عبدالله غانم القحطاني*

‏الموقف السعودي التاريخي الحاسم ضد التهديدات الإيرانية والبعثية والإخوانية كان هو الأساس الذي منع على التوالي: هزيمة العراق أمام جيش الخميني خلال حرب الثمانية أعوام، وهو من أحبط تواجد ألوية الحرس الثوري في عدن وصنعاء وعموم الشمال والجنوب، وهو حائط الصد الذي منع تدبير الإنقلابات الثورية الإيرانية في بعض دول الخليج العربيGCC، وهو الموقف الذي أفشل احتلال عبدالكريم قاسم ثم صدام حسين للكويت، وهو الذي وقف مع استقلال لبنان بالحد الممكن ومنع حافظ الأسد من تغييب الهوية الوطنية اللبنانية – مات حافظ وهو لم يفتتح سفارة له في بيروت – وهو الموقف السعودي التاريخي الذي وقف مع الجيش والشعب المصري وقيادته ضد انقلاب الإخوان وضد المواقف المشينة لأوروبا تجاه مصر، وهناك مواقف أكثر في مواقع أخرى، وهو اليوم الموقف العربي الأول الذي يسعى لمساعدة سوريا الجديدة وشعبها ورفع العقوبات عنهم.

‏حسناً.. اليوم سوريا تحررت بإرادة شعبها، وكعادته جاء الموقف السعودي على الموعد، والمسألة برأيي البسيط ليست هيئة تحرير الشام ولا البعث ولا الإخوان، فالأمر جلي وواضح وأصبح من الماضي، بل الأمر هو إنقاذ ⁧‫سوريا‬⁩ الأرض والشعب والدولة، والسير بها ومعها نحو أفق جديد يقرره السوريون.

أخبار قد تهمك أول مزاد عالمي لـ«سوذبيز» في السعودية: تسليط الضوء على أعمال الفنانين السعوديين 6 فبراير 2025 - 3:26 صباحًا موجة غبار واسعة تضرب شمال السعودية غدًا الخميس وتمتد لمناطق أخرى 5 فبراير 2025 - 11:33 صباحًا

‏والغريب أن الكثير من العرب عادتهم التباطؤ لإتخاذ المواقف التاريخية اللازمة في الأوقات المناسبة قبل فوات الأوان ووقوع الكوارث وضياع الفُرص.

في الماضي دروس وعِبر، فقد حارب جمال عبدالناصر السعودية وقصفها بالطيران وحرض العرب ضدها سعياً لإسقاط الملك والدولة، وعندما انكسر عبدالناصر لعدة مرات كانت السعودية ومليكها أول من يصل للقاهرة للوقوف مع نفس الرئيس والدولة، تاركين الماضي وأحداثه للتاريخ ليكتب ما يشاء!.

وبعد هزيمة 67 وموقف السعودية، قال ناصر “رحمه الله” لعبد الحكيم عامر عن السعوديين (الله!.. إزاي ياحكيم!.. واضح إحنا مش فاهمين الناس دول.. معقول ياحكيم)؛ ولم ولن تتغير مواقف ⁧‫السعودية‬⁩ من مصر العظيمة.. ووصية جلالة المؤسس الملك عبدالعزيز “يرحمه الله” لأبناءه تجاه ⁧‫مصر‬⁩ بمثابة قانون سعودي ثابت.

‏ومثال آخر، نظام الأسد، بعثاً وفكراً وسياسة ومؤسسات، كاره ومعاد في حقيقته للسعودية ومبغض لأدوارها وتأثيرها وهذا معروف، لكن الصبر السعودي وبعد النظر طيلة 62 عام، كان لأجل مصالح الشعب السوري فقط ولا أكثر.

‏صحيح أن الجميع اليوم يعيش فرحة تحرُر ⁧‫سوريا‬⁩ وشعبها من المجرمين والإرهابيين الغزاة، وفرحة طرد نظام الرئيس الغبي بشار الأسد، لكن العمل أهم من الفرح، ومخطىء من يظن أن ⁧‫إيران‬⁩ الصديقة سلَّمت بالأمر الواقع وطوت الصفحة، أو أنها اقتنعت من داخلها بأن سوريا خرجت من هيمنتها وأصبحت سورية وعربية ومستقلة ضمن الفلك العربي والإقليمي والدولي.

أبداً هذا يستحيل في الذهنية والعقلية الإيرانية المعقدة التي قليل من يفهمها من العرب، ولو فُهِمَت هذه العقلية عربياً كما يجب وعُلِمَت أبعادها ومخاطر سياساتها، لما تجاهلت دول إفريقية لثلاثة عقود من الزمن التهديدات الإيرانية الواضحة ضد أمن ومضائق البحر الأحمر.

‏كيف يرى البعض من العرب السلطة السورية الوطنية الانتقالية في ⁧‫دمشق‬⁩ بقائدها ⁧‫”أحمد الشرع‬⁩” وكأنها سلطة أجنبية أخطر من النظام الدموي السابق، أو أسوأ من الوجود السابق للحرس الثوري وميليشياته ⁧، حزب الله‬⁩ وبقية الطوائف الإرهابية المتصالحة مع داعش داخل سوريا.!. عجيب هذا العقل العربي.!.

‏ضابط برتبة رائد، لو طُلب منه إعداد تقدير موقف عن التهديد القائم ضد ⁧‫سوريا الجديدة‬⁩، لرسم على الخارطة، أسماء ومواقع القوات الطائفية الإيرانية والعراقية شرق حدود سوريا، وضمنها الآف المرتزقة المقاتلين من الباكستان والأفغان الذين طُردوا من سوريا، وسيفترض أنهم يُهَيَّؤُوْنَ بشكل مختلف لتخريب الساحة السورية من الخارج ومن الداخل بالتعاون مع بقايا فلول نظام الأسد ومع داعش.

ولشرح هذا الضابط الشاب على نفس الخارطة خيار جد خطير يفكر به عدو السوريين الذي فقد الهيمنة على بلادهم، وهو السعي لإحراق دمشق بمن فيها من خلال عمليات إرهابية كبيرة متزامنة، وتفجيرات دموية مرعبة للشعب السوري لإحباطه وزعزعة ثقته بأنه أستقل وتحرر من الظلم، وكل ذلك سعياً لخلط أوراق الوضع الداخلي وتغيير مواقف الدول الغربية من حكومة الرئيس الشرع، وعرقلة الانتقال لبناء الدولة، ولحدد الرائد على خارطته حجم ومواقع وتأثير القوات الروسية والأمريكية في سوريا ومواقفها المتغيرة.

‏ولكتب هذا الضابط بأسفل الخريطة ” إن مصدر هذا التهديد المحتمل شديد الخطورة، هو الحرس بالتعاون مع: “داعش وخلاياه”، ومع “القاعدة”، ومع تاجر المخدرات ⁧‫”ماهر الأسد‬⁩”، ومع بقايا حزب الله لبنان، ومع الذيول الولائية بالعراق واليمن، ومع بعض العملاء المسلحين من الكُرد والعرب في سوريا والعراق”.

وسيقول أيضاً كملاحظة مهمة: وقد يرافق ذلك عمليات إرهابية مدبرة ضد بعض دول مجلس التعاون الخليجي يتبناها ⁧‫داعش‬⁩، وقد لا يكون هو الفاعل وليس له علاقة!.

‏التاريخ العربي يقول، أغلب مصائب العرب كانت بسبب غفوتهم وتفكيرهم وأحقادهم ضد بعضهم.

*كاتب ومحلل استراتيجي سعودي.
gen_abdullah1@

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: السعودية سوريا

إقرأ أيضاً:

السعودية تحذر إيران: إما اتفاق مع ترامب أو مواجهة حرب إسرائيلية مدمّرة

تصاعدت حدة التوترات الإقليمية على وقع تحذير سعودي غير مسبوق وجّهته المملكة إلى إيران، مفاده أن رفض التوصل إلى اتفاق نووي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يفتح الباب أمام حرب شاملة تشنّها إسرائيل ضد طهران.

ووفق تقرير لوكالة رويترز، نقل وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان هذا التحذير شخصيًا إلى المسؤولين الإيرانيين، خلال زيارته النادرة إلى طهران الشهر الماضي، والتي جاءت بتكليف مباشر من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

رسالة مباشرة إلى خامنئي: “تفادوا الحرب.. خذوا عرض ترامب بجدية”

الرسالة، بحسب مصدرين خليجيين مطلعين ومسؤولين إيرانيين تحدّثت إليهم الوكالة، تم تسليمها إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وتضمنت دعوة واضحة للنظر بجدية في المقترح الأميركي الذي يعرض رفع تدريجي للعقوبات مقابل العودة إلى القيود الصارمة على البرنامج النووي الإيراني.

وحذرت الرسالة من أن تجاهل المبادرة الأميركية قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، في وقت تتصاعد فيه المؤشرات على اقتراب “الساعة الصفر”.

تل أبيب تستعد لسيناريوهين: الهجوم أو الدفاع

في موازاة التحرك السعودي، كشفت صحيفة معاريف العبرية أن قيادة الأمن القومي الإسرائيلي عقدت سلسلة اجتماعات مغلقة ناقشت خلالها استعدادات لمواجهتين محتملتين: الأول: شنّ ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية، الثاني: التصدي لهجوم صاروخي مفاجئ تنفّذه إيران أو حلفاؤها الإقليميون.

وتتوقع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن أي مواجهة ستشهد إطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية، مع خسائر اقتصادية قد تصل إلى عشرات المليارات، ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى رفع جاهزية الطوارئ، فتح الملاجئ، وتعزيز قدرة المستشفيات.

إدارة ترامب: شروط مشددة ومقترح مُحدّث

من جانبها، تستعد إدارة الرئيس ترامب لتقديم صيغة معدّلة من الاتفاق النووي السابق، تتضمن مطالبة إيران بالتخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم، وتوسيع آليات الرقابة الدولية، وضمانات أمنية لدول الخليج وإسرائيل.

إلا أن إيران، بحسب تصريحات مسؤولين كبار، ترفض هذه الشروط وتعتبرها انتهاكًا لسيادتها، مؤكدة أنها لن تقبل بأي اتفاق لا يضمن رفعًا شاملًا للعقوبات الاقتصادية وتفكيك منظومة “الضغط الأقصى”.

خليج يرفض الحرب ويخشى تداعياتها

ورغم اللهجة السعودية الحازمة، أفاد موقع أكسيوس الأميركي بأن قادة خليجيين آخرين، خاصة في الكويت وقطر وسلطنة عُمان، أبلغوا واشنطن بمعارضتهم لأي عمل عسكري ضد إيران، خشية أن يؤدي إلى سلسلة من الهجمات الانتقامية تطال البنية التحتية النفطية والمراكز الاقتصادية في الخليج.

ويضيف التقرير أن هذه الدول ترى في التصعيد العسكري تهديدًا للاستقرار الإقليمي والاقتصاد العالمي، وتدفع باتجاه مسار دبلوماسي بديل بقيادة ترامب وتحت إشراف أممي.

قلق دولي ومخاوف من اشتعال المنطقة

على الصعيد الدولي، أبدت عدة عواصم أوروبية قلقها من التصعيد المتسارع، محذّرة من أن أي مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران ستؤدي إلى انهيار ما تبقى من الاتفاق النووي، وإشعال جبهات إقليمية من لبنان إلى العراق واليمن.

في هذا الإطار، دعت فرنسا وألمانيا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة تطورات الملف النووي الإيراني وتبادل الرسائل العسكرية في المنطقة، فيما قالت روسيا إنها تتابع “بقلق بالغ” التحركات الإسرائيلية – الأميركية.

الولايات المتحدة تجهز ورقة شروط جديدة لإيران: وقف كامل لتخصيب اليورانيوم أو مواجهة تصعيد محتمل

تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لتقديم ورقة شروط جديدة لطهران تشمل وقف تخصيب اليورانيوم بشكل كامل، حسبما أفادت تقارير إعلامية صادرة اليوم الجمعة.

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أمريكي قوله إن واشنطن “تجهز لتقديم ورقة شروط لإيران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم، وإذا لم تقبل إيران الشروط فلن يكون يوما جيدا لها”، في إشارة إلى ضغوط متزايدة على طهران.

وأكدت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن الإدارة تأمل من خلال هذا الإطار الجديد معالجة مخاوف إسرائيل، وإقناعها بتأجيل أي هجوم عسكري وشيك على المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، أعرب مسؤول أمريكي عن وجود خلافات مع إسرائيل حول النهج المتبع تجاه إيران، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية قد تتغير في حال رفض إيران التوصل لاتفاق.

وكشفت “وول ستريت جورنال” أيضاً عن أن إسرائيل كانت تخطط لهجوم على إيران خلال العام الحالي، لكنها أرجأته بطلب من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وسط شكوك حول مدى فعالية أي عمل عسكري في إبطاء البرنامج النووي الإيراني لأكثر من عام.

في المقابل، شددت إيران على أن تخصيب اليورانيوم حق سيادي لا يمكن التفاوض عليه، ونفت استعدادها لتعليق هذا البرنامج، مؤكدة أن استمرار البرنامج النووي السلمي مبدأ راسخ.

تأتي هذه التطورات في ظل جولات تفاوض مستمرة، حيث جرت مؤخراً جولة رابعة من المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران في أوروبا، وسط تحذيرات أمريكية من أن فشل الاتفاق قد يؤدي إلى تصعيد عسكري في المنطقة.

وأمام هذا المشهد يقف الشرق الأوسط أمام مفترق حاسم: إما إحياء المسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن برعاية وسطاء إقليميين، أو الانزلاق إلى حرب متعددة الجبهات تقلب المشهد الجيوسياسي رأسًا على عقب، وبين ضغوط سعودية، تهديدات إسرائيلية، ورفض إيراني للتنازلات، يبدو أن نافذة الحلول تضيق سريعًا، فيما تترقب المنطقة والعالم ما ستحمله الأيام المقبلة من تحولات قد تكون حاسمة.

مقالات مشابهة

  • 235 عائلة سورية تعود من الأردن إلى مدينة حمص في سوريا الجمعة
  • السعودية تحذر إيران: إما اتفاق مع ترامب أو مواجهة حرب إسرائيلية مدمّرة
  • سوريا.. أول هجوم لـ"داعش" منذ سقوط الأسد
  • خالد الأحمد .. العلوي الذي ساعد الشرع وكتب نهاية الأسد - فيديو
  • طفرة في التعاون الاقتصادي بين سوريا والأردن بعد سقوط الأسد
  • فواكه استوائية تعود إلى أسواق سوريا.. زمن الخوف من الأناناس انتهى
  • أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • تعرف على السلطان الأحمر الذي أسس الدولة البوليسية في سوريا
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟
  • السوداني: إيران تستحق منا الكثير ولذلك أصبحت جسراً لها مع العرب