إضافة ڤينتشر كابيتال" تضاعف نمو "بيزنس لوبي" بنسبة 2000% خلال أشهر قليلة
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
ناقش خبراء الأعمال وصناع القرار مراحل نمو الشركات الناشئة والاليات اللازمة لبناء نموذج عمل مثالي بالجلسة الأولى «مراحل تطوير الشركات الناشئة» المقامة خلال ملتقى «بيزنس لوبي» bussines Lobby، الحدث الأكبر في مصر الذي يجمع الشركات الناشئة وأصحاب الأفكار المميزة مع صناديق الاستثمار والمستثمرين، الذي تنظمه شركة «بيزنس لوبي» ضمن سلسلة أنشطة قمة "Startup Sync" التى تنظمها شركة «إضافة ڤينتشر كابيتال»، الشركة السعودية المصرية الرائدة في مجال الاستثمار المباشر وريادة الأعمال.
وتعد قمة ستارت اب سينك "Startup Sync" فرصة استثنائية للتواصل مع نخبة من قادة الفكر ورواد الأعمال، ومناقشة أحدث الاتجاهات في مجال الاستثمار ودعم الشركات الناشئة. كما يوفر الحدث منصة لتبادل الأفكار وبناء علاقات استراتيجية تُسهم في تعزيز التعاون بين الأطراف المختلفة، وفي هذا الإطار أطلقت الشركة تطبيق يحمل نفس الأسم لتجميع رواد الأعمال والشركات الناشئة فى مصر والوطن العربي.
وتضمن ملتقى بيزنس لوبي، لأول مرة مسابقة لرواد الأعمال ضمت حوالى 30 شركة ناشئة بأفكار مختلفة وضمت لجنة التحكيم عدد من الأسماء البارزة من الخبراء والاستشاريين والمستثمرين فى مجال ريادة الأعمل حيث فازت خلالها 9 شركات بجوائز بلغت قيمتها 300 الف جنيه بجانب عدد من منح ماجستير إدارة الأعمال المقدمة من أكاديمية بروكلين بيزنس سكول العالمية.
ومن جانبه قال عصام على الرئيس التنفيذي لشركة إضافة فينتشر كابيتال، التى استحوذت على 35% من شركة بيزنس لوبي خلال الربع الأخير من العام الماضي 2024، وصاحبة فكرة قمة ستارت أب سينك أكبر حدث لرواد الأعمال فى مصر والشرق الأوسط، أنها تسعى لدعم رواد الأعمال فى مصر وتقديم أفكارهم للمستثمرين العالميين من خلال اتاحة الفرصة لهم للمشاركة بأفكارهم فى مثل هذه المنتديات وعرضها على لجان التحكيم والمستشارين من أجل تطوير تلك الأفكار والوصول بها لمشروعات ناجحة على أرض الواقع حتى تكون جاهزة للعرض على المستثمرين سواء المحليين أوالدوليين بعد اكتمال كافة أركان الفكرة والمشروع.
ولفت على، إلى أن منتدى بيزنس لوبي حقق نمو بنسبة 2000% منذ استحواذ شكرة إضافة فينتشر كابيتال على نسبة فيه، سواء من حيث عدد الشركات المشاركة أو اللجان الاستشارية والجهات الداعمة ومؤسسات التمويل وصناديق الاستثمار والمستثمرين الراغبين فى الإطلاع على الأفكار والمشروعات الجديدة فى السوق المصري.
من جهته قال الدكتور يحيي عثمان المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيزنس لوبي: "إن بيزنس لوبي تهدف من خلال فاعلياتها لجمع رواد الأعمال بالمستثمرين والتشبيك بينهم وإعطاء الفرصة للطلبة ورواد الأعمال لطرح أفكارهم ومشروعاتهم على عدد من الخبراء لمساعدتهم فى تطوير تلك الأفكار والمساهمة فى نجاح المشروع.
وأضاف أن بيزنس لوبي تدعم ريادة الأعمال بشكل كبير من خلال الجلسات النقاشية التى تنظمها شهريًا لزيادة التفاعل داخل مجتمع ريادة الأعمال في مصر.
