عربي21:
2025-06-01@13:06:25 GMT

غطرسة لا بدَّ من إيقافها

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

منذ بدء ظهورِ ملامح الحرب الإسرائيلية التي انطلقت إثر هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تنامت الخشيةُ لدى العديدِ من المراقبين بأنَّ حصولَ إسرائيلَ بقيادة نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف على نصرٍ ساحق في هذه الحرب، ستكونُ له آثارٌ كارثية، ليس فقط على فلسطين، شعباً وأرضاً وقضية، وإنَّما على كلّ المنطقة العربية.



كانت أهمُّ الأهداف المعلنة للحرب تحريرَ المختطفين بالقوة وتدميرَ حركة «حماس» وإنهاء حكمِها في غزة، إلَّا أنَّ هذا اليمين المتطرف رأى فيما حدثَ فرصة لتنفيذ مخزونه من الأفكار والأهداف التي طالما حلم بها، والتي تشمل المنطقة كلَّها، بهدف «إعادة رسم خريطتها».

ووسط التحليلات العاطفية الرائجة في الجانب العربي يمكن سماعُ العديد من الآراء في تعريف كل من النصر والهزيمة. صحيح أنَّ إسرائيلَ لم تتمكَّن من تحرير المختطفين (أو الأسرى أو الرهائن وفقاً للتعريفات المختلفة) بالقوة، ولم تتمكّن تماماً من اقتلاع حركة «حماس» بصفتها تنظيماً في غزة رغم حرب الإبادة والدمار شبه التام، إلا أنَّه لا يمكن القولُ إنَّها لم تحقق أهدافاً فاقت كثيراً تلك الأهداف المعلنة.

فبالإضافةِ إلى عشرات آلاف الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية وكل مرافق الحياة في غزة، وإلحاق خسائرَ فادحة في الهياكل التنظيمية، فإنَّها تمكَّنت أيضاً من تحقيق أهداف مهمّة نتيجة ضرباتها الساحقة ضد لبنان، التي أضرَّت بشكل عميق بقدرات «حزب الله» وإمكاناته، وأدَّت - ولو مرحلياً - إلى تحجيم قدرة إيران بصورة كبيرة في التأثير على الأوضاع في المنطقة. هذان الأمران أحدثا فراغاً نتج عنه سقوط نظام الأسد.

إنَّ مجملَ ما حدث شجع هذه الحكومة المتطرفة وداعميها، خاصة في الولايات المتحدة، على إطلاق العنان للطموحات المتطرفة المريضة، كمَا أدَّى إلى إضعاف وإرهاب الأصوات التي تتساءل حولَ تبعات وآثار ذلك على استقرار المنطقة كلّها وعلى الوضع الدولي.

في ظلّ هذه الظروف يمكن النظر إلى بروز فكرة تهجير الغزيين بحجَّة إعادة إعمار ما دمرته حرب إسرائيل عليهم وعلى أرضهم، هذه الفكرة التي زرع بذرتَها الأولى نتنياهو في أول لقاءٍ له مع بلينكن بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بحجة إنشاءِ ممرٍّ إنساني لنقلهم إلى سيناء، ثم طرحت بصورتها العقارية في لقاءٍ في جامعة هارفرد لم يتم النظر إليه بجديَّة كبيرة في حينه، إلى أن وصلت إلى حدّ تبنّيها من الرئيس الأميركي وإعلانها بعد أسبوعين من تسلّمه مهامَه. كما لا يمكن عزل هذه الفكرة الخبيثة عن هدف عرض نتنياهو خريطتَه الشهيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتواصل تبجّحه بنجاحه في إعادة رسم المنطقة.

لقد أدَّى ارتفاع منسوب الغرور والغطرسة، ليس فقط للترويج لفكرة تهجير الغزيين إلى مصر والأردن ودول أخرى، بل إلى القولِ إنَّه إذا ما كانت السعودية ترغب بإقامة دولة فلسطينية، فلتأخذِ الفلسطينيين وتقمْ لهم دولة على أجزاء من أراضيها.

إنَّ ما تتبنَّاه هذه الحكومة المتطرفة ينسفُ في الواقع كلَّ ما قيل على مدى العقود الماضية حول رغبة إسرائيلَ بالعيش بسلام في هذه المنطقة، من خلال التوصّل إلى معاهدات سلامٍ مع دولها. وسيكون من شأنِ السَّير بتنفيذ هذه الطروحات إعادةُ المنطقة إلى زمن ما قبل البدء بالتوصل إلى اتفاقيات سلامٍ عربية إسرائيلية وإلى العودة إلى نقطة الصفر.

وبعيداً عن أي انفعال، فإنَّ ذلك سيعيد فتح الصراع على آفاق واحتمالات خطيرة لن تستطيعَ المنطقة ولا المجتمع الدولي تحمّل تبعاتها.

ويجب أن تكونَ هذه المخاطر والتحديات كفيلة بدفع الدول العربية القادرة والفاعلة إلى العمل على مواجهتها بصورة مشتركة؛ إذ إنَّها في الواقع أكبر من قدرة أي دولة على مواجهتها لوحدها.

