هل نجح الشيباني بالإجابة عن تساؤلات الغرب لرفع العقوبات عن سوريا؟
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
باريس- ضمن فعاليات واجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه مدينة دافوس بسويسرا، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن "علامة الاستفهام الحقيقية تكمن في سوريا"، في إشارة منه إلى السؤال الذي تطرحه الدول الغربية بشأن المستقبل الديمقراطي بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وبعد تعليق غوتيريش بساعات قليلة، حاول وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد حسن الشيباني تقديم بعض الإجابات في حديث جمعه مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الأربعاء، مشددا على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن دمشق باعتباره "مفتاح الاستقرار" في بلاده التي مزقتها الحرب لعدة سنوات.
وقال وزير الخارجية السوري -الذي تولى منصبه منذ أسابيع- إن "سبب هذه العقوبات يوجد الآن في موسكو"، في إشارة إلى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي لجأ إلى روسيا بعد سقوط حكمه.
وأوضح الشيباني أن "الشعب السوري لا ينبغي أن يعاقب بهذه العقوبات"، مضيفا "ورثنا دولة مدمرة ولا يوجد نظام اقتصادي"، معربا عن أمله في أن "يكون الاقتصاد مفتوحا في المستقبل".
ويعتبر رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أنه من الطبيعي أن تقطع الدول علاقتها السياسية مع نظام الأسد، وتفرض عليه عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية، "لكن مع توقف القصف الكيميائي والتعذيب وتدمير المدن والتشريد القسري، أصبح من الضروري رفع العقوبات" حسب قوله.
إعلانكما يعتقد عبد الغني، في حديثه للجزيرة نت، أن الغرب يجب أن يتجاوب بشكل أفضل بكثير مع مطلب رفع العقوبات، لأنها فُرضت على النظام السوري بسبب الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي مارسها في ظل حكم بشار الأسد.
وكانت الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد فرضت عقوبات على حكومة الأسد بعد القمع الدموي للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية منذ عام 2011، وما تبعه من مقتل أكثر من نصف مليون سوري ونزوح الملايين.
وتعليقا على تصريحات الشيباني، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بباريس زياد ماجد أن أداء وزير الخارجية "كان جيدا وأتقن فن الخطابة أمام الحضور في مؤتمر دافوس، الذي يشكل المكان الأنسب للحصول على الاستثمارات وبناء علاقات مع رجال الأعمال، وعدد من الدول التي يمكن أن تهتم بالاستثمار في سوريا".
وأضاف ماجد للجزيرة نت أن "مضمون الحوار كان مقبولا واللغة واضحة"، معتبرا أن المقارنة مع سنغافورة والسعودية قد لا تكون دقيقة، وقال "أظن أنه يعني مفهوم الاستقرار والاستثمارات وعمل الدولة، إلا أن ظروف سوريا مختلفة تماما عن سنغافورة وأسواقها المالية، أو عن الاقتصاد السعودي القائم على النفط، لكنه ذكر قطاعات أخرى يمكن العمل على تطويرها، مثل الصناعة والسياحة وبعض الخدمات".
وقد وصف رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان مراقبة الدول الغربية للوضع السوري، المعتمد على التزام البلاد من عدمه لرفع العقوبات، بـ"الوصاية والابتزاز"، موضحا أن "الأصل أن تُرفع العقوبات لأن الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد توقفت، وفي حال انتهك النظام السوري الجديد جرائم فظيعة، فحينئذ يجب التحقق منها أولا والتصرف على ذلك الأساس".
إعلانوتابع "يمكن للدول الغربية اتخاذ خطوات أولية وتدريجية في الوقت الحالي، لأن سوريا بحاجة إلى استقرار وضخ الأموال لإنعاش اقتصادها ودفع الرواتب وتحسين معيشة الشعب".
وبحسب أستاذ العلوم السياسية، فإن الشيباني نجح في الردّ على أسئلة رئيس الوزراء البريطاني الاسبق بشكل دبلوماسي، معتبرا أنه "من حيث الشكل، نحن أمام عودة سورية إلى محفل دولي مهم، مما يعني اعترافا دوليا أيضا بمشروعية المرحلة الانتقالية السورية ولرموزها".
ويعتقد المحلل السياسي أن التركيز على مسألة العقوبات في محله، لأنه "من دون رفع للعقوبات سيبقى موضوع الاستثمارات وإعادة الاعمار عملية صعبة ومعقدة وبعيدة المنال".
وفي زاوية تحليلية أخرى، أكد ماجد أنه "لا يجب لوم الوزير السوري لجلوسه مع بلير، رغم كونه واحدا من الذين شاركوا بحرب خارج القانون الدولي، وهو متهم كما الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بارتكاب فظائع في تلك الحرب، لكن المشاركة عادة لا تستطيع أن تملي من يكون المضيف أو المحاور".
