لم أكُن قطُّ طالبًا مجتهدًا!
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قدم أحد أعظم الكُتَّاب الأحياء على وجه الأرض، الكاتب اليابانى العبقرى هاروكي موراكامي، سيرته الأدبية وخاصة فى الرواية، فى كتابه المهم "مهنتى هى الرواية"عندما سرد تجربته الشخصية،في حديثه عن المدارس كتب:
كان والداي معلِّمَيْن، وقد درَّستُ أنا عددًا من المقرَّرات في جامعاتٍ أمريكيَّة لكنِّي بصراحةٍ لم أحبَّ المدرسة في حياتي قطّ، ويؤلمني القول إنَّني حين أتذكَّر المدارس التي درستُ فيها، لا أجد الكثير من الذكريات السعيدة.
وأكمل حديثه بقوله: إنَّ مجرَّد التفكير في تلك المدارس يبعث فيَّ انزعاجًا شديدًا!.. على أيَّة حال، أتذكَّر أنِّي حين تخرَّجتُ أخيرًا في الجامعة شعرتُ بارتياح، وقلتُ في نفسي: "رائع! انتهتْ أيَّام الدراسة".. كأن حِملًا أُزِيل عن كاهلي.
وعاد بذاكرته إلى البدايات قائلا: بصراحة، منذ المرحلة الابتدائيَّة وحتى الجامعة، لم أكُن قطُّ طالبًا مجتهدًا!.. فالمدرسة الثانويَّة التي التحقتُ بها في «كوبي»، مدرسةٌ كبيرةٌ تضمُّ أكثر من ستِّمئة تلميذٍ في كلِّ صفّ.. لم أكن مُجِدًّا في دراستي لسببٍ بسيط، وهو أنَّ الأمر كان مملًّا.. لم أكن مهتمًّا بالدراسة، وكانت هناك أشياءٌ أخرى كثيرةٌ في هذه الحياة أمتع من الدراسة مثل قراءة الكتب، والاستماع إلى الموسيقى، والذهاب إلى السينما، والسباحة في البحر، ولعب البيسبول وغيرها.. في ذلك الوقت كانت القراءة بالنسبة إليَّ أهمَّ من أيِّ شيءٍ آخر. وغنيٌّ عن القول إنَّ هناك أطنانًا من الكتب أكثر إثارةً من أيِّ كتابٍ مدرسيّ.. وفي منتصف المرحلة الثانويَّة تقريبًا، بدأتُ أقرأ الكتب الإنكليزيَّة بلغتها الأصليَّة. لم تكن لغتي الإنكليزيَّة ممتازة، لكنِّي كنتُ أريد أن أقرأ الروايات بلغتها الأصليَّة، أو الكتب التي لم تُترجَم بعد إلى اليابانيَّة، ولذلك اشتريتُ كومةً من الكتب الإنكليزيَّة من محلٍّ لبيع الكتب المستعملة قرب ميناء «كوبي»، من تلك المحالِّ التي تبيع الكتب بالوزن، ورحتُ ألتهمها من الغلاف إلى الغلاف، حتى إن لم أفهم كلَّ شيء.. في بداية الأمر كان دافعي هو الفضول، لكنَّ القراءة بالإنكليزيَّة أصبحت بعد ذلك شيئًا أكثر ألفةً كما أظنّ، واستطعتُ أن أقرأ الكتب الإنكليزيَّة بسلاسة.. التهمتُ شتَّى أنواع الكتب في نهمٍ شديد، وكأنِّي أهيلُ الفحم على فرنٍ مشتعل... كنتُ منشغلًا في كلِّ يوم، أستمتع بكتابٍ تلوالآخر، فأهضمها (وفي كثيرٍ من الحالات لم أكن أهضمها جيِّدًا) حتى لم يَعُد لديَّ وقتٌ للتفكير في أيِّ شيءٍ آخر.. أخال أحيانًا أنَّ هذا كان أمرًا مفيدًا لي، فلو أنِّي كنتُ قد نظرتُ أكثر في الأوضاع حولي، وتفكَّرتُ مليًّا فيما بها من تناقضاتٍ وخداعٍ واصطناع، وانغمستُ فورًا في السَّعي إلى أشياءٍ لا يمكنني قبولها.. كما أنَّ القراءة الواسعة ساعدت في رؤية الأشياء من منظوراتٍ مختلفة، وأعتقد أنَّ هذا كان مهمًّا للغاية بالنسبة إليَّ في سنِّ المراهقة... فقد خَبِرتُ جميع العواطف التي صوَّرتْها الكتب وكأنَّها عواطفي أنا، وسافرتُ بخيالي عبر الزمان والمكان، ورأيت شتَّى المناظر المذهلة، وسمحتُ للكلمات بشتَّى أنواعها أن تمرَّ عبر جسدي تمامًا. وهكذا.. صار منظوري للحياة أكثر توليفيَّة، أو بعبارةٍ أخرى يمكنني القول إنَّني لم أكن أنظر إلى العالم من المكان الذي كنتُ واقفًا فيه فقط، بل استطعتُ أن أتراجع إلى الوراء قليلًا وأنظر نظرةً «بانوراميَّةً» أوسع...
