في عام 2019 أعلنت تركيا عن مبادرة "آسيا من جديد" ضمن إطار رؤيتها لسياستها الخارجية في المئوية الجديدة. حيث أكدت وزارة الخارجية أن المبادرة تهدف إلى "الاستفادة من الفرص المحتملة للتعاون مع الدول الآسيوية، بما يتناسب مع الظروف والاحتياجات المتطورة". وأضافت أنها تركز على "تحسين علاقات تركيا مع هذه الدول من خلال النهج الإقليمي ودون الإقليمي والخاص بكل دولة، على أساس المصالح والأهداف المشتركة".

وعلى ضوء ذلك، شهدت السنوات الماضية إجراءات عملية من قبل أنقرة، لبلورة هذه المبادرة في شكل تعاون بناء وفعال مع الدول الآسيوية في مختلف المجالات.

حيث طورت العمل داخل "المجلس التركي" الذي تحول نهاية عام 2021 إلى "منظمة الدول التركية" والذي يضم دولًا من آسيا الوسطى، وهي: كازاخستان، وأوزبكستان، وقرغيزستان، إضافة إلى أذربيجان، وهذه الدول ترتبط مع تركيا بروابط ثقافية ولغوية وعرقية ودينية.

كما عززت تركيا علاقاتها مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، حيث أكد وزير الخارجية، هاكان فيدان، خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول الرابطة في يوليو/تموز الماضي، أن تركيا "تهدف إلى أن تكون شريك حوار لآسيان. وذلك لإجراء حوار وتعاون أكثر شمولًا وتنظيمًا".

إعلان

في هذا الإطار الإستراتيجي، الذي رسمته أنقرة، يمكننا قراءة الأهداف والآثار المرتقبة من الجولة الآسيوية التي قام بها أردوغان مؤخرًا، وشملت ماليزيا، وإندونيسيا، وباكستان.

استدعاء العثمانية

قبل الحديث عن أهداف الزيارة، والتي كان الاقتصاد عنوانها الأبرز والأهم، فإن ما لفت الأنظار هو الاستدعاء المكثف للتاريخ، وذلك للتأكيد على عمق العلاقات التي تربط هذه الدول بتركيا حتى من قبل تأسيس الجمهورية 1923.

ففي مؤتمر صحفي مع نظيره الإندونيسي، برابوو سوبيانتو، قال أردوغان: "هذا العام نحتفل بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس علاقاتنا الدبلوماسية".

ثم أردف مؤكدًا: "ومع ذلك، فإن روابطنا التاريخية والإنسانية مع إندونيسيا تعود إلى 400 عام".

هذه القرون الأربعة التي ذكرها أردوغان، يشير بها إلى الحملة العسكرية التي أرسلتها الدولة العثمانية إلى إقليم آتشيه الإندونيسي في القرن السادس عشر لدعم سلطانها آنذاك في مواجهة الإمبراطورية البرتغالية.

وخلال مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس الإندونيسي، على شرف نظيره التركي، كان لافتًا عزف الفرقة الموسيقية نشيد الجيش العثماني المعروف باسم "المهتر"، حيث شاركهم أردوغان بترديد بعض مقاطعه.

وفي المحطة الباكستانية، أشاد رئيس الوزراء، شهباز شريف، بعلاقة البلدين، مشيرًا إلى أن "هذه العلاقة الثنائية لم تنشأ فقط بعد استقلال باكستان، بل على العكس، كانت هناك علاقة صداقة وأخوّة كبيرة بينهما تعود إلى قرون مضت". مذكرًا بأن"مسلمي شبه القارة (الهندية) بذلوا كل ما في وسعهم لدعم أولئك الذين كانوا يناضلون من أجل استقلالهم في تركيا خلال حرب الاستقلال".

ومن المعروف تاريخيًا أن مسلمي الهند: "باكستان وبنغلاديش والهند حاليًا" أرسلوا مساعدات كبيرة للدولة العثمانية في حرب الاستقلال، ومن قبلها في حروب البلقان. هذا الاستدعاء حمل أردوغان على القول للصحفيين الموجودين معه على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من الجولة: " كل الإطراءات التي تلقيناها أتت بسبب إرث العثمانيين. ولولا إرثهم العظيم، لما وجهت إلينا هذه الإطراءات".

إعلان التعاون الاقتصادي

وَفق المقاربة التي أعلنها أردوغان من قبل، وشكلت أساس علاقات تركيا بغيرها من الدول، والمعروفة باسم "اربح- اربح"، كان الاقتصاد هو العنوان الأبرز في الزيارة.

فتعداد سكان الدول الثلاث أكثر من 555 مليون نسمة، وتبلغ قيمة صادرات كل من ماليزيا وإندونيسيا قرابة 600 مليار دولار، بمعدل نمو تجاوز 5% في كلا البلدين.

من هنا حرص أردوغان خلال زيارته على تعظيم التعاون الاقتصادي معهما، إضافة إلى باكستان رغم ما يعانيه اقتصادها من تعثرات، إذ لا يزال في طور التعافي.

وقد انعكس هذا التعاون في توقيع 49 اتفاقية مختلفة مع الدول الثلاث، إلا أن أهم هذه الاتفاقيات كان من نصيب الصناعات الدفاعية، حيث اصطحب أردوغان معه مسؤولي كبرى الشركات التركية العاملة في هذا المجال، مثل شركة بايكار المصنعة للمسيرة المشهورة بيرقدار، وشركة توساش المسؤولة عن إنتاج المقاتلة "KAAN" والتي تصنف ضمن مقاتلات الجيل الخامس، كما تختص الشركة بإنتاج وتطوير عدة أنواع من الطائرات، منها المروحية والتدريب، وإف- 16 المقاتلة.

التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين هذه الدول الإسلامية، سيمثل على المستوى الإستراتيجي، تطورًا مهمًا صوب التخفف من الاعتماد على الدول الغربية في التسليح، وما يستتبعه من رهن القرار الوطني لتلك الدول، وهي الأزمة التي عانت منها تركيا كثيرًا في فترات زمنية سابقة.

كما سيشهد ملف التبادل التجاري بين تركيا وهذه الدول تطورًا مهمًا، حيث تشير الاتفاقيات الثنائية إلى رفع قيمة التبادل إلى نحو 10 مليارات دولار مع كل من ماليزيا وإندونيسيا.

الحضور الفلسطيني- السوري

حرص أردوغان خلال مؤتمراته الصحفية مع زعماء الدول الثلاث، أو لقاءاته الصحفية، على حشد تأييد تلك العواصم الإسلامية، لدعم الشعبين: الفلسطيني والسوري، وذلك من خلال تأكيده على المحاور التالية:

أولًا: رفض خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للاستيلاء على قطاع غزة، واعتبارها تهديدًا صريحًا للسلام العالمي، مشددًا على أن " إندونيسيا وباكستان وماليزيا تتشاطر وجهات النظر نفسها مع تركيا فيما يخصّ السلام العالمي". ثانيًا: تحميل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مسؤولية ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية، ووصفه صراحة بأنه "رجل عصابات"، وأكد أردوغان احترام تركيا قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال نتنياهو. ثالثًا: وصف إسرائيل بالدولة الاستبدادية، نافيًا عنها تمتعها بنظام ديمقراطي، بسبب تهديدها الدول الأخرى بالقوة التي في حوزتها، والدعم الأميركي المفتوح. رابعًا: دعا الدول الأعضاء في رابطة جنوب شرق آسيا "آسيان" إلى التعاون من أجل توفير المساعدات الإنسانية اللازمة لقطاع غزة. خامسًا: بالنسبة للملف السوري، قال أردوغان: إنه "لم يعد هناك شيء اسمه بنية تحتية أو فوقية في سوريا، فقد تم تدمير كل مكان" مؤكدًا أن بلاده ستتعاون مع ماليزيا لاتخاذ التدابير اللازمة إزاء ذلك التدمير. إعلان إعادة التموضع آسيويًا

لا يمكن فصل زيارة أردوغان للدول الثلاث، عن مجمل التحركات الجيوستراتيجية التي انتهجتها تركيا في قارة آسيا وفق المبادرة التي أعلنتها في 2019، كما أشرنا إليها من قبل.