وأثني عثمان، على دور شركة إضافة فينتشر كابيتال فى زيادة نمو شركة بيزنس لوبي خلال افترة قصيرة وزيادة حجم أعمالها والتوسع بشكل كبير داخل مجتمع ريادة الاعمال في مصر.
وأكد المشاركون بالجلسة النقاشية على دور الشركات الناشئة في دعم الابتكار والنمو الاقتصادي، حيث تمر بعدة مراحل بدءًا من الفكرة الأولية التي تتطلب تحديد مشكلة أو حاجة في السوق. يلي ذلك تطوير نموذج العمل ودراسة جدوى المشروع، ثم يأتي دور التمويل لجمع الأموال اللازمة لتطوير المنتج أو الخدمة.
وحسب المشاركين فإنه مع مرور الوقت، تركز الشركات الناشئة على التوسع والنمو، مما يستدعي تحسين العمليات وتوسيع قاعدة العملاء، وقد تصل بعض الشركات إلى مرحلة الاستدامة أو الاستحواذ، مما يعكس نجاحها في تحقيق أهدافها.
أدار الجلسة المهندس محمود حجاب، الرئيس التنفيذي لشركة HOC فينتشرز، الذي استعرض مجموعة من قصص النجاح الملهمة لرواد الأعمال الشباب الذين يعتبرون ريادة الأعمال موضة العصر.
تحدث حجاب عن أهمية البحث عن الفرص المتاحة واكتساب المهارات اللازمة لتحقيق النجاح في هذا المجال. كما ناقش المنهجيات التي يجب اتباعها لتحقيق أهدافهم، مشيرًا إلى ضرورة التعلم من الحالات الناجحة التي أثبتت جدواها في السوق.
وأكد حجاب أن دعم رواد الأعمال الجامعيين هو خطوة أساسية نحو تعزيز الابتكار وتحفيز النمو الاقتصادي، مشيدًا بالدور الفعال الذي تلعبه الجامعات في تشكيل بيئة ريادية متميزة.
أكد الدكتور نزار سامي، مدير برنامج الابتكار ببرنامج الأمم المتحدة واستشاري الابتكار وإدارة التكنولوجيا، أن مصر تمتلك أكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال، لكن الأهم من الانضمام إليها هو معرفة الهدف الحقيقي من ذلك.
وأشار سامي، إلى أن بعض المشاريع تلجأ للانضمام إلى عدة حاضنات في نفس الوقت بهدف الحصول على تمويلات متعددة، رغم أن الدور الأساسي للحاضنة هو دعم المشروع وتقويته، وليس مجرد توفير الأموال.
وأوضح أن هناك فرقًا جوهريًا بين الحاضنات ومسرعات الأعمال، حيث تستهدف الحاضنات المشاريع الناشئة في مراحلها الأولى، بينما تساعد المسرعات الشركات التي دخلت السوق بالفعل وتواجه تحديات تتطلب شراكات استراتيجية لدفع نموها.
كما شدد على أن رواد الأعمال الذين يمتلكون بعض المقومات الأساسية قد لا يحتاجون إلى حاضنة، مثل وضوح الهدف، تحديد العميل المستهدف، ووجود فريق متكامل من أربع أشخاص يضم عالمًا ومفكرًا ومنفذًا ومسوقًا، حتى لو كان اثنان فقط متوفرين.
وأكد أن الهدف الأساسي من الانضمام إلى حاضنة أو مسرعة أعمال هو تحقيق أرباح مستدامة، لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه الشركات الناشئة تكمن في عدم القدرة على إدارة فرق عمل كبيرة، مما يعوق توسعها واستمراريتها.
وأوضح سامي أن النجاح في ريادة الأعمال لا يعتمد فقط على الأفكار المبتكرة، بل على قدرة الشركات على بناء فرق عمل قوية وإدارتها بكفاءة.
من جهتها ترى منى قدري، عميدة كلية الدراسات العليا في الأكاديمية العربية للعلوم والنقل البحري والتكنولوجيا، أن ريادة الأعمال ليست مفهومًا جديدًا، بل تمتد جذورها في التاريخ. وتشير إلى أن العديد من الشباب بعد التخرج من الجامعة لم يعودوا يرغبون في العمل كموظفين، بل يطمحون إلى تحقيق أفكارهم الريادية ومشروعاتهم الخاصة.
