سودانايل:
2025-06-04@00:00:34 GMT

جمهورية الكدمول: للافتراس نهج (1-2)

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

عبد الله علي إبراهيم

ملخص
لم يتفق الكتاب مع الشائع من أن مناطق سيطرة "الدعم السريع" نهب الفوضى. فقيام حوكمتها على الافتراس لا يعني أنها لم تأت ببديل للدولة والجيش في شرط عصيب للحرب. وكأنه يقول مع شكسبير إن الجنون ليس بلا منهج. وعرض الكتاب لاقتصاد "الدعم السريع" في الخرطوم الذي اختلف عن مثيله في أم درمان والخرطوم بحري.


كان يناير الماضي هو الشهر الذي وضع اقتصاد أسرة آل دقلو (محمد حمدان دقلو "حميدتي" وإخوته) وقوات "الدعم السريع" في عين العاصفة. فصدر خلال السابع من يناير 2025 الأمر التنفيذي (4098)، الذي تعاقب به أميركا كل شخص أو كيان يعكر صفو السلام في السودان وأمنه واستقراره، لتخضع للمقاطعة الأميركية سبع شركات خدمت الأسرة وجيشها. وسبق أن صدر من وزارة الخزانة الأميركية نفسها في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 قرار بمقاطعة القوني دقلو القائم بأمر المال والأعمال للأسرة و"الدعم السريع".
من جهة أخرى صدر خلال الشهر الماضي كتيب بعنوان "جمهورية الكدمول" (غطاء رأس أفراد ’الدعم السريع‘) من وضع جشوا كريز ورجاء مكاوي من هيئة مسح الأسلحة الصغيرة في سلسلة تقاريرها حول التقديرات المبدئية للأمن الإنساني. وعززه فريق من المراسلين من داخل السودان المغيبين اسماً ممن قاموا بالبحث الذي من ورائه. فدرس التقرير لدراسة الآليات الاقتصادية التي يدير بها "الدعم السريع" المدن التي احتلها. وسمى اقتصادها، لجهة توحشه من حيث تحول القادة العسكريين أنفسهم إلى مستثمرين، بالاقتصاد السياسي الافتراسي لقيامه على النهب، والفدية عن الرهائن ومنهوب المال، والإثقال في الضريبة.
يدير "الدعم السريع" ماكينة اقتصاد سياسي افتراسي (النهب). فأنشأ إدارات في المناطق التي احتلها يقوم عليها قادة طبقة من قبيل آل دقلو من الماهرية والرزيقات. وهي حكومات في حد ذاتها غير أنه ليس لها مركز يقف على ضبط مواردها ومصرفها. فـ"الدعم السريع" في قول الكتاب مثل ميليشيات أفريقيا الوسطى والكونغو لا ينتج الموارد التي للسوق، بل يحصل عليها نهباً. وتحت هؤلاء القادة شبكة من المهربين والسماسرة والمتعسكرين بمثابة وكلاء لهم في ماكينة هذا الاقتصاد. فظهر قبل أشهر فيديو لقادة في "الدعم السريع" كان في مقدمته أحدهم يعرض برنامجهم لإقالة عثرة السودان بالمدنية والديمقراطية، أما خلفه فترى قائداً آخر يتحدث في الهاتف. ولن يفهم المحادثة التي جرت بينه والطرف الآخر إلا مطلع على نظم "الهمبتة" أو "النهيض" في أصلها داخل البادية ثم الحضر لاحقاً.
و"الهمبتة" عادة ما جرى تمثيلها عندنا بصعاليك العرب، ومن عادة أهلها (الهمباتة) نهب إبل الرجل واسع الرزق ثم مساومته من طريق وكيل معروف لدفع الفدية عنها لهم ليستردها. وخضعت السيارات في المدن أخيراً لهذه "الهمبتة". ومتى أرخيت أذنك للقائد في خلفية الفيديو سمعت مساومة تفصيلية مع وكيل ما لرد سيارات استولى عليها لأصحابها في مواضع بعينها، لقاء مبلغ في عداد المليار بالجنيه السوداني.
لم يتفق الكتاب مع الشائع من أن مناطق سيطرة "الدعم السريع" نهب الفوضى. فقيام حوكمتها على الافتراس لا يعني أنها لم تأت ببديل للدولة والجيش في شرط عصيب للحرب. وكأنه يقول مع شكسبير إن الجنون ليس بلا منهج. وعرض الكتاب لاقتصاد "الدعم السريع" في الخرطوم الذي اختلف عن مثيله في أم درمان والخرطوم بحري. فحال تطبيق أنموذج الخرطوم بحذافيره في أم درمان لأن الجيش نازع "الدعم" فيها من يومه الأول، بينما توسع "الدعم" في الأنموذج داخل الخرطوم بحري وشرق النيل اللتين كانتا بمثابة القلعة الخالصة له. والسوق هو بؤرة هذه الإدارات إلا في بحري وشرق النيل التي فتح فيها "الدعم" إلى جانب السوق نقاط شرطة ومكاتب نيابة. وصار السوق في بؤرة حوكمة "الدعم السريع" لتحكمه بارتكازاته العسكرية في ضبط الموارد وتوجيهها للأسواق التي يفرض عليها الضرائب ورسوم الرخص والحماية، ويتحكم في السلع الاستراتيجية مثل البترول والدقيق. ومن مواقع سيطرته هذا حجب التجارة في أسواق باطن الأحياء.
فبدأت هذه الأسواق بمنهوبات أفراد الطبقة الوسطى الذين غادروا الخرطوم والتي جرى عرضها في ما يعرف بأسواق دقلو الشهيرة (التي لا علاقة بها بدقلو) علاوة على الأسواق الكبرى القديمة مثل السوق المركزية (شرق الخرطوم) وسوق الكلاكلة اللفة (جنوب غربي الخرطوم)، وأسواق مايو (جنوب الخرطوم). ويغلب على حي مايو النازحون من حروب السودان المختلفة وتجند نفر كثير منهم في "الدعم السريع". والسوق مصدر تمويل كبير. فيفرض الضرائب عشوائياً من جهة مبلغها وفي تعدد مواضع دفعها بتعدد الارتكازات. وفي الأسواق يدفع التاجر نحو دولار يومياً رسم حماية وقد يجمعها أكثر من مجند في "الدعم السريع" خلال اليوم. ويتحصل "الدعم السريع" على رسوم الاتصال لمستخدمي جهاز "ستارلينك" الذي يحتكره.
ونواصل

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر

بحسب الشبكة القصف كان متعمدًا واستهدف مناطق تجمعات مدنية، بما في ذلك “تكايا الطعام”، التي تمثل الملاذ الوحيد للأطفال والنساء للحصول على الغذاء والرعاية الطبية.

الخرطوم: التغيير

قُتل ثلاثة أطفال وامرأة، وأُصيب أربعة آخرون بجروح متفاوتة، جراء قصف صاروخي شنّته قوات الدعم السريع على منطقة “شقرة” الواقعة جنوب مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، بحسب ما أفادت به شبكة أطباء السودان.

وأوضحت الشبكة أن القصف كان متعمدًا واستهدف مناطق تجمعات مدنية، بما في ذلك “تكايا الطعام”، التي تمثل الملاذ الوحيد للأطفال والنساء للحصول على الغذاء والرعاية الطبية، في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية وانهيار الخدمات الصحية نتيجة الحصار المستمر على مدينة الفاشر منذ أكثر من عام.

ووصفت الشبكة ما يحدث في الفاشر بأنه تهديد خطير لحياة أكثر من 100 ألف طفل في شمال دارفور، محذّرة من وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة.

كما أطلقت نداءً عاجلًا للمنظمات الإنسانية والدولية لتوفير مساعدات غذائية وطبية عاجلة لإنقاذ أكثر من نصف مليون طفل وامرأة يواجهون خطر الموت بسبب الحصار الخانق وبيع المواد الغذائية في السوق السوداء بأسعار باهظة.

وطالبت الشبكة الحكومة السودانية بالتحرك الفوري لكسر الحصار بأي وسيلة، بما في ذلك عمليات الإسقاط الجوي للغذاء، لإنقاذ سكان الفاشر من خطر المجاعة التي تلوح في الأفق.

تأتي هذه التطورات ضمن تصاعد القتال في مدينة الفاشر، آخر عاصمة ولائية في دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني.

وتخضع المدينة منذ أكثر من عام لحصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، وسط معارك متكررة ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية والمنشآت الطبية، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف.

وقد ازدادت وتيرة العنف في الأسابيع الأخيرة مع محاولة قوات الدعم السريع اقتحام المدينة من عدة محاور، وسط تحذيرات دولية من وقوع إبادة جماعية وانهيار إنساني شامل.

الوسومآثار الحرب في السودان جرائم وانتهاكات الدعم السريع حصار الفاشر

مقالات مشابهة

  • السودان بين تجاذبات السلطة وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية (تقرير)
  • مصطفى بكري: قائد ميليشيا الدعم السريع يبرر هزيمته بإلقاء المسئولية على مصر
  • حكومة السودان والدعم السريع يتبادلان الاتهام بالهجوم على قافلة غذاء
  • السودان.. آلاف الأسر تهرب من الخوي بسبب اشتباكات دامية مع قوات «الدعم السريع»
  • روضة الحاج: وأصيح بالدنيا هنا الخرطوم ! هل نيلُنا ما زال يجري رائقاً هل في السماءِ سحائبٌ وغيومُ؟ هل وجهُ (بحري) مثل سابقِ عهدِه متألِّقٌ وعلى الجبينِ نجومُ ؟
  • شهادات مروعة.. العبور من مناطق وحواجز الدعم السريع في السودان (شاهد)
  • شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر
  • الفاعل مجهول.. 3 مسيّرات تقصف مواقع للدعم السريع غرب السودان
  • قصف مواقع للدعم السريع ووفيات بالكوليرا غرب السودان
  • توثيق لحقوق الإنسان: نستنكر بأشد العبارات الهجوم الإجرامي الذي شنته ميليشيا الدعم السريع على مستشفى “الضمان”