كيف تفاعلت أوروبا مع تهديدات ترامب بشأن غزة؟
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
باريس- أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول قطاع غزة جدلا عالميا، في حين لم يقدم الزعماء الأوروبيون، غداة التصريح، ردود أفعال بشأن اقتراحه "المشكوك فيه" لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
وكان ترامب قد قال إن الولايات المتحدة "ستسيطر على قطاع غزة"، وإنه يرغب في تحويل المنطقة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، خلال مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصف الفكرة بـ"الإبداعية" و"الثورية".
وبعد تهديدات الرئيس الأميركي بغزو غرينلاند التابعة للدانمارك والاستيلاء على قناة بنما، يبدو أن احتمالات نجاح ترامب في تنفيذ خطته ضئيلة، لكنها تترك تساؤلات بشأن مدى صلابة الموقف الأوروبي أمام سياسته في الشرق الأوسط وما إذا كان لفكرته أي مكانة قانونية دولية.
انتهاك لاتفاقيات جنيف.. خبراء في القانون الدولي وصفوا خطة ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه بأنها "جريمة حرب"، وقد يلاحق بسببها المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون
للمزيد: https://t.co/7MVlZ2eqxd pic.twitter.com/BJXZWjpr11
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) February 12, 2025
إعلان صمت أوروبيوفي إسبانيا، لم يلق تصريح دونالد ترامب استحسانا؛ إذ أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن حكومته تشدد على ضرورة إبقاء غزة للفلسطينيين وجزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية التي اعترفت بها بلاده.
وإلى جانب النرويج وأيرلندا، انضمت إسبانيا العام الماضي إلى 146 دولة عضو في الأمم المتحدة التي تعترف بالدولة الفلسطينية وتعهدت بمواصلة إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
وعلى ضوء ذلك، أشارت العضو في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الإسباني هناء جلول إلى موقف الرئيس الإسباني بيدرو سانشيز الثابت بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، بالقول: "لم يكن ذلك سهلا إذ لم يشاركه في ذلك سوى دولتين في أوروبا، وهو ما أعتبره خطوة جيدة تحافظ من خلالها مدريد على روابطها مع الجنوب العالمي".
ووصفت جلول -في حديثها للجزيرة نت- الموقف الأوروبي بـ"الصامت والضعيف"، موضحة: "نتساءل بقوة داخل البرلمان الأوروبي عن الإستراتيجية المتبعة في التعامل مع الشرق الأوسط ولماذا لا تقدم الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كايا كالاس تفسيرا بشأن الديمقراطية في سوريا أو الحكومة الجديدة في لبنان أو وقف إطلاق النار في غزة الذي نأمل أن يستمر".
كما أكدت نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي أنه مع تغير الأوضاع في الشرق الأوسط، هناك حاجة إلى قيادة الاتحاد وتوضيح إستراتيجيته في المنطقة.
وفي سياق متصل، أكد البروفيسور في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف ريكاردو بوكو عدم وجود أي جبهة مشتركة للاتحاد الأوروبي "هناك جبهة مشتركة داخل التحالف العالمي حيث لا يتفاعل الأوروبيون كثيرا، وتتمثل الجهات التي تتفاعل في وكالات الأمم المتحدة أو منظمات المجتمع المدني المهتمة بإيصال المساعدات الإنسانية".
إعلانوفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر بوكو أن الاتحاد يستمر في إلقاء الكلمات الفارغة ولا يريد أعضاؤه اتخاذ أي إجراء محدد ضد إسرائيل، بينما يقفون في صفوف الانتظار والترقب ويغلب عليهم الضعف والتواطؤ عندما يتعلق الأمر بتصريحات ترامب.
انتهاك للقانون
ويأتي هذا الغياب الأوروبي عن الجدل الحالي بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة في وقت تستضيف فيه القارة أهم المحاكم الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وعلى رأسها الجنائية الدولية والعدل الدولية.
وفي هذا الإطار، يعتبر داغ هيربورنسرود، الكاتب الصحفي ومؤسس مركز تاريخ الأفكار العالمي في أوسلو، أن التهجير لا يزال مستمرا منذ أن هُجر أكثر من 800 ألف فلسطيني خلال النكبة عام 1948. وبالتالي، لا يستبعد قيام ترامب/نتنياهو بتهجير الفلسطينيين من غزة في المستقبل القريب، "أو قد يحاولون تحقيق ذلك على الأقل، اعتمادا على تطور الوضع على الأرض".
وفي ظل الانقسام الأوروبي الواضح، يرى هيربورنسرود -في حديث للجزيرة نت- أن هذا الوضع قد يعتمد على الانتخابات الفدرالية الألمانية، المقررة في 23 فبراير/شباط الحالي، وعلى ما يحدث مع الحرب في أوكرانيا وأنظمة المساعدات في العالم أثناء وبعد عمليات التدقيق الجارية في الولايات المتحدة.
ويصنف نظام روما الأساسي -الذي أنشأته المحكمة الجنائية الدولية- عمليات التهجير القسري للسكان كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وهو أمر محظور بموجب عدد من أحكام اتفاقيات جنيف، والتي صادقت عليها الولايات المتحدة الأميركية.
ويربط المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ريكاردو بوكو بين أهداف ترامب وانتهاك القانون الدولي، قائلا: "من الأمور المثيرة للاهتمام أن الحق ضد التهجير في القانون الدولي -الذي تم إنشاؤه عام 1945 نظرا لما عاناه السكان اليهود في أوروبا حيث أجبروا على ترك ممتلكاتهم وأراضيهم- هو نفسه ينتهكه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين".
إعلانويعتبر المتحدث أن الأوروبيين يستمرون أيضا في عدم احترام القانون الدولي لأنهم غير قادرين على مواجهة واشنطن أو الضغط على إسرائيل، بسبب الانقسامات فيما بينهم. ويضيف أن النظام الدولي كان قائما على القانون الدولي منذ 60 عاما، لكن أميركا وأميركا الشمالية وأوروبا يسمحون لهذا النظام الدولي بالانهيار، و"قد بدأ ينهار فعليا".
وهو ما يتوافق مع تصريحات هناء جلول التي أكدت على عدم أحقية ترامب في اتخاذ القرار بشأن مصير الفلسطينيين: "سيشكل ذلك تهجيرا قسريا، وهو بمثابة جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي، وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المادة 49، ونحن من الموقعين على نظام روما للجنائية الدولية".
#ماكرون لسي إن إن عن مقترح #ترمب بشأن #غزة: لا يمكنك أن تقول لمليوني شخص ستنتقلون الآن، وأي مقاربة لإعادة إعمار غزة لا تعني عدم احترام الناس أو البلدان#حرب_غزة pic.twitter.com/9pesPc3aOT
— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 12, 2025
ترامب والفوضىوقد جددت فرنسا معارضتها لمقترحات الرئيس الأميركي حيث وصفت وزارة خارجيتها في بيان صحفي أي تهجير قسري بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي"، محذرة من أن مثل هذه الإجراءات قد تقوض الحل القائم على التعايش بين الدولتين وتزعزع الاستقرار بالنسبة للحلفاء الإقليميين المقربين، مثل مصر والأردن.
وفي الوقت الذي أبدى فيه ترامب تأييده لضم إسرائيل الضفة الغربية، دعا ملك الأردن عبد الله الثاني إلى انتظار خطة عربية من الجانب المصري بشأن قطاع غزة، خلال لقائهما بالبيت الأبيض مساء الثلاثاء.
وتعليقا على ذلك، يرى البروفيسور بوكو أن الرئيس الأميركي يسمح للإسرائيليين بمواصلة الإبادة وفرض قاعدة تهجير الفلسطينيين في أعقاب إعلانه ضرورة إخلاء غزة من الفلسطينيين ومحاولته إجبار الأردن ومصر على استقبال اللاجئين الذين لن يكون لهم الحق في العودة.
إعلانوبخصوص التحليلات التي تربط الترحيل القسري مع غاز قطاع غزة، أوضح المتحدث أن حقوق الغاز يتم استغلالها فعليا من قبل شركة بريطانية أميركية. وفي الوقت الراهن، لا يعتقد بوكو أن ترامب سيطرح أي خطة بشأن الغاز، وغير مستبعد تفكيره في ذلك لاحقا.
بدورها، قالت النائبة الأوروبية هناء جلول "قدمنا بيانا إلى إسبانيا وأبدت عدة دول عربية، بمن فيها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، رأيها حول فكرة حل الدولتين وتطبيق حدود عام 1967، ونأمل أن نتمكن من مواجهة ترامب كما يجب لأن من شأن ذلك إثارة موجة من السخط والإحباط وإطالة أمد الحرب في المستقبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی القانون الدولی الشرق الأوسط قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي يستأنف تمويل مشاريع الطاقة النووية لأول مرة منذ عقود
سيستأنف البنك الدولي دعم مشاريع توليد الطاقة النووية للمرة الأولى منذ عقود، وفق ما أعلن رئيسه أجاي بانغا لموظفي المؤسسة.
وقال بانغا -في رسالته الإلكترونية- إن الدعم سيتضمن "الجهود الرامية إلى توسيع نطاق المفاعلات النووية الحالية في الدول التي تمتلكها، وتحسين الشبكات والبنى التحتية. سنعمل أيضا على تسريع إمكانات المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة، التي ستوفر خيارا عمليا لمزيد من الدول على المدى الطويل".
ولتحقيق هذه الغاية، سيدخل البنك في "شراكة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "لتعزيز قدرتنا على تقديم المشورة بشأن ضمانات عدم الانتشار والسلامة والإطار التنظيمي"، وفق بانغا.
ولم يحدد رئيس البنك الدولي المبالغ التي يمكن تخصيصها لهذه المشاريع.
ونهاية أبريل/نيسان الماضي، رحّب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي -في منشور على منصة إكس– بإجراء "حوار بنّاء مع البنك الدولي" بشأن هذا الموضوع، مؤكدا مع ذلك أن "التمويل ضروري"، وأن منظمته "مستعدة لدعم" البنك الدولي في حال حدوث تغيير في نهجه بشأن هذا الموضوع.
وحدّدت المؤسسة المالية -التي تتخذ من واشنطن مقرا لها- هدفا يتمثل في ربط أكثر من 300 مليون شخص بشبكات الكهرباء خلال العقد المقبل، وترى في ذلك ضرورة في حربها على الفقر، وهي مهمتها الأساسية.
إعلانلكن كما أشار أجاي بانغا، فإنّ "الطلب على الكهرباء سيزيد بأكثر من الضعف في البلدان النامية بحلول عام 2035″، الأمر الذي يتطلب رفع التمويل لشبكات الطاقة من 280 مليار دولار سنويا حاليا إلى 630 مليار دولار سنويا خلال عقد.
وبعد تراجعه إثر كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011، تجدد الاهتمام بالطاقة النووية على مستوى العالم، خاصة بسبب الاحتياجات الهائلة للطاقة في التكنولوجيا الرقمية، مع تطور الذكاء الاصطناعي.
وفي الولايات المتحدة، تدرس شركات تكنولوجيا رقمية عملاقة عديدة التزود بمفاعلات نووية معيارية صغيرة لتشغيل مراكز بياناتها التي يتزايد استهلاكها بشكل كبير مع استخدام الذكاء الاصطناعي.
وعلى نطاق أوسع، أعلنت بلدان عدة -أبرزها فرنسا والمملكة المتحدة وإندونيسيا- خلال الأشهر الأخيرة عن بناء مفاعلات نووية جديدة، وهي تراها بمنزلة حلّ منخفض الكربون لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء.