الخرطوم- تعرّضت قوات الدعم السريع في السودان لضربات موجعة، خلال الأسابيع الأخيرة، طالت عددا من قادتها الميدانيين الذين كانوا رأس الرمح منذ بدء معارك أبريل/نيسان 2023 ضد الجيش السوداني.

وتمكن الجيش مؤخراً من تحييد أكثر من 6 قادة بالدعم السريع أبرزهم: مهدي رحمة الشهير بـ”جلحة”، واللواء عبد الله حسين، والعميد الطاهر جاه الله، والقائد الميداني سليم الرشيدي، والقائد الميداني عبد الرحمن قرن شطة.

وسبقهم عدد من القادة الميدانين الذين تعرضوا للقتل منهم: المقدم عبد الرحمن البيشي أبرز القادة المؤثرين داخل الدعم السريع، وعلي يعقوب الذي أوكل إليه مهمة السيطرة على الفاشر، وكذلك اللواء عيسى الضيف.

الصف الأول
وفي بداية الحرب أواسط أبريل/نيسان 2023 كاد الدعم السريع أن يفقد عناصر الصف الأول من قادته الميدانيين حيث سجل مقتل نحو عشرة منهم حينها. ففي اليوم الثالث للحرب تمكن الجيش السوداني من قتل اللواء مضوي حسين ضي النور الذي كان يُعد أبرز سواعد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

ووفقا لمصدر ميداني تحدث للجزيرة نت، تمكّن الجيش السوداني من تحييد ضي النور، بمنطقة جبرة جنوبي الخرطوم، والذي عمل مديرا لاستخبارات الدعم السريع في وقت سابق وقائدا للقطاع شرق البلاد، وهو واحد من مؤسسي هذه القوات وكان ضمن نواتها الأولى.

إعلان

ولم يتوقف الأمر عند اللواء ضي النور، بل تمكن الجيش -الأيام الأولى أيضا- من تحييد المقدم موسى قارح قائد قوة العمل الخاص بالدعم السريع، في ضاحية شمبات، طبقا لمصدر في الجيش.

ويُعد قارح من أصلب عناصر الدعم السريع التي كان يعتمد عليها حميدتي في معركته مع الجيش، ويقود قوة من نخبة الدعم، وتمكن الجيش من اصطياده مبكرا وتحييد عدد آخر من العناصر المساندة له.

ولاحقا أيضا، تمكن الجيش من قتل المقدم عبد الرحمن البيشي عبر طلعة جوية طالته أثناء وجوده في بلدة طيبة اللحوين بولاية سنار جنوب شرقي البلاد.

ولعب المقدم البيشي دورا كبيرا في سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، كما تمكن من السيطرة على مقر “الفرقة 17 مشاة” التابعة للجيش بمدينة سنجة وسط البلاد. وتمدد البيشي بقواته إلى تخوم مدينة الدمازين جنوب البلاد، وكان وثيق الصلة بقائد الدعم السريع.

وغربا، تمكّن الجيش والقوة المشتركة المتحالفة من تحييد القائد الميداني الأبرز اللواء علي يعقوب جبريل قائد قوات الدعم السريع وسط دارفور.

وكان اللواء جبريل قد تمكن في وقت سابق من السيطرة على مقر “الفرقة 21 مشاة” التابع للجيش بمدينة زالنجي وسط دارفور، ثم أوكلت له مهمة إسقاط “الفرقة السادسة مشاة” بمدينة الفاشر، قبل أن يتمكن منه قناص يتبع للفرقة ذاتها ويقتله بالمدينة نفسها.

هزائم وتخابر
وتصاعدت استهدافات قادة الدعم السريع بشكل لافت خاصة الآونة الأخيرة، حيث فقدت هذه القوات عددا من قادتها الميدانين في ولايتي الجزيرة والخرطوم.

وخلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت قوات الدعم السريع مقتل عدد من القادة الميدانين، منهم مهدي رحمة “جلحة” الذي قاد قوات تعمل كمرتزقة في ليبيا قبل أن يعود إلى السودان ويتحالف مع “الدعم السريع” عبر قوة يطلق عليها “التدخل السريع” تخضع لقيادة حميدتي.

