قال شيخ الأزهر أحمد الطيب، إن الفرقة والصراعات الداخلية والطائفية في الأمة الإسلامية، سبب أطماع الآخرين فيها، مشيرا إلى خطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وأكد الطيب في كلمة، اليوم الأربعاء خلال كلمته بمؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي بالبحرين، أن “التاريخ يحدثنا بأن أمتنا الإسلامية لم تجن من الفرقة والتشرذم وتدخل بعض دولها في الشؤون الداخلية لبعضها الآخر، أو الاستيلاء على أجزاء من أراضيها، أو استغلال المذهبية والطائفية والعرقية لزرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد، أو محاولات تغيير المذاهب المستقرة بالترغيب وبالترهيب، إلا فرقة ونزاعا وصراعا أسلمها إلى ضعف وتراجع أطمع الغير فينا وجرأه علينا”.


وأضاف: “رأينا وسمعنا من يطالبنا بتهجير شعب عريق وترحيله من وطنه ليقيم على أرضه منتجعا سياحيا على أشلاء الجثث وأجساد الشهداء من الرجال والنساء والأطفال من أهلنا وأشقائنا في غزة المكلومة”.
وذكر شيخ الأزهر، أنه آن الأوان لتضامن عربي إسلامي أخوي خال من كل هذه المظاهر “إذا ما أردنا الخير لبلادنا ولمستقبل أمتنا”، داعيا قادة العرب لتوحيد كلمتهم في قمتيهم العربية المرتقبة في مصر، وفي السعودية.
وفي جلسة أخرى خلال المؤتمر، تحدث الطيب حول موضوع “التقريب بين السنة والشيعة”، وقال إنه “شغل أذهان علماء الأمة ردحا من الدهر، وحرصوا على دوام التذكير به في مجتمعات المسلمين، وترسيخه في عقولهم واستحضاره، بل استصحابه في وجدانهم ومشاعرهم كلما همت دواعي الفرقة والشقاق أن تطل برأسها القبيح، وتعبث بوحدتهم فتفسد عليهم أمر استقرارهم وأمنهم”.
وأكد أن موضوع “التقريب” لا يزال مفتوحا كأنه لم يمسسه قلم من قبل، معللا ذلك بأن الأبحاث التي تصدت لموضوع التقريب تصدت له في إطار جدلي بحت، لم تبرحه إلى كيفية النزول إلى الأرض وتطبيقه على واقع المجتمعات المسلمة.
وأكد الطيب “أهمية الاعتراف بأننا نعيش في أزمة حقيقية يدفع المسلمون ثمنها غاليا حيثما كانوا وأينما وجدوا”، لافتا إلى أنه لا سبيل لمواجهة التحديات المعاصرة والأزمات المتلاحقة، إلا باتحاد إسلامي تفتح قنوات الاتصال بين كل مكونات الأمة الإسلامية، دون إقصاء لأي طرف من الأطراف، مع احترام شؤون الدول وحدودها وسيادتها وأراضيها.
وأشار إلى ما تواجهه القضية الفلسطينية من مخاطر، كدليل على حاجة الأمة للوحدة، مضيفا أن “المؤامرة ضد أبنائها، بل ضد الأمة كلها بلغت حد السعي في تهجير أبنائها في غزة من ديارهم، والاستيلاء على أرضهم”.
ولفت إلى أنه “من لطف الله تعالى في ذلك أن دفع أمتينا: العربية والإسلامية -شعوبا وقيادات-، إلى موقف موحد ومشرف، يرفض هذا الظلم البين، والعدوان على أهل أرض مباركة، وعلى سيادة دول مسلمة مجاورة، وهو موقف مشجع يعيد الأمل في وحدة الصف الإسلامي”.