أكدت منى دور التعليم باعتباره يمثل أحد أهم المتطلبات لتحقيق النجاح في ريادة الأعمال، وذلك من خلال التدريب والبرامج التعليمية التي تعزز الخبرات والدراية المالية الضرورية. مشددة على أهمية التكنولوجيا كعنصر أساسي لاستمرارية نموذج العمل، حيث إن فقدانها قد يؤدي إلى خسائر كبيرة.
واستعرضت منى أهمية المجالات الحديثة مثل التسويق الرقمي، والألعاب الإلكترونية، والتكنولوجيا المالية، مشيرة إلى أن هذه القطاعات لا تتطلب بالضرورة تمويلًا كبيرًا أو قوة بداية، بل تعتمد بشكل أكبر على الأفكار الإبداعية والتنفيذ الفعّال.
وفي نصيحتها الأساسية، أكدت منى على أهمية العلم والتعلم المستمر كأحد المحاور الرئيسية لنجاح رواد الأعمال، حيث يعتبر التعلم عملية دائمة تعزز من فرص النجاح في عالم مليء بالتحديات. داعية الشباب إلى استكشاف إمكانياتهم وتحمل المخاطر لتحقيق شغفهم في ريادة الأعمال.
من جانبه أكد د. فريد الجارحي، أستاذ المحاسبة ووكيل كلية التجارة في جامعة عين شمس، على أن مشكلة التمويل تُعتبر الثالثة في قائمة التحديات التي تواجه رواد الأعمال موضحًا أن هناك مجموعة من الإجراءات التي يجب اتباعها، بدءًا من فهم المجال الذي يعمل فيه رائد الأعمال، حيث يعد التعلم أساس كل شيء، سواء كان ذلك في اكتساب المهارات أو التعلم العميق.
وأشار الجارحي إلى أهمية تكوين فريق عمل متكامل، حيث لا يمكن تحقيق النجاح دون وجود أفراد جاهزين لتنفيذ محاور المشروع.
أوضح الجارحي أن طلب التمويل من البنوك يتطلب تقديم مشروعات وأفكار آمنة بعيدًا عن المخاطرة، نظرًا لأن الأموال التي يُستثمر بها هي أموال المودعين. لذا، يجب إجراء تقييم للمخاطر بدعم من المتخصصين، حيث تواجه الشركات الناشئة صعوبة في الحصول على تمويل من البنوك.
كما تناول الجارحي فكرة الاعتماد على تمويل صناديق الاستثمار، مشيرًا إلى أنها أصبحت أكثر تخصصًا بعد الأزمات الاقتصادية مثل التضخم وكورونا، حيث تركز الآن على مجالات معينة.
ولفت الجارحي إلى أهمية إجراء تقييم مناسب للأفكار المطروحة بطرق مقنعة للمستثمرين، مشيرًا إلى ضرورة تقديم آليات واضحة تُظهر أسباب تقييم الشركة والسعر الذي وصلت إليه، مثل هامش الربح وارتفاع حجم الأعمال خلال فترة معينة.
وشدد د. الجارحي على ضرورة أن يدرك رواد الأعمال أهمية أن تكون أرقام الربح مناسبة، حيث يجب أن يقدموا للمستثمرين حوافز تجعلهم يفضلون استثمار أموالهم في مشروعاتهم بدلًا من وضعها في البنوك، التي قد تمنح عوائد تتراوح بين 25% إلى 30%، مؤكدًا على أهمية أن تظل قيمة الشركة في ارتفاع مستمر منذ السنة الأولى لجذب صناديق الاستثمار وتشجيعها على ضخ المزيد من الأموال.
فيما أكد أحمد حمادة، نائب الرئيس في مجموعة ياس القابضة - الرئيس التنفيذي لشركة ITWorx Edu - الرئيس التنفيذي لشركة Global Medical Solutions - الدولية في مجموعة ياس، أن الشركة الناشئة ليست مجرد أي مشروع جديد، موضحًا أن المشاريع التقليدية، مثل فتح كشك بقالة، لا تُعد شركات ناشئة، بل يجب أن يكون لدى المشروع إضافة جديدة وقيمة مبتكرة ليتمكن من جذب اهتمام شركات رأس المال المخاطر.
وأوضح حمادة أن عقلية المؤسس تلعب دورًا حاسمًا في نجاح الشركة، حيث تختلف الشركات الناشئة عن المؤسسات الكبرى في طريقة إدارتها، مشيرًا إلى أن بعض الشركات الناشئة قد تستمر في تكبد الخسائر لكنها تنظم فعاليات تسويقية كبيرة لدعم انتشارها، على عكس الشركات الكبرى (corporate) التي تركز على تحقيق أرباح سنوية.
وشدد على أن عدم قدرة المؤسس على تطوير فكره بما يواكب نمو الشركة قد يتطلب منه ترك الإدارة لشخص أكثر خبرة، دون الحاجة إلى التنازل عن ملكيته للشركة.
وأشار إلى أن هناك مؤسسين لديهم قدرة على إطلاق المشاريع الناشئة لكنهم يفتقرون إلى مهارات الإدارة الفعالة، مما قد يؤثر سلبًا على استمرارية الشركة.
كما انتقد الاتجاه المتزايد بين بعض الشباب نحو إنشاء شركات قابضة تضم عدة كيانات صغيرة دون امتلاك رؤية واضحة للنمو، معتبرًا أن هذا النموذج قد يعيق نجاح الشركات بدلًا من دعمه.
وقالت سالي صلاح، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "سمارت لحلول الأعمال الاستراتيجية"، واستشاري المتخصص بالتسويق والاتصالات الاستراتيجية. إن دراسة السوق وفهم احتياجاته تعد أبرز محاور نموذج الأعمال والذي يجب وضعه في الاعتبار قبل بدء أي نشاط، مشيرة إلى ضرورة توفير بنية تحتية مناسبة تتيح سهولة الاختراق والمنافسة الفعالة.
واستعرضت سالي مثالًا حقيقيًا من سوق المخبوزات، حيث استثمر عدد من المستثمرين ملايين الدولارات لمواجهة منافسين يسيطرون على أكثر من 98٪ من السوق. مبينة أهمية التفاوض كأداة رئيسية للوصول إلى حلول فعالة في ظل هذا التنافس الشديد.
وكشفت سالي أن الشركات الناشئة تواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالمواد الخام والربحية، بالإضافة إلى التعامل مع حالات الطوارئ مثل التضخم. موضحة أنه لا يوجد نموذج عمل مثالي، وينبغي أن تتبنى الشركات منهجية تمتد لعام كامل على الأقل لتكون قادرة على التكيف والنجاح.
كما أكدت سالي أن ديناميكية السوق تتطلب من الشركات أن تكون مرنة، حيث تتغير آراء المستهلكين باستمرار. لذلك، فإن الرؤية الواضحة والاستراتيجية القوية لمواجهة التقلبات والتغيرات المستمرة تعتبر أمرًا حيويًا للبقاء في السوق.
