"البوابة نيوز" تعيد نشر حوار للكاتب الراحل| مصطفى بيومي: أعمال نجيب محفوظ تضاهي "وصف مصر".. والمحب الجيد ناقد جيد
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل عشرة أعوام، أصدر الراحل مصطفى بيومي عمله الأوسع عن أديب نوبل الراحل، والذي حمل عنوان "معجم شخصيات نجيب محفوظ" وصدر في أربعة أجزاء، تناول في كل منها دراسة متعمقة للشخصيات التي وردت في العالم الروائي والقصصي للنجيب، ومعانيها وتصنيفاتها وانتماءاتها.
وتشمل المادة التي تضمها الموسوعة 1742 شخصية رواية وقصصية، وصفها بيومي بأنها "الحصيلة الصافية" بعد استبعاد من لم يذكر محفوظ أسماؤهم أو ظهروا في ثنايا أعماله "بشكل أقل من أن يكون هامشيًا أو ثانويًا"، وقد رتّب بيومي شخصيات محفوظ أبجديًا؛ وتراوحت مساحة وصف الشخصيات بين مائة إلى ألف كلمة، في الوقت الذي أشار فيه إلى بعض الشخصيات بأنها تحتاج إلى دراسة مطوّلة، مثل أحمد عبد الجواد وولده كمال في "الثلاثية"، وعاشور الناجي عميد "الحرافيش"، وأيضًا قاسم في الرواية المثيرة للجدل "أولاد حارتنا".
ولاحظ بيومي في موسوعته فلسفة محفوظ في اختيار أسماء أبطاله، مثل الأسماء التي تنتمي إلى منظومة الحيوان والطير منها إبراهيم الفار في "الثلاثية"، وإبراهيم القرد في "حكايات حارتنا"، ونوح الغراب في "ملحمة الحرافيش"؛ والأسماء التي تنتمي إلى البلدان والأقاليم مثل "إبراهيم الأسواني في "حديث الصباح والمساء"، وحمزة السويفي في "حضرة المحترم"، وعدلي الطنطاوي في "رحلة ابن فطومة"؛ والمحور الثالث في فلسفة الأسماء هو المهن والحرف "وهي الأكثر انتشارًا في الواقع المصري" حسبما ذكر الكاتب "فعشرات الشخصيات في عالم نجيب محفوظ تحمل ألقاب: العطار، القربي، المراكيبي، القاضي، البنان، الشيخ، الحلواني".
كما تناول كذلك ظاهرتا التدليل والشهرة في عالم محفوظ، لافتًا إلى أن بعض شخصيات محفوظ ظهرت بأسماء التدليل وحدها دون أن تعرف أسماءها الحقيقية، وكذلك أسماء الشهرة "التي تختلف أسبابها وتتباين دوافعها، تبعًا لطبيعة الشخوص الذين تلتصق بهم الأسماء، من حيث الملامح والممارسات والسلوك.
وقتها، أجرت "البوابة نيوز" حوار مع الراحل، الذي تحدّث عن فكرة المعجم. وقال إنه كان لديه طموح أن يحصر أهم عشرة أدباء من وجهة نظره فى تاريخ الأدب المصرى، منهم نجيب محفوظ، وفتحى غانم وبهاء طاهر، وأنه وضع معيارا هاما للبدء فى العمل بالنسبة لكل أديب، هو إما أن يكون قد توفيَّ مثل نجيب محفوظ «حتى يكون إنتاجه الأدبى قد اكتمل»، أو أن يكون قد اقترب من مرحلة التوقف عن الكتابة -مثل بهاء طاهر وعلاء الديب وقتها- وهو ما أتم الكثير منه بالفعل حتى رحل عن عالمنا مساء أمس الثلاثاء.
معجم بيومى ليس عمله الأول عن أديب نوبل نجيب محفوظ، ولكنه أكبرها حجماً، وأنه نشر العديد من الأعمال حول أدب محفوظ فى الأهرام، يليه عمله الضخم الآخر وهو «المسكوت عنه فى أدب نجيب محفوظ». وظل نجيب فى رأيه لا يزال كاتبا شابا لم يتم اكتشافه بعد، وأن حجم التعاطى النقدى بالأشكال المختلفة للنقد لم يوف الرجل حقه «وأنا فى رأيى أن الكتابة عن رجل أحبه مثل نجيب محفوظ كأننى أكتب رواية بقلمى، فأنا من أهوى ومن أهوى أنا»، مؤكداً أن للكتابة الإبداعية وقتا والنقدية وقت، ولغيرهما من صنوف الإبداع وقت، وأن النقد فى حد ذاته إبداع «وأن تنزل إلى النص فى حد ذاته متعة، بدون قواعد مسبقة، فأنت تتعمق فى النص وتبارزه وتستمتع به، لأن النص هو صانع قوانينه النقدية».
وأشار إلى أنه يرى أن نجيب محفوظ بعالمه الروائى قام بوصف مصر كما فعل علماء الحملة الفرنسية «وأتحدى أى أحد عن أى حادثة فى القرن العشرين لم يتطرق إليها نجيب محفوظ بعمق»، وأن أديب نوبل قد تحدث فى كل المجالات، وكانت كتاباته ضد أى محاولة لمحو تاريخ هذه الأمة دون أن يتخذ قراراً بهذا، كما فعل سيد درويش بألحانه وأغانيه ومحمود سعيد بلوحاته فهى «جينات» بداخل المرء تجعله يتمسك بالهوية، ولو تعمد أحد أن يفعل هذا فلن يكون بالشكل الحقيقى وسيبدو مفتعلاً».
وأوضح بيومي «أن الهدف من المعجم هو إعادة إنتاج الكاتب أو الروائى عن طريق عمل معين، وتيسير عملية التلقى عند القراء، فإذا تصادف وقرأت مثل هذا الكتاب عن شخصية مثل صفية لدى بهاء طاهر، وأُعجبت بهذه الشخصية، سيكون هذا دافع لقراءة الرواية نفسها لمعرفة كيف دخلت هذه الشخصية فى الضفيرة الروائية»؛ مُشيرا إلى أنه كباحث أو ناقد هو دائما «خارج النص»، فلا يقوم سوى بإعادة ترتيب الأوراق حتى يستطيع القارئ أن يُدرك أبعادها، فالشكل الروائى الحديث فى أحيان كثيرة لا يُقدم نفسه بشكل مباشر.
ويؤصل بيومى لفكرة المعجم قائلا: «إن العرب هم من اخترعوا المعاجم مثل معجم الأدباء ومعجم الشعراء ومعجم الأنساب، حتى الخيول كانت لها معاجم، وفى هذا حفظ للتراث من الاندثار»، ويتابع: «لاحظت بحكم تقدمى فى السن أن الشباب العشرينى أو الثلاثينى يُمكن ألا يكون يعرف نجيب محفوظ أو كمال الشيخ أو محمود سعيد، بل هو فقط يعرف أبناء المرحلة، وأنا لست ضد أبناء المرحلة، لكن الأفضل أن يتم وضعهم فى السياق التاريخى، والزمن كفيل بأن يحدد من يعيش ويترك بصمة وأثرا ومن يختفى»، وأشار إلى أن هناك أغنيات لاقت نجاحاً خرافياً استمر لعدة أشهر، ثم تلاشى بعدها كل أثر له على عكس أغانى أم كلثوم وعبد الحليم، هذه الأغنيات جميلة فى مرحلتها مثل موضة البنطال الشارلستون أو شكل الشعر أو السوالف فى حقبة ما، مستدلاً فى حديثه بدراسة قديمة عن الثقافة المصرية تناولت ظاهرة أن كل عقد من الزمن يظهر فيه «الكاتب الفقاعة» الذى يشغل حيزا من اهتمام القراء لفترة ما ويحصد الشهرة والاهتمام، ثم يختفى بعدها، وهذا هو الفرق بينهم وبين نجيب محفوظ الذى كان يتحرك ببطء ولكن بثقة، فأعماله مثل الحرافيش والثلاثية ستظل باقية.
أيضا، وقتها، قال لنا بيومي إن التوزيع لم يكن أبدا هو المعيار فى الحكم على الكاتب، ضاربا مثالا بكاتبين يشتركان فى الاسم الأول، أحدهما يُعّد بالفعل من عباقرة الأدب المصرى رغم أن أغلب القراء لا يعرفون عنه شيئا، فى مُقابل الآخر الذى تتصدر أعماله قوائم الأعلى مبيعاً طوال الوقت، «ولا أقول إن هذا خطأ ولكن الخلل يكمن فى أن هناك أعمالا تظل مُلقاة بالسنوات فى أدراج مؤسسات النشر الحكومية لمجرد أن صاحبها لا يُمارس وسيلة للابتزاز، مثل أن يكتب فى صحيفة أو موقع ما؛ الطبيعي أن يُرسل العمل ولو بالبريد فيكون جيداً ويتم نشره أو العكس، ولكن هناك صفقات وابتزاز يحدث مع الكثيرين».