المصدر: RT

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

صرخة الخبز في غزة: الأسواق تحوّلت إلى ساحات تجويع وعقاب جماعي

نوثّق معاناة أهالي القطاع.. وشهود عيان: الغذاء أداة للقتل

مسئولة في برنامج الأغذية العالمي لـ«الأسبوع»: ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام

أمهات في غزة يُواجهن الموت جوعًا وألمًا في خيام لا تقي من الحر ولا تحمي من الخطر

ريهان: «مش محتاجين شفقة.. محتاجين نعيش بكرامة.. والعدس صار حلمًا»

رجاء: «المجاعة تفتك بالصغار قبل الكبار.. ونحاول فقط البقاء على قيد الحياة»

الاحتلال يقصف مراكز الإغاثة ويمنع دخول المساعدات.. والمجاعة باتت واقعًا لا تحذيرًا

رغيف الخبز حلم.. وعلبة الحليب سلعة نادرة.. والأطفال الجوعى ينتظرون الشفقة

نساء يُخاطرن بحياتهن للحصول على الطعام.. ومراكز الإغاثة تحوّلت إلى مصائد موت

مياه الشرب ملوّثة.. وحقوقي فلسطيني: تجويع المدنيين أداة للإبادة الصامتة

بقايا الأسواق تعمل بدون رقيب.. والمساعدات الإنسانية تُباع بأسعار خيالية

من كان يتخيل أن تتحول غزة، التي صمدت أسواقها الشعبية لعقود في وجه الحصار، إلى مسرح مجاعة يتصارع فيه الأهالي يوميًا على فتات البقاء؟ وبعد شهور من التجويع الإسرائيلي الممنهج، جاءت مصر، كعادتها، لتمارس دورها الأخلاقي والإنساني، معلنة استئناف إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية عبر معبر رفح، وسط تعهدات رسمية بـ«توسّع ملموس» في المرحلة المقبلة، يفتح نافذة أمل وسط ركام الكارثة.

في لحظة بلغ فيها الجوع أقصى مداه، وانهارت الأسواق وسلاسل الإمداد تحت وطأة الحصار والعدوان، بدت غزة وكأنها تخرج من الزمن، لتصبح ساحتها اليومية صراعًا مريرًا من أجل النجاة، لا مجرد الحياة. من أسواق الشجاعية والزاوية وخانيونس، لم يتبقَّ سوى صدى أطلال صامتة، وغصة جوع ثقيلة، وخيام ممزقة لا تصدّ حرًّا ولا تردّ بردًا.

وسط هذا الخراب، تروي أمهات ومتضررون لـ«الأسبوع» مشاهد تقشعر لها الأبدان: أطفال يتظاهرون بالشبع كي لا يثقلوا كاهل أمهاتهم، رضّع ينامون على وجع بطونهم، ومقايضات مذلة بين علبة حليب وكيلو تمر، جوع لا يُقاس بالدخل، بل يُقاس بالبقاء، تجاوز الفقر ووصل حدود الإبادة، فيما تقر منظمات دولية أن ما يجري لم يعد أزمة عابرة، بل سياسة مُمنهجة تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان، نصفهم أطفال.

«في هذا المشهد القاسي، لا تكفي بيانات التضامن، ولا تنفع الخطب. ما يحتاجه الغزيون ممرٌ آمن لرغيف الخبز، وسندٌ حقيقي لصبر الأمهات اللواتي يقاومن المجاعة بالدموع والدعاء»، كما تقول الفلسطينية ريهان حازم شراب.

فقدنا الحياة

ريهان شراب

تقول «ريهان» من مدينة خانيونس، إحدى النازحات قسرًا لـ«الأسبوع»: الحياة التي كنا نعرفها لم تعد موجودة. تحوّلت إلى صراع يومي على أبسط مقومات البقاء، في خيمة صغيرة داخل مخيم مكتظ بالناجين من الموت، فيما التجويع المتعمد يقربنا منه. كل يوم أصعب من اللي قبله. لا كهربا، ولا غاز، والمياه غالبًا غير صالحة للشرب. الحرب سلبت منا كل شيء، حتى أبسط الأكلات صارت حلما. قلوبنا مليانة وجع. العدس، صار حلمنا».

ريهان، وهي أم لطفلين (راكان 10 سنوات، وتوتو 8 سنوات)، تعيش منفصلة مع طفليها منذ بداية الحرب، بعد أن تفاقمت مشكلاتها الزوجية تحت وطأة الظروف. تقول: «راح لأهله، وأنا مع أولادي عند أهلي». تتنقّل بين الخيام وبيت العائلة، لكنها منذ شهرين تعيش ظروفًا لا تُحتمل: «حرّ قاتل، الخيمة لا تقي من الشمس أو الغبار، والمياه قليلة، والأكل على قدّه».

تستعيد أيامها قبل الحرب: «كنا نعيش ببساطة وكرامة، نطبخ ونفرح ونتقاسم اللقمة». كانت تملك مشغلًا صغيرًا للمشغولات اليدوية في بيتها، مصدر رزق شريف يُعيل أسرتها، لكنه دُمّر مع البيت: «ضاع تعب سنين».

تضيف ريهان بحزن شديد: «أطفالي بيظلوا جوعانين، ما في شي. الأسعار نار، والسلع مش موجودة. الناس عم تبيع آخر ما تملك عشان علبة دواء أو علبة حليب أطفال»، تستكمل حديثها: «محمد، ابن شقيقتي، أبوه استُشهد بالحرب، وأمه

ما بتقدر ترضع طبيعي بسبب سوء التغذية والجوع. عنده فقر دم حاد، وقالوا لازم يتغذى، بس كيف؟ صرنا نعمل مقايضات، وآخر مرة أعطيتهم كيلو عجوة، وأخذت علبة حليب للطفل الرضيع».

تقسم «والله، الوضع أكبر من طاقتنا. كل يوم بدعي: يا رب يعدي اليوم على خير. مش طالبين رفاهية، بدنا نعيش بكرامة. إحنا مش محتاجين شفقة، بدنا الناس تفهم الحقيقة وتدعي لنا».

وعن مراكز توزيع المساعدات، تقول ريهان بنبرة تغلبها الحسرة: «أجوع، أتحمّل، أبلع القهر، بس ما أعرّض حياتي أو حياة أولادي للخطر. الطريق خطير، الفوضى مخيفة، والناس بتستغل وجعنا. أحيانًا أولادي يقولوا لي: يمّا، إحنا شبعانين، كلي إنتِ، وهم جعانين».

وعن التكيات، التي يُفترض أن تكون ملاذًا للفقراء، توضح ريهان واقعًا أكثر مرارة: «ليست دائمًا حاضرة، أحيانًا التوزيع بيكون لأسماء أو مناطق محددة. كثير ناس بيروحوا ويستنوا ساعات، ويرجعوا بدون شيء. حاولنا أكثر من مرة وما طلع لنا

إشي، يا بيقولوا التوزيع خلص، أو مش مسجّلين، أو إنه اليوم بس للعائلات النازحة الجديدة بس رغم هيك، بنضل نترجّى ربنا ييسّر، ويحنّن قلوب الناس علينا».

معاناة يومية رجاء حمدونة

من قلب المأساة، تروي «رجاء حمدونة» تفاصيل معاناتها اليومية لـ«الأسبوع»، وسط ظروف إنسانية متدهورة وأوضاع غذائية وصحية بالغة القسوة. تقول السيدة (التي تعول طفلة مريضة عمرها أربع سنوات، وتقيم في مخيم مخصص بأبناء الشهداء في مدينة خانيونس):

«الأوضاع صعبة جدًا، المجاعة تفتك بالصغار قبل الكبار. ابنتي تحتاج إلى تغذية خاصة، أعاني في محاولة توفير الطعام لها ولشقيقيها، بعد أن فقدت زوجي واثنين من أبنائي في الحرب. لا يوجد أي بدائل: لا طحين، ولا خبز، حتى التكية التي كانت تقدم وجبات بسيطة توقفت منذ أيام، بسبب قلة المواد الغذائية».

