#سواليف

على مدار فترة طويلة، رصدنا في المركز العربي للمناخ تضخّم #الهواء_البارد في #الدوامة_القطبية الشمالية بمعدلات أعلى من المعتاد، وحذّرنا من تداعيات ذلك عبر سلسلة من التقارير والمنشورات. وأشرنا إلى أن هذا التضخم، بعد مشيئة الله، سيؤدي إلى زيادة حدة #النزولات_القطبية في النصف الشمالي من الأرض، تزامنًا مع احتمالية امتداد #الطقس_الشتوي بشكل أقوى من المعتاد، مسببًا حالات جوية قوية خلال فصل الربيع.

بدأت الدوامة القطبية الشمالية بالكشف عن قوتها بإرسال موجات برد شديدة ونادرة صوب أجزاء واسعة من النصف الشمالي للأرض. فقد تأثرت أمريكا الشمالية خلال شهر يناير الماضي ببرودة استثنائية امتدت لاحقًا إلى أجزاء من شرق آسيا وأوروبا، وظلت تلك المناطق تحت تأثير البرد القارس لفترات طويلة.

وفي الوقت ذاته، عانت منطقة بلاد الشام والشرق الأوسط من استقرار جوي غير مألوف خلال النصف الأول من الشتاء. إلا أننا، في تقارير سابقة، أشرنا إلى أن هذا الاستقرار لن يستمر طويلًا، بل سيتغير في النصف الثاني من الشتاء نتيجة تكرار الأنماط الجوية التي تركز النشاط في مناطق معينة لفترات طويلة، ثم تعكس توزيعها مع مرور الوقت. وهذا ما حدث بالفعل، حيث عاد النشاط الشتوي بقوة إلى الشرق الأوسط، فشهدت بلاد الشام، العراق، والسعودية سلسلة من المنخفضات الجوية الماطرة.

مقالات ذات صلة “صفقة السبت” بين حماس وإسرائيل.. مؤشرات تكشف ما يدور 2025/02/13

تشير نماذج الطقس حاليًا إلى #تغير_جذري في #الأنظمة_الجوية، مع توقع تعرض القطب الشمالي إلى مرحلة سلبية تؤدي إلى انهياره جزئيًا. والمقصود بذلك هو تأثر القبة القطبية بأنظمة ضغط مرتفع خلال منتصف الشهر، مما يؤدي إلى اندفاع الرياح القطبية الباردة نحو العروض الدنيا. هذا التغير سيحدث اضطرابات قوية في التيار النفاث القطبي، مما سيؤدي في النهاية إلى نزولات قطبية عنيفة في عدة مناطق.

بناءً على آخر التحديثات، هناك إجماع بين نماذج الطقس على أن جزءًا ضخمًا من الرياح القطبية سيتجه نحو روسيا وشرق أوروبا، مما سيؤدي إلى نشوء الدوامة القطبية الروسية. هذه الدوامة عبارة عن كتلة ضخمة من الرياح القطبية الباردة جدًا تدور حول نفسها فوق تلك المناطق، مما يعزز احتمالات اندفاع الهواء البارد نحو الشرق الأوسط والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، بما يشمل بلاد الشام، العراق، مصر، وشمال السعودية.

وفقًا لأحدث المعطيات، هناك اتفاق بين نماذج الطقس على احتمالية حدوث نزول قطبي مباشر يمتد من روسيا نحو الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط خلال نهاية الثلث الثاني وبداية الثلث الثالث من شهر فبراير الجاري.

تشير آخر التحديثات الجوية إلى سيناريوهين رئيسيين للحالة الجوية المقبلة، والتي تحمل في طياتها تطورات مهمة قد تؤثر بشكل مباشر على الطقس في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط:

الاحتمال الأول :
تقدم #رياح_قطبية باردة جدًا نحو المنطقة بكامل قوتها، ما يؤدي إلى تشكل منخفض جوي عميق وشديد البرودة. في حال تعمّق هذا المنخفض بشكل أكبر، قد نشهد #عاصفة_ثلجية واسعة النطاق تؤثر على عدة مناطق.

الاحتمال الثاني:
تأثر المنطقة بمقدمة النزول القطبي فقط، مما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، مترافقًا مع هطول الأمطار في بعض المناطق دون وصول الكتلة القطبية بكامل برودتها.

