يمانيون../
أظهر سُقُوطُ تهديدات ترامب بشأن إنهاء وقف إطلاق النار في غزة يوم السبت، خواءَ استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة الرامية لفرض مخطّطاتها بواسطة العنتريات والتلويحِ بالقوة، في مقابل نجاح المقاومة الفلسطينية في فرض شروطها وإجبار العدوّ الصهيوني على الالتزام بها، وهو مشهد ينطبق أَيْـضًا على مؤامرة التهجير التي تسعى إدارة ترامب إلى فرضها كأمر واقع من خلال نفس الاستراتيجية.

إتمام عملية تبادل الأسرى، يوم السبت، مثَّل محطةً جديدةً من محطات انتصار المقاومة الفلسطينية على إرادَة العدوّ وداعميه وعلى رأسهم الولايات المتحدة، حَيثُ كان العدوُّ قد حاول أن يضعَ المقاومة تحتَ الضغطِ، من خلال رفض تنفيذ التزاماته المتعلقة بدخول معدات الإسكان والمساعدات إلى قطاع غزة، وهو الأمر الذي ردَّت عليه المقاومةُ وبشجاعة واضحة بالإعلان عن تعليق عمليات التبادل، لتصنع بذلك ضغطًا معاكسًا حاول الرئيسُ الأمريكي ترامب أن يتجاوَزَه، من خلال التهديد بإنهاء وقف إطلاق النار إذَا لم يتم التبادل في موعده، لكن ذلك لم يزعزع إرادَة المقاومة التي أفضت في النهاية إلى إجبار العدوّ على تنفيذ الالتزامات ليتم إجراء التبادل؛ ما عكس بوضوح عجز التهديدات الأمريكية عن إخراج العدوّ من حالة الهزيمة والخضوع لشروط المقاومة.

هذه الجولة المقتضبة من الصدام والتي أثبتت فيها المقاومة الفلسطينية استمرار قدرتها على فرض الشروط وإجبار العدوّ الصهيوني على النزول عن الشجرة في النهاية، عكست أَيْـضًا مصير مؤامرة التهجير التي يحاول العدوّ برعاية الولايات المتحدة الأمريكية فرضها كأمر واقع من خلال نفس الأساليب، وهي التهديد والضغط والتلويح بالقوة، وقد وجَّهت المقاومةُ هذه الرسالةَ بوضوح من خلال مراسمِ عملية التبادل يوم السبت، والتي برز فيها عنوانُ “لا هجرة إلا إلى القدس”.

وفي الوقت الذي يعلق فيه العدوّ آماله على “البلطجة” الأمريكية في فرض مخطّط التهجير على الدول العربية التي لم ترق مواقفها حتى الآن إلى المستوى المطلوب من القوة والفاعلية، برغم الرفض الواضح للمخطّط، فَــإنَّ “الهشاشة” العربية في هذه المسألة لا تعطي في الواقع أي دليل حقيقي على إمْكَانية تطبيق مؤامرة التهجير، فحتى لو وافقت هذه الدول، وهو أمر لا يزال متعسرًا، فَــإنَّ المضي في تنفيذ الخطة سيصطدم بصلابة موقف الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، بالإضافة إلى موقف جبهات الإسناد، والتي تقدمتها اليمن في تأكيد استعدادها للتدخل العسكري الفوري ضد العدوّ والولايات المتحدة معًا؛ الأمر الذي سيعيد العدوّ إلى نفس المربع الذي لم يجد منه مخرجًا إلا بالموافقة على شروط المقاومة، وبالتالي فَــإنَّ كُـلّ ما تفعله جبهة العدوّ الآن في سياق خطة التهجير لا يتضمن في الواقع أي أمل حقيقي للنجاح.

وفيما تعلق تحليلات العدوّ الآمال على أنه سيكون أكثر قدرة على التصرف بعدوانية أكبر ضد غزة بعد إنهاء تبادل الأسرى، وبالتالي سيتمكن من تحقيق أهدافه في تهجير الفلسطينيين، فَــإنَّ هذا الآمال في الحقيقة ليست معلقة إلا على كذبة أن العدوّ لم يتصرف بعدوانية كافية خلال الجولة الماضية وأنه كان “مقيَّدًا” بالحرص على حياة الأسرى، وهو أمر لا يشير إلا خواء جعبة آمال العدوّ إلى حَــدّ التعلق بأوهام واضحة لتجاوز الشعور المرير بالهزيمة، فجيش العدوّ لم يدخر في الحقيقة أي جهد لإبادة الفلسطينيين وتحويل غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة بالمطلق، وهو أقصى ما يمكن الذهاب إليه في خيارات العدوان، وقد تضمن ذلك تعمد قتل العديد من الأسرى الصهاينة بغارات جوية، وفق اعتراف وزير الحرب السابق غالانت نفسه، وبالتالي فَــإنَّ التعويل على تطبيق خطة التهجير من خلال القوة، ليس إلا نسخة جديدة من الأهداف التي وضعها العدوّ لنفسه في بداية معركة طوفان الأقصى، والمتمثلة في القضاء على المقاومة الفلسطينية وتحرير الأسرى بالقوة، والتي لم تكن غير قابلة للتحقّق فحسب، بل تحولت مع مرور الوقت إلى عبء على جيش العدوّ وقيادته السياسية، بفعل صمود المقاومة وحاضنتها الشعبيّة وفاعلية جبهات الإسناد الإقليمية.

وبالتالي فَــإنَّ الجهودَ الأمريكيةَ التي يعوِّلُ عليها العدوُّ لا تزالُ تدورُ خارجَ المساحة الأَسَاسية للهدف؛ لأَنَّ إقناع الدول العربية أَو ابتزازها والضغط عليها لقبول مخطّط التهجير، على خطورته، لن يشكل فرقًا عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ، إذ لن تستطيع الأنظمة العربية الضغط على المقاومة الفلسطينية لقبول الجريمة مهما فعلت، وَإذَا حاولت أن تتمادى في مساعيها فستجد نفسها في مواجهة مع الشعب الفلسطيني ومع شعوبها، وهو وضع تعرف هذه الأنظمة جيِّدًا أن الدعم الأمريكي لن ينقذها منه، بل إنه سيجعلها أكثر عرضة للابتزاز بما يساهم في زيادة حدة الاصطدام مع القضية الفلسطينية وتوسيع تأثيراته.

وبالإضافة إلى ذلك، فَــإنَّ الفلسطينيين لن يكونوا وحدهم في مواجهة جريمة التهجير، والإعلان الحازم من جانب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي مؤخّرًا عن الجاهزية للتدخل العسكري بكل ما هو متاح، لم يكن مُجَـرّد دعم معنوي، بل دفعٌ حقيقيٌّ للجبهة اليمنية إلى قلب الصراع مع العدوّ بما يتجاوز حتى مستويات الإسناد خلال الجولة السابقة التي أثبتت فيها هذه الجبهة قدرتها على فرض معادلات استراتيجية مؤثرة تواكب كُـلّ التفاصيل وتضاعف قوة موقف المقاومة الفلسطينية في الميدان وعلى طاولة التفاوض معًا.

وسيكونُ العدوُّ مخطئًا إن عَوَّلَ على “تحجيم” تأثير تدخل الجبهة اليمنية في مواجهة جريمة التهجير، وإبقائه عن مستوى معين، فقد فشلت هذه الاستراتيجية بشكل فاضح خلال الجولة السابقة وكان من نتائجها الصادمة هزيمة تأريخية غير مسبوقة للبحرية الأمريكية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر تصاعد شدة وكثافة العمليات اليمنية حتى أصبحت مأزقًا استراتيجيًّا خانقًا للمؤسّسة الأمنية والدفاعية والاقتصادية في كيان العدوّ، وكابوسًا يوميًّا لأكثَرَ من 5 ملايين مستوطن، وَإذَا كان التدخل الجديد سيبدأ من حَيثُ انتهت عمليات الإسناد في الجولة السابقة فَــإنَّ التحدِّيَّ سيكونُ أكثَرَ صُعوبةً وتعقيدًا وخطورةً مما يظن العدوّ.