تشكو «رجاء» من تدهور الوضع الصحي لعائلتها نتيجة شُحّ الموارد الأساسية، وعلى رأسها مياه الشرب، فتقول: «مياه الشرب غير صالحة للاستهلاك. نشربها لأن لا خيار آخر. أنا وأطفالي نعاني من أعراض صحية خطيرة: إسهال مزمن، نزلات معوية، التهابات حادة في الأمعاء، آلام شديدة في المعدة، وهزال بسبب قلة الطعام وسوء التغذية. طعامنا دُقّة غزاوية: طحين أو عدس يُحمّص مع توابل بسيطة مثل الهيل والشطّة، تُتناول إما وحدها أو مع الخبز إذا توفّر».

تتابع، متأثرة بموقف يومي بسيط لكنه موجع: «قبل أيام، حاولت تجهيز طبق شوربة مكرونة لأطفالي، رغم عدم وجود صلصة. سكبت لابنتي الصغيرة صحنًا منها، لكنها قالت لي: «ماما، بدي أخليها للصبح عشان ألاقي أكل». هذه طفلة، أربع سنوات، صارت تحلم بحاجة تأكلها الصبح. البنت تأخذ أدوية مزمنة، وعلاجات لكهرباء زائدة بالجسم، قلة التغذية تؤثر على جسمها. أعيش بستر من الله وبعض المحسنين. نحاول فقط أن نبقى على قيد الحياة».

الإبادة الشاملة محمد أسليم

يتطرق المواطن الفلسطيني محمد أسليم، وهو محامٍ من شمال غزة ونازح في أحد المخيمات، خلال حديثه إلى «الأسبوع»، إلى ما وصفه بـ«الإبادة الجماعية» التي يتعرض لها سكان القطاع، موضحًا أن المأساة لم تعد تقتصر على القتل والإصابات المباشرة، بل امتدت إلى تفاصيل الحياة اليومية. يقول: «الأسواق أصبحت ساحة جديدة للانتهاكات. المشهد لم يعد يحتمل تأويلاً أخلاقيًا أو إنسانيًا، بعدما تحوّلت شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غنائم تستولي عليها عصابات منظمة، مدعومة ضمنيًا من الاحتلال، وتعمل تحت غطاء تأمين توزيع المساعدات».

يوضح اسليم: «ما يحدث استنزاف أخلاقي واقتصادي لكرامة المجوّعين. كيلو الدقيق يصل إلى 50 دولارًا، والسكر بـ100 دولار، حتى المساعدات المرسلة بأسماء منظمات إنسانية تُنهب وتُعرض علنًا في الأسواق. الموت جوعًا بات بديلًا لعدم الشراء».

يواصل حديثه برصدٍ واقعي لما آلت إليه حياة النازحين: «رغيف الخبز أصبح حلمًا. محظوظ من يستطيع تأمين وجبة طعام واحدة يوميًا. نحن أسرة مكونة من 7 أفراد، نشتري كل يوم أو يومين كيلو دقيق فقط، يكفي لنحو 10 إلى 12 رغيفًا من الخبز، نكتفي بوجبتين: نصف رغيف لكل شخص، وباقي اليوم نكتفي بتكية عدس نشربها دون خبز. هكذا نمضي يومنا. الواقع في غزة تجاوز الكارثة».

تحذير حقوقي

يحذّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أزمة تجويع ممنهجة تهدد قطاع غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد المستمر منذ 2 مارس، والذي أدى إلى انهيار خطير في الأوضاع الغذائية والصحية. ووفقًا للمركز، فإن الأزمة ليست طارئة بل ناتجة عن سياسة منظمة تستهدف المدنيين عبر تدمير البنية التحتية ومنع المساعدات وخلق فوضى تعيق الوصول إلى الغذاء.

وأكد مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمركز، فضل المزيني، لـ«الأسبوع»، تحقق المؤشرات الدولية الثلاث لإعلان المجاعة: تجاوز نسبة الأسر التي تعاني من انعدام شديد للغذاء 20%، والهزال الحاد لدى الأطفال 30%، وارتفاع متوقع في الوفيات المرتبطة بالجوع. وأضاف أن تقرير «شبكة التصنيف المرحلي المتكامل» (IPC) أظهر أن نحو نصف مليون شخص في غزة يعيشون في المرحلة الخامسة (الجوع الكارثي)، وأن جميع سكان القطاع يعانون بدرجات متفاوتة من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 71 ألف طفل و17 ألف امرأة بحاجة لتدخلات علاجية عاجلة.

وحذر المزيني من استخدام الاحتلال مراكز توزيع المساعدات منذ مايو كأداة للقتل، مشيرًا إلى مقتل 1061 فلسطينيًا وإصابة 5634 خلال محاولتهم الوصول للغذاء. ودعا الأمم المتحدة والمقرّر الخاص المعني بالحق في الغذاء إلى تقييم ميداني عاجل، محذرًا من أن تأخير إعلان المجاعة رسميًا سيؤدي إلى سقوط آلاف الضحايا.

وطالب المركز الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جريمة التجويع، والاتحاد الأوروبي بضمان تنفيذ تفاهماته مع إسرائيل بشأن دخول المساعدات ومراقبة آليات توزيعها، مؤكدًا أن بعض مراكز التوزيع تحوّلت إلى مصائد موت، خاصة للنساء، مع تصاعد الانتهاكات بحقهن.

ولفت المزيني إلى أن النساء يتحمّلن العبء الأكبر، إذ يُجبرن على السير لمسافات تتجاوز 5 كيلومترات دون وسائل نقل، تحت تهديد القتل والعنف. واستشهد بحادثة مقتل السيدة خديجة أبو عنزة (45 عامًا) برصاص الاحتلال خلال محاولتها الوصول إلى مركز توزيع مساعدات في غرب رفح، بالتزامن مع تخصيص «مؤسسة غزة الإنسانية» (الأمريكية- الإسرائيلية) ذلك اليوم لتوزيع المساعدات للنساء فقط.

تجويع.. وتهديدات فضل المزيني

قالت المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي، الدكتورة عبير عطيفة، في تصريحات خاصة لـ«الأسبوع»، إن قطاع غزة يواجه «مستويات غير مسبوقة من التجويع»، محذرة من أن الأوضاع الميدانية والأمنية تهدد العمليات الإنسانية وتفاقم الكارثة اليومية التي يعيشها السكان، وأوضحت عطيفة أن «التقييمات الأخيرة التي أجراها البرنامج أكدت أن نحو ثلث سكان غزة لا يتناولون الطعام لأيام متتالية، بينما يواجه ما يقرب من 470 ألف شخص ظروفًا كارثية تُصنف ضمن المرحلة الخامسة - الأعلى - من انعدام الأمن الغذائي» بحسب المؤشر الدولي.

ولفتت المسئولة الأممية إلى أن «البرنامج رصد ارتفاعًا حادًا في معدلات سوء التغذية، خاصة بين النساء والأطفال، إذ يحتاج نحو 90 ألفًا منهم إلى تدخل علاجي فوري». وشددت على أن المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج باتت «السبيل الوحيد لبقاء الغالبية العظمى من السكان على قيد الحياة، وسط ظروف استثنائية من العجز الكامل وانهيار الخدمات الأساسية».

وحذّرت عطيفة من أن أي تأخير في دخول قوافل الإغاثة يؤدي إلى تجمهر مئات المدنيين الجائعين على طول الطرق المعروفة لمسارات الشاحنات، ما يعرضهم وفرق البرنامج إلى مخاطر جسيمة تشمل: «القصف، نيران القناصة، المراقبة الجوية، وأعمال عدائية نشطة».

وأكدت أن البرنامج «سجل وقوع حوادث قاتلة قرب قوافل إنسانية»، معتبرة أن «أي عنف يُمارَس ضد مدنيين يبحثون عن الغذاء هو انتهاك صريح للمبادئ الإنسانية الأساسية». وأشارت إلى أن البرنامج تمكن منذ 21 مايو الماضي من تفريغ 1387 شاحنة محملة بأكثر من 26 ألف طن متري من المساعدات الغذائية عند معبري كرم أبو سالم جنوبًا وزيكيم شمالًا، تم إدخال 22 ألف طن متري منها إلى غزة عبر 1833 شاحنة.

لكن عطيفة نبّهت إلى أن هذه الكميات «لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من الاحتياج الفعلي»، مؤكدة أن الوضع يتطلب دخول أكثر من 62 ألف طن متري شهريًا لتأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية لسكان القطاع. وأضافت: «الوصول إلى الغذاء الطازج والمغذي مثل الخضروات والفواكه واللحوم ومنتجات الألبان أمر غير ممكن حاليًا دون السماح بإعادة إدخال البضائع التجارية».

كما أشارت إلى أن أسطول الشاحنات التابع للبرنامج يواجه صعوبات كبيرة في الصيانة، بسبب نقص قطع الغيار والقيود المفروضة على دخول المعدات، ما يهدد استمرارية العمليات الإنسانية في الميدان.

وفيما يتعلق بالمساعدات الجاهزة للتوزيع، قالت عطيفة إن «نحو 3500 طن متري من الغذاء - تعادل حمولة 300 شاحنة - لا تزال بانتظار الاستلام داخل غزة»، رغم جاهزيتها، مشيرة إلى أن الفترة بين 19 و25 يوليو الجاري شهدت دخول 349 شاحنة محمّلة بـ4200 طن متري من الغذاء، بينما تلقى البرنامج 138 طلب إذن لتسيير القوافل، لم يُوافق سوى على 76 منها.

ولفتت إلى أن سائقي القوافل يضطرون للانتظار حتى 46 ساعة بعد التحميل للحصول على تصاريح المرور، مما يؤدي إلى تجمهر المدنيين الجوعى على الطرق. وأوضحت أن مهمة إيصال الشاحنة الواحدة قد تستغرق 12 ساعة في المتوسط لإتمامها بعد التحرك.

واختتمت المسئولة الأممية حديثها بالتأكيد على أن «برنامج الأغذية العالمي يستخدم معبرين فقط حتى الآن، مع محدودية الطرق الآمنة والمفتوحة»، مضيفة أن البرنامج لا يمتلك سوى 60 سائقًا معتمدًا لنقل المساعدات داخل القطاع، وهو عدد «غير كافٍ مطلقًا» لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وشددت على أن البرنامج «جاهز لتوسيع نطاق عملياته على الفور»، حال توافرت الشروط المطلوبة، لضمان وصول الغذاء إلى من هم في أمسّ الحاجة إليه، في الوقت المناسب، وبشكل آمن وكريم.

مقالات مشابهة

  • وداعا أيها الطيب
  • ريهام عبد الغفور تنعى لطفي لبيب: حيوحشنا قلبك الطيب
  • مجاعة غزة مرآة صادقة لواقع العرب والمسلمين
  • اليوم .. «السلة الأوليمبى» يواجه البحرين بالبطولة العربية
  • مسرح يتحوّل إلى صرخة.. اسمي غزة يفرض نفسه على كرنفال إسبانيا
  • غذاء مفقود ودواء منقطع.. صرخة أطفال غزة في وجه الجوع والسكري
  • صرخة الخبز في غزة: الأسواق تحوّلت إلى ساحات تجويع وعقاب جماعي
  • العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟
  • الأكاذيب المُمأسسة وتواطؤ النخب: لماذا تحتاج تل أبيب إلى صمت العرب كي تستمر الحرب؟
  • الأزهر الشريف يطلق قافلة مساعدات جديدة لإغاثة غزة