البوابة نيوز:
2025-06-10@12:39:51 GMT

إفيه يكتبه روبير الفارس: شُلت يدي

تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تظاهر الرجل الذي كان يحطم الأصنام في فيلم "فجر الإسلام"، بالشلل وصرخ قائلًا: "شُلت يدي" ليُغِيظ الكفار، لكنه سرعان ما عاد وأخرج لهم لسانه، لأن يده سليمة، واستمر في تكسير الأصنام. وفيلم "فجر الإسلام "من إنتاج عام 1971 وإخراج صلاح أبو سيف. ورغم مرور كل هذه السنوات، فإن إفيه "شُلت يدي" ما زال حاضرًا في الوعي المجتمعي والفكري.

 

لعل ذلك يرجع إلى أن حرفة تشييد الأصنام ما زالت قائمة، وجمهورها بالملايين. قد تكون كلمة "أصنام" غير مستخدمة كمفردة، لكن بديلها موجود: رموز وعلامات، شيوخ وقديسون، عظماء وُضعت حول حياتهم لافتات "ممنوع الاقتراب أو التصوير"، باعتبارهم خطوطًا حمراء فوق البشر. وكلما اقترب أحدٌ منهم محاولًا تقديم قراءة موضوعية لحياتهم، ذاكرًا سلبياتهم وإيجابياتهم في سياقها التاريخي، ثارت عليه جماهير المعجبين، لكسر ذراعه، وحرق يده، وتشويهه معنويًا. فهذه أوثانٌ ليس مطلوبًا سوى تقديسها، ومدحها، وإشعال البخور لتمجيدها ليل نهار.  

يبدو أن هناك إرثًا فرعونيًا مغروسًا في اللاوعي، ومدسوسا في الدم يدفع نحو إقامة آلهة صغرى تُعمي البصيرة عن رؤية بشريتها، ولا علاج له سوى المزيد من الصدمات. فمثلًا، رغم الاحتفاء الشديد بوطنية مصطفى كامل، ما المانع من ذكر حقائق مثل أن مطالبه بإنهاء الاحتلال البريطاني تزامنت مع مطالبته ببقاء الاحتلال العثماني؟ وأن جريدته "اللواء" كانت تشعل الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين؟  

وأن الزعيم الشعبي الكبير سعد زغلول، رمز ثورة 1919 الخالدة، كان يلعب القمار؟ وأن جمال عبد الناصر، أول مصري يحكم مصر منذ قرون، وباني السد العالي، كان مسؤولًا عن هزيمة 1967 التي ما زالت آثارها قائمة حتى اليوم؟ وأن السادات، بطل الحرب والسلام، نفخ في نار الصحوة، وغذَّى الجماعات الأصولية الإرهابية التي التهمته، وما زالت أسنانها تنهش العقول والقلوب حتى الآن؟  

وأن إمام الدعاة والمفسر الشهير الشيخ الشعراوي أعلن أنه سجد لله شكرًا على الهزيمة الكبرى التي راح ضحيتها آلاف المسلمين؟  

ومؤخرًا، صدر كتاب "الأربعة الكبار: قصة الصراع العنيف حول كرسي البطريرك في القرن العشرين" للمؤرخ الكنسي فؤاد نجيب، الذي رحل عقب صدوره بنحو شهر. وثَّق فيه، كشاهد عيان، وقائع حقيقية حول البابا شنودة، والأب متى المسكين، والأنبا أغريغوريوس، والأنبا صموئيل. وهي وقائع تتفق مع ما جاء في السيرة الذاتية للأنبا أغريغوريوس، وأيضًا مع مذكرات الشاهد الأمين الدكتور نصحي عبد الشهيد.  

ورغم أن هذه الوقائع قريبة، وثِمارها وأشواكها ما زالت على الشجر، فإن عبَدةَ البشر ينكرون كل ما يمس آلهتهم البشرية، رغم أنه واضح كالشمس. ومما وثَّقه الراحل في كتابه عن البابا قوله: "كان يختار لسكرتاريته شخصيات في غاية السوء ليحققوا له أهدافًا شاذة وخطرة. لقد بلغ الأمر بالأنبا بيشوي أن صار داعمًا لجماعة الإخوان المسلمين، وطالب المصريين بوضع ثقتهم فيهم، وكان يُثني على وطنية ونزاهة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة المتطرفة، ويرجو لفتياتنا أن يتمثلن بهن في ارتداء الحجاب. أما الأنبا بولا، فقد كان يشجع الحزب السلفي، وقال عنهم إنهم فصيل وطني حتى النخاع".  