فتركيا فرضت عليها الحرب الباردة تقوقعًا داخل الأناضول، والابتعاد عن العمق الآسيوي، لوجود الاتحاد السوفياتي آنذاك، بكل ثقله العسكري والإستراتيجي.

لكنها احتاجت أكثر من عقد من الزمان عقب تفكك الإمبراطورية السوفياتية، لتعيد تلمس طريقها داخل آسيا، انطلاقًا من ميزاتها الجغرافية من خلال موقعها في قلب أوراسيا، وارتباطها الجيوثقافي، والجيوعرقي بالعديد من الدول الآسيوية، كما في آسيا الوسطى، وجنوب شرق آسيا.

فموقع تركيا في قلب أوراسيا، منحها ميزة الوجود على طريق التجارة الواصل بين آسيا وأوروبا، حيث أكد وزير الخارجية التركي في يناير/ كانون الثاني الماضي، أن: "الطريق الاقتصادي الأكثر موثوقية والأسرع بين القارتين الآسيوية والأوروبية هو خط آسيا الوسطى – بحر قزوين – جنوب القوقاز وتركيا".

كما أن إعادة التموضع آسيويًا، تؤشر إلى رغبة أنقرة، في بناء إستراتيجية متوازنة، في عصر تحولات النظام العالمي، حيث تشير التقديرات إلى الصعود الصيني المتوقع في عالم ما بعد القطبية الواحدة، الأمر الذي تريد معه تركيا امتلاك القدرة على التأثير في ذلك العالم، وعدم تكرار ما حدث في فترة الحرب الباردة، حينما تحولت إلى مجرد حارس لبوابة حلف الناتو الجنوبية، دون امتلاك القدرة على التأثير.

أيضًا لا يمكننا فصل هذا التموضع الآسيوي، عن مجال التنافس الإقليمي بين تركيا وإيران، إذ نجحت أنقرة في إقامة تحالفات موثوقة مع معظم دول الطوق المحيطة بإيران، مثل باكستان، وأفغانستان، وتركمانستان، كما عززت تأثيرها في منطقة القوقاز بتحالفها الإستراتيجي مع أذربيجان، الذي قاد إلى إلحاق الهزيمة بأرمينيا في حرب تحرير ناغورني قره باغ 2020.

إعلان

وهكذا فإنه من الواضح أن التقديرات التركية تشير إلى الصعود الآسيوي المرتقب في مقابل المركزية الأوروبية التقليدية منذ القرن التاسع عشر، وهذا ما دفعها إلى تعزيز وجودها داخل القارة عبر آليات متعددة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الدول من قبل

إقرأ أيضاً:

قصة النفوذ اليهودي في بنما

بنما سيتي- تقع عين أي زائر إلى العاصمة بنما سيتي على اسم "جادة- شارع إسرائيل" كأحد أهم شوارع المدينة في إشارة واضحة لعلاقة الارتباط العميقة التي تجمع بين بنما وإسرائيل.

وعلى عكس أغلب دول أميركا الوسطى والجنوبية، لم تعترف الجمهورية البنمية بدولة فلسطين، ولم تشهد جامعاتها مظاهرات أو احتجاجات منددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ورغم تقارب أعداد مسلمي ويهود بنما عند 20 ألف شخص لكل منهما، يتمتع يهود بنما بنفوذ سياسي طاغ، في حين يحظى عربها بنفوذ تجاري واقتصادي ملموس.

ودفع نفوذ يهود بنما لجعلها أحد أول دول العالم اعترافا بإسرائيل بعد احتلالها فلسطين عقب نكبة 1948.

مع إسرائيل

وفي نوفمبر/تشرين ثاني 2012، كانت بنما واحدة من 9 دول عارضت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن قبول السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة كدولة مراقب غير عضو، ومؤخرا، امتنعت بنما ورفضت إدانة إسرائيل في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرارات المتعلقة بعدوانها المستمر على غزة.

بعد اعترافها المبكر بإسرائيل، وخلال الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948، قدَّمت بنما سفينة أسلحة لإسرائيل، وهو ما عكس علاقات خاصة بين الدولتين استمرت حتى اليوم.

