جدة – علاء الدين عبدالرحيم

تصوير – عصام محمد يوسف

أكد وزير الثقافة والإعلام المتحدث باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، تقدير بلاده العميق للدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية، قيادةً وشعبًا، في مختلف المجالات، مشيرًا إلى دورها البارز في تقديم المساعدات الإنسانية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، وتسهيل أوضاع السودانيين المقيمين في المملكة.

ووجه الإعيسر خلال تنوير صحفي في جدة أمس، شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على كرم الضيافة ودعم السودان في ظل التحديات الراهنة. وأكد أن اتفاقية جدة شكلت نقطة مهمة في مسار الأزمة وعملت على تحقيق السلام، مشددًا على أن السودان لن يقبل بعودة الميليشيات بأي شكل من الأشكال.

وأشار إلى أن الحكومة السودانية تعول على شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الشقيقة، وفي مقدمتها المملكة، للمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب. وأضاف أن هناك توجهًا لترسيخ شراكة اقتصادية قوية بين البلدين، خاصة في ظل العلاقات التاريخية الممتدة بين الشعبين.

وثمن الإعيسر الدعم الذي قدمته دول شقيقة مثل البحرين، قطر، الكويت، وسلطنة عمان، وشكرها على وقوفها مع الشعب السوداني في هذه المحنة. كما أعرب عن إدانة الحكومة بشدة استهداف المليشيا المتمردة للمنشآت الصحية، بما في ذلك المستشفى السعودي، مؤكداً العمل على إعادة تأهيل المرافق التي طالها الدمار جراء هذا الاستهداف الإجرامي.

تقدم كبير للجيش وتطهير المدن

فيما يتعلق بالأوضاع الميدانية، أوضح الإعيسر أن الجيش السوداني يحقق تقدمًا ملحوظًا في تطهير المدن من الميليشيات، مؤكدًا أن السودان سيخرج من هذه الأزمة أكثر قوة ووحدة، مع رؤية واضحة لبناء دولة ديمقراطية ومستقرة.

وأضاف: “خلال الأيام الماضية، قمت بجولة ميدانية شملت مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم، بحري، وأم درمان، ووقفت بنفسي على حقيقة الوضع الميداني، حيث لم يعد هناك وجود مؤثر لمليشيا الدعم السريع المتمردة في معظم المناطق، إلا بعض الجيوب المتفرقة التي تعمل قواتنا المسلحة الباسلة على القضاء عليها بشكل كامل. أحيي جيشنا العظيم الذي يتقدم بثبات في كل المحاور، مدعوماً بقوات الدعم المساندة، وأؤكد للشعب السوداني أن الأيام المقبلة ستحمل أنباءً سارة عن مزيد من الانتصارات الميدانية، خصوصاً في مناطق دارفور، الجنينة، وكردفان، حيث تتقدم قواتنا بخطى واثقة لتحرير كل شبر من أرض السودان”.

17 دولة تدعم المليشيا

أشار الإعيسر إلى أنه “لا بد من التذكير بأن هذه الحرب لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل حرب شُنت على السودان في أربعة محاور متوازية: عسكرياً، عبر مليشيا متمردة مدعومة خارجياً، وسياسياً، من قبل قوى سياسية مدجنة تسعى لإضعاف الدولة، وإعلامياً، من خلال حملات تضليل ممنهجة، واقتصادياً، عبر محاولات خنق السودان وحرمانه من موارده. ورغم كل ذلك، فإن قواتنا المسلحة وقفت صامدة أمام هذه المؤامرة الدولية التي تجاوزت كل التصورات، وتمكنت من تفكيكها بمهارة وحزم”.

ومضى قائلاً: “إن ما نواجهه اليوم ليس مجرد تمرد داخلي، بل حرب عابرة للحدود، حيث تشارك فيها مليشيات ومرتزقة من 17 دولة، من بينها إحدى دول أمريكا الجنوبية، في مشهد يعيد إلى الأذهان معارك السودان التاريخية الكبرى مثل كرري وشيكان. ومع ذلك، فإن قواتنا المسلحة تخوض هذه الحرب باعتبارها معركة وجود، وتثبت يوماً بعد يوم بسالتها وقدرتها على التصدي لأعتى التحديات، مهما بلغت التضحيات.

السودان لن يعود كما كان قبل الحرب

أكد وزير الإعلام السوداني، أن “علاقات السودان الخارجية في مرحلة ما بعد الحرب ستُبنى على أساس التجربة التي مررنا بها خلال هذه المحنة، ومن وقفوا معنا سيجدون منا كل التعاون، أما من تآمروا علينا فسيُواجهون موقفاً حازماً. نؤكد أن كل من دعم المليشيا المتمردة، سواء ميدانياً، إعلامياً، أو اقتصادياً، سيُقدم لمحاكمات عادلة، ولدينا أجهزة رصد ومراقبة تتابع كل من تورط في هذه المؤامرة”.

وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية: “أؤكد أن السودان لن يعود كما كان قبل الحرب، بل سيخرج منها أكثر قوة وتماسكاً، وسنعمل على تقنين الوجود الأجنبي في بلادنا، وتعزيز قدراتنا الذاتية، خاصة في القطاع العسكري الذي سيظل الدرع الحامي للوطن. نحن على يقين أن الشعب السوداني قادر على تجاوز هذه المحنة، وبناء دولة حديثة تستفيد من مواردها وطاقاتها البشرية الهائلة”.

مرحلة جديدة من تاريخ السودان

اعتبر وزير الإعلام السوداني، أن السودان على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخه، مرحلة تتطلب تضحيات كبيرة من الجميع، حكومة وشعباً، مضيفاً: “نعمل حالياً على وضع أسس دستورية واضحة تنظم ملامح الدولة المقبلة، عبر وثيقة دستورية يتم إجازتها قريباً، تحدد صلاحيات رئيس مجلس السيادة، وتشكيل مجلس الوزراء، وتضع إطاراً واضحاً لفترة انتقالية ديمقراطية. نؤكد لشعبنا أن لا أحد من التشكيل الحالي يسعى للاستمرار بعد الفترة الانتقالية، بل إننا جميعاً ملتزمون بتمهيد الطريق لدولة مدنية ديمقراطية تُدار بإرادة الشعب السوداني”.

لا مساس بالحريات الصحفية

وفيما يتعلق بالحريات الصحفية، قال: “نؤكد أننا لم ولن نهدد الصحافة في السودان، بل نناشد جميع الإعلاميين بالتقيد بالقيم المهنية، مع التأكيد أن أي تجاوز يهدد الأمن القومي أو يكشف تفاصيل العمليات العسكرية سيُعد خطاً أحمر. لقد وفرنا للصحفيين الدعم اللازم لمتابعة الأحداث ميدانياً، بما في ذلك توفير طائرات لنقلهم إلى مناطق العمليات، ونتطلع إلى تغيير نهج بعض القنوات الإعلامية التي تمارس التحريض وتشويه الحقائق”.

استعادة الآثار المنهوبة

كشف وزير الإعلام السوداني أنه “في إطار جهود حماية التراث، عقدنا اتفاقاً مع منظمة اليونسكو لتعقب واستعادة الآثار السودانية المسروقة، كما تم إرسال خبراء إلى لندن لتسهيل هذه المهمة بالتعاون مع الشرطة الدولية (الإنتربول)، ونعمل على مدار الساعة لضمان استرداد كل ما نُهب من تاريخنا وثقافتنا”.

وختم قائلًا: “أتقدم بالشكر والتقدير لأبناء السودان في المهجر، الذين لم يبخلوا بالدعم لأهلهم الذين شردتهم الحرب، ونؤكد لهم أننا في الحكومة عازمون على مواصلة العمل، رغم الظروف الاستثنائية، بقيادة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وأعضاء المجلس السيادي، ومجلس الوزراء، الذين يعملون بتنسيق وتعاون مستمرين من أجل نصرة القضية الوطنية، وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس متينة تضمن لها الاستقرار والازدهار. الحمد لله الذي أعان قواتنا المسلحة على الصمود والتقدم، والشكر موصول لكل أبناء السودان في الداخل والخارج الذين ظلوا يقدمون الدعم والمساندة لأهلهم ووطنهم في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد”.

 

القنصل علي طه: مؤامرة كبيرة تحاك ضد السودان

من جهته، قال قنصل السودان في جدة كمال علي عثمان طه، الذي استضاف منزله لقاء الوزير، إن السودان يواجه مؤامرة كبيرة تستهدف وجوده ووحدته، وتسعى للنيل من شعبه ومقدراته الاجتماعية والثقافية، مشيرًا إلى أن مليشيا الدعم السريع المتمردة والإرهابية كانت في طليعة هذه الحرب البغيضة التي شُنت على الشعب السوداني. وأضاف أن هذه المليشيا ارتكبت فظائع وانتهاكات جسيمة تخالف القوانين الدولية، من تشريد وقتل لأبناء الشعب، ومحاولات للتغيير الديموغرافي والثقافي.