شددت سالي صلاح على أهمية المعرفة العميقة بالسوق والقدرة على التكيف مع التغيرات، مما يضمن استمرارية الأعمال ونجاحها في عالم يتسم بالتحديات المستمرة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الرئیس التنفیذی لشرکة الشرکات الناشئة ریادة الأعمال رواد الأعمال مشیر ا إلى النجاح فی الأعمال ا على أهمیة من خلال إلى أن عدد من
إقرأ أيضاً:
الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»
د. يوسف بن حمد البلوشي -
لم تكن الشركات العائلية يومًا عنصرًا هامشيًا في أي اقتصاد مُنتِج حول العالم، وإنما مثَّلت على مدى العصور أحد الأعمدة الرئيسية إنتاجًا وتمويلًا وتنميةً؛ فمن «المتيلشتاند» (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) في أوروبا، إلى أبطال الصناعة المُثابرين في آسيا، وسلاسل التجارة في الخليج، تضخ الشركات العائلية استثمارات طويلة المدى، وتُوظِّف وتدرِّب العمالة المحلية، وتعمل في قطاعات متعددة لدورات اقتصادية متتالية. وهذه القدرة على الاستمرارية تمثل هدفًا تسعى إليه الدول عند انتقالها من الاقتصاد القائم على الاستهلاك، إلى النمو المُرتكِز على الإنتاج والتصدير وبناء القدرات الوطنية. وتعكس تجربة سلطنة عُمان هذا النموذج؛ فمنذ سبعينيات القرن الماضي أسهمت الشركات العائلية العُمانية في بناء الموانئ والطرق، وتوزيع السلع الأساسية، وإنشاء الورش والأساطيل، والانخراط في شراكة مع الدولة لتوفير البنية الأساسية للحياة الحديثة. أما اليوم فقد اجتازت عُمان هذه المرحلة؛ إذ تنشد «رؤية عُمان 2040» من القطاع الخاص أداء أدوار وطنية أكثر عمقًا وتأثيرًا، وبالتحديد مُضاعَفة التصنيع المحلي وزيادة الصادرات الوطنية للخارج، والتوسع في خلق الوظائف المناسبة للمواطنين. وبفضل علاماتها التجارية، وخطوطها الائتمانية، وشبكات مورديها، وشركائها الدوليين، فإن الاعتماد على الشركات العائلية يمثل الطريق الأسرع نحو تنفيذ المزيد من المشروعات عوضًا عن الارتكان إلى السياسات والأجهزة الحكومية وحدها. وفي هذا المقال، ندعو الى الاهتمام بهذه الشريحة المهمة من شركات القطاع الخاص والذي يمثل من وجهة نظري الحل الاقتصادي الأول لتحقيق التحولات المنشودة لإعادة الهيكلة الاقتصادية والتنويع وتوليد فرص العمل الشركات، فلا يخفى ما تواجه الشركات العائلية من تحديات وحاجتها الملحة لتحقيق 3 تحوّلات حاسمة من أجل تعزيز أدوارها:
التحوُّل الأول: الحوكمة والتعاقب القيادي؛ إذ إنه مع تراجع دور جيل الآباء المؤسسين لهذه الشركات، لم تعد الإجراءات غير الرسمية كافية، ثم فإن وجود ميثاق عائلي مكتوب، واللجوء لمجلسٍ يُعالِج الشؤون العائلية خارج قاعة مجلس الإدارة، بجانب مجلس إدارة مهني يضم أعضاءً مستقلين، وخطة واضحة لتعاقب الرئيس التنفيذي أو المدير المالي، لن تكون مظاهر شكلية؛ لكن ستؤهل هذه الكيانات للحصول على التمويل المصرفي اللازم لتوسعة أعمالها.
والحقيقة تؤكد أن الحوكمة الجيدة تعمل على تخفيض تكلفة رأس المال، وتُسرِّع القرارات، وتَحُول دون نِزاعات تُبدِّد القيمة. وعندما نعكف على تطبيق ذلك عمليًا، فإننا نشير إلى انعقاد دوري لمجلس الإدارة، وتشكيل لجانٍ فاعلة للمراجعة وإدارة المخاطر، وصياغة عقود أداء تُكافئ عمليات تحويل واستلام النقد، والأمن والسلامة وخطط توظيف المواطنين.
التحوُّل الثاني: التركيز الاستراتيجي، من خلال الانتقال من النهج التجاري القائم على تنفيذ مشروعٍ مقابل مشروع آخر، إلى استراتيجية للتصنيع وتقديم خدمات قائمة على «العناقيد القطاعية». ومن الفرص الممكنة في هذا الجانب: الصناعات المعدنية التحويلية، والتصنيع الدقيق للمكوِّنات، ومواد البناء ذات الجودة المُعتمَدة، والصناعات الغذائية وسلاسل التبريد المرتبطة بالمزارع والموانئ، ومنصّات تقديم الرعاية الصحية، ومكوّنات نقل الطاقة وخدمات التشغيل والصيانة. وتُوفِّر المناطق الحرة والمناطق الصناعية البيئة المواتية لقيام هذه الصناعات، وفق نموذج تنفيذي بسيطـ، قائم على الاختيار بين ثلاثة مسارات: (1) شراكة محلية مع شركة عالمية، (2) مُورِّد مكوناتٍ معتمد لجهاتٍ رائدة إقليمية، (3) مُزوِّد خدماتٍ متخصصة (تشغيل وصيانة).