مفتاح الاستقراروفي معرض حديثه عن المخاوف التي تطرق إليها عدد من المسؤولين الغربيين بشأن تمثيل الأقليات وحقوقها، قال وزير الخارجية السوري "إنهم يسألوننا طوال الوقت عن كيفية ضمان حقوق هذه المجموعة أو تلك، وكيفية ضمان حقوق المرأة؟ سنكون جميعا تحت سيادة القانون والدستور في سوريا".
وفي هذا الإطار، سلّط فضل عبد الغني الضوء على ارتباط الانفتاح السياسي بالاقتصاد، بالقول إنه "عندما يتعلق الأمر بالتعاون الاقتصادي، يمكن للغرب فرض شروطه، بما فيها الالتزام والاستقرار السياسي، على عكس العقوبات، لا يمكن للدول أن تشترط أي شيء، لأنها بحد ذاتها أداة عقاب ومحاسبة على الانتهاكات".
ويعتبر الحقوقي السوري أن الاستقرار السياسي يتمثل في ابتعاد النظام الجديد عن الاستبداد، وتركيزه على احترام التعددية السياسية وحقوق الإنسان والانفتاح على كل أطياف الشعب السوري، "مع ضرورة ثقته بأطراف أخرى مثل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وخبراء، وهذه الثقة لا نراها بعد في الحكومة الحالية"، على حد قوله.
إعلانوبالتالي، يطالب عبد الغني الحكومة السورية بتشكيل مجلس أو هيئة حكم لمشاركتها في قراراتها السياسية، معتبرا أن هذه الخطوة ستساعد الدول في الانفتاح على سوريا اقتصاديا.
وفي انتظار الانتخابات والدستور، أكد الدكتور زياد ماجد أهمية تعامل رموز المرحلة الانتقالية مع المجتمع الدولي "بلغة تجذب فهما جديدا لسوريا، وتكرّس طي صفحة الماضي، وتنفتح على الأفق المستقبلي"، مشيرا إلى أن متابعة السوريين لتصريحات ممثلي هذه المرحلة، بالدعم أو النقد أو المعارضة، "دليل على حيوية وعودة إلى الحياة السياسية".
وحسب ماجد، فإن "مسألة مشاركة المرأة تحتاج إلى تركيز إضافي، ليس فقط من خلال ذكر السيدة المؤتمنة على المصرف المركزي السوري اليوم، لكن أيضا من خلال الاهتمام بكل مفهوم المشاركة، بشكل لا يقتصر فقط على وصفه كفرصة أو انفتاح، بل بكونه شرطا أساسيا لإقامة المجتمع السوري ودولته من جديد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وزیر الخارجیة رفع العقوبات عبد الغنی
إقرأ أيضاً:
سبتمبر.. موعد أول انتخابات برلمانية في سوريا منذ سقوط الأسد والشرع سيعيّن ثلث المقاعد
تستعد سوريا لإجراء انتخابات برلمانية بين 15 و20 سبتمبر/أيلول المقبل، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا). اعلان
وستكون هذه الانتخابات أول استحقاق تشهده البلاد منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وتسلّم الإسلاميين الحكم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين أُعلن عن تعيين أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية ، وشُكّلت حكومة برئاسة أسعد الشيباني دون اللجوء إلى صناديق الاقتراع.
وذكرت "سانا" أن مقاعد البرلمان ستزيد من 150 مقعدًا إلى 210 وأن الرئيس المؤقت سيُعيّن ثلثها، على أن يُنتخب الباقي بشكل غير مباشر.
وكان رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، محمد طه الأحمد، قد صرّح للوكالة السورية بأن النساء سيمثّلن ما لا يقل عن 20% من الهيئات الانتخابية، وأن العملية الديمقراطية ستخضع لمراقبة منظمات دولية.
Related الاتحاد الأوروبي يدعو لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات جنوب سوريا وانتقال سلمي للسلطةسوريا: سلسلة انفجارات غامضة تهزّ إدلب مخلفةً قتلى وجرحىبعد اتصاله بالشرع.. ماكرون يشدّد على ضرورة "تجنّب تكرار العنف" في سوريا ومحاكمة المتورطينوفي مارس/آذار الماضي، وقع الشرع على دستور مؤقت كلّف بموجبه لجنة شعبية للعمل كبرلمان انتقالي إلى حين اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات عامة، وهي عملية قيل إنها ستستغرق سنوات.
رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد في لقاء خاص مع ساناويأتي الإعلان عن الانتخابات في ظل تزايد الانقسام في مواقف السوريين تجاه السلطات الجديدة في دمشق، لا سيّما بعد اندلاع اشتباكات طائفية في محافظة السويداء الجنوبية مطلع الشهر الجاري. وقبلها أحداث الساحل التي استهدفت العلويين موقعة مئات القتلى الربيع الفائت.
وقد شهدت السويداء، في ضوء تلك الاشتباكات، عمليات اختطاف متبادلة بين عشائر بدوية مسلحة ومقاتلين من الطائفة الدرزية انخرطت فيها القوات الحكومية بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص وهدّد بتقويض المرحلة الانتقالية الهشة التي تمر بها سوريا بعد الحرب.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة