حكومة لبنانية جديدة تشق طريقها بين أثقال الماضي وتحديات المستقبل
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
في خطوة طال انتظارها بعد سنوات من الفراغ السياسي والأزمات المتلاحقة التي عصفت بالبلاد. شهدت بيروت ولادة حكومة جديدة بعد مفاوضات شاقة، واتفاقات معقدة بين مختلف القوى السياسية التي تحكم المشهد اللبناني.
بعد أشهرِ طويلة من الفراغ السياسي والأزمات العاصفة التي تخللتها حربٌ قاسية تعرضت لها البلاد، شهد لبنان ولادة حكومة جديدة برئاسة القاضي والدبلوماسي نواف سلام.
وتضم الحكومة الجديدة 24 وزيرًا، جرى توزيعهم وفقًا للمعادلة التقليدية التي تعطي المكونات الطائفية مقاعد متساوية بين المسيحيين والمسلمين، وتتوزع نسبياً بين المذاهب داخل كل طائفة، لكنها حملت بعض الإشارات إلى محاولات تجديد، ولو محدودة، في بنية السلطة التنفيذية. وقد حمل تشكيلها آمالًا كبيرة في إحداث تغيير ملموس، لكنه حمل أيضًا أعباء ثقيلة من الإرث السياسي والاقتصادي المتدهور الذي تواجهه البلاد.
الفراغ الرئاسي: الحكومة الجديدة ستكون أول حكومة كاملة الصلاحيات منذ عام 2022، وقد سبقها ملء لفراغٍ في سدة الرئاسة الأولى استمر منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وحتى انتخاب قائد الجيش السابق العماد جوزاف عون رئيساً في كانون الثاني-يناير الماضي، ممهداً الطريق لولادة الحكومة الحالية.
التكليف والتحديات: في 13 كانون الثاني-يناير الفائت، كُلّف نواف سلام بتشكيل الحكومة بعد استشاراتٍ نيابيةٍ ملزمة أجراها الرئيس عون مع الكتل البرلمانية المختلفة والنواب المستقلين. وواجه سلام تحديات عدة، أبرزها التوفيق بين مطالب القوى السياسية المختلفة، وقد برزت عقبات تتعلق بتسمية الوزراء المسيحيين بين الرئيس المكلف وحزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بصورةٍ رئيسة، بالإضافة إلى تسمية الوزراء الشيعة، حيث أصر "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) على تسمية خمسة وزراء شيعة، من بينهم وزير المالية صاحب التوقيع المهم على المراسيم ذات العلاقة بالإنفاق العام، وهي تشكل معظم المراسيم التي تلي القرارات الحكومية وتمهد لتنفيذها.
وإلى جانب الضغوط الداخلية تعرضت عملية التشكيل لضغوط دولية، خاصة من الولايات المتحدة، التي سعت إلى إقصاء حزب الله عن الحكومة، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي الداخلي.
وبموازاة ذلك، ترافقت عملية التشكيل مع مطالب شعبية ودولية بإجراء إصلاحات جذرية في النظام السياسي والاقتصادي، مما وضع ضغوطًا إضافية على الرئيس المكلف والقوى السياسية للتوصل إلى تشكيلة تلبي هذه المطالب.
التوافق والإعلان: بعد أسابيع من المشاورات المكثفة، تم التوصل إلى توافق حول تسمية الوزراء، وتم الإعلان عن تشكيل الحكومة عصر السبت في 8 شباط-فبراير 2025. وقد تزامن ذلك مع تغييرات في المشهد السياسي وضغوط شديدة أعقبت الحرب الإسرائيلية على لبنان، وزيارات عدة لمسؤولين غربيين وعرب، ساهمت في بلورة الصيغة النهائية للتشكيلة الحكومية والتوافقات التي مهدت لها.
أبرز الاستحقاقات والتحديات المقبلةومع تصاعد الدخان الأبيض من أروقة المطبخ السياسي اللبناني الذي أنتج الحكومة، تبقى أمام الأخيرة استحقاقات وتحديات كبرى ومفصلية، يتطلع إليها الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، أهمها:
إعادة الإعمار: تواجه الحكومة مهمة إعادة إعمار المناطق المتضررة في الجنوب اللبناني، خاصة بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل. وقد اختلفت التقديرات بشأن كلفة إعادة الإعمار، لكنها في جميع الأحوال تفوق 8.5 مليار دولار، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان.
الإصلاح الاقتصادي: يُعَدّ الإصلاح الاقتصادي من أبرز أولويات الحكومة، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات. يشمل ذلك إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضبط سعر صرف الليرة اللبنانية، وتحقيق التوازن المالي.
التعيينات الإدارية والأمنية: يتعيّن على الحكومة إجراء تعيينات في المراكز الإدارية العليا والأجهزة الأمنية.
العلاقات الخارجية: تسعى الحكومة إلى تحسين العلاقات مع الدول الأخرى، لاسيما العربية منها، خاصة بعد التوترات التي شهدتها العلاقات في السنوات الأخيرة.
الانتخابات النيابية والبلدية: من المتوقع أن تشرف الحكومة على تنظيم الانتخابات النيابية المقبلة، والانتخابات البلدية التي تسبقها، مما يتطلب تحضيرات لوجستية وقانونية لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية. ولايزال من غير المؤكد القانون الذي سوف تُجرى الانتخابات النيابية وفقاً لقواعده.
تنطلق الحكومة اللبنانية الجديدة في طريق مليءٍ بالتعرجات والمخاطر، وأمامها مجموعة من التحديات والاستحقاقات التي تتطلب جهودًا حثيثة لملاقاة تطلعات اللبنانيين الذين يأملون بالخروج من مسارٍ طويل من الأزمات الداخلية والحروب والمخاطر.
اسم الصحفي • Mohammed Saifeddine
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لبنان: تعثّر تشكيل الحكومة بعد 3 أسابيع من تكليف نواف سلام.. والقاضي يشتكي من "الحسابات الضيقة" ترحيب عالمي وعربي بعد انتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان.. ووزير خارجية إسرائيل أول المهنئين! لبنان يطوي صفحة الفراغ.. انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية إعادة إعمارحزب اللهلبنانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل قطاع غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس ضحايا إسرائيل قطاع غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس ضحايا إعادة إعمار حزب الله لبنان إسرائيل قطاع غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس ضحايا روسيا إطلاق سراح شرطة اليابان الحرب في أوكرانيا القانون یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
الحكومة الأردنية تعتمد مسارات جديدة لمنح الجنسية والإقامة للمستثمرين
عمّان، الأردن (CNN)-- أقرّت الحكومة الأردنية، الأربعاء، أُسسًا جديدة لمنح المستثمرين الجنسية الأردنية والإقامة، عبر 8 مسارات رئيسية، أبرزها: شراء أسهم جديدة في شركات محلية، وإنشاء مشاريع إنتاجية، وشراء حصص في مشاريع قائمة، وتأسيس استثمارات نوعية في قطاعات محددة وتشغيل أيدٍ عاملة أردنية.
واعتبر خبراء اقتصاديون أن هذه الأسس المحدثة، تعكس توجهًا أكثر شمولاً نحو جذب الاستثمارات، إلا أنهم تساءلوا عن سبب تحديد عدد المستفيدين بـ500 مستثمر سنويًا فقط، رغم الحاجة إلى تحفيز النمو الاقتصادي على نطاق أوسع.
وبموجب هذه الأسس، يُمنح المستثمر الجنسية الأردنية عند شراء أسهم جديدة في شركات أردنية بقيمة لا تقل عن مليون دينار أردني (نحو 1.4 مليون دولار)، عبر شركات الوساطة المالية المرخّصة، مع الالتزام بالشراء خلال أربعة أشهر من صدور موافقة وزارة الاستثمار على التداول.