ومن الأفضل إبرام اتفاقيات شراء مُسبقة متى أمكن ذلك، بجانب التوسع في إصدار شهادات الاعتماد، وتطوير المُورِّدين المحليين ضمن دائرة عمل الشركة، بدلًا من منافستهم. وينبغي لكل مشروع رائد أن ينشُر ثلاثة مؤشرات: نسبة المحتوى المحلي، والوظائف المخصصة للعُمانيين، وحصة الصادرات، وذلك لمعرفة مستوى نجاح الشركة وإمكانية تكرار هذا النموذج.
التحوّل الثالث: التمويل للدورة الجديدة؛ إذ كشفت صدمة التدفقات النقدية بين عامي 2020 و2021، هشاشةَ بعض ميزانيات الشركات، ولذا يجب أن يكون رد الفعل الانضباط وليس التراجع، من خلال الالتزام بتوفير احتياطي نقدي كافي، وإعداد برامج لرأس المال العامل للتحكم في إدارة المستحقات والمخزون والديون قصيرة الأجل؛ وعزل الأصول المكتملة المُوَلِّدة للنقد (مثل العقارات المُدِرة للدخل، وخدمات تشغيل المرافق، وامتيازات الخدمات اللوجستية)؛ بهدف إعادة التمويل أو الإدراج الجزئي في البورصة.
ويمكن للصكوك والائتمان الخاص وإبرام صفقات مع عائلاتٍ إقليمية وتنفيذ إدراجات انتقائية في البورصة، أن تُعيد تدوير رأس المال لإنشاء مصانع إنتاجية، وعملياتٍ رقمية، ومنصّاتٍ تصديرية، مع الاحتفاظ بحصة تضمن استمرار السيطرة.
ومع تحسّن الحوكمة، تتراجع تكلفة التمويل، وتنخفض تكلفة رأس المال.
ولذلك يمكن؛ بل ويجب، على السياسات العامة للدولة، أن تُسهم في تسريع هذه التحوُّلات، من خلال الدعم القائم على الأداء الذي يُكافئ الإنجاز وليس فقط الاكتفاء بالوعود.
ويتحقق ذلك من خلال:
أولًا: برنامج «الشراء المُسبق والمشروعات القيادية» في التجمعات الاقتصادية ذات الأولوية، بما يساهم في تخفيف مخاطر الإيرادات على رواد الأعمال الأوائل. وإذا التزم شركة عائلية بإنشاء مصنعٍ معتمدٍ في منطقةٍ حرة مع أهدافٍ مُعلنة عن حجم المحتوى المحلي والتوظيف، فإن عقود شراءٍ محددة المدة أو عقود جماعية يمكن أن تساعد على فتح تمويل مصرفي.
ثانيًا: «المسار السريع للتصاريح» والذي يساعد على توفير الوقت والجهد للشركات. فبينما تلتزم الشركات بتقديم أداء شفاف وإصدار تقارير ربع سنوية، فإن مشاريعها تحظى بتخصيصٍ سريعٍ للأراضي والمرافق والحصول على التصاريح التنظيمية، وفق جداول زمنيةٍ محددة.
ثالثًا: ينبغي للاستثمار المشترك أن يجذب رأس المال الخاص لا أن يُزاحمه؛ حيث إنَّ منح صناديق التنمية حصص الأقلية في المشروع، وخفض الفائدة المشروط بتعيين المواطنين، وتسهيلات رأس المال العامل المضمونة بطلبات التصدير؛ كلها عوامل تُسهم في زيادة الطاقة الإنتاجية دون أي أعباء مالية. ومن الضروري أن تمتد هذه الأدوات إلى سلاسل الإمداد؛ كي تستفيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عندما تنمو هذه الكيانات القيادية.
