيث نعيش لحظات الفرح والحزن، وتتحقق فيه أحلامنا وتطاردنا آلامنا فتراب الوطن يعني كل شبر منه يحمل ذكرياتنا، وكل زاوية تحتفظ بتاريخنا وتضحياتنا، فكيف يكون الحال إذا كأن هذا الوطن يحمل بين جنبيه أحد أقدس بقاع الأرض وهو المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي الكريم الذي وصفه الله عز وجل، في كتابه العزيز بقوله "الذي باركنا حوله".
بالتالي، فما حق أهل غزة المطالبة بالحرية والاستقلال وعودة أرضهم المغتصبة، سوى حق طبيعي لجميع شعوب الأرض وهو حق تقرير المصير وهو كذلك أحد الحقوق الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية، ولا يمكن لأحد أن ينكر على الشعب الفلسطيني. وأهل غزة على وجه الخصوص هذا الحق المشروع في العيش بحرية وكرامة وفي تأسيس دولة مستقلة على ترابهم الوطني.
يجب أن نتذكر أن هذا الصراع ليس مجرد خلاف سياسي أو عسكري؛ بل هو صراع من أجل البقاء والوجود وأهل غزة يطالبون بالعيش في وطنهم المستقل بعيدًا عن الاحتلال والتهجير والقتل وأنهم لا يطلبون شيئًا مستحيلًا أو غير عادل؛ بل يسعون لتحقيق حقهم الذي يضمنه لهم القانون الدولي والإنسانية جمعاء.
ويجب أن نعرف أن الموت من أجل الوطن ليس ترفًا أو أقوال عاطفية، بل هو خيار ناتج عن شعور عميق بالانتماء والواجب، ومن المؤسف من يضع البعض نتائج أحداث غزة على أنها نهاية حرب أو معركة؛ بل يلومون رجال المقاومة بأن هناك اختلالا في ميزان القوة وبالتالي كان عليهم الانتظار لحين يتساوى هذا الميزان أو عليهم أن يركبوا الموج في طريق المفاوضات وتسلب ما تبقى لهم من أرض ويرضون بسياسة فرض الأمر الواقع لعدد سنين أخرى لا يعلمها إلا الله.
ختامًا.. حق أهل غزة في النضال من أجل الحرية هو حق مشروع ولا يمكن لأي أحد أن يحرمهم منه، إنهم ليسوا مجرد ضحايا؛ بل هم رجال ونساء وأطفال مناضلون يحملون في قلوبهم حلمًا لا يموت حلم دولة حرة ومستقلة، وأن يعترف بحقهم هذا وأن يعمل على إنهاء الاحتلال ومن واجبنا جميعًا أن نكون صوتًا للحق وأن نطالب ونقف معهم للحصول على حقوقهم المشروعة وأن ما تحقق في غزة من انتصار هو الطريق نحو إقامة دولة فلسطين رغم الألم وجسامة التضحيات، وقد أعاد الاحتلال إلى الوراء أكثر من 75 سنة، فقد أصبحت دولة الاحتلال دولة مجرمة غاصبة في نظر كثير من الدول والشعوب وأصبح حقها في الوجود يحوم حوله الكثير من الشك؛ بل أصبحت في عزلة دولية، وأصبح قادتها مطاردين من المحاكم الدولية وما دمرته الحرب في هذه الدولة الغاصبة لن يستطيع أن يصلحه أحد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية إسبانيا يؤكد تأييد بلاده الرسمي لإقامة دولة فلسطينية
أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أن بلاده تؤيد بشكل رسمي إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة وجغرافيا متصلة، وعاصمتها "القدس الشرقية"، مضيفا أن "هذا شرط لا غنى عنه لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة".
وصرح وزير الخارجية الإسباني بأن العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة "لم تعد تهدف سوى إلى تحويله إلى مقبرة كبرى"، مجدداً موقف بلاده الرافض لاستمرار الحرب وما تخلفه من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
ودعا ألباريس إلى تعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي، في ظل ما وصفه بـ"الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي وحقوق الإنسان" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
El último hospital de Gaza ha dejado de funcionar. Los bombardeos continúan hoy cerca de un centro de reparto de ayuda. Israel tiene que parar ya esta guerra inhumana. Los gazatíes, sus niños y niñas, merecen salud, educación y dignidad. (1/2) — José Manuel Albares (@jmalbares) June 1, 2025
كما أكد الوزير دعم بلاده للتحقيقات الدولية الجارية بشأن احتمال وقوع "إبادة جماعية" في غزة، مشيراً إلى أن مدريد تشارك رسمياً في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
إسبانيا تدين بناء 22 مستوطنة
وأدانت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة الماضي، قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالموافقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واعتبرته انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، وخطوة تهدد فرص تحقيق السلام في المنطقة.
وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إن الحكومة "تستنكر بشدة" هذه الخطوة، وتُبدي بالغ أسفها لتصاعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية في الضفة، بما في ذلك على مخيمات اللاجئين، محذرة من أن الاستيطان يقوض إمكانية تطبيق حل الدولتين.
وأوضح البيان أن تسعاً من هذه المستوطنات تُعد جديدة كلياً، وفقاً لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، فيما أُقيمت 12 منها خلال السنوات الأخيرة كمزارع غير مرخصة أو وحدات استيطانية سيتم تقنينها بموجب القرار الجديد، بينما ستُدمج المستوطنة الأخيرة ضمن مستوطنة أكبر، مع الاعتراف بها ككيان مستقل.
وشددت الخارجية الإسبانية على أن تحقيق السلام يتطلب إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، عاصمتها القدس الشرقية.
وبدعم من وزير الخارجية الإسباني، عقد اجتماع مشترك لوزراء خارجية دول أوروبية وعربية ضمن إطار "مجموعة مدريد"، لبحث مستجدات الأوضاع في قطاع غزة وسبل الدفع نحو تنفيذ حل الدولتين.
Hace exactamente un año, España reconoció el Estado de Palestina.
No hay otra vía para la paz en Palestina y para la paz en Oriente Medio que la aplicación de la solución de dos Estados.
Gaza es una herida abierta en la humanidad. España va a seguir alzando la voz y actuando. pic.twitter.com/cpRPgwjaVi — José Manuel Albares (@jmalbares) May 28, 2025
وأوضح الوزير الإسباني أن هدف الاجتماع يتمثل في "حشد الجهود الدولية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة"، والتي وصفها بأنها "لا تهدف إلا إلى تحويل القطاع إلى مقبرة واسعة"، داعياً إلى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري، ومن دون عراقيل أو تدخلات سياسية.
كما أكد ألباريس أن من غير المقبول أن يحدد الاحتلال الإسرائيلي هوية المتلقين للمساعدات وكمياتها، مضيفاً أن الاجتماع يسعى إلى دعم إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، موحدة جغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتخضع لسلطة فلسطينية واحدة، وتكون القدس الشرقية عاصمتها.
ودعا ألباريس المجتمع الدولي إلى الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، معتبراً أن الاعتراف هو "الخطوة الأولى نحو سلام دائم في الشرق الأوسط".