أزمة تشكيل حكومة إقليم كردستان.. تقاسم النفوذ يحتدم بين الحزبين الحاكمين
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - كردستان
تشهد الساحة السياسية في إقليم كردستان تصعيدًا غير مسبوق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على خلفية الخلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة وتقاسم المناصب السيادية، حيث يتمسك الاتحاد الوطني بالحصول على منصب رئاسة الإقليم، بينما يرفض الحزب الديمقراطي التنازل عنه، معتبرًا إياه خطًا أحمر لا يمكن التفاوض بشأنه.
توازن القوى الانتخابية وتعقيدات التحالفات
في الانتخابات التي جرت بتاريخ 20 تشرين الأول 2024، حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعدًا، بينما حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 23 مقعدًا من أصل 111 مقعدًا في برلمان الإقليم. وبما أن تشكيل الحكومة يتطلب أغلبية 51 مقعدًا، فإن أي حزب لا يستطيع تشكيلها منفردًا، ما يفرض تحالفات سياسية معقدة قد تؤخر تشكيل الحكومة لفترة أطول.
الاتحاد الوطني: "رئاسة الإقليم استحقاق سياسي"
يرى الاتحاد الوطني الكردستاني أن المرحلة الحالية تمثل فرصة ذهبية لانتزاع منصب رئاسة الإقليم، حيث يؤكد القيادي في الحزب غياث سورجي أن منصب رئيس الإقليم يجب أن يكون من نصيب الاتحاد الوطني أو أن يحصل الحزب على منصب رئاسة الحكومة على الأقل.
وقال سورجي في حديثه لـ "بغداد اليوم": "نحن الحزب الثاني في الإقليم، والديمقراطي يريد منصب رئاسة الحكومة، لذلك فمن حقنا الحصول على منصب رئاسة الإقليم كاستحقاق سياسي وانتخابي. نحن لن نشارك في الحكومة من أجل المشاركة فقط، بل نريد أن نكون طرفًا فاعلًا يخدم الجمهور، ولا نقبل بأن تحتكر المناصب المهمة من قبل طرف سياسي واحد".
الديمقراطي الكردستاني: "رئاسة الإقليم خط أحمر"
في المقابل، يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بمنصبي رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة، حيث أكد ريبين سلام، عضو الحزب الديمقراطي، أن الحزب قادر على تشكيل الأغلبية دون الحاجة إلى الاتحاد الوطني، لكنه يفضل مشاركة جميع القوى السياسية.
وقال سلام في تصريح لـ "بغداد اليوم": "نحن نمتلك 42 مقعدًا مع المكونات، ويمكننا التحالف مع كتل أخرى لتشكيل الأغلبية المطلوبة (51 مقعدًا)، ولكننا نفضل مشاركة الاتحاد الوطني بسبب قاعدته الجماهيرية. لكن لا يمكن القبول بأي مطالب غير منطقية، فهناك اتفاق سياسي قديم يقضي بأن يكون منصب رئاسة الإقليم من حصة الحزب الديمقراطي مقابل أن يكون منصب رئاسة الجمهورية من نصيب الاتحاد الوطني، وقد حصلوا بالفعل على رئاسة الجمهورية في بغداد رغم أنهم لا يشكلون الأغلبية الكردية في البرلمان العراقي".
مسرور بارزاني مرشح لرئاسة الحكومة.. ولكن بشروط
وفقًا لمصدر سياسي مطلع تحدث لـ "بغداد اليوم"، فإن الحزب الديمقراطي رشح مسرور بارزاني، النائب الثاني لرئيس الحزب، لتولي رئاسة حكومة إقليم كردستان لدورة ثانية، وهو أمر وافق عليه الاتحاد الوطني الكردستاني لكنه اشترط في المقابل الحصول على منصب رئاسة الإقليم.
لماذا يتمسك الديمقراطي الكردستاني برئاسة الإقليم؟
على الرغم من أن منصب رئيس إقليم كردستان كان يُعتبر منصبًا شرفيًا في الماضي، فإن التعديلات الدستورية التي أُدخلت خلال السنوات الماضية منحت رئيس الإقليم صلاحيات واسعة، ما جعله منصبًا ذا ثقل سياسي وتنفيذي. وتشمل هذه الصلاحيات:
-تمثيل الإقليم دوليًا والتفاوض مع بغداد بشأن الملفات السياسية والاقتصادية.
-الإشراف على المؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وهو أمر بالغ الأهمية في العلاقة بين الحزبين.
-التأثير على القرارات الاقتصادية، لا سيما فيما يتعلق بالنفط والغاز، وهما المصدران الرئيسيان لاقتصاد الإقليم.
يرى الحزب الديمقراطي أن منح الاتحاد الوطني هذا المنصب قد يمكنه من استخدامه كورقة ضغط ضد الحزب الديمقراطي، خصوصًا مع تصاعد الخلافات بين الطرفين حول إدارة الثروات، وتقاسم السلطات، والنفوذ الأمني في مناطق السليمانية وحلبجة.
العقبات أمام تشكيل الحكومة.. أزمة البرلمان والتحالفات
حتى الآن، لم يتمكن برلمان كردستان من عقد جلساته بانتظام، حيث انعقدت جلسة وحيدة فقط برئاسة محمد سلمان، النائب عن حراك الجيل الجديد، لكنها رُفعت بسبب الإخلال بالنصاب القانوني.
وعلى الرغم من الاجتماعات المستمرة بين اللجنة التفاوضية المشتركة للحزبين، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول توزيع المناصب السيادية، وهو ما يزيد من حالة الجمود السياسي.
السياسي لطيف الشيخ: "المأزق السياسي سيطول"
يرى المحلل السياسي لطيف الشيخ أن أزمة تشكيل الحكومة قد تستمر لفترة طويلة بسبب تصلب مواقف الطرفين، حيث أشار إلى أن الاتحاد الوطني يراهن على موقف المعارضة من أجل تقوية موقفه التفاوضي.
