استبق أهالي البلدات الجنوبية بدء سريان مفعول طلب إسرائيل بتمديد مهلة الهدنة التي حددتها اللجنة الدولية المشرفة على تثبيت وقف إطلاق النار والتي انتهت في الساعات الماضية، وقامت مجموعات منهم بالدخول إلى قراهم عنوةً بالتنسيق مع وحدات من الجيش المتمركزة على تخومها، والتي عملت على إزالة السواتر الترابية التي رفعتها عند المداخل المؤدية إليها لتلتحق فوراً بالعائدين إلى قراهم.


وكتبت" الشرق الاوسط":مع أن دخول الأهالي إلى بلداتهم تعرض لإطلاق النار من الجيش الإسرائيلي المنتشر في المواقع المطلة على مداخل البلدات لمنعهم من العودة، فإنهم أصروا على المضي نحو بلداتهم مما شكّل تحدياً لإسرائيل وإحراجاً للولايات المتحدة الأميركية التي تجاوبت مع طلب رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، تمديد مهلة الهدنة لمدة شهر بذريعة أن لدى جيشه صوراً لوجود أنفاق ومخازن لسلاح «حزب الله» تفرض عليه تمديد المهلة للتخلص منها.
ولم يؤدِّ تصدي الجيش الإسرائيلي للأهالي، مستخدماً إطلاق النار، إلى منعهم من دخول قراهم، مما فتح الباب أمام تبدّل المشهد السياسي جنوباً، وطرح أسئلة حول رد إسرائيل على اندفاع الأهالي، وعن موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الوضع المستجد الذي فرض أمراً واقعاً لم يكن محسوباً شكّل مفاجأة لمن هم في الداخل والخارج، وأربك اللجنة الدولية المشرفة على تثبيت وقف النار بعد أن تطوع رئيسها بنقل الذرائع الإسرائيلية لتبرير طلبها تمديد المهلة لمدة شهر، مع أن في وسعه أن يحيل ذرائعها على الجيش ليتولى بمواكبته التأكد من وجود أنفاق ومخازن سلاح للحزب لوضع اليد عليها.
في هذا السياق، قال قطب سياسي بارز إن نتنياهو هو من طلب من ترمب تمديد المهلة.
وسأل: ما المانع من عدم توفيره الغطاء السياسي لطلبه؟ خصوصاً أن عودة الجنوبيين إلى قراهم كانت عفوية وخلت من العنف، مع أن الجيش الإسرائيلي حاول، بإطلاقه النار على العائدين، أن يوقف اندفاعهم نحو بلداتهم لكنه لم يفلح، رغم سقوط شهداء وجرحى.
وأكد القطب السياسي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» أن مصداقية الرئيس ترمب هي الآن على المحكّ للتأكد من مدى استعداده لتوفير الدعم للجنة الدولية لتطبيق الاتفاق، خصوصاً أنه قبل دخوله البيت الأبيض، توافق مع سلفه جو بايدن على تأييده، وضرورة تطبيقه.
ولفت إلى أن لبنان لم يُستدرج للرد على الخروق الإسرائيلية للاتفاق. وكشف عن أن «حزب الله» تجاوب مع طلب بري الامتناع عن الرد، رغم أن إسرائيل واصلت تدميرها وجرفها المنازل واقتلاعها عشرات الألوف من الأشجار المثمرة.
وأكد أن الحزب بتفويضه بري للتفاوض مع الوسيط الأميركي آموس هوكستين، لم يُخلّ بالوعد الذي قطعه على نفسه بالتزامه بوقف النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته. وسأل عن مصير الوعود الأميركية الضامنة لتنفيذه، والتي أُبلغ بها من هوكستين والجنرال الأميركي؟
وسأل عمّا إذا كانت عودة الأهالي ستوفر ذريعة لنتنياهو للانقلاب على الاتفاق والتعاطي معه كأنه لم يكن، أم أنه سيطلب -بتأييد من ترمب- إدخال بعض التعديلات عليه في حال لم يتجاوب مع طلبه؟
ولفت إلى أن الرئيس عون يواصل اتصالاته الدولية والعربية للضغط على إسرائيل لإلزامها بالانسحاب من الجنوب. ورأى أن عودة الأهالي تعبّد الطريق أمام توسيع انتشار الجيش بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل)، وهذا ما يعطي فرصة لتطبيق الاتفاق بضغط أميركي على نتنياهو.
وعليه فإن عودة الأهالي بالتلازم مع دخول الجيش تفرض واقعاً أمنياً وسياسياً لا بد من أن تتوافر له الفرصة لتثبيت وقف النار مدخلاً للبدء بتطبيق القرار 1701. على أن يُترك للجيش، بالتعاون مع اللجنة الدولية، فرض سيطرته على كامل جنوب الليطاني بمنع أي سلاح غير شرعي ووضع اليد على مخازن السلاح في حال وُجدت.
لذلك فإن تعاطي ترمب بإيجابية مع التبدل غير المحسوب للمشهد السياسي في الجنوب سيُفسح المجال أمام تعزيز انتشار الجيش وتوسيعه وصولاً إلى حدود لبنان الدولية مع إسرائيل، شرط أن تتجاوب مع طلب سحب جيشها من المواقع التي لا يزال يحتلها، لأنه من غير الممكن التعايش بين الجيشين تحت سقف واحد، علماً بأنه لا مشكلة في إخلائها خلال مهلة قصيرة جداً كونها ليست موجودة ضمن قواعد أو إنشاءات عسكرية محصنة تحتاج إلى وقت طويل لتفكيكها.
ويبقى السؤال: هل ستسلم إسرائيل بالأمر الواقع الذي فرضته عودة الأهالي، أم أنها ستتذرع بما حصل وتقرر الرد على غرار ما تقوم به الآن في الضفة الغربية من فلسطين المحتلة، بتحويل جنوب الليطاني إلى منطقة تتجدد فيها المواجهة على نطاق واسع مع «حزب الله»، مما يفتح الباب أمام نزاع طويل مفتوح على كل الاحتمالات، فيما يبقى تنفيذ اتفاق وقف النار عالقاً حتى إشعار آخر، ما لم تتدخل واشنطن بضبط الإيقاع على نحو لا يرتد سلباً على الجهود الرامية لتشكيل الحكومة الجديدة، وبيانها الوزاري في ضوء إشادة عدد من نواب «حزب الله»، في جولتهم على القرى، بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» التي تلقى معارضة أكثرية القوى المحلية ومعها المجتمع الدولي الذي لا يرى مكاناً لها بوصفها شرطاً لمساعدة لبنان على النهوض من أزماته؟
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عودة الأهالی وقف النار حزب الله مع طلب

إقرأ أيضاً:

عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه

أكد الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري الجديد يقوم بمهاجمة القوافل التي تحاول تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، مما يضع مزيدًا من العقبات أمام الحزب في تجديد مخزونه العسكري. اعلان

أصدر الجيش الإسرائيلي تقريرًا مفصلًا عن أنشطته العسكرية ضد حزب الله في لبنان خلال فترة وقف إطلاق النار الممتدة 243 يومًا، في وقت تكثف فيه واشنطن ضغوطها على بيروت للإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء اللبناني يلزم الحكومة بنزع سلاح الحزب، بحسب ما ذكرت مصادر لوكالة "رويترز"

تنفيذ مئات الغارات وتدمير آلاف الصواريخ

أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه نفذ حوالي 500 غارة جوية في لبنان خلال فترة 243 يومًا من وقف إطلاق النار. وذكر أنه قضى على أكثر من 230 عنصرًا من حزب الله ودمر قرابة 3 آلاف صاروخ تابعة للحزب خلال نفس الفترة. كما أشار إلى أن العديد من الصواريخ التي تم تدميرها هي صواريخ قصيرة المدى.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن حزب الله يواجه حاليًا صعوبات كبيرة في ملء المناصب القيادية، وهو غير قادر على تنفيذ توغلات داخل الأراضي الإسرائيلية أو الدخول في مواجهة طويلة الأمد مع الجيش الإسرائيلي. ويعود ذلك إلى الضغوط المستمرة التي يتعرض لها الحزب من عمليات الاستهداف والمراقبة.