إعلان

وتبع “جلحة” مقتل العميد الطاهر جاه الله قائد ثانٍ لدى قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة (وسط) و3 قادة آخرين. ويوم الأحد، قُتل اللواء عبد الله حسين قائد ميداني بقوات الدعم السريع بالجزيرة، وتمكّن من السيطرة على مقر قوات الاحتياطي المركزي المساندة للجيش جنوب الخرطوم وشن هجمات عنيفة على سلاح المدرعات في أغسطس/آب 2023.

وعقب مقتل هؤلاء القادة بطريقة متسارعة، انتشرت اتهامات واسعة تشير إلى أن عمليات القتل ربما تمت بواسطة أيادٍ داخل قوات الدعم السريع التي يصفها العقيد ركن خالد ميكائيل القائد الميداني بالجيش -في تصريحات للجزيرة نت- بأنها عبارة عن “مليشيات تفتقد الضبط والربط، وليس لهم هدف أو غاية. لذا تنعدم فيهم روح الجندية وتقدير القادة”.

ورجح ميكائيل اغتيال قادة الدعم السريع على يد جنودهم بسبب ما سماه انعدام العقيدة التي توفر الحماية للقيادة “وأن الجند في الدعم السريع لا يعرفون تعليمات القادة”.

وقريبا من ذلك، يقول المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي أسامة عيدروس -للجزيرة نت- إن “الهزائم التي تلاحقت بالدعم السريع دفعت قيادتها للتخلص من بعض القادة الميدانيين بالاغتيال بعد اتهاماتهم المباشرة بالمسؤولية عن الهزيمة والتخابر مع الجيش”.

ويشير عيدروس إلى سبب آخر لاغتيال قادة الدعم السريع تتمثل في الاستحواذ على غنائم النهب والسلب التي حصل عليها القادة خاصة الكميات الضخمة من سبائك الذهب والنقد الأجنبي.

ومن جانب آخر، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي الغالي شقيفات -للجزيرة نت- إن قادة الدعم الذين قُتلوا مؤخرا لم يتم اغتيالهم بل نالت منهم يد الجيش بعدة طرق. وأضاف أن هؤلاء القادة قتلهم الجيش في معارك ميدانية ولم تتم تصفيتهم على أيدي الدعم السريع.

وأشار شقيفات إلى أن قوات الدعم السريع تمكّنت في وقت سابق من قتل عدد من قادة الجيش “وهو أمر عادي في ظل استمرار المعارك الطاحنة”.

“عمل مشترك”
وهناك ثمة من يفسر مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية باعتباره عملا مشتركا بين الجيش وعناصر داخل الدعم السريع.

إعلان

فيقول ضابط رفيع بالجيش -للجزيرة نت، طالبا حجب اسمه- إن مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية “ناتج عن عمل استخباراتي دقيق للجيش عبر توفير معلومات عن تحركات القادة الميدانين قبل أن يتم استهدافهم بواسطة المسيّرات الحديثة للجيش”.

وأضاف أن الدعم السريع يعاني من خلافات داخلية وصلت قمة هرمه حيث توجد خلافات بين حميدتي وشقيقه “القوني” من جهة، والأخ غير الشقيق عبد الرحيم دقلو من جهة أخرى.

ويرى القائد الميداني بالجيش أن خلافات الدعم السريع على مستوى القادة ساهمت في مقتل عدد من القادة الميدانين مؤخرا عبر توفير معلومات للجيش للتخلص من بعض الموالين لحميدتي ويرفضون توجيهات عبد الرحيم دقلو.

مكاسب ميدانية
من ناحية أخرى، يرى محللون أن مقتل عدد من قادة السريع الميدانيين يصب في صالح الجيش السوداني لا سيما أن المستهدفين كانوا ذوي تأثير ونفوذ داخل الدعم السريع.

ويقول العقيد ميكائيل -للجزيرة نت- إن قتل قادة الدعم السريع يصبّ في صالح الجيش ميدانيا، وإن “كثرة الاغتيالات وسط مرتزقة الدعم السريع سيجني ثمارها الجيش ميدانيا”.

بيد أن للمحلل شقيفات، المقرب من الدعم السريع، رأي آخر حيث يقول -للجزيرة نت- إن مقتل قادة بقوات الدعم السريع لا يؤثر ميدانيا، وإن الأخيرة تمتلك عشرات القادة وقادرة على تعويض غياب أو مقتل أي قائد ميداني.

بينما يقول الخبير الإستراتيجي عيدروس إن عمليات الاغتيال التي طالت عددا من قادة الدعم السريع مؤخرا ستجعل هذه القوات أمام 3 خيارات: الهروب أو الاستسلام أو الموت.

عبد الرؤوف طه
5/2/2025
المصدر : الجزيرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قادة الدعم السریع قوات الدعم السریع الجیش السودانی السیطرة على مقتل عدد من تمکن الجیش للجزیرة نت من تحیید

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع

أشارت مصادر سودانية إلى أن هجمات للجيش السوداني أسفرت عن تدمير ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع.

واستهدفت مُسيرات الجيش السوداني تستهدف عدة مواقع للدعم السريع في شمال كردفان.

وأصدرت وزارة الخارجية السودانية، في وقت سابق، بياناً قالت فيه إن مليشيا الدعم السريع ارتكبت  مذبحة في مدنية كلوقي جنوب كردفان. 

وأشارت الوزارة إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل 79 مدنياً بينهم 43 طفلاً.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

"اليونيسيف" يحذر من مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال غزة أونروا: إسرائيل ما زالت تمنعنا من إيصال المساعدات مباشرة لغزة

وأدان برنامج الأغذية العالمي الهجوم الذي استهدف شاحنة ضمن قافلة إنسانية شمال دارفور بغرب السودان، مطالباً بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عن الحادث لضمان حماية المساعدات الإنسانية.

وقالت شبكة أطباء السودان، في وقتٍ سابق، إن الحصار المفروض على مدينتي الدلنج وكادوقلي يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.

وأضافت: "وفاة 23 طفلاً بسبب سوء التغذية الحاد خلال شهر بمدينتي الدلنج وكادوقلي بجنوب كردفان".

وقالت منظمة الهجرة الدولية، في وقتٍ سابق، إن تصاعد القتال في كردفان يُجبر سكانها على النزوح.

وذكرت مصادر سودانية أن هناك مواجهات اندلعت داخل مدينة بابنوسة في غرب كردفان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقالت شبكة أطباء السودان إنه تم تسجيل 32 حالة اغتصاب مؤكدة خلال أسبوع لفتيات من مدينة الفاشر وصلن إلى طويلة.

ويأتي ذلك في إطار الكشف عن جرائم الدعم السريع في السودان خلال الفترة الأخيرة.

وأشارت مصادر سودانية إلى أن الجيش السوداني بدأ في بسط سيطرته على بلدة أم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان.

 وذكرت المصادر أن الجيش السوداني يبدأ عملية عسكرية واسعة النطاق.

 وقال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إنه لا نهاية للحرب إلا بالقضاء على ميليشيا الدعم السريع.

وأضاف قائلاً: "سنواصل القتال ضد ميليشيا الدعم السريع".

 وأعلن البرهان التعبئة العامة من منطقة السريحة بولاية الجزيرة.

 وطالب مجلس حقوق الإنسان بتحقيق عاجل لتحديد المسؤولين عن الانتهاكات في الفاشر.

 وأصدر مجلس حقوق الإنسان مشروع قانون يهدف إلى إدانة انتهاكات الدعم السريع في الفاشر,

وأكد مجلس حقوق الإنسان الدولي ارتفاع مخاطر الجوع والمرض في السودان.

 وقال فريق الخبراء المستقلين بشأن السودان إن أجزاء كثيرة في الفاشر أصبحت ساحة جريمة.

 قالت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين إنها تُحذر من تفاقم كارثة نزوح آلاف الأسر من دارفور وكردفان في السودان.

 وأضافت: "النازحون من دارفور وكردفان في السودان يواجهون انتهاكات خطيرة".

وأكملت قائلةً: "الأوضاع في الفاشر غربي السودان تتجه إلى الانهيار السريع".

مقالات مشابهة

  • فرض عقوبات على قادة الدعم السريع السوداني
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • واشنطن والاتحاد الأوروبي يشددان الخناق على قادة الدعم السريع
  • عقوبات بريطانية على قادة بالدعم السريع بينهم «دقلو»
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • بريطانيا تفرض عقوبات على 4 قادة في الدعم السريع بينهم شقيق حميدتي
  • بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • بريطانيا تفرض عقوبات على قادة الدعم السريع بسبب عمليات قتل جماعي في السودان
  • "منهم أبو لولو".. بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • مقتل الفنان إبراهيم إدريس بين حزن أنصار الدعم السريع وشماتة الموالين للجيش