الإذاعات المستقلة في السودان.. فضاءات متحررة من الرقابة
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
المصدر: صحيفة التغيير الإلكترونية
الخرطوم: 13 فبراير 2025 – شهد السودان خلال العقدين الماضيين تحولاً كبيراً في المشهد الإذاعي، حيث لعبت التكنولوجيا الحديثة دوراً محورياً في كسر احتكار الحكومة للبث الإذاعي.
و أدى انتشار الإنترنت، الأقمار الصناعية، والبث الرقمي إلى ظهور إذاعات مستقلة واخري خاصة أسهمت في معالجة تعقيدات المشهد السوداني، خاصة بعد الحروب في جنوب السودان ودارفور.
ووفرت هذه التطورات فضاءات جديدة للتعبير الحر والمستقل، مما ساعد في إثراء المشهد الإعلامي.
تاريخياً، كانت عبارة “هنا أمدرمان” رمزاً مميزاً للإذاعة السودانية، حيث استحوذت على اهتمام الجمهور لعقود طويلة، لكن ارتباطها الوثيق بسياسات الحكومة وقيود حرية التعبير جعلها تفقد جزءاً كبيراً من جاذبيتها في ظل التحولات الإعلامية.
وتميزت الإذاعات المستقلة و الخاصة بجرأتها واستقلاليتها في تناول المواضيع الحساسة، خاصة السياسية والاجتماعية. واستطاعت هذه الإذاعات تجاوز القيود التقليدية، مما جعلها أكثر قرباً من الجمهور وتفاعلاً مع القضايا الراهنة.
برزت العديد من الإذاعات المستقلة التي لعبت أدورا كبيرة، ابرزها راديو دبنقا الذي يعد نموذجا رائدا في الصحافة الإذاعية المستقلة.
وركزت دبنقا على قضايا حقوق الإنسان والنزاعات في دارفور والحرب الراهنة في السودان، قضايا المرأة والشباب.
ورغم استقلاليته ومهنيته ، كان موضع جدل بين أطراف النزاع، مما يعكس نجاحه وتأثيره.
ويعد راديو تمازج من الإذاعات التي تناولت القضايا الثقافية، والاجتماعية مع إتاحة مساحة للتعبير عن تنوع الهويات السودانية.
أما راديو سوا السودان فقد قدم تغطيات متوازنة تجمع بين الأخبار، السياسة، والترفيه.
وبرزت إذاعات أخرى خاصة ، مثل دارفور FM، هوى السودان، صوت السودان، مرايا السودان، وديشاك، والتي قدمت مزيجاً من المحتوى السياسي والترفيهي واستقطبت جمهوراً واسعاً بفضل مصداقيتها وتنوع محتواها. التحديات
وترى فاطمة بريمة، الإعلامية براديو دبنقا ان هنالك عدد من التحديات التي تواجه الإذاعات المستقلة في ظل الحرب على راسها انقطاع الانترنيت وشبكة الاتصالات عن أجزاء واسعة في السودان بالإضافة الى استهداف الصحفيين والقيود التي يضعها طرفي الحرب على تحركاتهم في التغطية الميدانية للأوضاع
وتقول فاطمة في حديثها للتغيير: “نجحت الإذاعات المستقلة في استقطاب جمهور كبير بفضل جرأتها ومصداقيتها.
حول سؤال ما إذا كانت عبارة “هنا أمدرمان” فقدت سحرها؟ اجابت فاطمة: رغم الرمزية التاريخية لعبارة “هنا أمدرمان”، إلا أن الجرأة والمصداقية التي تقدمها الإذاعات المستقلة جعلت الجمهور السوداني يتجه نحو قنوات تتسم بحرية التعبير وتناول القضايا بدون رقابة. وأضافت: الجمهور أصبح أكثر وعياً، يبحث عن محتوى يعكس واقعه وتطلعاته وختمت بالقول”الإذاعات المستقلة في السودان مثلت نقلة نوعية في الإعلام السوداني، حيث أوجدت مساحات جديدة للتعبير الحر وساعدت في إيصال أصوات المهمشين، ورغم التحديات التي تواجهها في ظل الظروف الراهنة، إلا أنها استطاعت أن تواكب تطلعات الجمهور وتعبر عن تعقيدات المشهد السوداني بجرأة وبدقة وموضوعية واستقلالية ”
وعرف عزيز النور احد مؤسسي “راديو تمازج” ومدير تحريرها السابق أن تمازج اذاعة مستقله في السودان ركزت على المناطق الحدودية الثلاث الواردة في اتفاق نيفاشا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في العام 2005. ويقول النور ” تمازج ليست اعلاما بديلا بل مستقلا بذاته وتُعنى بتغطية أبيي وجنوب كردفان والنيل الازرق”.
مضيفا أن الاعلام في جوبا او الخرطوم لا يغطي قضايا المواطنين في الولايات الحدودية خاصة فيما يخص القضايا العالقه بين البلدين بعد استقلال الجنوب. ويضيف عزيز النور: “وبعد بداية الحرب في جنوب السودان في ديسمبر من العام 2013 استمر راديو تمازج قرابة ثلاثة اشهر ولم يكن هناك اعلام مسموع في الجنوب باستثناء تمازج التي اصبحت بديلا لكل الاعلام في البلاد، وكذلك ركزت على الحرب في جبال النوبة والنيل الازرق والمنازعات في منطقتي هجليج وأبيي وغيرهما”.
ويعتقد عزيز النور أن الإعلام المستقل معني بتغطية الجانب الذي يغفله عمدا الاعلام الرسمي الذي يجمل صورة الحكومة –على حد تعبيره- . في حين ان الاعلام المستقل تحكمه الحقيقة والاحداث و اولوياتها اجتماعيا وسياسيا .
وضرب مثالا بحادثة مقتل 250 شخصا و اختطاف 164 طفلا في منطقة قمبيلا والذي لم يحظ في الاعلام الرسمي بمكانته كحدث كبير ومؤثر.
وتابع: الاذاعات المستقلة هي صوت المواطن إذ تهتم بقضاياه، مثلما حدث في قضية انفصال الجنوب، إذ أغفل الإعلام الرسمي سواء في الخرطوم او جوبا قضايا كتلة سكانية كبيرة جدا موجودة في عشرة ولايات حدودية بين الشمال والجنوب هي ولايات غرب بحر الغزال وشمال بحر الغزال وواراب والنيل الأزرق والنيل الأبيض وجنوب كردفان وشرق دارفور وجنوب دارفور، كل هذه ولايات مأهولة بالسكان ومتأثرة بالقضايا المتداخلة بين الدولتين، كان راديو تمازج الجهة الوحيدة التي اهتمت بهذه القضايا المنسية.
ويشدد عزيز النور على ان الميزة الكبيرة لراديو تمازج هي ترتيب الاولويات في التغطية الإعلامية حسب اهمية وتأثير الحدث على حياة المواطنين، والتحرر من قيود البروتوكولات في الإعلام الرسمي حيث يتم ترتيب اولويات التغطية الاخبارية حسب هرمية السلطة السياسية ابتداء من الرئيس ثم رئيس الوزراء ثم الوالي ثم الوزراء وهكذا، ومهما وقع من أحداث كبيرة للمواطنين لا تجد الاولوية.
ان بروز الإذاعات المستقلة والفرص الكبيرة التي اتاحها التطور التكنولوجي للنشر الصحفي والبث الإذاعي عبر الانترنت وموجات الاف ام فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي، كل ذلك أتاح للمتلقي خيارات وبدائل اعلامية متنوعة الامر الذي أدى الى فك احتكار الإذاعة الرسمية وواجهها بتحديات كبيرة.
SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum
الوسومالسودان اليوم العالمي للإذاعة راديو تمازج راديو دبنقا منتدى الإعلام السودانيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان اليوم العالمي للإذاعة راديو تمازج راديو دبنقا منتدى الإعلام السوداني فی السودان
إقرأ أيضاً:
اللهم اجعله خير
لا يختلف اثنان على الدور المحورى الذى تمارسه الرقابة المالية والبورصة المصرية فى ترسيخ استقرار سوق المال وحماية أموال المستثمرين، وتعزيز خصائص السوق الكفء من شفافية وإفصاح وتدفق عادل للمعلومات.. هذا الدور تجلّى بوضوح فى الفلسفة الجديدة التى تبنّتها الجهتان خلال عمليات التفتيش على الشركات المتقدمة للقيد، إذ لم يعد الأمر مجرد «استيفاء أوراق» أو إجراءات شكلية، بل فحص دقيق لأصول الشركات وبياناتها وكل كبيرة وصغيرة تمتّ بِصلة لنشاطها.
كشفت عمليات التفتيش خلال الفترة الماضية عن قائمة واسعة من المخالفات ارتكبتها شركات مقيدة، وبناءً عليه تحركت الجهات الرقابية بحزم لحماية حقوق المتعاملين وضمان استقرار السوق. ولعل أحدث الحالات على ذلك ما جرى فى شركة ديجيتايز للاستثمار، وقبلها شركة بريميم هيلثكير.
فى حالة «هيلثكير»، أخطرت الرقابة المالية البورصة بالنظر فى نقل أسهم الشركة إلى القائمة (د)، وفق قرارى رئيس البورصة رقم 92 لسنة 2021 و238 لسنة 2024، وهى القائمة المخصصة للشركات المعرضة للشطب الإجبارى نتيجة مخالفات جوهرية لقواعد القيد والإفصاح. وبالفعل اتخذت لجنة القيد بالبورصة القرار.
المشهد ذاته تكرر مع «ديجيتايز»، حيث أخطرت الرقابة المالية لجنة القيد بإمكانية نقل الشركة إلى (القائمة د)، استنادًا إلى المخالفات المثبتة.. إلى هنا تبدو الصورة طبيعية ومنطقية. لكن غير الطبيعى هو أن لجنة القيد – رغم المخالفات والغرامات التى فُرضت – لم تنقل الشركة إلى القائمة "دال" كما حدث فى عشرات الحالات المماثلة.
هنا تحديدًا بدأت علامات الاستفهام تتصاعد داخل مجتمع سوق المال.. ما الذى جرى؟.. ولماذا اختلف التعامل مع هذه الحالة تحديدًا؟ وما السر وراء ذلك.. هل تأخذ اللجنة وقتها أم لديها وجهة نظر أخرى وأن المخالفات ليست على المستوى الذى يستدعى النقل؟
صمت لجنة القيد وعدم توضيح أسباب عدم نقل الشركة رغم استيفاء شروط الإدراج بالقائمة «د» فتح الباب أمام لغط واسع، وكأن السؤال الذى يدور على ألسنة المتعاملين: «اللهم اجعله خير.. ماذا يحدث؟».