ومنذ عام 1963، عرفت علاقات الدولتين تفاهمات واسعة عبر تبادل المعلومات العلمية والإنتاج الفني والمدرسين، وشكَّل التعليم حجر الزاوية بينهما، حيث درس مئات الطلاب البنميون مناهج برامج زراعية وتكنولوجية إسرائيلية.

كما تقوم إسرائيل بتدريب قوات الأمن البنمية، وعزَّزت قدراتها في مجالات تأمين قناة بنما وأمن الحدود، وأفاد ذلك التعاون الطرفين، حيث اكتسبت بنما خبرات جديدة، وثبتت إسرائيل وجودها بالمنطقة.

وتعود جذور يهود بنما إلى يهود إسبانيا والبرتغال ممن عانوا ويلات محاكم التفتيش والعنصرية ضدهم في القرون الوسطى، مما دفع بعضهم إلى الهجرة للعالم الجديد في دول الأميركيتين.

إعلان

وكان الكثير من اليهود بين المستوطنين الأوروبيين الذين نزلوا بالسواحل البنمية خلال القرنين الـ17 والـ18، وأصبحوا جزءا أصيلا من نسيج المجتمع الجديد.

واتجه كثيرون منهم مبكرا للتجارة والأعمال وهو ما نما على مدار العقود الماضية، إلا أن النسبة الأكبر من يهود بنما أتت من سوريا ولبنان أوائل القرن الـ20، ثم يهود من دول أوروبا الشرقية إبان الحرب العالمية الثانية.

وجذب نمو قناة بنما والفرص التجارية الناتجة عنها العديد من رجال الأعمال اليهود، فأنشأت الجالية اليهودية مدارس ومعابد ومنظمات مدنية مما عزَّز وجودها ونفوذها في الحياة البنمية.

النسبة الأكبر من يهود بنما أتت من سوريا ولبنان أوائل القرن الـ20 (غيتي)تمييز رغم الحضور

ويُرجع المسؤول التنفيذي بإحدى الشركات البنمية، روبين فاري، قوة النفوذ اليهودي لعلاقات بنما القوية بالولايات المتحدة تجاريا وماليا.

ويقول للجزيرة نت "رأس المال الأميركي هو عماد الحياة الاقتصادية والتجارية والبنكية في بنما، وبما أن يهود نيويورك يلعبون دورا كبيرا في وول ستريت، فمن الطبيعي أن تكون لعلاقاتهم بيهود بنما تأثير إيجابي على أوضاع هذه الجالية المؤثرة والنافذة داخل بنما".

وعكس انصهار يهود بنما في نسيجها الوطني وصول يهودييْن بنمييْن لمنصب الرئاسة في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهما ماكس ديلفالي، وابن أخيه إريك أرتورو ديلفالي.

وتحدث دبلوماسي شرق أوسطي يخدم في بنما سيتي للجزيرة نت قائلا إن "يهود بنما جزء من المجتمع، ولا يعانون أي تفرقة أو تمييز، ولا ينظر إليهم كغرباء أو مهاجرين جدد، وعكس ذلك هي الصورة النمطية المرتبطة بمسلمي بنما، فبالرغم من نجاح عرب ومسلمي بنما اقتصاديا وماليا وتجاريا، فمن الصعب اعتبارهم جزءا متسقا مع بقية أطياف المجتمع البنمي".

مسجد كبير في قلب منطقة سكنية بمدينة كولون عند مدخل قناة بنما على المحيط الأطلسي (الجزيرة)

ويتمتع الإسلام بحضور غني وقديم في بنما، ويعود أقدم وجود مسجد للمسلمين في بنما إلى 1552 عندما وصلت مجموعة من رجال قبائل الماندينكا، الذين جاؤوا من مناطق أفريقيا، إلى ساحل المحيط الأطلسي، وأُحضروا كعبيد للعمل في مناجم الذهب.

وحديثا، جرت الموجة الأولى من هجرة المسلمين لبنما من شبه القارة الهندية، تليها جالية مسلمة عربية كبيرة في مدينة كولون، معظمها من أصل لبناني، وانضم إليها لاحقا فلسطينيون وسوريون، وبدؤوا بتشكيل مجتمع إسلامي أوائل تسعينيات القرن الماضي.