وأكد القنصل على تقديره للانتصارات الكبرى التي حققتها القوات المسلحة السودانية، بدعم من القوات النظامية الأخرى، والقوى الشعبية، والمستنفرين، مشددًا على أن السودان يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تتجاوز تحديات الماضي، وتستعد لمواجهة تحديات إعادة البناء، وترميم ما دمرته الحرب، ولمّ شمل النسيج الاجتماعي.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: السعودية السودان خالد الإعيسر وزیر الإعلام السودانی الشعب السودانی قواتنا المسلحة أن السودان السودان فی

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر المصري يواصل دعمه لقطاع غزة رغم التحديات الإنسانية

قالت الدكتورة آمال إمام، المدير التنفيذي لـ الهلال الأحمر المصري، إن ما يقوم به الهلال الأحمر هو امتداد لتاريخ طويل من الدعم الإنساني لفلسطين، يعود إلى عام 1948، ويتواصل حتى اليوم، مؤكدا أن القوافل التي تُسير إلى قطاع غزة ضمن مبادرة "زاد العزة من مصر إلى غزة" تُجسد تلاحم الشعب المصري مع الأشقاء الفلسطينيين، مشيرةً إلى أن الفوج الثاني من القوافل يجري الإعداد له حالياً، وسط جهود لوجستية كبيرة لتأمين دخول المساعدات رغم العقبات على الجانب الآخر من المعبر.

المساعدات المصرية تتدفق إلى غزة عبر كرم أبو سالم لليوم الثانيوزير مالية الاحتلال: إدخال المساعدات إلى غزة خطوة استراتيجية جيدة بهدف القضاء على حماسترقب عند معبر رفح.. بطء في كرم أبو سالم ومبادرة زاد العزة تواصل دعم غزةالقاهرة الإخبارية: الأيام المقبلة ستشهد مرور الكثير من شاحنات المساعدات إلى غزة

وأضافت إمام خلال مداخلة عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، أن الهلال الأحمر المصري مفوض رسميا من الدولة لتنسيق دخول المساعدات، وهو يقوم بدور محوري في التنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني والهيئات الأممية العاملة في غزة لضمان وصول الدعم لمستحقيه، موضحا أن الأولويات تتغير حسب احتياجات المدنيين داخل القطاع، ويتم التحديث باستمرار لضمان فاعلية الاستجابة، كما نوهت إلى أن الجهود الإنسانية لا تقتصر فقط على إرسال المواد الغذائية، بل تشمل أيضا الدعم الطبي والنفسي، خاصة عند استقبال المصابين عبر معبر رفح خلال فترات الهدنة.

وأشارت إمام إلى أن مؤسسة الهلال الأحمر تعتمد على أكثر من 35 ألف متطوع، منهم قرابة 2000 متطوع يعملون فقط في الاستجابة لأزمة غزة، موزعين في مراكز لوجستية بالقاهرة والعريش والإسماعيلية. ووصفت هؤلاء المتطوعين بـ"الجيش الإنساني"، لما يقدمونه من تضحيات وجهود على مدار الساعة، دون كلل أو ملل. وأكدت أن الهلال الأحمر المصري سيواصل عمله بكل طاقته لتأمين شريان الدعم الممتد من مصر إلى غزة، في مشهد يعكس تضامن المصريين وإيمانهم بالعمل الإنساني النبيل.

طباعة شارك الهلال الأحمر الهلال الأحمر المصري فلسطين قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • وزير العدل يؤكد تعاون حكومة السودان مع الآليات الدولية ووكالات الامم المتحدة الخاصة بحقوق الانسان
  • مني أركو: تشكيل ما يُسمى «حكومة تأسيس» يمهّد لتدخل دولي في الشأن السوداني
  • يوسف عزت .. الأوضاع بقيام “سلطتين في السودان” وصلت إلى نقطة تقسيم البلاد
  • وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى: تظل الدولة أمام مسؤوليتها الأخلاقية تجاه أبناء السويداء وكل مواطن يعاني، ولن ندخر جهداً من أجل تخفيف معاناتهم وإيصال الدعم إلى من يستحقه
  • وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى: نأمل بكل صدق ألا تُعرقل هذه القوافل من الجهة الخارجة عن القانون التي تسعى لتوظيف معاناة أهلنا لأهدافها الانعزالية
  • الهلال الأحمر المصري يواصل دعمه لقطاع غزة رغم التحديات الإنسانية
  • رئيس الوزراء السوداني يعين 5 وزراء جدد في حكومته
  • رفض قاطع.. وتوعد بإحباط المشروع.. الجيش السوداني يصف الحكومة الموازية بـ«المؤامرة»
  • لن نفرط.. وزير “المعادن” السوداني يعلن الحرب على مهربي الذهب
  • مراسل سانا: بحضور وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى ومحافظ حلب عزام الغريب ومدير مديرية الإعلام، جلسة مفتوحة في مدينة حلب لمناقشة التطورات الإعلامية الراهنة والتحديات المستقبلية، بمشاركة فاعلة من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الإعلامي المحلي