أعاد الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض دونالد ترامب إشعال الحرب التجارية مع الصين بفرضه 10% إضافية على السلع القادمة إلى الولايات المتحدة من ثاني أكبر اقتصادات العالم، مما حدا ببكين إلى فرض تعريفات انتقامية على عدد من السلع الأميركية المنشأ.

لكن مع اكتفاء ترامب بفرض 10% إضافية فقط، وهو رقم أقل مما تعهد به في حملته الانتخابية، وجنوح بكين إلى الحوار، يبقى الموقف ضبابيا بين تعريفات وتعريفات مضادة واحتمالات الاتفاق خاصة في ظل تسريبات بأن الصين قد تدفع بإعادة الاتفاق الذي توصلت إليه مع واشنطن عام 2020 في نهاية فترة ترامب الأولى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الخاسرون من رسوم الصين على واردات الغاز المسال الأميركيlist 2 of 2الدولار يتراجع إلى مادون 8500 ليرة سورية اليومend of list حرب مستمرة

يقول الخبير الاقتصادي أحمد عقل، في حديث للجزيرة نت، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أثبتت أنها ما زالت موجودة ومستمرة وقد تمتد لفترات قادمة مع اشتعالها أكثر.

وأكد عقل التأثير الكبير لفرض الصين تعريفات إضافية بنسبة 10% على النفط والفحم والغاز والسيارات والمعدات الزراعية الأميركية، والمقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم 10 فبراير/شباط الجاري.

ويضيف أن التعريفات الصينية الإضافية من شأنها كبح تأثير مساعي الرئيس ترامب نحو زيادة تصديرها من خلال إزالة القيود التي كانت مفروضة من قبل.

إعلان

وأشار إلى أن قطاع السيارات الأميركي متضرر كذلك من التعريفات الإضافية في ظل تحوّل الصين إلى السيارات الكهربائية، ووجود شركات كبرى بالولايات المتحدة مثل "تيسلا" وغيرها تبحث عن أسواق وسط منافسة قوية من الشركات الصينية.

ورأى عقل أن التعريفات والتعريفات المضادة هي بداية حرب تجارية تعتمد على الأسواق والرسوم، لكن ما يجب الانتباه له هو نسبة المخاطرة الكبيرة الممكن مواجهتها في هذه الفترات خاصة في ظل التضخم الذي لم يتراجع بصورة كبيرة، مما يخاطر بعدم خفض أسعار الفائدة مع ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وأكد أن هذا قد يسبب نوعًا من التضخم، مما يعني تضرر الناس العاديين والمستثمرين على حد سواء، متوقعا أن تستعر حرب تجارية بشكل كبير.

وأوضح أن ثمة معطيات أخرى مؤثرة من بينها قوة الدولار مقابل اليوان الصيني، فضلا عن الضغط لتخفيض أسعار النفط وتأثر أسواق المال الأميركية والصينية لا سيما فيما يتعلق بالشركات الكبرى المصدرة إلى الخارج.

حركة رؤوس الأموال

وأشار إلى أن هذا قد يكون له دور في احتمال نزوح الأموال إلى الأسواق الناشئة من بينها الأسواق العربية مع تأثر سوقي الصين والولايات المتحدة، يضاف إلى ذلك أن ثمة احتمالا لبعض التأثير غير المباشر على استثمارات موجودة في الدول العربية أو في الشركات العربية.

وأوضح أن قوة الدولار أو اليوان الصيني قد تؤثر على العملات العربية، بالتالي قد تسهم في تغيير أو في تحرك معين بأسواق المال.

من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي كميل الساري أن الصين ردت على تعريفات ترامب بما يلي:

ضريبة على واردة الهيدروكربونات والفحم وبعض المركبات من الولايات المتحدة. رسوم جمركية بنسبة 15% على واردات الفحم والغاز الطبيعي من الولايات المتحدة اعتبارًا من 10 فبراير/شباط الجاري. رسوم جمركية بنسبة 10% على واردات النفط الأميركي والآلات الزراعية والمركبات الرياضية العالية الطاقة والشاحنات. إعلان

وبلغت صادرات الولايات المتحدة من الهيدروكربونات إلى الصين 7 مليارات دولار في 2024، وفقًا لبيانات الجمارك الصينية، وهي سوق رئيسية للمصدرين الأميركيين، لكن بالنسبة للصين يظل هذا الرقم كبيرا مقارنة بواردات الطاقة من روسيا والبالغة أكثر من مليار دولار العام الماضي.