وينبغي أن تكون تنمية رأس المال البشري هدفًا أساسيًا لكل قرارٍ استثماري؛ إذ يتعين على كل مصنعٍ أو منصة خدمات إعداد برامج تدريب مقرونة بالتوظيف، وتنظيم معسكراتٍ مكثفة للمشرفين، يمكن تصميمها بالشراكة مع الجمعية العُمانية للموارد البشرية «أوشرم» أو مؤسسات التعليم العالي، مع الالتزام بالإفصاح السنوي عن أعداد المُعينين.
ويمكن للدولة احتساب تخفيضات الرسوم مقابل التوظيف، والدفع مقابل النتائج لا النوايا، وهكذا نحوِّل التدريب إلى أجور، والأجور إلى مساراتٍ مهنية.
ولا ينتقص ذلك من أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ فهي عمق اقتصادنا على المدى البعيد. لكن حين يكون عامل الوقت حاسمًا، فإن الشركات العائلية تمثل الخيار الأفضل؛ لأنها تملك بالفعل خطوط التوريد وأنظمة الجودة والعلاقات المصرفية والشركاء الدوليين القادرين على بدء المشروعات في اليوم التالي.
والتعامل مع الشركات العائلية باعتبار أنها من بُناة الوطن لا يعني أبدًا المحاباة؛ بل يعني المساءلة. ويمكن لـ«ميثاق القيمة المحلية المُضافة» أن يساعد على تحقيق ذلك؛ حيث تُفصح العائلات عن حجم إنفاقها على المحتوى المحلي، وعدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستفيدة من أعمالها، وبرامج التدريب المخصصة للشباب، وحجم الصادرات، لتحظى في المقابل بالوصول إلى المسارات السريعة، والحصول على الأراضي الصناعية، وتخفيضات جمركية وفق حدودٍ مُعينة.
والواقع يفرض علينا تساؤلًا: وهو كيف سيبدو نجاح مثل هذه الخطط خلال السنوات العشر المقبلة وربما حتى 2040؟
من المتوقع أن نشهد عشرات المشاريع العائلية المشتركة، التي تقودها عائلات تعمل في موانئنا ومناطقنا، بجانب زيادات ملموسة في نسب المحتوى المحلي، وآلاف العُمانيين المؤهلين العاملين في وظائف إشرافية وفنية، ومنصّتين إلى 4 منصّاتٍ عائلية أُعيد تمويلها أو أُدرجت جزئيًا في البورصة لتعميق سوق رأس المال، ومنظومة متكاملة تعتمد على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوريد مكوناتٍ معتمدة في سلاسل القيمة الإقليمية.
هذه ليست شعارات؛ بل نتائج قابلة للقياس تُعزّز هذه الجهود، وترفع الإنتاجية، وتزيد من النقد الأجنبي عبر بوابة الصادرات.
وأخيرًا.. إنَّ إرث شركاتنا العائلية ليس تجاريًا فحسب؛ بل مدني واجتماعي أيضًا؛ فهي الشركات التي تحافظ على استمرار توظيف الكفاءات المؤهلة في فترات الركود، وتُلبِّي النداء حين يحتاج أي مشروع للدعم، وتوفر الرعاية للمؤسسات المُعزِّزة للتماسك المجتمعي. ومع دخولنا المرحلة الثانية من «رؤية عُمان 2040»، ينبغي أن نتحدّث بصراحة عن التحديات الماثلة أمام الشركات العائلية اليوم؛ بما تتضمنه من فجوات التعاقب القيادي، والإفراط في تنويع الاستثمارات، وهياكل التمويل قصير الأجل وضغوط التدفقات النقدية، وذلك بالتوازي مع التركيز على الفرص المتاحة؛ لأنه عندما تتَّسق جهود الحوكمة والتركيز الاقتصادي والتمويل، تستطيع شركاتنا العائلية أن تُكرر ما أنجزته في «النهضة الأولى»، وأن تنطلق في مسيرة «النهضة المُتجددة»، من خلال تحويل الخطط إلى مشاريع، والمشاريع إلى منتجات، والمنتجات إلى ازدهار.. وهكذا نعتزُ بالماضي ونبني الحاضر لكي نجني ثمار المستقبل.
د. يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات