لجريدة عمان:
2025-05-25@08:46:28 GMT

غزة في مواجهة فكر إمبريالي جديد

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

غزة في مواجهة فكر إمبريالي جديد

فجر الرئيس الأمريكي ترامب الأربعاء مفاجأة من العيار الثقيل ضربت كل القيم والمبادئ السياسية الدولية حينما طرح فكرة «الاستيلاء» على قطاع غزة بعد تهجير وتشريد سكانها وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».. لكن الاستيلاء هذه المرة ليس من قبل أو لصالح إسرائيل وإنما من أمريكا ولصالحها إلى حد جعلت رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه يشعر بالغرابة وإن قال إن الأمر سيكون «حدثا تاريخيا».

وظهر ترامب الذي بدا منفصلا عن الواقع وكأنه مطور عقاري يحمل فكرا إمبرياليا يعود إلى القرن التاسع عشر!

وهذا الطرح الإمبريالي، الغريب، يعزز أطروحات سابقة قالها ترامب في الأسابيع الماضية عندما تحدث عن شراء جرينلاند وضم كندا واستعادة قناة بنما وإعادة تسمية خليج المكسيك إضافة إلى توجهاته الإمبريالية المنطلقة من الفكر الاقتصادي.

وخالف ترامب في طرحه الكثير من الأفكار التي تبناها سواء في فترته الرئاسية الأولى أو خلال حملته الانتخابية التي استبعد فيها أن تخوض بلاده أي حرب جديدة وقدم نفسه بوصفه رجل سلام وإنْ كان على الطريقة الأمريكية التي لا ترى السلام إلا من زاوية خدمة إسرائيل. والغريب أن ترامب كان يتحدث بكثير من الثقة، التي تؤكد انفصاله الحقيقي عن الواقع، حينما أصر أن كل من مصر والأردن ستوافقان على خطة تهجير الشعب الفلسطيني وهذا يؤكد أن الرجل ينظر من منظور المطور العقاري وليس من منظور رجل سياسة يرأس أقوى دولة في العالم، والراعية الأولى للنظام العالمي رغم أن الرجل لا يبدو أنه في وارد الحفاظ على هذا النظام الذي يعمل بالفعل على هدمه وإدارة العالم برؤية تقوم على معيار القوة الواحدة دون أي اعتبار للقوانين والتشريعات أو حتى فكرة الديمقراطية التي يمقتها الرجل بشكل كامل.

لكن ترامب الذي يحمل أمل استكمال مشروع الاتفاقيات الإبراهيمية التي بدأت في آخر فترته الرئاسية الأولى لا يبدو أنه يعي أن هذا الطرح يفسد مشروعه الفاسد من أساسه وأنه يعقد الأمر على بعض الدول التي بدأها أنها على وشك الموافقة على فكرة التطبيع بل إنه يعيد طرح مثل هذه المشاريع التطبيعية التي بدأت من كامب ديفيد على طاولة البحث الشعبي إن لم يكن بحث القيادات العربية التي لم ترفي التطبيع أي مكاسب لا سياسية ولا اقتصادية ولا أمنية كما كانت تريد إقناع نفسها في مرحلة من مراحل التاريخ العربي.

ولا يبدو ترامب أيضا معنيا بتبعات حديثة القانونية أو السياسية أو حتى اللوجستية.. فلا يمكن أن تحدث أي عملية تهجير للشعب الفلسطيني في قطاع غزة أو حتى في الضفة العربية بمعزل عن موافقة مصر والأردن بشكل أساسي. وبعيدا عن الرأي الشعبي في العالم العربي الرافض لهذا الطرح فإن حتى القيادات السياسية في كل من مصر والأردن لا يمكن لهما إقرارها هذا المشروع تحت أي ضغط أمريكي لأن لمثل هذه الموافقة تبعات قانونية وشعبية وربما يصل الأمر إلى وضع شرعية هذه القيادات على محك شعوبها.

وليس أمام الرئيس الأمريكي إلا العودة إلى المؤسسات الأمريكية وبشكل خاص مؤسسة الخارجية وكذلك المؤسسة الأمنية فهي الأقدر على فهم تبعات تصريحات ترامب وأثرها على علاقة أمريكا بأصدقائها في منطقة الشرق الأوسط.. وهي التي تملك أيضا سجلا تاريخيا للقضية الفلسطينية ومساراتها منذ أكثر من 75 عاما وما هو الممكن وغير الممكن في كل الأطروحات التي طرحت على مدى هذا الخط الزمني.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بعد حادث السفارة.. هل تنقلب العلاقات بين ترامب ونتنياهو إلى مواجهة مفتوحة؟

تصاعد التوتر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأسابيع الأخيرة، في وقت وصف فيه مسؤولون أمريكيون العلاقة بين الجانبين بأنها تمرّ بمرحلة “فتور متزايد”، رغم حرص الطرفين على عدم الإعلان عن قطيعة رسمية.

وجاء ذلك عقب الهجوم الذي وقع قرب المتحف اليهودي في العاصمة الأميركية، وأسفر عن مقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية، إلا أن مسؤولين أميركيين أكدوا أن الحادث، رغم إدانته من جانب ترامب، لن يغيّر جوهر الخلافات المتراكمة بين الجانبين.

وأدان ترامب الهجوم بشدة، قائلاً إنه “أكثر رؤساء أميركا دعماً لإسرائيل في التاريخ”، لكنه في الوقت نفسه يواصل النأي بنفسه عن بعض سياسات نتنياهو، وهو ما عزاه مراقبون إلى “خيبة أمل متنامية” داخل إدارة ترامب تجاه أداء الحكومة الإسرائيلية.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن خمسة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين أن الخلافات بين ترامب ونتنياهو باتت علنية بشأن عدة ملفات في الشرق الأوسط، خصوصاً التعامل مع الحرب في غزة، وإيران، والمساعدات الإنسانية، فضلاً عن الموقف من التوسع الاستيطاني والضغط الإسرائيلي المستمر للحصول على دعم غير مشروط.