Related "الكلمات لن تكون كافية"... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاحالأمين العام لحزب الله يُحذّر من "ثلاثة مخاطر" ويؤكد: جاهزون للمواجهةشحنات الأسلحة مستمرة إلى اليمن ولبنان.. إيران تعزز قوة الحوثيين وترمم ترسانة حزب الله؟ تمركز الأسلحة ومحاولات إنتاج المسيّرات

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن حزب الله نقل معظم أسلحته إلى شمال الليطاني، ولا يزال بحوزته آلاف الصواريخ، معظمها قصيرة المدى. لكن الجيش لفت إلى وجود نقص في منصات إطلاق الصواريخ، حيث أن مئات من هذه الصواريخ قادرة فقط على الوصول إلى وسط إسرائيل، ما يحد من قدرة الحزب على التصعيد.

كما نفى وجود شبكة أنفاق متصلة تابعة لحزب الله، موضحًا أن الأنفاق الموجودة هي محلية وغير متصلة بشكل واسع. وأشار إلى أنه رصد مؤخرًا محاولات لاستئناف إنتاج الطائرات المسيّرة (الدرونز) في ضاحية بيروت الجنوبية، مما يشكل تحديًا جديدًا في مراقبة القدرات العسكرية للحزب.

تعطيل تهريب الأسلحة

أكد الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري الجديد يقوم بمهاجمة القوافل التي تحاول تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، مما يضع مزيدًا من العقبات أمام الحزب في تجديد مخزونه العسكري.

هذه المعطيات تعكس استمرار التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية رغم اتفاق وقف إطلاق النار، وتوضح التحديات التي تواجه حزب الله في ظل الضغوط العسكرية المتواصلة من قبل الجيش الإسرائيلي.

الضغوط الأميركية متواصلة وحزب الله يرفض تسليم سلاحه

في سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز عن تكثيف واشنطن لضغوطها على الحكومة اللبنانية من أجل الإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء يلزمها بنزع سلاح حزب الله. وأوضحت المصادر أن المبعوث الأميركي توماس بارّاك لن يتوجه إلى بيروت ما لم تقدّم الحكومة التزامًا علنيًا تجاه هذا الملف.

وأكدت المصادر أن حزب الله رفض علنًا تسليم ترسانته بالكامل، لكنه يدرس سرًا تقليصها، في حين طلب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي من واشنطن ضمان وقف إسرائيل ضرباتها كخطوة أولى نحو التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار.

في المقابل، أفادت رويترز بأن إسرائيل رفضت قبل أيام اقتراح برّي بوقف ضرباتها تمهيدًا لتطبيق وقف إطلاق النار في لبنان، مما يبرز تعقيدات ملف الهدنة على الأرض.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • الجيش الليبي ينفذ عمليات دقيقة للقضاء على الجريمة المنظمة في الجنوب
  • ما هي الصدمة الثلاثية التي تعيق عودة السوريين إلى وطنهم؟
  • إعلام عبري: حزب الله يستنفر في الجنوب ويوزع معدات استعدادا لاحتمال الحرب مع إسرائيل
  • ترمب: مبعوث أميركي إلى إسرائيل لبحث التصعيد في غزة
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه
  • مستوطن يقتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فائز بأوسكار
  • شهيدان برصاص الاحتلال واعتداءات للمستوطنين في الضفة