وأشار الساري إلى أن بكين كشفت عن جولة جديدة من القيود على صادرات العديد من المعادن والفلزات الهامة المستخدمة في الصناعة والتكنولوجيا العالية كالتنكستن والتيليوريوم واليزموت والمولبيديوم وغيرها، وبالتوازي مع ذلك فتحت الصين تحقيقًا في مكافحة الاحتكار ضد شركة التكنولوجيا العملاقة الأميركية "غوغل".

كما ضعت الصين عدة شركات أميركية، مثل المجموعة المالكة لعلامة تومي هيلفيغر وكالفين كلاين وشركة بي في إتش كورب للملابس الجاهزة والتكنولوجيا الحيوية العملاقة إلومينيا، على قائمتها للكيانات غير الموثوقة.

رد غير عدواني

ويقول الخبير الاقتصادي في شركة بنيونيت لإدارة الأصول تشو تشانغ إن الرد الصيني ليس عدوانيا لأن الصين تستهدف فقط منتجات معينة، في حين تستهدف الرسوم الأميركية جميع الصادرات الصينية.

وأضاف أن هذه ربما تكون مجرد بداية لعملية طويلة من المفاوضات بين البلدين، وتأتي الإعلانات الصينية في الفترة التي تسبق مناقشة محتملة بين الرئيس الصيني تشي جين بينغ ونظيره الأميركي دونالد ترامب.

ويقول الساري إن الأسباب الحقيقية لإجراءات ترامب هي زيادة حجم صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 4% في 2024 و16% في ديسمبر/كانون الأول الماضي وحده، مما دفعه إلى رفع الرسوم على الواردات من الصين.

وتابع "بالنسبة للصين تميل التجارة الخارجية إلى اكتساب أهمية كبرى منذ أن ضربت جائحة كورونا وأزمة العقارات البلد والتي أفقدت الأسر الصينية التي استثمرت جزءا كبيرا من مدخراتها في قطاع الإسكان الثقة مما ضغط على نمو الاستهلاك"، مشيرا إلى أنه انطلاقا من الأداء الاقتصادي الصيني خلال فترة ما بعد كورونا، تبدو الصادرات أساسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

إعلان

وأشار الساري إلى أن العجز الأميركي في الميزان التجاري مع الصين بلغ 272 مليار دولار في 2024، ومع الاتحاد الأوروبي بلغ 214 مليار دولار (76 مليار دولار لصالح ألمانيا فقط)، ومع المكسيك 157 مليار دولار، مشيرا إلى أن ترامب يقول إنه لا يمكن أن تستمر الولايات المتحدة في فتح أسواقها لكل هذه البلدان التي تستفيد من خيرات أميركا ولا تقبل ببضائعها.

ليست سابقة

وليست الحرب التجارية بجديدة، ففي ولاية ترامب الأولى فرض رسومًا جمركية على الصين، وذهب أبعد من ذلك بتوقيعه اتفاقا مع بيكن ألزمها باستيراد المزيد من السلع الأميركية بقيمة 200 مليار دولار.

وعندما وقعت جائحة كورونا كبحت الصادرات في جميع أنحاء العالم، مما رفع العجز التجاري لصالح الصين، أما الواردات الصينية فلم ترتفع إلا بنسبة 2% فقط.

وبلغ حجم الفائض في الميزان التجاري الصيني مع العالم 992 مليار دولار في 2024.

خطأ من؟

واعتبر الساري أن الخطأ لا تتحمله الصين أو أوروبا أو المكسيك أو كندا، بل السياسات التي كانت متبعة من طرف الولايات المتحدة. وأضاف "بطبيعة الحال الآن الكل يعلم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، أن الصين استفادت من دخولها منظمة التجارة العالمية استفادة كبيرة، إذ إنها كثفت من صادراتها إلى كل بلدان العالم".

وقال "كل هذه الرسوم الجمركية لم تفلح في ولاية ترامب الأولى، حيث إنه على الرغم من كل هذه الرسوم التي فرضها آنذاك فإن العجز في الميزان التجاري كان دائما لصالح الصين"، مشيرا إلى أن بكين تحقق فائضا مع الولايات المتحدة في تجارة المواد الأساسية فقط التي ربما ساهمت في توفير بضائع على قدر القدرة الشرائية للمواطن الأميركي، إذ تأتي بأثمان بخسة.

