صفقة ترامب لغزة.. جرائم الحرب في مقابل بيوت شاطئية
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
ترجمة أحمد شافعي -
عندما أعلن دونالد ترامب الأسبوع الماضي، وهو يتكلم مجاورا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الولايات المتحدة سوف تستولي على غزة وتعيد توطين سكانها «توطينا دائما» في أماكن أخرى، لم يأخذه إلا قليل من الساسة الأمريكيين مأخذ الجد.
ففي نهاية المطاف، سبق أن أطلق ترامب تهديدات إمبريالية خرافية ضد جرينلاند وكندا وبنما، ولكنه حتى الآن لا يبدو مستعدا لدعم صخبه بقوة عسكرية.
في الأيام التالية لإعلان الرئيس اقتراحه السخيف، حاول أعوانه وحلفاؤه ـ بنمط مألوف ـ أن يعيدوا صياغة الاقتراح لإضفاء شيء من العقلانية عليه. فتظاهر وزير الخارجية ماركو روبيو ـ على سبيل المثال ـ بأن ترامب ما فعل إلا أنه طرح عرضا سخيا للمساعدة في إعادة بناء غزة. غير أن إسرائيل فهمت الأهمية الزلزالية لكلمات ترامب. فمن الواضح أن الولايات المتحدة لن تقيم ريفييرا الشرق الأوسط على حدود إسرائيل. ولكن ما فعلته هو أنها منحت إسرائيل رخصة جديدة استثنائية لسحق الفلسطينيين في غزة، بل وفي الضفة الغربية أيضا على سبيل الاحتمال.
ولطالما حلمت أقسام من اليمين الإسرائيلي بطرد الفلسطينيين من أرضهم، وهو طموح جنوني لم يزدد إلا احتداما وانتشارا منذ السابع من أكتوبر. والآن جاء ترامب بهذه الفكرة التي كانت ذات يوم من قبيل المحرمات وجعلها حلالا موافقا للشريعة اليهودية. لقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان يوم الخميس: «إنني أرحب بمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشجاعة التي يمكن أن تتيح لقسم ضخم من سكان غزة أن ينتقلوا إلى وجهات عديدة في العالم»، وأصدر أوامره للجيش ببدء الاستعداد لـ«خيارات خروج» الفلسطينيين.
قال الخبير عامين سيجال في قناة 12 الإسرائيلية إن اقتراح ترامب «ليس ما يريده نتنياهو 100%، وإنما 200%». وحتى الآن، بدا الساسة الإسرائيليون الذين ناقشوا تلك الأفكار علنا يخاطرون بردة فعل أمريكية سلبية. فإدارة بايدن -وإن عزفت عزوفا مخزيا عن كبح جماح نتنياهو- كانت توبخ الوزراء الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين عندما يتوهمون إقامة مستوطنات يهودية في غزة. فقد قال أنطوني بلينكن وزير خارجية بايدن العام الماضي إنه «لا يمكن، ولا يجب الضغط على الفلسطينيين للرحيل عن غزة». وكان لزاما على نتنياهو أن يتظاهر على أقل تقدير بالموافقة، مصرا أنه ليس من «الواقعي» الحديث عن تسوية غزة.
قد يبدو الأمر الآن أكثر واقعية بالنسبة له. في يوم الخميس كتب ترامب على موقع التواصل الاجتماعي الخاص به سوشيال تروث أن «إسرائيل سوف تحول قطاع غزة إلى الولايات المتحدة عند انتهاء القتال» وبعد أن «يعاد توطين الفلسطينيين بالفعل في مجتمعات أكثر أمنا وجمالا، ببيوت حديثة وجديدة، في المنطقة». دعكم من أنه بموجب شروط وقف إطلاق النار الذي يرجع الفضل فيه إليه، يفترض أن يكون القتال قد انتهى الآن. يبدو أن ترامب يعرض على إسرائيل صفقة بأن تؤيد الولايات المتحدة التطهير العرقي في غزة طالما أن أمريكا سوف تحصل على قطعة رئيسية من الممتلكات المطلة على البحر في نهاية الأمر.
لقد تحدثت إسرائيل والولايات المتحدة حتى الآن بطبيعة الحال عن إخراج الفلسطينيين من غزة كما لو أنه سوف يحدث طوعا. ولا شك في أن بعض الفلسطينيين سوف يختارون مغادرة الأرض التي جعلتها إسرائيل غير صالحة للسكن إذا توافر لهم بديل لائق، وهو ما ليس متحققا. (فقد أفاد أحد المواقع الإخبارية الإسرائيلية أن من الوجهات التي يجري النظر فيها للفلسطينيين بونتلاند وصوماليلاند أو أرض الصومال، وهما منطقتان في الصومال). لكن العديد من سكان القطاع الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، ممن مزقهم تاريخ السلب والنهب، عازمون على البقاء في أماكنهم. وسوف يكون طردهم جريمة حرب. ولا يمكن تحقيقه دونما أعمال وحشية.
قد يتجاهل الجمهوريون كلمات ترامب باعتبارها محض مقترح جريء، ولكن ترامب بمحض فتحه الباب لغزة بلا فلسطينيين، قد جعل العالم بالفعل أكثر وحشية واضطرابا، ففي الوقت الراهن، يفترض أن تتفاوض إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي يفترض أن تؤدي إلى وقف دائم للقتال، وإطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين، وانسحاب القوات الإسرائيلية. لكن الوفد الإسرائيلي لم يغادر بعد إلى قطر للمشاركة في المحادثات، وها هو ترامب وقد أزال حافزا مهما لحماس لإطلاق سراح الرهائن. فقد تساءل صموئيل هيلمان في صحيفة تايمز أوف إسرائيل عما يدعو جماعة حماس الآن إلى إطلاق سراح الرهائن «في حين أنه في نهاية العملية لن تكون لهم سيطرة على غزة ولا أمل في دولة فلسطينية ذات سيادة».
ثمة فكرة متداولة مفادها إنه حتى لو كانت خطة ترامب غير قابلة للتنفيذ، فإنه يستحق الثناء عليها لأنه اعترف بأن الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه. فقد قال الأكاديمي البريطاني لورانس فريدمن لصحيفة نيويورك تايمز إن «ترامب يتطرق إلى مشكلة حقيقية، تتعلق بكيفية إعادة بناء غزة». ولكن لا شيء يثير الإعجاب في طرح حلول سخيفة ومستحيلة لمعضلات مستعصية. ولو أقنع الأشخاص الأذكياء أنفسهم بغير ذلك، فهذا يعني لي محاولة للبحث عن المنطق حيثما لا أثر للمنطق.
حتى قبل أن يتولى ترامب منصبه، كان «النظام الدولي القائم على القواعد» متدهورا حتى أعماقه، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى تواطؤ بايدن في إبادة غزة. والآن مات هذا النظام، وماتت معه البقايا الباقية من أزمنة أقل فوضوية، من قبيل القوة الناعمة التي بنتها أمريكا بالمساعدات الأجنبية والمثل الديمقراطية. قد لا تسفر تهديدات ترامب لكندا والدنمارك ومخططه لإنشاء مستعمرة جديدة على البحر الأبيض المتوسط عن أي نتيجة. ولكنه بخطابه المتجدد عن الإمبراطورية الأمريكية، أزال أي زعم بأن الدول الأخرى يجب أن تتقيد بأي شيء إلا قوتها. لقد خلق مبررا فعليا لا للتوسع الإسرائيلي فقط، وإنما للتوسع الصيني والروسي أيضا.
صحيح أن القواعد القديمة لم تنجح قط النجاح الذي كان يرجى لها. لكن هذا لا يعني أننا عما قريب لن نشتاق إليها.
ميشيل جولدبرج من كتاب الرأي في نيويورك تايمز منذ عام 2017.
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
78 مسيرة حاشدة في تعز تأكيدا على ثبات الموقف نصرة لغزة
الثورة نت /..
احتشد أبناء محافظة تعز اليوم، في 78 مسيرة جماهيرية تحت شعار “لن نتهاون أمام إبادة غزة واستباحة الأمة ومقدساتها”، تأكيدا على ثبات الموقف المناصر والمساند لغزة، ورفض جريمة الإبادة والتجويع لأهالي القطاع.
وجدد المحتشدون في ساحة مركز المحافظة وسبع ساحات أخرى في مديرية التعزية، بمشاركة عدد من القيادات التنفيذية والمحلية والعسكرية والأمنية والشخصيات الاجتماعية، العهد بعدم التراجع عن نصرة الأشقاء في غزة رغم خذلان معظم الأنظمة العربية والإسلامية.