واستلزم نمو عدد السكان المسلمين إنشاء مساجد، وفي 1981 تم إنشاء المركز الثقافي الإسلامي في كولون، والذي كان بمثابة نقطة محورية للمسلمين في بنما.

وساهم الكثير من عرب بنما بنجاحها التجاري، وبرزوا في مجالات البيع بالتجزئة والجملة والتجارة، وساهمت روح المبادرة لديهم في نمو منطقة التجارة الحرة في كولون.

ويمتد تأثير المجتمع العربي والمسلم إلى الثقافة الرياضية في بنما، لا سيما في كرة القدم، ففي عام 1994، أسست مجموعة من أبناء المهاجرين العرب نادي "أرابي يونيدو" (Árabe Unido) وتعني "عربي متحد" أو (ديبورتيفو رابي يونيدو) في مدينة كولون، وأصبح النادي أحد أنجح فرق كرة القدم في بنما، وفاز ببطولات عديدة.

بنما سيتي مركز مالي وتجاري ضخم يعكس قوة التجارة التي يعتمد عليها اليهود والمسلمون (الجزيرة)علاقة المال

وتحتضن كولون عند المدخل والمخرج الشرقي لقناة بنما على المحيط الأطلسي أكبر سوق حرة بين دول أميركا الوسطى والجنوبية، ويقول سائق سيارة أجرة محلي بالمدينة للجزيرة نت إن "اليهود والمسلمين يسيطرون على هذه السوق، ولغة المال بينهما جعلتهما يشاركان الجهود للضغط على مجلس المدينة للحفاظ على مكاسب المحال التجارية والشركات التي تستفيد من وجودها في المناطق المحيطة بقناة بنما".

إعلان

ورغم الفقر والإهمال المنتشر بالمدينة التجارية والعاصمة الثانية لبنما، لا يمكن تجاهل الوجود الإسلامي واليهودي القوي في كولون، الذي يظهر في عدد من المساجد الإسلامية والمعابد اليهودية المنتشرة، وتمكنت الجماعتان الدينيتان من عزل نفسيهما عن الصراعات في الشرق الأوسط.

وتعد الاستثمارات المشتركة بين رجال الأعمال العرب واليهود في بنما شائعة، مما يعكس التزاما مشتركا بالازدهار الاقتصادي والتعايش السلمي وتحييد القضايا السياسة المرتبطة بهوياتهم الدينية والوطنية.

وبالرغم من الصراع المستمر منذ عقود بين إسرائيل وفلسطين، يبدو أن العلاقات الإسلامية اليهودية في بنما محصَّنة ضد سياسات الشرق الأوسط.

ويعد المسلمون واليهود أنجح مجموعتين عرقيتين تجاريتين في بنما، تتقاطع أنشطتهما التجارية بكثير من الحالات، واستقر رجال الأعمال العرب في المنطقة الحرة في كولون أواخر الستينيات لإدارة معاملاتهم التجارية.

وقال تاجر مسلم -لم يكشف هويته- للجزيرة نت "بصفتنا رجال أعمال مهتمين بالتجارة، هذه الانقسامات الطائفية بين مسلم ومسيحي ويهودي، لا تعنينا في شيء.. كلنا هنا بنميون، نعمل جميعا على نجاحنا الاقتصادي، ومن أجل الصالح العام للجمهورية البنمية".

مقالات مشابهة

  • تصاعد التوتر التركي الإسرائيلي.. أردوغان يتحدى مشاريع الاحتلال في سوريا
  • قصة النفوذ اليهودي في بنما
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • ترامب يُقلص مهلة روسيا ويهدد بفرض رسوم جمركية ثانوية.. هل تتأثر تركيا؟
  • تركيا تشن حملة أمنية موسعة.. اعتقال 77 مشتبهاً بـ«تنظيم غولن» في 26 ولاية
  • صدمة في آسيا!.. تركيا تصدّر الوحش الشبح إلى إندونيسيا في أكبر صفقة مرعبة بتاريخها العسكري
  • تركيا.. حزب أردوغان يتصدر استطلاعا للرأي بعد تراجع لأشهر
  • لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • أردوغان: تركيا في حالة تأهب دائمة لحماية الغابات من الحرائق