ويُشترط هنا، ألا يتم رهن الأسهم أو إقراضها أو اقتراضها بأي شكل من الأشكال، وألا يُسمح للمستثمر بسحب أي مبالغ من حساب الاستثمار، بما في ذلك الأرباح الناتجة عن التداول، أو التصرف بها، إلا بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ شراء الأسهم. كما يجب ألا تتجاوز نسبة الاستثمار في شركة واحدة 20% من القيمة الإجمالية للاستثمار الكلي.
وبحسب الإعلان الحكومي الصادر عن مجلس الوزراء، تتيح الأسس منح الجنسية للمستثمر الذي ينشئ مشروعًا إنتاجيًا جديدًا داخل العاصمة برأسمال لا يقل عن 700 ألف دينار (987 ألف دولار)، أو 500 ألف دينار (705 ألف دولار) خارجها، بشرط توفير 20 فرصة عمل للأردنيين داخل العاصمة أو 10 فرص خارجها. ويُمنح في هذه الحالة جواز سفر أردني مؤقت لمدة ثلاث سنوات، ثم تُستكمل إجراءات منح الجنسية بعد التحقق من الالتزام بالشروط.
ويحق للمستثمر أيضًا الحصول على الجنسية عند شراء حصص في مشروع قائم بقيمة لا تقل عن مليون دينار أردني، شريطة أن تبلغ الموجودات الثابتة الجديدة في المشروع 500 ألف دينار، وتوفير 20 فرصة عمل جديدة لأردنيين.
كما أجازت الأسس الجديدة إدخال شريك جديد أو التنازل عن الحصص لأحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى، شريطة عدم التصرف في هذه الحصص لمدة ثلاث سنوات، مع منح جواز سفر مؤقت للمستثمر الجديد حتى استكمال المدة واستحقاق الجنسية.
ومنحت الحكومة مرونة إضافية بشأن حصول الجنسية للمستثمرين في قطاعات نوعية، مثل مستودعات الأدوية، والخدمات اللوجستية الغذائية، والمخازن الكبرى، بشرط ألا يقل حجم الاستثمار عن ثلاثة ملايين دينار، وتوفير 20 فرصة عمل داخل العاصمة أو 10 خارجها، على أن يكونوا من مهنة "صيدلاني".
ويُمنح المستثمر الجنسية كذلك، إذا قام بتشغيل 150 عاملًا أردنيًا في العاصمة أو 100 عامل في باقي المحافظات، شريطة تسجيلهم في الضمان الاجتماعي لسنة سابقة، والحفاظ على هذا العدد لعامين بعد منحه الجنسية.
من جانبه، قال نائب رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب، طارق حجازي، إن هذه الأسس تمثل خطوة إيجابية نحو ربط الجنسية بالاستثمار الحقيقي، خصوصًا مع اشتراط تشغيل أردنيين وخفض الحد الأدنى للاستثمار خارج العاصمة.
واعتبر حجازي أن الأسس الجديدة ومحاورها بالمجمل إيجابية، سواء فيما يخص المشاريع الإنتاجية أو المصانع أو سوق عمان المالي، حيث تضمن تحريك الاقتصاد وليس فقط منح الجنسية، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات مُطبقة في العديد من دول العالم.
ورأى حجازي، الذي يرأس أيضًا جمعية رجال الأعمال الأردنيين، بأن شمول المستثمرين الجدد والسابقين هو إضافة مهمة، وأن ربط منح الجنسية بمهلة تحقق مدتها ثلاث سنوات أمر منطقي، لأن المستثمر غالبًا ما يستقر بعد هذه الفترة، ما يعزز فرص الالتزام والاستدامة.
وأشار حجازي إلى أن عددًا لافتًا من المستثمرين المتواجدين على أراضي المملكة، ممن لم تشملهم الأسس السابقة، سيستفيدون من التعديلات الجديدة، مع إمكانية الحصول على إقامة إلى حين استكمال شروط منح الجنسية.