وخرجت في مديرية شرعب الرونة 17 مسيرة، و16 بمديرية مقبنة، و13 في ماوية، أكد المشاركون فيها على أهمية التحرك الواسع في هذه المرحلة التي تشهد تصعيدا خطيرا من قبل العدو الصهيوني بحق أطفال غزة وأبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام.
وتساءلوا “إن لم يكن هناك تحرك عربي وإسلامي اليوم لنصرة الأشقاء في غزة فمتى سيكون؟ وهل هناك عدو أقذر من العدو الصهيوني الذي استباح الأرض والعرض بما يقترفه من جرائم بحق شعب فلسطين المسلم”.
فيما نظمت بمديرية حيفان ست مسيرات، وخمس بمديرية شرعب السلام، وأربع في مديرية خدير، وثلاث في مديرية الصلو، ومسيرتان بمديرية جبل حبشي، وخمس في كل من مديريات “صالة وصبر الموادم، والمسراخ وسامع، والمواسط” بمشاركة عدد من أعضاء مجلس الشورى ووكلاء المحافظة ومدراء المكاتب التنفيذية والمديريات وشخصيات اجتماعية وقيادات عسكرية وأمنية، وجه المشاركون فيها رسالة تحذيرية للمتخاذلين والمثبطين الذين يبررون عجزهم ويثنون الآخرين عن نصرة القضية الفلسطينية.
وأكد أبناء محافظة تعز الجاهزية والاستعداد لتنفيذ أي خيارات يوجه بها قائد الثورة.. مباركين العمليات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد عدو الأمة إسنادا للشعب الفلسطيني الشقيق.
وأكد بيان صادر عن مسيرات تعز أنه واستجابة لله تعالى وجهادا في سبيله وابتغاء لمرضاته، خرج أبناء المحافظة إلى الساحات والميادين نصرة للحق والوقوف في وجه الظالمين أمريكا وإسرائيل الذين يرتكبون أبشع جرائم القتل والتجويع بحق الشعب الفلسطيني أمام مرأى ومسمع العالم.
وأضاف” خرجنا هذا الأسبوع وقلوبنا تعتصر ألمًا على أهلنا الأعزاء في غزة، الذين يتعرضون لأسوأ جرائم القتل، ويفتك بهم التجويع الممنهج وتحاصرهم الكيانات من الخارج، ويحزننا بعد المسافة بيننا وبينهم، لأن الأنظمة الخانعة التي تفصل جغرافياً بيننا وبين غزة تحول دون وصولنا لنصرتهم”.
وأوضح أن ما يزيد شعبنا ألماً هو صمت وتخاذل الأمة، وهي ترى شعبًا مسلماً هو جزء منها وفي وسطها يُقتل بأفتك أسلحة الإبادة، ويمنع عنه الماء والغذاء ليقتل جوعًا وعطشا أمام أعين العالم بأكمله، ومئات الملايين من العرب والمسلمين تحيط به من كل جانب دون أن تحرك ساكناً بل تنتظر من يكون الضحية التالية.
وحمّل البيان قادة أمريكا والكيان الصهيوني مسؤولية جرائم الإبادة، واستخدام التجويع سلاح إبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، في جريمة نكراء تُسقط كل أكاذيب المزايدين بشعارات وعناوين الحقوق والحريات، وتُسجل باسمهم أبشع جريمة في التاريخ يشاهدها العالم بالصوت والصورة.
كما حمل الصامتين والمتخاذلين من حكام الأنظمة العربية مسؤولية تشجيع العدو على الاستمرار والتمادي في هذه الجرائم.
وعبر عن الاعتزاز بإعلان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي دراسة مزيد من الخيارات لاتخاذها ضد العدو الصهيوني.. مؤكداً جهوزية الشعب اليمني واستعداده لأي تبعات تترتب على أي قرارات لمواجهة العدو والتخفيف عن غزة وأهلها.
وجدد البيان التأكيد على تمسك اليمنيين وثباتهم على الموقف الرسمي والشعبي الداعم لغزة وفلسطين كجزء من انتمائهم الإيماني، والثقة بالنتائج العظيمة والثمار الإيجابية الواعدة لهذا الخيار.