بلغة السوبر باور وبغطرسة النرجسي الحالم تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد أدائه لليمين الدستورية قاطعا وعودا طوباوية وموزعا لمواطنيه أحلاماً أكثر طوباوية..
أعتبر يوم تنصيبه يوما وطنيا وبداية العصر الذهبي لأمريكا، التي قال إنها قائدة العالم الحر والأمة العظيمة..
في خطاب القسم حضر ” الرب” ويسوع” والملك سليمان” والنبي دانيال” كما حضر” جورج واشنطن، وإبراهام لينكولن، ومارتن لوثر كنج، فإذا أدركنا حجم التناقضات بين المسميات الواردة في حفل التنصيب وبين ما ورد في خطاب الرجل سنجد التفاوت بين الخطاب وما ورد فيه وبين إمكانيات تحقيق وعود خيالية طرحها الرجل بقدر من الغرور الذي يؤكد أن الرجل حقيقة أعجز بكثير من الهالة التي وصف بها وهو أعجز من أن يحقق أيا من أهدافه التي سردها في خطاب القسم لرئاسة دولة يصفها بأنها دولة الحريات وزعيمة العالم الحر فيما يتوعد بطرد الملايين من المهاجرين الذين دخلوا بلاد الحرية.
ما يمكن استنتاجه من خطاب الرجل هو إنه يريد أمريكا حرة ومن أجل حرية أمريكا يجب على العالم أن يقبل بحياة ( العبودية) من أجل بقاء أمريكا حرة، مؤكدا أن (العهد الذهبي لأمريكا قد بدأ يوم تنصيبه)، وأن على الأمة الأمريكية أن تحلم ولا تبالي..؟! قطعا، ترامب ليس الملك سليمان ولا هو النبي دانيال ولا يسوع المخلص، وهو ابعد بملايين السنوات الضوئية عن قيم وأخلاقيات القس مارتن لوثر كينج، وليس بينه وبين جورج واشنطن، ولا إبراهام لينكولن أي تشابه لا في الوعي والفكر والرؤية ولا في القيم، فلا يمكن أن نقارن رائد النضال المدني بحجم القس مارتن لوثر كنج بدونالد ترامب تاجر اللحم الأبيض وملك ( الدعارة وكازينوهات القمار) كما أن الرب العظيم لم يوص بأن (أورشليم _القدس) ملكية خاصة للصهاينة ولا هي وجدت لتكون تحت وصاية أمريكا إمبراطورية التوحش، التي تعطي نفسها الحق في الحرية لتمارس الهيمنة و الغطرسة على شعوب العالم ونهب حقوقهم واستباحة سيادتهم ومصادرة حقهم في حياة الحرية والاستقلال التي يريد ترامب أن يجعل عليها أمريكا..؟!
لم يقل لنا (السوبر باور) كيف سينهي الحروب الدائرة في العالم والتي أشعلتها أمريكا وأدواتها وفي المقدمة كيانها اللقيط الكيان الصهيوني..
أعرف أن شخصية كشخصية ترامب لا علاقة لها لا بالرب ولا بالأنبياء والرسل الذين حشرهم قاضي المحكمة العليا الأمريكية الذي أشرف على يمين القسم، فما قاله القضاة والقساوسة الذين قدموا لخطاب القسم لا علاقة لترامب به وبما جاء على لسان أولئك القضاة والقساوسة الذين حاولوا إعطاء أمريكا صبغة أو هوية دينية في محاولة لاستعطاف اتباع بعض الأديان والإيحاء بأن أمريكا حريصة على إسنادهم وكان الهدف من المفردات الدينية طبعا الكيان الصهيوني، وقد تجاوز ترامب في خطابه طروحات القساوسة وقضاة المحكمة وركز على تسويق الأحلام الطوباوية التي سيكتشف ترامب إنه أعجز عن تحقيقها..
خطاب غير سياسي، وغير دبلوماسي، وغير منطقي قدمه الرجل لحظة تنصيبه، وهو خطاب سيرتد عليه سلبا أو إيجابا عما قريب حين يكتشف إنه غير قادر على تحقيق ولو بعض من وعوده التي تعكس حالة عجز حقيقي وحالة جهل تستوطن الرجل الذي يبدو أنه يتعامل مع دولته إداريا وكأنها ( برج ترامب) وليس أمريكا.. رجل لم يستوعب بعد أن يكون رئيسا لأمريكا..
وهذا ما سوف تكشفه قادم الأيام.. فترقبوا!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
جمال عبد الجواد: إستراتيجية الأمن القومي تعلن أمريكا الباحثة عن مصالحها لا قيادة العالم
قال الدكتور جمال عبد الجواد، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الأخيرة جاءت كحصيلة واضحة لما تراكم داخل السياسة الأمريكية من تناقضات وفجوات خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أنها تقدم صورة جديدة ومختلفة تمامًا لسياسة الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.
وأوضح "عبد الجواد" خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "المشهد" المذاع على فضائية "Ten"، مساء الأربعاء، أن واضعي الإستراتيجية بدأوا بتعريف جديد لمفهوم "الاستراتيجية" ذاته، وهو ما اعتبره "اختراعًا" يعكس رغبة في قطع الصلة بالماضي وتصحيح ما يرى صناع القرار أنه أخطاء وقعت فيها الاستراتيجية الأمريكية التقليدية.
وأشار المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن أحد أبرز التحولات التي تطرحها الوثيقة هو تغيير صورة الولايات المتحدة كما عرفها العالم طيلة عقود، قائلًا: "أمريكا التي نعرفها هي دولة تقود العالم، لكن في هذه الإستراتيجية أمريكا لا تقود العالم، بل هي دولة تسعى وراء مصالحها فقط".
ولفت إلى أن الوثيقة ركزت بشكل كبير على مفهوم "السيادة"، كما تجنبت استخدام مصطلح "التنافس الاستراتيجي"، رغم أن محتواها يشير إليه ضمنيًا، إذ تقدّم العالم باعتباره ساحة تتحرك فيها "دول ذات سيادة تبحث عن مكاسبها، في إطار يبتعد عن الرؤية التقليدية لدور الولايات المتحدة.
واعتبر أن الهجرة تشكّل المفارقة الثانية الكبيرة داخل الاستراتيجية، إذ تحظى بموقع محوري في تصورات صانعي الوثيقة حول التهديدات والأولويات الأمريكية في السنوات المقبلة.
واختتم قائلاً إن الوثيقة تعلن ولادة نهج أمريكي جديد يختلف جذريًا عن الصورة التاريخية لدور واشنطن كقوة قائدة، ويميل إلى واقعية سياسية تُقدّم المصالح المباشرة على الطموحات الكونية.