وقال الشيخ في حديثه لـ "بغداد اليوم": "الاتحاد الوطني يدرك أن الحزب الديمقراطي لا يستطيع تشكيل الأغلبية منفردًا، وهو ما يمنحه فرصة للمساومة على منصب رئاسة الإقليم. كما أن المعارضة، مثل حراك الجيل الجديد والأحزاب الإسلامية، ترفض الدخول في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية، مما يعزز موقف الاتحاد الوطني".
وأضاف: "حتى لو تمكن الحزب الديمقراطي من الوصول للأغلبية العددية داخل البرلمان، فإنه لن يغامر بتشكيل حكومة بمفرده، لأن الاتحاد الوطني يسيطر فعليًا على محافظتي السليمانية وحلبجة، وهو لاعب سياسي لا يمكن تجاوزه".
ما السيناريوهات المحتملة؟
أمام هذه الأزمة، تبدو الخيارات محدودة:
1. التوصل إلى اتفاق سياسي بين الحزبين، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، لكنه قد يستغرق أسابيع أو حتى أشهر.
2. استمرار الجمود السياسي، ما قد يؤدي إلى أزمة دستورية تعطل عمل الحكومة والبرلمان.
3. تحالف الحزب الديمقراطي مع قوى أخرى لتشكيل الأغلبية دون الاتحاد الوطني، وهو خيار ممكن لكنه قد يزيد من التوترات بين الطرفين.
غياب التوافق "مستمر"
يبدو أن أزمة تشكيل حكومة إقليم كردستان ستستمر لفترة طويلة، خاصة في ظل الخلافات الحادة بين الحزبين الرئيسيين. فبينما يتمسك الاتحاد الوطني بمنصب رئاسة الإقليم، يرفض الحزب الديمقراطي التنازل عنه خوفًا من تداعيات سياسية وأمنية قد تؤثر على نفوذه في الإقليم. ومع غياب توافق واضح، يبقى المشهد السياسي في كردستان مفتوحًا على كل الاحتمالات، في انتظار تسوية سياسية قد تكون مكلفة للطرفين.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الاتحاد الوطنی الکردستانی الدیمقراطی الکردستانی الحزب الدیمقراطی تشکیل الأغلبیة تشکیل الحکومة رئاسة الحکومة إقلیم کردستان الدیمقراطی ا بین الحزبین بغداد الیوم بین الحزب مقعد ا
إقرأ أيضاً:
رئيس حكومة لبنان أوعز بتقديم شكوى الى مجلس الأمن ضد اسرائيل
بيروت- طلب رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام الأحد 12 اكتوبر 2025، من وزير الخارجية يوسف رجي تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي بشأن الغارات الإسرائيلية التي طالت فجر السبت "منشآت مدنية وتجارية" في جنوب البلاد.
واستهدفت عشر غارات، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، ستة معارض للجرافات والحفارات على طريق بلدة المصيلح، ما أسفر عن تدمير 300 جرافة وآلية، في وقت أحصت وزارة الصحة مقتل شخص من الجنسية السورية وإصابة سبعة آخرين بجروح بينهم امرأتان.
وأفادت رئاسة الحكومة بأن سلام أجرى اتصالا بوزير الخارجية، "وطلب منه تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكا فاضحا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية".
ونددت السلطات اللبنانية بالغارات، التي قال الجيش الإسرائيلي إنها طالت "بنى تحتية تابعة لحزب الله استخدمت لتخزين آليات هندسية مخصصة لإعادة إعمار بنى تحتية إرهابية في جنوب لبنان".
واتهم الحزب بمواصلة "محاولاته ترميم بنى تحتية إرهابية في أنحاء لبنان".
وندد الرئيس اللبناني جوزاف عون السبت بالغارات التي أثارت الرعب في المنطقة التي تبعد أكثر من 40 كيلومترا من الحدود مع اسرائيل.
وقال عون في بيان إن "خطورة العدوان الأخير أنه يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة" حيث دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ ظهر الجمعة، وسط خشية في لبنان من تكثيف الضربات الإسرائيلية ضدّ حزب الله الذي لا يزال يرفض تسليم سلاحه للدولة.
وندد الحزب بالغارات معتبرا أنها تأتي "في إطار الاستهدافات المتكرّرة والمتعمدة على المدنيين الآمنين وعلى البنى الاقتصادية ولمنع الناس من العودة إلى حياتها الطبيعية"، داعيا الدولة إلى اتخاذ موقف "حازم".
وغداة اندلاع الحرب في غزة مع هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلن حزب الله فتح "جبهة إسناد" للقطاع وحليفته حماس.
وبعد تبادل القصف عبر الحدود لنحو عام، تحوّلت المواجهة مع إسرائيل اعتبارا من أيلول/سبتمبر 2024، حربا مفتوحة تلقّى خلالها الحزب ضربات قاسية على صعيد ترسانته العسكرية وقادته.
ويسري منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر اتفاق لوقف إطلاق النار تمّ التوصل إليه برعاية أميركية وفرنسية، ينصّ على تراجع حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة حوالى 30 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل) وتفكيك بنيته العسكرية فيها، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية.
لكن اسرائيل التي أبقت قواتها في خمس تلال في جنوب لبنان، تواصل شن غارات خصوصا على جنوب لبنان.
وعلى وقع ضغوط أميركية، قررت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس تجريد حزب الله من سلاحه قبل نهاية العام. ووضع الجيش خطة من خمس مراحل لسحب السلاح، في خطوة سارع الحزب المدعوم من طهران الى رفضها واصفا القرار بأنه "خطيئة".