في الفيلم، استمر الرجل في تكسير الأصنام، أما في واقعنا، فالجماهير تدعو عليه بالشلل.  

إفيه قبل الوداع 
 لا مَساسَ! لا مَساسَ!  
 تعيشُ أنت، يا حَجّ!( سمير غانم فيلم يارب ولد)

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فجر الإسلام إفيه يكتبه روبير الفارس ما زالت

إقرأ أيضاً:

الشفافية التي غابت عن الفترة الإنتقالية

الشفافية التي غابت عن الفترة الإنتقالية:
نلاحظ أن الفترة من ٢٠١٩ حتى بداية ٢٠٢٣ شهدت زخمًا سياسيا استثنائيا، بلغ ذروته من الاحتدام. وشارك في هذا المشهد عشرات الأحزاب والمنظمات والأفراد، إضافة إلى أطراف أجنبية من حكومات ومنظمات وأجهزة مخابرات. ورغم أن هذه الفترة انتهت بفشل سياسي واقتصادي غير مسبوق، توج بحرب، فإنه حتى الآن لم تُقدّم أي من المجموعات أو الأحزاب أو الأفراد المشاركين على مذكرات أو حتى مقالاتٍ صادقة ومتجردةٍ تكشف للشعب والتاريخ أسرار هذه الفترة المحورية في تاريخ السودان الحديث.

وغياب أي مذكرات أو شهادة أو مقالات صادقة عن أهم فترة في التاريخ السودان حقيقة مذهلة ومرعبة تلخص معدن من أدار الفترة وشارك قرب مطبخها

وحتى وثيقة “قحت” وورشتها الخاصة بتقييم الفترة الانتقالية، لم يتجاوزا محاولةٍ هزيلة لاستعادة المشروعية، تختفي وراء نقدٍ خفيف وسطحي يفتقر إلى الصراحة والشمول والعمق المطلوبين. وكانت الملهاة في أن قحت أقامت ورشة تقيم فيها أداء قحت وكانوا الخصم والحكم. – صححو ورقهم براهم، وزيتهم في بيتهم.

وهذا كله لا يدل إلا على شيء واحد: أن الجماعات والشخصيات التي شاركت في إدارة المرحلة الانتقالية بعد البشير لا تؤمن حقيقة بضرورة الشفافية، وهي الشرط الأساسي لأي ديمقراطية حقيقية. فهذه جماعات غير مؤهلة، ومع ذلك تمارس وصاية غير مستحقة على شعب لم ينتخبها لاتخاذ القرارات المصيرية نيابةً عنه. هذه جماعة تطالب خصومها بالشفافية الديمقراطية وتعفى نفسها من تلك المشقة.
معتصم اقرع معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل ما زالت الدولة السودانية تقاتل بعقلية (كرري) تحدث عن رجال كالأسود الشامخة؟
  • علي جمعة: علماء المسلمين أجابوا على مليون و200 ألف مسألة طوال التاريخ
  • الشفافية التي غابت عن الفترة الإنتقالية
  • دعاء المسلمين.. رونالدو يثير الجدل أثناء ركلات ترجيح البرتغال وإسبانيا
  • “رابطة علماء المسلمين” تدعو إلى التحرك لكسر حرب التجويع والابادة الصهيونية على غزة
  • حكماء المسلمين يهنئ السعودية بنجاح موسم الحج
  • وزير الأوقاف السوري: قلبي يحدثني بأن يكون توحيد كلمة المسلمين على يد ولي العهد
  • بن سلمان يهنئ المسلمين بعيد الأضحى ويدعو لسلام عادل في فلسطين
  • وزير أوقاف سوريا: "قلبي يحدثني بأن يكون توحيد كلمة المسلمين على يد ولي العهد"
  • في مشهد مهيب.. مسيّرات تصوّر آلاف المسلمين وهم يطوفون حول الكعبة في ختام مناسك الحج