وأضاف أن هذا النمط مما يحدث فى الأدب أو غيره يجعل المرء يشعر بأن هناك فوضى ما هو لا يفهمها ولا يستطيع التعايش معها، فأنت ربما أحياناً تكتشف أن هناك كاتبا يفهمه البعض خطأ، ويتم تصنيفه بناء على هذا، بل وتتم كذلك محاكمته من الناس على هذا الأساس "لذلك أنا كتبت فى مقدمات كل أعمالى عن هؤلاء الأدباء أنك يجب أن تتعامل مع الشخصية كما هى كائنة، وليس كما ينبغى أن تكون من وجهة نظرك؛ وهذا يستلزم قراءة موضوعية لوضع الكاتب فى مكانه الطبيعى".
ويرد بيومى على المقولة الشائعة بأن «المُحِب لا يصلح ناقداً» فى مقدمة دراسته عن علاء الديب بأن «المحب الجيد لابد وأن يكون ناقدا جيدا»، وأن الناقد يجب أن يكون محبا حتى لو كان مختلفا، علاقة الحب هى بين القارئ والنص نفسه وليس الكاتب، «فأنا يُمكن أن أحب كاتبا من خلال نصوصه دون أن نلتقي، كما أحببت نصوص المتنبى وبابلو نيرودا وتشيخوف وغيرهم دون أن تكون لى علاقة بالكاتب نفسه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصطفى بيومي نجيب محفوظ وصف مصر الروائي نجیب محفوظ أن یکون أن هناک دون أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
جينا إبنة نجيب الريحاني تزور قبر والدها في ذكرى رحيله
زارت جينا الريحاني، ابنة الفنان الراحل نجيب الريحاني، قبر والدها في ذكرى رحيله، واضعةً باقة من الورود بيديها، في لفتة تعبّر عن وفاء لا يشيخ ومحبة لا تنطفئ.
رغم التقدم في العمر والتعب الذي قد يرافقها، تصر جينا على زيارة القبر سنويًا، محافظة على تقليد شخصي يُجسد علاقتها العميقة بوالدها، أحد أبرز رموز الكوميديا في تاريخ الفن المصري والعربي.
وتداولت الإعلامية سهير جودة عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للزيارة، مشيدين بحب جينا لوالدها، ومؤكدة أن “اللي بنحبهم عمرهم ما بيموتوا”.
جينا ابنة نجيب الريحاني تزور قبر والدها في ذكرى رحيله… جينا بنت نجيب الريحاني… لسه بتزور قبر والدها كل سنة وتحط ورد...
Posted by Sohair Gouda - سهير جودة on Sunday, June 8, 2025معلومات عن نجيب الريحانيولد الريحاني في حى باب الشعريَّة بالقاهرة لِأبٍ عراقى كلدانى يُدعى «إلياس ريحانة»، كان يعمل بِتجارة الخيل، استقر به الحال فى القاهرة وتزوج من مصرية وأنجب منها ثلاثة أبناء منهم نجيب الذى تعلم فى مدرسة الفرير وانضم إلى فريق التمثيل المدرسيّ، وكان مثقفا يحب الشعر القديم وعشق المسرح والفن منذ طفولته.
فى بداية حياته عمل نجيب الريحاني، موظفا بشركة السكر فى صعيد مصر، وتنقل خلال هذه الفترة بين القاهرة والصعيد وكان لِتجربته أثر كبير على العديد من مسرحياته وأفلامه.
وكان المسرح والفن المصرى قبل نجيب الريحانى يعتمد على النقل والترجمة من المسرح الأوروبى، ويرجع الفضل للريحانى ورفيق عمره بديع خيرى فى تمصير الفن والمسرح وربطه بالواقع والحياة اليومية ورجل الشارع المصرى.
أسس نجيب الريحاني، فرقته التي استقطب فيها عمالقة التمثيل، وخلال مشواره في المسرح قدم حوالي ثلاث وثلاثين مسرحية منها «مسرحية الجنيه المصرى عام 1931، الدنيا لما تضحك عام 1934، الستات ما يعرفوش يكدبوا، حكم قراقوش عام 1936، الدلوعة عام 1939، حكاية كل يوم، الرجالة مايعرفوش يكدبوا، إلا خمسة عام 1943، حسن ومرقص وكوهين عام 1945، تعاليلى يا بطة، بكرة في المشمش، كشكش بك في باريس، وصية كشكش بك، خللى بالك من إبليس عام 1916، ريا وسكينة عام 1921، كشكش بيه وشيخ الغفر زعرب، آه من النسوان».
قرر نجيب الريحاني عام 1946 أن يعتزل المسرح ليتفرغ للسينما ليبدأ مرحلة جديدة من الانتشار الواسع جماهيريا، وبرغم أن رصيده فى السينما لم يتجاوز عدد أصابع اليد إلا قليلًا، إلا أنه استطاع من خلال الأدوار التى قدمها أن يترك بصمة خالدة فى ذاكرة السينما المصرية.