في المقابل، يقول الساري إن للولايات المتحدة فائضا في الميزان التجاري بنحو 145 مليار دولار في التكنولوجيا المتقدمة، لكن الصين بدأت تعوض تأخرها في الميزان التكنولوجي، مشيرا إلى أن تطبيق "ديب سيك" للذكاء الاصطناعي تطلّب استثمار 700 مليون دولار فقط، وهو مبلغ لا يمثل شيئا مقابل 16 مليار دولار استثمرتها الشركات الأميركية في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي.

إعلان الخاسر

ويضيف أن ترامب يخشى أن تتقدم الصين حتى في مجال التكنولوجيا، وهي الآن على ما يبدو قادرة على ذلك، فترامب يود أن يلجم العديد من الشركات التكنولوجية الأميركية مثل تيك توك، مشيرا إلى أن بايدن سبق أن أوقف تصدير الرقائق والمكونات التكنولوجية إلى الصين.

ويرى أن الدرس المستفاد من إطلاق تطبيق ديب سيك هو أنه "إذا دفعنا الصين إلى عقر دارها فهي ستتطور في مجالات لم تكن في الحسبان"، لذا فإن الخاسر في هذه التطورات هو ترامب الذي اعترف بأن الرفع من الرسوم الجمركية سيرفع من الأسعار ومن تكاليف الإنتاج لأن العديد من الشركات بما فيها الشركات الأميركية التي تعمل في أوروبا والصين ستخضع لهذه الضرائب أيضا، وبالتالي سترتفع كلفة الإنتاج في الولايات المتحدة وأسعار السلع التي تتدفق إلى التراب الأميركي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی المیزان التجاری الولایات المتحدة مشیرا إلى أن ملیار دولار دولار فی أن الصین رسوم ا

إقرأ أيضاً:

قمة منخفضة التوقعات.. فون دير لاين: العلاقات التجارية مع الصين عند نقطة انعطاف واضحة

قمة بكين تختتم بتوتر معلن: فون دير لاين ترى "نقطة انعطاف" في العلاقات مع الصين، وسط خلافات تجارية وأمنية. بكين تحث على تجنب الأدوات المقيدة، وسط اعلان عن تعاون مناخي وآلية لضمان إمدادات الأرض النادرة. اعلان

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الخميس، إن العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين وصلت إلى "نقطة انعطاف واضحة"، وذلك في أعقاب قمة متوترة مع كبار القادة الصينيين، تناولت ملفات تجارية وأمنية شائكة.

وجرت القمة في بكين بمناسبة الذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، لكن التوقعات كانت منخفضة مسبقاً، خصوصاً بعد قرار مفاجئ من الصين بخفض مدة الزيارة إلى يوم واحد، بدلاً من يومين، في خطوة تُعد مؤشراً على التوترات المتصاعدة.

وفي مؤتمر صحفي عقب لقاءاتها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء لي تشيانغ، أكدت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي "أثار مخاوفه بصراحة حول التجارة والاستثمار والقضايا الجيوسياسية"، مشيرة إلى أن "المحادثات ساعدت في تحديد حلول جزئية".

ورداً على سؤال حول احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، أوضحت فون دير لاين أن أولوية الاتحاد الأوروبي تتمثل في "تحقيق حل تفاوضي"، لكنها شددت على أن "جميع الأدوات الأخرى مطروحة على الطاولة" حتى "نحصل على نتيجة مرضية".

وأضافت: "علاقتنا مع الصين ذات أهمية، لكنها تقف على مزاياها الخاصة. إنها مستقلة عن الإجراءات أو القضايا التي لدينا مع الآخرين".

Related هل تخطط لزيارة الصين؟ 74 جنسية بات بإمكانها دخول البلاد من دون تأشيرةوسط أزمة ثقة متبادلة.. الصين تحثّ أوروبا على اتخاذ "الخيار الاستراتيجي الصحيح"خاص يورونيوز: عشية قمة بكين.. السفير الصيني لدى الاتحاد الأوروبي يفتح باب "الشراكة الاقتصادية"

من جانبه، قال الرئيس شي جين بينغ، خلال لقائه فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، إن التحديات التي تواجه أوروبا "لا تأتي من الصين"، وحث الاتحاد الأوروبي على "التعامل بشكل صحيح مع الخلافات والاحتكاكات".

ونقلت وكالة أنباء شينخوا الرسمية عن شي قوله: "من المأمول أن يبقي الجانب الأوروبي سوق التجارة والاستثمار مفتوحاً، ويُمتنع عن استخدام الأدوات الاقتصادية والتجارية المقيدة".

وتأتي القمة في ظل توترات تجارية متزايدة، لا سيما بعد أن فتح الاتحاد الأوروبي تحقيقاً ضد صادرات الصين من السيارات الكهربائية العام الماضي، في إطار مخاوف من "الطاقة الصناعية المفرطة" في الصين، والتي ساهمت في اتساع العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع بكين إلى 305.8 مليار يورو (360 مليار دولار) في 2023.

وأفادت فون دير لاين بأن القيادة الصينية بدأت تُبدي اهتماماً بقضية الطاقة الزائدة، وأعربت عن استعدادها لدعم زيادة الاستهلاك المحلي. وحسب تقرير مجمع، أكدت للرئيس لي تشيانغ أن "زيادة وصول الشركات الأوروبية إلى الأسواق في الصين، والحد من التأثير الخارجي للانقلاب، والحد من ضوابط التصدير" تمثل خطوات مهمة إلى الأمام.

ووصفَت فون دير لاين لقائها مع شي جين بينغ بأنه "ممتاز".

وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً حول المناخ، أكد فيه الطرفان التزامهما بخطط عمل مناخية شاملة، وتعهدا بتعزيز التعاون في مجالات انتقال الطاقة، والتكيف مع تغير المناخ، وإدارة انبعاثات الميثان، وأسواق الكربون، والتقنيات الخضراء والمنخفضة الكربون.

وعلى الصعيد الجيوسياسي، نقل قادة الاتحاد الأوروبي توقعاتهم من الصين بضرورة "ثني روسيا عن مواصلة حربها ضد أوكرانيا". وقالت فون دير لاين: "المهم هو أن يكون لدينا وقف لإطلاق النار، وأن تجري مفاوضات على الطاولة، وأن يكون هناك استعداد حقيقي لإيجاد حلول تنهي إراقة الدماء".

كما تناولت المحادثات ضوابط التصدير الصينية على عناصر الأرض النادرة، التي أخلّت بسلاسل التوريد العالمية، وتسببت في توقف مؤقت في خطوط إنتاج السيارات الأوروبية في مايو الماضي.

وقالت فون دير لاين: "نحن بحاجة إلى إمدادات موثوقة وآمنة من المواد الخام المهمة من الصين. نحن نعترف بجهود الصين بشأن تراخيص التتبع السريع للمواد الخام الحيوية، واتفقنا على تطوير آلية لتوريد الصادرات".

وأظهرت بيانات الجمارك أن صادرات الصين من مغناطيسات الأرض النادرة إلى الاتحاد الأوروبي ارتفعت في يونيو بنسبة 245% مقارنة بشهر مايو، لتصل إلى 1364 طناً مترياً، رغم أن هذا الرقم لا يزال أقل بنسبة 35% عن نفس الفترة من العام الماضي.

وأكدت وزارة الخارجية الصينية أن قيودها على تصدير عناصر الأرض النادرة "تتماشى مع الممارسة الدولية"، وتعهدت بتعزيز الحوار والتعاون مع الدول والمناطق المعنية في مجال ضوابط التصدير.

تُختتم القمة بخطوات أولية نحو التهدئة، لكنها تُبقي على السطح تباينات عميقة في المصالح الاقتصادية والسياسية بين الاتحاد الأوروبي والصين.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • وفد أعمال أميركي رفيع يزور الصين لإحياء المناقشات التجارية
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • بسبب ترامب.. فولكس فاجن تسجل خسائر بقيمة 1.5 مليار دولار
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على عصابة فنزويلية
  • الإحصاء: 1.34 مليار دولار صادرات مصر لـ أعلى 5 دول خلال أبريل 2025
  • بعد عقدين من القيود.. ترامب يحتفي بفتح السوق الأسترالية أمام لحوم الأبقار الأميركية
  • الولايات المتحدة تعزز دفاعات أوكرانيا.. صفقة معدات دفاع جوي بـ180 مليون دولار
  • رجل الأعمال كريم عطية ينضم إلى صفوف المليارديرات العرب في الولايات المتحدة
  • تقدُّم المفاوضات بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين يُفقد الذهب بريقه
  • قمة منخفضة التوقعات.. فون دير لاين: العلاقات التجارية مع الصين عند نقطة انعطاف واضحة