بناءً على آخر معطيات النماذج الجوية، فإن الاحتمال الأول هو المرجح حاليًا، حيث يوجد اتفاق بين النماذج على حدوث نزول قطبي مباشر صوب الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، مع تركّز البرودة القطبية في هذا النزول ولكن هذا الحديث قابل للتغيير وليس نهائي , فهو ما تطرحه النماذج ” حاليا “.

رغم أن التوقعات الحالية تشير إلى سيناريو قوي، إلا أن التحديثات ليست نهائية بعد، نظرًا لبُعد الفترة الزمنية، ما يجعل إمكانية التغير في التوقعات واردة بشدة. لذا، نوصي المتابعين الكرام بمتابعة التقارير الدورية التي سننشرها لتغطية هذا الحدث أولًا بأول.

والله اعلى واعلم

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الهواء البارد الدوامة القطبية الطقس الشتوي الأنظمة الجوية

إقرأ أيضاً:

"حدود الدم".. مشروع بيتزر للشرق الأوسط الجديد والحرب الأخيرة

د/ محمد بن خلفان العاصمي

في يونيو من عام 2006م، كتب الجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيتزر مقالاً في مجلة أمريكية متخصصة بالشؤون العسكرية تسمى (آرمدفورسز جورنال)، اقترح فيه تقسيم جديد لدول الشرق الأوسط إلى دول سنية وشيعية وكردية، إضافة إلى دولة إسلامية تضم الأماكن المقدسة مستقلة عن السعودية، وكذلك مملكة الأردن الكبرى ودويلات أخرى.

وبحسب فرضية الجنرال الأمريكي المتقاعد فإنَّ تقسيم المنطقة على أساس الطوائف والإثنيات، بحيث تعيش كل طائفة أو قومية منفصلة عن الطوائف والقوميات الأخرى في دولة سياسية مستقلة، من شأنه أن ينهي العنف في هذه المنطقة. ويستطرد الجنرال المتقاعد في حديثه ليضيف "أن الشرق الأوسط لديه مشكلات كثيرة، منها الركود الثقافي وعدم المساواة الفاضحة والتطرف الديني المُميت، لكن المشكلة الأكبر في فهم أسباب فشل المنطقة ليس الدين، وإنما الحدود الدولية البشعة".

واستدرك قائلاً: "بالطبع، لا يمكن لأي تعديل في الحدود مهما كان ضخماً وكاسحاً، أن ينصف كل الأقليات المهضوم حقها في الشرق الأوسط"، وعلى الرغم أن الخريطة التي اقترحها سترفع الظلم عن أكثرهم معاناة مثل الأكراد والبلوش والعرب الشيعة حسب زعمه، إلا أنها تعمدت تجاهل طوائف أخرى مثل المسيحيين والبهائيين والإسماعيليين والنقشبنديين والكثير من الأقليات الأقل عدداً، إلا أنه على ما يبدو فإنَّ الهدف كان واضحاً من هذا المقال وهو تغليف مشروع التقسيم بغلاف ديموقراطي حقوقي، وتفتيت الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط تمهيداً لقيام إسرائيل الكبرى.

رالف بيتزر هو عراب مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو من مواليد عام 1952، عمل ضابطا بالجيش الأمريكي حتى وصل لمنصب نائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية الأمريكية في وزارة الدفاع، وهو يدعو دائما إلى إعادة تقسيم خريطة الشرق الأوسط بما يتفق مع المصالح الغربية والصهيونية، ويرى أن التقسيم سوف يجعل الشرق الأوسط أفضل وخالياً من المشاكل التي يعاني منها والتي تؤثر على العالم بشكل عام.

وهذه الرواية التي اتخذها مدخلاً لمشروعه المخطط بشكل متقن، وفي سياق التسويق لهذا المشروع تحدث بوش الابن وديك تشيني وكونداليزا رايس في العديد من المحافل عن مشكلات الشرق الأوسط الحقوقية والسياسية وسعيهم إلى إيجاد حلول لها، وهي الذرائع التي قدمت فيما عرف بـ"الربيع العربي" الذي اجتاح الوطن العربي في عام ٢٠١١م.

لقد انتهج هذا المشروع سياسة خبيثة في سبيل تنفيذ مراحله، حيث يبدأ بإثارة النعرات الطائفية والتحديات السياسية والتحريض على السلطة تحت غطاء الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية، ويستمر في زعزعة الاستقرار العام داخل الدول مركزاً على ملفات تمثل تحديات حقيقية مثل البطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية والفساد المالي والإداري والسياسي، ويستمر في اختلاق المشكلات لهذه الدول عن طريق المنظمات التي تمثل الأذرع الرئيسية المساعدة في تنفيذ هذا المخطط، هذه المنظمات التي تتخذ شكل الوصي على الحقوق في الظاهر إلا أن سياساتها ترتكز حوّل السيطرة على القرار السياسي داخل الدول، كما تلعب ثعالب الاقتصاد من داخل الدول وخارجها دورا في تعميق المشاكل الاقتصادية من خلال سلوكهم الاستغلالي واستعدادهم للاستفادة من الفرص تحت أي ظرف كان.

وبعد أن تصل الدول إلى مرحلة الضعف وعدم القدرة على مواجهة التحديات والإعياء الاقتصادي والإنهاك الإداري، يأتي الفصل الأخير من الخطة وهو تغيير الأنظمة السياسية بأنظمة جاهزة تمَّ تحضيرها مسبقاً لهذه اللحظة، هذه الأنظمة تسلم كل مفاصل الدولة خاصة الاقتصادية والمالية لهم، وهذه هي وظيفتهم التي وضعوا من أجلها في مناصبهم السياسية، وعلى مر السنوات شاهدنا هذا النموذج يتكرر بشكل واضح جدا لا يحتاج إلى مزيد من التفكير والتوضيح والتحليل.

إنَّ مشروع الشرق الأوسط الجديد لن يتوقف بالهدنة التي تم التوصل إليها في الحرب الأخيرة، ومخطئ من يظن أنَّ إسرائيل سوف تكتفي بأرض فلسطين أو حتى بخدعة التطبيع، ويغالط التاريخ ونفسه من يعتقد أن مشروع إسرائيل الكبرى سوف يتوقف عند حدود القانون الدولي، فهذه القوانين والأنظمة والمنظمات لا تستطيع كبح جماح هذا المحتل الذي جلب الحرب والدمار إلى المنطقة منذ قدوم أول مهاجر إلى اليوم، هذه المنطقة التي عانت كثيراً من هذا المشروع المشؤوم ومازالت تعاني من الأطماع المتزايدة المتصاعدة يوماً بعض يوم.

إن أهمية إدراك كل ما ذكر أعلاه يتمثل في قدرتنا على زيادة الوعي الذاتي حول ما يخطط ضد الأمة العربية والإسلامية من مؤامرات، ولا أريد أن أكرّس نظرية المؤامرة ولكن علينا أن نتحلى بالفكر الذي يجعلنا قادرين على فهم ما يدور حولنا من أحداث وأن تكون لدينا نظرة واعية حول ما يحدث، وأن ندرك تمام الإدراك الأساليب التي تتبع لهدم الأوطان وزعزعة استقرارها وتقويض أمنها، فالشعارات التي تردد والخطب الشعبوية والعاطفية ما هي إلا أدوات لغايات أبعد، وعلينا أن نعي أنَّ الإصلاح الذاتي يصل بنا إلى الوضع الذي نرجوه لوطننا من تنمية وازدهار، وعندما يكون المجتمع مصلحاً لذاته فلن نحتاج إلى الحديث عن استيراد أفكار ضالة تعبث بأمن أوطاننا ومجتمعاتنا.

مقالات مشابهة

  • الأحادية القطبية وسلام الشرق الأوسط
  • اليونيسف: كل 15 دقيقة.. طفل قتيل أو مُصاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • «جمارك دبي» تبحث تعزيز الشراكة مع الهند في التجارة والخدمات اللوجستية
  • كل 15 دقيقة.. طفل قتيل أو مُصاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • من هو سيد الشرق الأوسط القادم؟
  • هل تكتب المنطقة مصيرها أم تبقى تقرأ من دفاتر الآخرين؟!
  • لعنة "الشرق الأوسط الجديد"
  • "حدود الدم".. مشروع بيتزر للشرق الأوسط الجديد والحرب الأخيرة
  • إيكونوميست: لماذا لم تغير الحرب الإسرائيلية- الإيرانية الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط يترقب قرار “أبو صهيب” .. من هو؟