وإذا كانت حلقة الاستهداف تضمُّ اليوم كلاً من مصر والأردن والسعودية، فإنَّ إمكانية توسيعها يجب ألا تكون مستغربة. إنَّ عملَ هذه الدول الثلاث معاً، وبدعم فعلي من دول الخليج العربي، كفيل بتوفير غطاء دولي فاعل؛ فهذه المجموعة هي في الواقع دعامة الاستقرار والاعتدال في المنطقة، ولديها أدوات اقتصادية وسياسية وشبكة كبرى من العلاقات، سيكون لها تأثيرها في تشكيل موقف دولي يؤدي إلى كبح جماح هذه الغطرسة، وما أنتجته من طموحات لا يمكن للعالم تحمّل تبعاتها. ومن دون ذلك، فإنَّ الغطرسة ستتحوَّل إلى سَعْيٍ لاستباحة المنطقة كلّها.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين فلسطين الاحتلال السلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نظر دعوى وقف تنفيذ قرار إغلاق بيوت وقصور الثقافة.. اليوم

تنظر محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، اليوم السبت، الدعوى المقامة من محامي طالب فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إغلاق بيوت وقصور الثقافة على مستوى الجمهورية مع ما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل.

رئيس هيئة النيابة الإدارية يزور الأكاديمية الوطنية للتدريباختتام الدورة التدريبية للنيابة الإدارية عن"إشكاليات التحقيق والتصرف تطبيقات عملية"

اختصمت الدعوى كل من وزير الثقافة بصفته، ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بصفته، وجاء بنص صحيفة الدعوى  أن المطعون ضدهما وبالمخالفة للقانون والدستور، قد أصدرا قرارا بإغلاق قصور وبيوت الثقافة المستأجرة على مستوى الجمهورية، ومن شأن هذا القرار قتل الإبداع ودعم الأفكار المتطرفة.

وأشارت الدعوى إلى أنه عندما أنشئت الدولة المصرية قصور وبيوت الثقافة فى أغلب المدن والكثير من القرى كانت بهدف دعم وتشجيع الإبداع وتنمية المواهب وإبعاد الشباب عن الإرهاب والأفكار المتطرفة، لكن يبدو أن المطعون ضدهما لهما رأى أخر بهذا القرار المجحف الباطل الذى يتنكب المصلحة العامة،  فهذا القرار يقتل الإبداع ويشجع على انتشار الأفكار المتطرفة وبدلا من خلق بيئة إيجابية لتشجيع أطفال وشباب ومبدعى مصر يعطى القرار الطعين فرصة لدعاة الإرهاب والعنف والتطرف أن يتغلغلوا فى المجتمع المصري.

وأوضحت الدعوى أن المطعون ضدهما قررا فجأة إغلاق جميع قصور وبيوت الثقافة المستأجرة على مستوى الجمهورية رغم أن إيجاراتها بسيطة وهو ما يخلق حالة فراغ ويحرم ملايين الشباب من تنمية مواهبهم الفكرية والثقافية والفنية، وهو ما يجعل النشء من أبناءنا فريسة سهلة لدعاة التطرف ويقتل الإبداع فى أغلب قرى ومدن مصر.     

وتساءلت الدعوى أين يمارس المبدعين والمواهب أنشطتهم الأدبية والفكرية والثقافية والفنية ومن يقف وراء تلك القرارات العشوائية غير المدروسة ولصالح من يتم تجريف مصر من المواهب والمبدعين ومن يمكنه حماية أولادنا وشبابنا من الأفكار المتطرفة ومن يمكنه تشجيع ودعم المواهب والأدباء والمفكرين فى جميع المحافظات إذا تم إغلاق قصور وبيوت الشباب.

طباعة شارك محكمة القضاء الإداري مجلس الدولة قصور الثقافة الجهة الإدارية الهيئة العامة لقصور الثقافة

مقالات مشابهة

  • الخارجية: رفض الاحتلال دخول الوفد الوزاري العربي إلى رام الله غطرسة وعجرفة
  • واشنطن بوست: سوريا قد تُساق لحرب أهلية من جديد!
  • الصفدي: منع الاحتلال زيارة الوفد العربي يؤكد غطرسة حكومة نتنياهو
  • الحوثيون يهددون بالرد على دول في المنطقة في حال تورطها مع إسرائيل بإستهداف اليمن
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • نظر دعوى وقف تنفيذ قرار إغلاق بيوت وقصور الثقافة.. اليوم
  • الأمم المتحدة: منع “إسرائيل” للمساعدات يجعل غزة المنطقة الأكثر جوعا على الأرض
  • خبير سياسي: واشنطن تسعى لإعادة تفتيت المنطقة لصالح إسرائيل الكبرى
  • إعادة تأهيل مركز حبوب بصرى الشام بالمنطقة الشرقية في درعا
  • المرزوقي : إسرائيل ستختفي إما عبر دولة ثنائية القومية أو حرب تدمر المنطقة بأكملها