لا بد لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد أن تتغير كي تستعيد موقعها ودورها وعافيتها، وتخرج من أعباء سنوات الاحتراب الثقيلة والقيود الدولية التي كبلتها وأنهكت الشعب السوري.
فالفترة الانتقالية التي رافقت وصول النظام الجديد وضعت سوريا أمام مصير مجهول غير معروف التوجه لا داخلياً ولا عربياً ولا خارجياً، وكأنها دخلت في حالة فراغ، حملت معها مخاوف داخلية وعربية استناداً إلى إرث ثقيل للجماعات المسلحة التي وضعت يدها على السلطة.مخاوف مما تحمله من أفكار وتوجهات وقيم وسوابق تتعارض مع حاجات الشعب السوري والقيم التي فطر عليها من تآلف تاريخي بين مختلف أطيافه ومذاهبه ومعتقداته، وتوقه للحرية والديمقراطية.
ولأن الدول مثل الطبيعة تكره الفراغ كما يقول أرسطو، فإن بقاء المرحلة الانتقالية في سوريا كانت ستشكل عبئاً ثقيلاً على النظام الجديد، وستقدمه للعالم على أنه غير قادر على الولوج بسوريا إلى مرحلة جديدة تخرجه من حالة الأزمة المزمنة، وأنه يريد السلطة للسلطة، ولا يستطيع التغيير، ولا التخلي عن أفكاره التي حمل أثناءها السلاح من أجل التغيير.
وجاءت الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها السلطة الجديدة بتعيين أحمد الشرع رئيساً لسوريا في المرحلة الانتقالية، ويقوم بمهام رئاسة الجمهورية، ويمثلها في المحافل الدولية، على أن يشكل مجلساً يتولى التشريع في البلاد إلى حين كتابة الدستور الجديد بدلاً من الدستور الذي أُلغي، إضافة إلى حل الجيش والأجهزة الأمنية القديمة و«إعادة بناء الجيش على أسس وطنية»، وحل حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية وحل مجلس الشعب، تعتبر من وجهة نظر النظام الجديد خطوة لا بد منها لإعادة بناء المؤسسات، لأن دولة بلا مؤسسات لا يمكن أن تعيش ولا يمكن أن تقوم لها أركان سلطة.
لكن هل يمكن بناء دولة في ظل تشظي القوة العسكرية المهيمنة من دون ضابط أو رابط بينها؟ ثم من أين تستمد السلطة الجديدة شرعيتها من دون وجود دستور يفصل بين السلطات، ويحدد دور المؤسسات؟ ذلك أن أي شرعية لا تقوم من خلال شرعية الشعب لا يعتد بها، لكن ما حصل هو شرعي في الواقع وما حصل هو إدارة سياسية لمرحلة مؤقتة إلى حين استكمال بناء المؤسسات وفق الإرادة الشعبية، وليس وفق خيارات ورؤى مجموعات مسلحة لا تزال تقبض على الموقف الأمني والسياسي، وتحدد اتجاهاته.
لذلك لا بد من وجود إطار دستوري لملء الفراغ يحدد بشكل واضح ملامح المرحلة المقبلة. ولا يكفي أن يتحدث الشرع عن مرحلة مضت والحفاظ على السلم الأهلي والبنية الاقتصادية التنموية، واستعادة سوريا لمكانتها الإقليمية والدولية، إذ لا بد من فكر جديد يقوم على إقامة توافق داخلي بالتأكيد على السلم الأهلي وتكريس الوحدة الوطنية، وجعل المواطنة هي الأساس الذي يقوم عليه الوطن، وعدم العودة إلى الانتقام والإقصاء والاستبعاد، وعلى أن يكون القانون فوق الجميع، وعدم العودة إلى النظام الأمني، وضمان الحرية والديمقراطية كأساس للحكم.
هل تنجح سوريا في المرحلة الجديدة على عكس تجارب الآخرين الذين دخلوا في مراحل انتقالية وكأنها لم تتغير؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد
إقرأ أيضاً:
“لا البرهان هو البشير ولا السلطة في يد الكيزان”
تحدث معي أحد معارفي وهو رجل يساري متشدد ، وقال لي يا محمد لماذا كان يستطيع الكيزان اِنجاز العمليات العسكرية بشكل أسرع مما نراه في الحرب الحالية ما بين الجيش والدعم السريع.
وذكر لي أنه يذكر جيداً عندما وصلت قوات جيش جون قرنق إلى مشارف مدينة كوستي وحينها استلم الكيزان السلطة بإنقلاب على الديمقراطية في 30 يونيو من العام 1989م، وبعد أقل من (8 ) شهور فقط كان الجيش وقوات الدفاع الشعبي تحرر كل مدن جنوب السودان بالرغم من الصعوبات الكبيرة في حرب الجنوب بسبب صعوبة العمليات في غابات ومدن مترامية الأطراف.
وذكر أيضاً أن معركة الزراع الطويل لحركة العدل والمساواة داخل أمدرمان لم تزيد عن (6) ساعات فقط هزمت فيها قوات كبيرة لمتمردي العدل والمساواة وهربوا إلى صحارى دارفور.
وقال لي هل تتذكر معركة هجليج مع جيش دولة الجنوب الوليدة ؟! قلت له بتذكر بالحيل فقد رفع إسمي من أمانة الشباب الإتحادية للتبليغ إلا أن نائب أمين الأمانة الشهيد زهير حامد تقبله الله قام بسحب إسمي من القائمة لأني (عريس جديد) لم أكمل يومين.
فقال لي ما السبب من وجهة نظرك أن هذه المعركة أخذت كل هذا الوقت.
رددت عليه بتسعة كلمات فقط وهي:-
” لا البرهان هو البشير ولا السلطة في يد الكيزان ”
محمد السر مساعد
إنضم لقناة النيلين على واتساب