وبدت بعض الشروط "غير منطقية"، بجسب حجازي، الذي قال إنها قد تُضعف من جاذبية القرار، خاصة تلك المتعلقة بسوق رأس المال في سوق عمان المالية، مثل تجميد الأرباح المتأتية من التداول لمدة 3 سنوات، وقال "هذه الشروط قد تعيق تدوير الأموال وإعادة استثمارها بالشكل المناسب"، داعيًا إلى تعزيز توفير فرص عمل الأردنيين خارج العاصمة التي جاءت أقل من المأمول.
كما نبّه حجازي إلى أن بعض الشروط المتعلقة بالتنازل للشركاء في المشاريع القائمة، مثل الاعتماد على موجودات ثابتة سابقة دون ضخ أموال جديدة، قد تحد من خلق استثمارات جديدة وقد تُستخدم لنقل الملكية بين شركاء دون أثر اقتصادي ملموس.
وأشار إلى أن تحديد عدد المستفيدين بـ500 مستثمر سنويًا قد لا يعكس حجم الطموح الاقتصادي، وقد يُفهم على أنه قيد إداري غير مبرر، في وقت تسعى فيه المملكة إلى تنشيط بيئة الأعمال واستقطاب مستثمرين نوعيين.
ودعا حجازي في تصريحاته، إلى ضرورة تحديد جهة رسمية مرجعية تكون مسؤولة عن المتابعة والتدقيق في التزام المستثمرين بالشروط، خاصة في ظل تعدد الجهات المعنية المرجعية مثل وزارة الصناعة والتجارة ومراقبة الشركات وغيرها.
وقال: "من دون جهة تنفيذية واحدة، يصعب تطبيق هذه الأسس بفعالية، هناك أسهم مرتبطة بهيئة الأوراق المالية، والشركات مرتبطة بوزارة الصناعة والتجارة ومراقبة الشركات، لذلك لابد من جهة متابعة".
ونقلت قناة المملكة الرسمية، عن وزير الاستثمار الأردني مثنى غرايبة، قوله إن 561 مستثمرًا قد حصلوا على الجنسية الأردنية منذ عام 2018، وإن المستثمرين السوريين والعراقيين هم الأكثر حصولًا عليها، لافتًا أن هذه القرارات من شأنها تشجيع أسواق البورصة ورفع الحركة في سوق عمّان المالية.
إلى ذلك، شملت القرارات أفراد أسرة المستثمر، حيث تُمنح الجنسية لزوجته، وبناته العازبات أو الأرامل أو المطلقات اللواتي يعشن في كنفه، وأبنائه غير المتزوجين الذين لم يتجاوزوا 24 عامًا. كما تشمل والديه إذا كان يعولهما.
وفي حال تجاوز حجم الاستثمار مليوني دينار، يمكن منح الجنسية للأبناء الذكور حتى سن 30 عامًا، مع زوجاتهم وأطفالهم.
أما في منح الإقامة، فقد أتاحت الحكومة للمستثمرين وغيرهم الحصول على إقامة مدتها خمس سنوات عند شراء عقار من مطوّر عقاري لا تقل قيمته عن 200 ألف دينار، شريطة الاحتفاظ به دون رهن أو تصرف لمدة خمس سنوات. كما يمكن تجديد الإقامة عند شراء عقار جديد بنفس القيمة دون اشتراط الحجز.
وتشمل الأسس أيضًا الاستثمارات القائمة، حيث يمكن للمستثمر التقدم للحصول على الجنسية إذا بلغت حصته من الموجودات الثابتة وغير المتداولة في مشروع داخل العاصمة 700 ألف دينار أو 350 ألفًا (493 ألف دولار) خارجه، بشرط توفير ما لا يقل عن 90% من العدد المطلوب من فرص العمل الأردنية شهريًا خلال ثلاث سنوات، بمتوسط 20 وظيفة في العاصمة أو 10 خارجها، وفق سجلات الضمان الاجتماعي.
الأردننشر الأربعاء، 02 يوليو / تموز 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.