القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.
راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.
عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.
هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.
• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.
كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.
حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.
فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.
اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: ضياء الدين بلال الدولة السودانیة
إقرأ أيضاً:
باسم نعيم : نتنياهو يواصل “الأكاذيب” التي اعتاد عليها منذ بداية الحرب
الثورة نت /..
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، باسم نعيم،اليوم الأحد، إن رئيس وزراء العدو “الإسرائيلي” مجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، بنيامين نتنياهو، يواصل “الأكاذيب” التي اعتاد عليها منذ بداية الحرب على غزة.
وحسب وكالة قدس برس أضاف نعيم، أن تصريحات نتنياهو الأخيرة دليل على فشله وهزيمته بعد 22 شهرا من القتال، استخدم خلالها جميع أنواع الأسلحة.
وتابع نعيم أن حلفاء نتنياهو الذين دعموه في بداية الحرب انقلبوا عليه بسبب ممارساته وجرائمه، مشيرا إلى أن العدو استهدف الأشخاص الذين قاموا بحماية المساعدات الإنسانية، سواء من أفراد الشرطة أو أبناء العشائر.
ونفى في الوقت نفسه أي علاقة لحركة “حماس” بما يحدث في نقاط توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية.
وأوضح أن تهديدات نتنياهو باحتلال غزة “ليست جديدة” واعتاد عليها منذ اليوم الأول للحرب.
وشدد على أن الهدف منها هو استمرار الحرب لإنقاذ نفسه والبقاء في السلطة، مؤكدا أن مشكلة نتنياهو “ليست مع حماس أو المقاومة، بل مع الشعب الفلسطيني الراغب في الحرية وتقرير المصير”.
وفيما يتعلق بملف المفاوضات، بيّن نعيم أنه لا جديد فيه، لافتا إلى أن الاتصالات مع الوسطاء لم تنقطع.
كما اتهم نعيم الإدارة الأمريكية بدعم غير محدود لـ”جنون الحكومة الفاشية في إسرائيل”.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يواصل العدو الإسرائيلي وبدعم أمريكي مطلق عدوانه على قطاع غزة، في حملة وُصفت دوليًا بأنها إبادة جماعية، تتضمن القتل والتجويع والتدمير والتهجير، رغم أوامر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات والامتثال للقانون الدولي.