المشاط: لن نقبل بتأخير آخر لصرف المرتبات وفتح مطار صنعاء
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
الجديد برس:
أكد رئيس المجلس السياسي بصنعاء مهدي المشاط، أن الاستمرار في الوضع الراهن الذي يعيشه أبناء اليمن في ظل ما وصفه بـ “الحصار والتجويع” لم يعد مقبولاً، جاء ذلك خلال لقائه وفد سلطنة عُمان قبل مغادرته صنعاء.
وأضاف المشاط أنه لم يعد من المقبول الاستمرار في الوضع الراهن الذي يعيشه أبناء اليمن في ظل استمرار الحصار والتجويع، وتحويل الاستحقاقات الإنسانية المتمثلة في صرف مرتبات كافة موظفي الدولة وفتح مطار صنعاء الدولي وإزالة كافة القيود المفروضة على موانئ الحديدة إلى محل تفاوض.
وأكد المشاط خلال لقائه الوفد العُماني، أن الوقت ليس مفتوحاً أمام الطرف الآخر للتهرب من الاستحقاقات الإنسانية العادلة للشعب اليمني لأن استمرار التحالف في المراوغة وكسب الوقت سيعود عليه بنتائج لا يرغبها.
فيما أكد عضو وفد صنعاء المفاوض، عبدالملك العجري، أن المباحثات التي شهدتها صنعاء، خلال زيارة وفد الوساطة العماني، كان الهدف منها التشاور حول الخطوات القادمة والترتيب لجولة مفاوضات قادمة، مؤكداً أن استمرار عدم معالجة الملف الإنساني، كأولوية لأي مفاوضات قادمة، معناه استمرار الحرب بشكل آخر.
وقال العجري في تغريدة على موقع “تويتر”، لدى وصوله العاصمة العمانية مسقط، بعد مغادرته صنعاء مع وفد الوساطة العماني: “وصلنا بحمد الله إلى العاصمة العمانية مسقط بعد إنهاء زيارة إلى صنعاء الهدف منها التشاور مع القيادة حول الخطوات القادمة والترتيب لجولة مفاوضات قادمة نسعى أن تكون حاسمة في وضع حد لمعاناة الشعب اليمني، سيما لجهة الاستحقاقات الإنسانية، لأن استمرارها هو استمرار للحرب بشكل آخر أكثر فتكاً وأشد وطئاً”.
وكانت مصادر سياسية مطلعة كشفت أن الوفد العماني طلب زيارة صنعاء عقب تهديدات قائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، مطلع الأسبوع الماضي، في خطاب متلفز، باستهداف المصالح الحيوية للسعودية، وحدد منها مدينة نيوم، إذا لم يتم إنهاء ما وصفه بالحصار وحرمان الشعب من ثروته.
وأضافت المصادر أن الوفد العماني جاء إلى صنعاء للاستماع إلى مطالب القيادات فيها وينقل رسائلها لقيادة التحالف والدول الداعمة له وليس العكس، بعدما تنامى إلى سمع القيادة السعودية جدية التهديدات التي وجهت لها من قبل قائد أنصار الله، كما ذكرت إذاعة مونت كارلو الفرنسية أن هناك قلقاً في مجلس الأمن بعد تهديدات الحوثيين بمعاودة قصف الأراضي السعودية.
وأكدت المصادر أن التأثير الأمريكي البريطاني ما يزال قائماً في جانبه السلبي، فيما يتعلق بصرف المرتبات ورفع كل القيود على مطار صنعاء وموانئ الحديدة، مشيرةً إلى التصريح الأخير للمبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، الذي تمسك بتعبير “قضية معقدة” في تعليقه على قضية صرف المرتبات.
وعلى الرغم من التسريبات الكثيرة والمعلومات الخاطئة التي نشرها ناشطون ووسائل إعلام متعددة عن وجود مسودة اتفاق بين صنعاء والرياض حول عدد من القضايا بما يقود نحو السلام، إلا أن المصادر تؤكد أنه لا يوجد حتى الآن أي اتفاق ولا تزال السعودية غير قادرة على اتخاذ القرار وهي توافق على نقطة ثم تنقلب عليها.
وبحسب المصادر فإن السعوديين يريدون ربط صرف مرتبات الموظفين بإجراء حوار يمني – يمني ووقف دائم لإطلاق النار، وهو ما ترفضه صنعاء باعتبار أن الملف الإنساني يجب أن يبقى مستقلا ولا يكون ورقة للمقايضة بالملفات السياسية والعسكرية، كما أن الحكومة الموالية للتحالف لا تملك قرارها وهو ما يضع تعقيدات أمام استحقاقات المواطنين الإنسانية ويطيل أمد الأزمة الإنسانية، وإضافة إلى ذلك لا يمكن أن يتم السماح للسعودية بالتنصل من تبعات حربها على اليمن.
ويتسق الطرح السعودي مع الرؤية الأمريكية التي تصر الولايات المتحدة على فرضها، فعقب تحذير قائد أنصار الله للتحالف وصل المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ مطمئناً للسعودية بدعم الولايات المتحدة، كما أجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصالا بنظيره السعودية مشدداً على أن يكون الحل ضمن حوار يمني – يمني وليس بين صنعاء والرياض.
وهذه ليست المرة الأولى التي تهرع واشنطن إلى فرملة التحرك السعودي، ففي أبريل الماضي تقول وثيقة مسربة عن البنتاغون نشرتها مجلة “ذا إنترسبت” الأمريكية، إن هناك قلق أمريكي من أي اتفاق سياسي في اليمن، وبحسب المجلة هرع الدبلوماسيون الأمريكيون إلى الرياض لإقناعها بالاستمرار في الحرب، فيما اعتبر ليندركينغ مطالب دفع المرتبات مستحيلة.
ويؤكد مراقبون أن أي تقدم مرهون بمدى قدرة السعودية على تجاوز الضغوط الأمريكية، ومدى استغلال الرياض للوقت المتبقي من مهلة الاستجابة لمطالب صنعاء.
وغادر الوفد العماني صنعاء أمس الأحد بعد زيارة استمرت أربعة أيام تهدف- بحسب تصريحات رئيس وفد صنعاء المفاوض- إلى التشاور مع قيادة السلطة في صنعاء، وتقييم المرحلة واستئناف العملية التفاوضية وفي مقدمتها معالجة الملفات الإنسانية.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
المحافظة على السمت العماني .. مسؤولية من؟
السمت العماني مصطلح يستخدم في سلطنة عُمان للدلالة على الهوية الثقافية والأخلاقية والسلوكية التي يتميز بها العمانيون عبر مر الزمان.
هذا السمت عبارة عن مزيج من القيم الإسلامية ومنها على سبيل المثال: التواضع والتسامح والتعايش مع الآخرين والكرامة. كما يشمل السمت العماني التقاليد العمانية الأصيلة في اللباس أو الزي العماني المترسخ في الحياة اليومية ويتزين به العمانيون في المناسبات الدينية والوطنية.
كما أن السمت العماني متجذر عبر التاريخ من خلال وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - أهل عُمان عندما قال «لو أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك»، الأمر الذي فيه إشارة إلى الإرث الحضاري للسمت العماني مع عمق تواصل العمانيين الثقافي والتجاري مع الأمم الأخرى.
يعد السمت العماني بمكانة الميثاق الأخلاقي غير المدون الذي على أساسه ينظم سلوك الأفراد وبه تتم معرفة الشخصية العمانية التي ظلت لعقود من الزمن تحافظ على ذلك السمت، والذي يجمع في طياته السلوك الحميد والهيبة والوقار في التعامل مع الأفراد فيما بينهم وأيضا تعاملهم مع الآخرين.
السمت العماني ظل سدا منيعا مقاوما للتيارات والأفكار والثقافات الأخرى غير الحميدة والتي أصبحت تغزو ليس سلطنة عُمان وحدها بل المجتمعات العربية وتغير من قيمها وأصالتها بدواعي الانفتاح الحضاري.
هذا الانفتاح بدأ ـرويدا رويداـ ينهش في ذلك السمت العماني؛ وقبل أن يستفحل الأمر يجب الوقوف لمعرفة تداعياته على الشباب والعمل على تضييق الخناق على تلك العادات المتطفلة على قيم المجتمع. كل ذلك من أجل المحافظة على الهوية الوطنية والأصالة العمانية التي كانت -ولا تزال- مضرب الأمثال لكل من يزور هذا البلد الطيب.
ولعل ما شاهده الجميع ـ ليس ببعيد ـ أثناء احتفالات اليوم الوطني لهذا العام، يدعو إلى مراجعة الذات ومراجعة كل فرد في سلوكه وطريقة تعامله مع الآخرين؛ لأن ما حدث من السلوكيات الشاذة من البعض في طريقة الاحتفاء باليوم الوطني يعد من العادات والأفكار الدخيلة على تقاليد المجتمع.
لقد اعتاد العمانيون الاحتفال بالمناسبات الوطنية عن طريق الفنون التقليدية التراثية والتي تم تسجيل بعضها ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو، ومنها على سبيل المثال: فنون البرعة والعازي والرزفة والتغرود.
ذلك التسجيل لم يكن الهدف منه المحافظة على أصالة تلك الموروثات الثقافية من الاندثار، بل استحضارها في كل مناسبة واحتفالية وطنية.
الاحتفاء والفرحة باليوم الوطني لم يعتد المواطن العماني التعبير عنهما عن طريق تغيير شكل اللباس العماني وإزعاج الآخرين والسلوكيات غير الحضارية التي حدثت في بعض المحافظات وفي الشوارع العامة. وإن كانت تلك السلوكيات لا تتكرر كثيرا، ولكنها تحتاج إلى صرامة في التعامل وتطبيق القانون لمنع جعلها سلوكا عاديا.
عندما نتحدث عن التمسك والمحافظة على السمت العماني ليس لنكون مجتمعا يرفض الثقافات الأخرى؛ فالعمانيون جابوا دول العالم المختلفة ونقلوا العلم والإسلام إلى تلك البلدان، ولكن ظلوا متمسكين بسمتهم العماني فأثنى عليهم القاصي والداني.
كما أن هناك دولا كثيرة لا زالت متمسكة بسمتها الثقافي والاجتماعي.
فهذه اليابان التي تعد من الدول المتقدمة صناعيا تتمسك بسمتها الياباني المتمثل في حب العمل الجماعي وتقدير الآخرين أثناء إلقاء التحية وخاصة للأجانب، مع الولاء للمنتجات اليابانية؛ وبالتالي، جمع الإنسان الياباني بين الحداثة والمحافظة على هويته الوطنية.
وتعزيزا لذلك ألغت اليابان في الفترة القليلة الماضية، الامتحانات والدرجات في الصفوف من الأول إلى الثالث الابتدائي، حيث سوف يستبدل ذلك بأن تعمل المدرسة على تنمية شخصية الطالب وتغرس فيه مفاهيم الاحترام وتحمل المسؤولية وبناء الأهداف. وأيضا كوريا الشمالية التي تكن كل العداء للولايات المتحدة الأمريكية وتضع شعبها في عزلة عن العالم. ففي ظل الانفتاح الغربي وتحدياته على الثقافات الأخرى سمحت كوريا الشمالية -قريبا- لشعبها بمشاهدة مباريات الدوري الإنجليزي لكرة القدم ولكن ضمن ضوابط رقابية مشددة؛ منها منع ظهور أية رموز تدل على مجتمع المثليين كالأعلام الملونة.
تلك الضوابط قد تكون صارمة ويفسرها الآخرون بأنها غريبة، ولكن في واقع الحال هدفها، المحافظة على الهوية وعدم الانسياق مع القيم الغربية.
في الجانب الآخر فرنسا تكافح من أجل الحفاظ على لغتها الفرنسية، وقد يكون من غير المقبول محادثة الفرنسي في بلده باللغة الإنجليزية، وذلك لافتخار الفرنسيين بلغتهم التي تمثل هويتهم الوطنية ويعتبرونها ليست أقل شأنا عن اللغة الإنجليزية.
ولكن نحن أصبحنا في نقيض ذلك، حيث يلاحظ من أغلب الأفراد التنازل عن لهجتهم ولغتهم العربية عند الحديث مع العمالة الآسيوية، ظنا منهم بأنها الطريق الأسهل لتوصيل الرسالة أو ما يريده من الشخص الآخر، ولكنه يأتي بكلمات وجمل مكسرة ما أنزل الله بها من سلطان. فبدلا عن المحافظة على اللغة العربية أو اللهجة العامية ونعلمها الآخرين الموجودين في بلدنا، نجد أننا نلحق الضرر بلهجاتنا ونفقد سمتنا العماني دون أن نشعر بذلك.
وفي سياق آخر فإن ما يحدث في بعض حفلات التخرج وبعض المناسبات من ظهور سلوكيات فيها كثير من الميوعة والرقص الهابط وعدم الحشمة والاختلاط، كلها تتنافى مع القيم الإسلامية والسمت العماني. وإن كان تبادل الثقافات والفنون الأخرى بين الدول أمرا حسنا، ولكن يجب أن تكون تلك الفنون التي تتم ممارستها والترويج لها تتوافق مع ثقافتنا الوطنية وتنشر رسالة هادفة للمجتمع، وإلا فإن بعض مقاطع المسرحيات التي انتشرت في المدة الأخيرة تجاوزت حدود المألوف والمرغوب لقيم المجتمع وأصبحت تؤثر سلبيا على الهوية الوطنية والسمت العماني.
عند تحليل ما يحدث للسمت العماني يلاحظ بأنه يتعرض لاختراقات خارجية تعمل على تهميش الهوية الوطنية والانسياق إلى الحداثة الغربية التي أصبح بعض يراها نوعا من التمدن والتقدم.
ومما تقشعر منه الأبدان هذا التقليد الأعمى للتقليعات والموضات واللباس غير المحتشم الذي أصبح ينتشر بين الشباب، تاركين الهوية العمانية في لبس الدشداشة والمصر إلى استبدالها بالسراويل التي يتنقلون بها في الأسواق والمحلات، والتي بعضها يخدش الحياء.
ولدرء الجوانب السلبية الناتجة عن الإدمان في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لغير البالغين وتأثير ذلك في سلوك وتربية الناشئة على القيم والفضائل الإسلامية فإن البداية يجب أن تكون في تشديد القيود على جميع أشكال وسائل التواصل الاجتماعي للشباب دون سن البلوغ؛ لأنه في حال انغماس الأطفال في التطبيقات والألعاب الإلكترونية فإنهم سوف يعيشون في العالم الافتراضي وتقل معرفتهم بقيم المجتمع وسمته.
تلك التطبيقات تصبح بمكانة الإدمان اليومي، تؤثر سلبا في التحصيل العلمي وتأدية الصلوات في المسجد ومرافقة الأولاد إلى المجالس العامة على سبيل المثال، لتقديم واجب العزاء وغيرها من المناسبات الاجتماعية. فمؤخرا أصدرت أستراليا ـ أول بلد في العالم ـ تشريعا يمنع من هم دون السادسة عشرة من إنشاء حسابات على تطبيقات التواصل الاجتماعي لأسباب متعددة ومنها، ضررها الكبير على تنشئة الأطفال ونموهم ذهنيا وعقليا.
إن للأسرة مسؤولية كبيرة في المحافظة على السمت العماني وأن يكون الوالدان بمكانة القدوة الحسنة لأبنائهم ومن يعولونهم فيتعلمون منهم ما يحافظ على الهوية الوطنية وسمتهم العماني.
دور الأسرة لا شك محوري؛ ولكن جميع أطياف المجتمع ينبغي مشاركتهم في هذه المسؤولية الوطنية، من المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، المتمثلة في الأندية وجمعيات المرأة العمانية، التي يتطلع منها أن تقدم الكثير من برامج التوعية لأفراد المجتمع للتقيد بعاداته وتقاليده وإرثه الحضاري.
كما أن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - أثناء الانعقاد السنوي للدورة الثامنة لمجلس عمان، أشار بأن هناك تحديات يتعرض لها المجتمع والأسرة لها تداعيات سلبية على قيمه الأخلاقية؛ حيث أكد جلالته على ضرورة دراسة تلك التحديات ومواجهتها لأنها تتعارض مع التاريخ والثقافة الوطنية.
عليه؛ نأمل من الجهات الحكومية المعنية إعداد خطة وطنية تتم متابعتها بمؤشرات سنوية ـ شأنها شأن الخطط الاستراتيجية الأخرى ـ تهدف للتصدي للأفكار والسلوكيات السلبية التي تخالف قيم الدين الإسلامي، وأيضا استدامة المحافظة على السمت العماني الأصيل.