علي جمعة: من رضى بقضاء الله أرضاه الله بجميل قدره
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه كان يقول: «ما أبالي على ما أصبحت، وما أمسيت أحبَّ إليَّ؛ لأني لا أدري أيهما خير لي»؛ تسليمًا ورضًا على كل حال، فكل ما يأتي منك يا ربي جميل.
وأضاف: ولكن الرضا يحتاج إلى تدريب ومراقبة ؛ لأن طبيعة الإنسان أنه يجزع عند المصيبة ، ويسعد بالفرح .
أي : يا عدي، القضاء نافذ لا محالة، فإما أن ترضى، وإما أن تسخط، الرضا لن يرد قضاء، كما أن السخط لن يرده . فالقضاء ماضٍ لا محالة. فما رأيك: أن ترضى وتؤجر، أم أن تسخط فيحبط عملك؟
وأوضح أن هذه القصة تبين الفرق ما بين الرضا والصبر ، وهما معانٍ متولدة بعضها من بعض، فالرضا يساعد الإنسان على الصبر ، كما في قوله تعالى : {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ}. ومتى يكون الصبر جميلًا؟ عندما لا يكون فيه تبرُّم ولا اعتراض على مراد الله.
وأكد أن الرضا يزيل الحزن، ويساعد على الزهد، ويعين على التوكل والتسليم، ويفتح للإنسان بصيرةً تجعله يفهم الأشياء على حقيقتها، وهو أن كل شيء في هذا الكون إنما يكون بمراد الله سبحانه وتعالى، فلا يتم شيء إلا بخلقه وإرادته جل وعلا.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الخواطر منها ما هو شيطاني ويجب ألا نستجيب له ونقول «اذهب يا لعين»
كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورًا جديدًا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه إن أهل الله قسموا الخاطر إلى أربعة أنحاء:
أقسام الخاطر
وتابع: خاطر رحماني (من الرحمن )، وخاطر ملكي ( من المَلَكْ)، وخاطر نفساني (من نفس الإنسان)، وخاطر شيطاني ـ والعياذ بالله تعالى ـ على سبيل قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ }.
وأشار إلى أنه عندما يكون الخاطر بصورة طيبة، وفيه بشرى، وفيه تعليم للأدب مع الله، وفيه فتح، فهو من الرحمن "خاطر رحماني ".
وعندما يكون الخاطر فيه طمأنينة وسلام، وفيه روحٌ وريحانٌ وجنة نعيم، وفيه سعادة وانبساط، فهو من المَلَكْ "خاطر ملكي".
أما إذا كان الخاطر من نفسي (من نفس الإنسان) فقد يكون طيبًا، وقد لا يكون كذلك. والخاطر إذا كان مني فقد يتكرر؛ أي بعد أن تكون هذه الصورة قد خطرت لي – سواء كانت ملكية أو شيطانية- فإن النفس لها الطريقان: الخير والشر، فقد يتصور أنه خاطر نفساني من عندي، وقد تكون خيراً أو شراً. لكن إذا ذهب وزال، ثم عاد مرة أخرى، ثم زال، ثم عاد مرة اخرى، ثم زال، ثم عاد مرة ثالثة، علمت أنه من نفسي؛ لأن الشيطان وسواس خناس، يوسوس ويذهب، أما النفس التي بين جنبي فهى تكرر وتلح، فهي أمارة، تأمر مرة بعد مرة بعد مرة؛ فالتكرار يدل على أنه "خاطر نفساني" لا من الشيطان، وعدم التكرار يدل على أنه من الشيطان لا من النفس.
وأشار إلى أن "الخاطر الشيطاني" فإنه يريد الفتنة بأي وسيلة. وفي هذا المقام يحكى لنا الشيخ عبد القادر الجيلاني شيئًا يفيدنا في طريقنا إلى الله .
يقول: كنتُ فى الخلوة -وعرفنا ما الخلوة: مثل غار حراء, ومثل قضية الاعتكاف، خلوة يذكر فيها العبد ربه ويقل فيها الأنام والمنام والكلام والطعام- فإذ بالخلوة تمتلئ نورًا ما رأيتُ أجمل منه، وسمعتُ صوتًا ما سَمِعْتُ أحلى منه من قَبْل -سمع صوتًا جميلًا وملأ كيان الخلوة - قال: يا عبد القادر. فقلت: لبيك ربى لبيك، قال: يا عبد القادر لقد قَرَّبْنَاك وأحببناك، قال: فشعرتُ أنني أذوبُ كما يَذُوبُ الْمِلْحُ في الماء، قال: يا عبد القادر أحللنا لك الحرام. - وبعض الناس إذا سمع مثل هذه التُرَّهات يظن أن التكليف قد سقط عنه- فقال: اذهب يا لعين. – فقد عرف أن هذا من تلبيس إبليس، وأن الشيطان يفعل هذه الأفاعيل مع السالك في طريق الله ليصده عن ذلك الطريق أو يشوش عليه-. فانطفأ النور، وسمعتُ صوتًا لم أسمع أقبحَ منه من قَبْل، وهو يقول: عِلْمُكَ نَجَّاكَ يا عبدَ القادر، لقد أَخْرَجْتُ بها سبعين وليًا من ديوان الولاية. وهذا يعني أن هناك من الناس -والعياذ بالله- من يُطيعون هذه التُرَّهات .
إذًا: الخواطر منها ما هو شيطاني، ولذلك يجب ألا نستجيب له، وأن نتعلم من أسيادنا الأكابر كلمة: "اذهب يا لعين". فلو كان مراد الله إسقاط التكليف، لأسقطه عن سيد الأولين ﷺ الذى قال فيه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، أي حتى يأتيك الموت .
فالخاطرإذا جاء طيبًا، أفاد وأسعد ووجّه وعلّم، وإذا كان غير ذلك، آلم وأضر وضايق، ويجب عليّ ألا أتمادى في تلك الخواطر غير الطيبة .