ولا يمكن للعدو أن يضمَنَ أن الهزةَ التي ستُحدِثُها محاولتَه لتنفيذ جريمة التهجير، والتدخل اليمني المساند لمواجهتها، لن تسفر عن توسع نطاق النيران إلى جبهات إسناد أُخرى، بالنظر إلى خطورة الجريمة وتداعياتها على المنطقة بأكملها.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة مؤامرة التهجیر من خلال ف ــإن

إقرأ أيضاً:

ترامب: وقف إطلاق النار في غزة مُمكن ولا أتفق مع نتنياهو بعدم وجود مجاعة

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الإثنين، أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ممكن، معبرًا عن رغبته في تحقيق تهدئة فورية تتيح إيصال الغذاء وتوفير الأمان لسكان القطاع، وخاصة الأطفال.

وفي تصريحات أدلى بها، أوضح ترامب أنه لا يتفق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه لا يوجد مجاعة في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه أبلغه بضرورة "اعتماد مقاربة مختلفة" تجاه غزة.

وأضاف ترامب: "بناء على ما أشاهده في التلفزيون يبدو أن الأطفال يعانون جوعا شديدا في غزة. الوضع هناك كارثي ومأساوي وقد قدمنا الكثير من المال إليها ولا يوجد أحد قال لنا شكرا".

اقرأ أيضا/ السيسي: ننسّق مع قطر وأمريكا لإنهاء الحرب وإيصال المساعدات إلى غـزة

وأشار إلى أن إدارته نجحت في إخراج عدد كبير من الرهائن من غزة، وبعضهم زار البيت الأبيض، لكنه حذر من أن تحرير الرهائن المتبقين سيكون أكثر صعوبة في المرحلة المقبلة.

وشدد ترامب على أهمية البُعد الإنساني قائلًا: "يجب أن ينعم الأطفال في قطاع غزة بالغذاء والأمان فورًا." كما أعلن عزمه مناقشة ملف وقف إطلاق النار مع رئيس الوزراء البريطاني خلال الأيام القادمة.

 

 

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية السيسي: ننسّق مع قطر وأمريكا لإنهاء الحرب وإيصال المساعدات إلى غزة ألمانيا: مستعدون لاتخاذ خطوات للضغط على إسرائيل بشأن غزة  وزير الخارجية الإسباني: المجاعة في غزة مدعاة للخجل الأكثر قراءة اعتراض مسيرة "أطلقت من اليمن" بعد الهجوم على الحديدة نتنياهو يقرر الإطاحة بإدلشتاين من رئاسة لجنة الخارجية والأمن الرئيس عباس يتسلّم التقرير السنوي لصندوق الاستثمار الفلسطيني لعام 2024 القوى الوطنية والإسلامية تحذر من كارثة إنسانية في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • ترامب: أسعى إلى تسوية النزاع في قطاع غزة
  • مدفيديف: على ترامب أن يتذكر أن لغة الإنذارات تمثل خطوة نحو الحرب
  • عدتها جزءًا من مؤامرة التهجير القسري.. الخارجية الفلسطينية تُحذِّر من مخططات الاحتلال الإسرائيلي لضم قطاع غزة تدريجيًا
  • ستارمر يؤكد أهمية دعم ترامب لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
  • مصر تؤكد تمسكها بثوابت القضية الفلسطينية وتواصل جهودها لوقف إطلاق النار في غزة
  • ترامب: نريد وقف إطلاق النار بغزة.. ونأمل أن يصل الطعام لمن يحتاجونه
  • ترامب يلمح إلى احتمال التوصل لوقف إطلاق النار في غزة
  • ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن
  • ترامب: وقف إطلاق النار في غزة مُمكن ولا أتفق مع نتنياهو بعدم وجود مجاعة
  • ترامب: نريد وقف إطلاق النار في غزة ونتطلع إلى إطعام الناس هناك