وقال محدثا لمن يقرأ له: إن كنتَ تنظر دائمًا إلى الأشياء من منظوركَ وحدك، ستجد العالم يتقلَّص ويتيبَّس جسدك، وتثقل خطواتُك، وتعجز عن الحركة...لكنَّكَ إذا استطعتَ أن تنظر إلى مكان وقوفك من منظوراتٍ أخرى (أي إذا استطعتَ أن تستودع وجودك نظامًا آخر)، فسوف يصبح العالم بالنسبة إليكَ عالمًا ثلاثيَّ الأبعاد، وأكثر مرونة.. وبرأيي فإنَّ هذه الرشاقة في النظر مهمَّةٌ جدًّا ما دمنا نعيش في هذا العالم، وقد كانت هذه واحدةً من أكبر المكافآت التي وجدتُها في القراءة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: هاروكي موراكامي لم أکن
إقرأ أيضاً:
400 طالب وطالبة في البرنامج الصيفي تواصل ونماء بالداخلية
تحتضن أربع ولايات بمحافظة الداخلية فعاليات البرنامج الصيفي الطلابي لهذا العام، الذي يُقام بشعار "صيفي تواصل ونماء"، والذي ينطلق الأحد المُقبل ويستمر على مدى أسبوعين، بمشاركة 400 طالب وطالبة موزعين على أربعة مراكز، هي: مدرسة الشعثاء بنت جابر للتعليم الأساسي بولاية نزوى، وفي ولاية بهلا بمدرسة المعمورة للتعليم الأساسي، وفي مدرسة ولاية بدبد للتعليم الأساسي، وفي ولاية منح بمدرسة الشهامة للتعليم الأساسي.
وقال محمد بن سيف المعولي، مدير دائرة التوجيه المهني والإرشاد الطلابي بتعليمية الداخلية، رئيس اللجنة المحلية لإدارة وتنظيم البرنامج الصيفي: إن المديرية أكملت الاستعداد لانطلاق فعاليات برنامج المراكز الصيفية، ويهدف البرنامج إلى تنمية مهارات الطلبة، وصقل مواهبهم، وتطوير قدراتهم العقلية والفكرية، إضافة إلى تدريبهم على التفكير العلمي والإبداعي، واستثمار أوقات الفراغ بما يعود عليهم بالنفع، إلى جانب تعزيز القيم الوطنية والثقافية، وتوثيق الصلة بين المؤسسات التربوية والمجتمع المحلي بمختلف مكوناته.
ويأتي هذا البرنامج في إطار اهتمام وزارة التربية والتعليم، وحرص المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية على توفير بيئة تعليمية ترفيهية تسهم في صقل شخصية الطالب، وتعزيز قدراته الفكرية والإبداعية، من خلال أنشطة نوعية تشمل الجوانب العلمية والتقنية والثقافية والفنية والرياضية والتطوعية.
وتتنوع برامج هذه المراكز لتلبي احتياجات الطلبة وتواكب تطلعاتهم، حيث تركز على تطوير المهارات الحياتية، وتنمية الحس الوطني، وروح التعاون والعمل الجماعي، بالإضافة إلى تدريب الطلبة على مهارات العصر، مضيفًا إنه قد تم اختيار طواقم تربوية مؤهلة للإشراف على إدارة وتنفيذ الأنشطة اليومية، وضمان تحقيق الأهداف التربوية المنشودة في بيئة آمنة ومحفزة لأبنائنا الطلبة خلال الإجازة الصيفية، حيث شهدت المراكز الأربعة إقبالاً متزايدًا من الطلبة وأولياء الأمور على التسجيل والمشاركة.
ووجّه المعولي نصيحته للطلبة الملتحقين بهذه المراكز إلى الاستفادة من البرامج المقدمة والمشاركة الفاعلة، لما لها من أثر إيجابي في بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته المتعددة.