وقال أحد المسؤولين السابقين إن “هناك مجموعة في الإدارة لا ترى في إسرائيل شريكاً استثنائياً، بل شريكاً عادياً لا يستحق معاملة خاصة”، في وقت أشار مقرب من البيت الأبيض إلى أن “نتنياهو هو أصعب شخصية يمكن التعامل معها من بين جميع الملفات في الشرق الأوسط”.

ورغم اتصال هاتفي جرى بين ترامب ونتنياهو عقب الهجوم، وُصف بأنه حمل تعبيراً عن “حزن عميق” من جانب الرئيس، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن القضايا الجوهرية، خصوصاً موقف إسرائيل من المساعدات لغزة، ورفضها لجهود التسوية مع إيران، لا تزال محل خلاف حاد.

وقال مسؤول أميركي إن ترامب بات “منزعجاً من وتيرة التصعيد في غزة” التي يرى أنها تُعقّد مبادراته الإقليمية، وتُعيق مساعيه لتوسيع اتفاقات التطبيع العربي – الإسرائيلي، مضيفاً: “هناك شعور بأن إسرائيل تطالب بالكثير دون أن تحقق لواشنطن مكاسب دبلوماسية توازي ذلك”.

ويظهر تحول ترامب الإقليمي بوضوح في مواقفه الأخيرة، إذ فضّل زيارة دول الخليج خلال جولته الأخيرة متجنباً المرور بإسرائيل، كما تعزز التوجه نحو الشراكة مع السعودية والإمارات، اللتين يعتبرهما مقربون من البيت الأبيض “أكثر التزاماً بقواعد اللعبة، وأكثر استعداداً لتوقيع الصفقات ودعم المفاوضات مع طهران”.

من جهته، صعّد السفير الإسرائيلي في واشنطن، يتسحاق ليتر، لهجته قائلاً إن “الهجوم يمثل جبهة جديدة في الحرب على إسرائيل، تقودها حماس وإيران ووكلاؤها”، مؤكداً أن الحادثة “جزء من حملة لتشويه شرعية الدولة الإسرائيلية”.

ورغم استمرار التنسيق الأمني والاتصالات الرسمية، يبدو أن “العلاقة الخاصة” بين ترامب ونتنياهو تمرّ باختبار جدي، خاصة مع تقارير تفيد بأن الرئيس الأميركي بدأ يفقد صبره، ويسعى لإعادة ضبط علاقاته في الشرق الأوسط بما يتوافق مع مصالحه الاستراتيجية.

هذا وتمثل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل واحدة من أقوى التحالفات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، تأسست منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، وبدأت هذه العلاقة بدعم دبلوماسي أمريكي قوي، وتطورت بشكل ملحوظ خاصة بعد حرب 1967 وحرب 1973 حيث قدمت الولايات المتحدة دعمًا عسكريًا واقتصاديًا واسعًا لإسرائيل، وعلى مدار العقود، أصبحت الولايات المتحدة المزود الرئيسي للمساعدات العسكرية لإسرائيل، مما منحها تفوقًا عسكريًا عبر تزويدها بتقنيات متقدمة وأسلحة حديثة.

سياسيًا وعسكريًا، تحظى إسرائيل بدعم كبير داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس باعتبارها حليفًا أساسيًا في مواجهة التحديات الإقليمية، خصوصًا إيران والمنظمات المسلحة. وتعقد الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة وتتبادلان معلومات استخبارية بانتظام، بينما تدافع واشنطن عن إسرائيل في المحافل الدولية، مستخدمة في كثير من الأحيان حق النقض في مجلس الأمن لصالحها.

وعلى الرغم من قوة هذا التحالف، شهدت العلاقات بين البلدين توترات متقطعة ناجمة عن خلافات حول قضايا مثل الاستيطان وعملية السلام مع الفلسطينيين واتفاق إيران النووي، إلا أن هذه الخلافات لم تؤثر بشكل جذري على عمق التعاون بينهما، وفي الوقت الحالي، تستمر الولايات المتحدة في تقديم دعم سياسي وعسكري واسع لإسرائيل، لكنها تسعى أيضًا إلى إدارة ملفات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بما يدعم الاستقرار الإقليمي

مقالات مشابهة

  • بعد حادث السفارة.. هل تنقلب العلاقات بين ترامب ونتنياهو إلى مواجهة مفتوحة؟
  • ما هي شركات الهواتف الذكية التي سيشملها قرار ترامب فرض رسوم جمركية؟
  • خارجية جنوب أفريقيا توضح حقيقة إبادة البيض التي تحدث عنها ترامب
  • ???? الصورة التي قال ترامب إنها “لمزارعين بيض قتلوا في جنوب إفريقيا”.. هي في الحقيقة لحادثة في الكونغو!
  • ترامب يحث الاتحاد الأوروبي على خفض الرسوم الجمركية أو مواجهة جمارك إضافية
  • قاض أمريكي يصدر قرارا بوقف مؤقت لقرار ترامب بتسريح جماعي للعمال الفيدراليين
  • المرحلة الأخيرة في الحرب ضد المليشيات هي شراء القيادات الرخيصة
  • إبراهيم بقال شخصية غريبة.. هو متمرد لئيم، ولكنه يبدو مثيرا للشفقة
  • علاقة ما فعله ترامب مع رئيس جنوب أفريقيا بالقضية التي رفعتها الأخيرة ضد إسرائيل حول غزة تثير تفاعلا
  • "أمازون": الطلب لم يتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب