علق رئيس تحرير "عربي21" فراس أبو هلال على المشاهد التي بثتها سلطات الاحتلال للطبيب الأسير حسام أبو صفية الأربعاء، وظهر فيها مكبل اليدين والقدمين، معتبرا أن الأنباء التي تفيد بقرب الإفراج عنه؛ تعد تكريما لكل شهداء وجرحى وأبطال القطاع الطبي في غزة.

وقال رئيس التحرير، في مقال له، إن الاحتلال تعمد نشر مقاطع فيديو مجتزأة للدكتور أبو صفية أرادوا فيها هز صورته، لكنها ما رسمت عليه إلا علامات الكبرياء والشموخ والصمود.



وأردف أبو هلال قائلا: "أرادوا إهانته بهذه المقاطع المصورة، ولكن الفلسطيني وغيره من أحرار العالم يعلمون أن جبلا مثل أبو صفية لا يهان، وأنه -حتى عندما يفقد حريته- يبقى حرا، وأنه هو من يقود سجانيه الجبناء -حتى إن كان مثقلا بالقيود".  

وتفيد بعض المصادر بأن "أبو صفية" سيفرج عنه يوم السبت المقبل ضمن دفعة التبادل الأخيرة في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. 


وقال رئيس التحرير، إن هذه الحرب -في أحد وجوهها المهمة- كانت حربا إجرامية ضد المستشفيات والقطاع الطبي. بدأت باستهداف المستشفى الأهلي/ المعمداني، ثم باقتحام وإحراق درة مستشفيات غزة "مستشفى الشفاء" مرتين، قبل أن يتم قصف واستهداف كل المستشفيات والمراكز الصحية. 

أضاف أبو هلال: "لم يكن حسام أبو صفية وحيدا في مركز هذه الحرب، بل كان جنبا إلى جنب مع الطبيب العظيم مروان البرش الذي اغتاله الاحتلال تحت التعذيب في السجون، ومع محمد أبو سلمية الذي ناله نصيب من الاعتقال، ومئات الأطباء والممرضين والمساعدين وعاملي النظافة في المستشفيات الذين تصدوا للموت والقتل ولمهمتهم العظيمة في علاج المصابين والجرحى والمرضى حتى آخر رمق". 

تاليا نص مقال رئيس تحرير "عربي21" فراس أبو هلال :
تقول الجغرافيا إن غزة لا جبال فيها، فهي قطاع ساحلي منبسط وسهل تماما، ولكن الحقائق التاريخية تقول إن الجغرافيا كاذبة. فغزة العظيمة، امتلكت عددا لا نهائيا من الجبال، من رجالها ونسائها، "السهلين" على أحبائهم، صعبي المراس على عدوهم، أولئك الذين سطروا تاريخا من الصمود والأساطير، وكانوا وكنّ أشد رسوخا من الجبال الطبيعية. فهل نصدق التاريخ أم الجغرافيا؟
هل نصدق الكتب العلمية "الباردة" أم حكمة التاريخ الساخنة كمياه المتوسط في تموز؟ هل نصدق "حسّاسات" الجيولوجيا المعدنية أم "مجسّات" القلب التي لا تخطئ أبدا؟ هل نصدق بلدوزرات كيان الإبادة الجماعية أم سمّاعات طبيب الأطفال "حسام أبو صفية"؟ 

هذه الحرب العدوانية على غزة منذ بدايتها وحتى توقف السلاح، مؤقتا، هي حرب الصورة. حاولت ماكينة الإبادة الجماعية أن تنشر صورا لتحقيق أهدافها في كسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، ولكنها كانت دائما تفشل، وكانت الصورة تفعل العكس تماما. يحصل هذا لأن هذا المحتل لا يفهمنا.
يملك الاحتلال تاريخا طويلا من "العلاقة" مع الفلسطيني -علاقة الاحتلال بالشعب المحتل-، ويملك مئات الخبراء "بالشؤون الفلسطينية" والمستشرقين ومراكز التفكير والدراسات، ولكنه يفشل بعد أكثر من ستة وسبعين عاما من الاحتلال في فهم الشعب الفلسطيني، ولهذا فإن كل محاولاته في ربح معركة الصورة تخسر دائما. 

قد يستطيع الاحتلال تسجيل نقاط في هذه الحرب عند جمهوره المتعطش للدماء والقتل والمذبحة، وقد يكسب من يحكم هذا الكيان قليلا في معاركه السياسية ضد خصومه الداخليين من خلال هذه الصور، لكنه لا يربح أبدا في معركة الصورة مع الشعب الفلسطيني، لأنه باختصار لا يفهمه، ولا يدرك أنه يقدس "الصمود" حتى لو تبعه سجن أو موت، وأنه يتبتل في حضرة الشهداء والمعتقلين الذين "يمضون إلى حتفهم باسمين"، وأنه يقتات عزة وأنفة من رجاله ونسائه الذين يثبتون كالجبال ولا يمنحون عدوهم، رغم الحزن والألم، "نشوة" الانتصار. 


تقول بعض المصادر إن "أبو صفية" سيفرج عنه يوم السبت المقبل ضمن دفعة التبادل الأخيرة في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

في هذه الحرب، حفظ الفلسطينيون وأحرار العالم صورا كثيرة خسر فيها كيان الإبادة الجماعية أمام الفلسطيني الأعزل إلا من كرامته وأسطورته. بعض هذه الصور سيستمر لأجيال طويلة بدون شك، وسيكتب عنها صحفيون وشعراء وناثرون مجدّون سيأتون بعد عشرين أو مئة أو ألف عام، وكأن قدرك أيها الفلسطيني أن تكون صانعا للمجد، وصانعا للتاريخ، وصانعا للمادة التي سيعتاش عليها صنّاع الأدب والثقافة والصحافة إلى أبد الآبدين!.

ماذا سيكتب الشعراء عن صورة "حسام أبو صفية" وهو يمشي بمريوله الأبيض نحو دبابات القتلة الذين سيعتقلونه؟ كان يمشي رافعا رأسه للسماء، كأنه يستمد القوة والعزيمة من قوة إلهية أكبر من كل القتلة، ظهره لم ينحن تماما رغم أنه يمشي بين الركام الذي خلفه القصف. يمشي تاركا وراءه مستشفى "كمال عدوان" التي ظل فيها حتى آخر نفس ولكن قلبه ظل معلقا فيها رغم مغادرته للمكان.

ماذا سيكتب الشعراء عن "جبل" مشى نحو حتفه دون أن يهتز، وعن أمة تملأ أعدادها عين الشمس ولكنها لم تستطع أن تملأ عين كيان الإبادة الجماعية لتمنعه من اعتقال هذا الجبل؟ وكيف سيفسر علماء "الواقعية السياسية" و"تقدير الموقف" المبني على موازين القوى هذا المشهد؟ وأي قوة جعلت هذا الرداء الأبيض يواجه الموت الأسود الذي يمارسه القتلة لأسابيع ضد المستشفى، قبل أن تأتي لحظة الاعتقال؟ 

لم يكن اعتقال "حسام أبو صفية" في الثامن والعشرين من كانون أول/ ديسمبر الماضي هو الأول خلال هذه الحرب. ولم يكن هذا الاعتقال هو صورة الصمود الوحيدة للطبيب الغزاوي في مواجهة تنكيل الاحتلال. اعتقل أبو صفية لفترة قصيرة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024. وبعد أن أفرج عنه، لجأ الاحتلال للانتقام منه عبر اغتيال أحد أبنائه، وهذه كانت إحدى "صور" أبو صفية التي خسر فيها الاحتلال، حين ظهر صامدا -وإن كان حزينا كما يليق بأب شهيد- أثناء إمامته لصلاة الجنازة على ابنه الصغير. في تلك الصورة، لم يجهش أبو صفية، "وكم صعب أن لا يجهش (أب) شهيد" كما قال مظفر النواب مرّة عن أمهات الشهداء.  


لم يكتف القتلة السفلة -وكل احتلال هو بالضرورة قاتل سافل- بقتل ابن "حسام أبو صفية"، بل وجهوا له طائرة "كواد كابتر" غادرة مثلهم في المستشفى، حيث قصفته وأصابته عدة إصابات في 24 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي. في هذا القصف، خسر الاحتلال "حرب الصورة" مرة أخرى، فقد أرادت أن تضعف معنوية الفلسطيني وخصوصا من أبناء القطاع الطبي من خلال هذا الاستهداف، ولكن "الجبل" أبو صفية كان له رأي آخر عندما قال بعد الإصابة وجسده مكلل "بالشاش " الأبيض: إصابتي شرف لي. فأي جبل أنت يا حسام؟ وأي نوع من البشر أنت؟! 

لا يكل الاحتلال ولا يمل من معركة الصور مع الفلسطيني رغم خسارته الدائمة فيها.

حوّل ما يسمى بالقضاء -وهو شريك أساسي بالإبادة والجريمة- أبو صفية للمحاكمة بصفة "مقاتل غير شرعي"! فأي مقاتل أنت يا صاحب الرداء الأبيض وأنت لا تملك سلاحا سوى "سماعة" الأذن و"قسم أبوقراط" وعزيمة لا تلين؟ 

أثناء المحكمة- المهزلة، نشر الاحتلال مقاطع فيديو مجتزأة للدكتور أبو صفية أرادوا فيها هز صورته، كان يمشي بيدين ورجلين مكبلتين، يبدو عليه التعب، ولكن والله ما بدت عليه إلا علامات الكبرياء والشموخ والصمود. أرادوا إهانته بهذه المقاطع المصورة، ولكن الفلسطيني وغيره من أحرار العالم يعلمون أن جبلا مثل أبو صفية لا يهان، وأنه -حتى عندما يفقد حريته- يبقى حرا، وأنه هو من يقود سجانيه الجبناء -حتى إن كان مثقلا بالقيود-!  

هذه الحرب -في أحد وجوهها المهمة- كانت حربا إجرامية ضد المستشفيات والقطاع الطبي. بدأت باستهداف المستشفى الأهلي/ المعمداني، ثم باقتحام وإحراق درة مستشفيات غزة "مستشفى الشفاء" مرتين، قبل أن يتم قصف واستهداف كل المستشفيات والمراكز الصحية. 

لم يكن حسام أبو صفية وحيدا في مركز هذه الحرب، بل كان جنبا إلى جنب مع الطبيب العظيم مروان البرش الذي اغتاله الاحتلال تحت التعذيب في السجون، ومع محمد أبو سلمية الذي ناله نصيب من الاعتقال، ومئات الأطباء والممرضين والمساعدين وعاملي النظافة في المستشفيات الذين تصدوا للموت والقتل ولمهمتهم العظيمة في علاج المصابين والجرحى والمرضى حتى آخر رمق. 

تقول بعض المصادر إن "أبو صفية" سيفرج عنه يوم السبت المقبل ضمن دفعة التبادل الأخيرة في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. غزة وأحرار العالم كلهم يرجون أن يكون هذا الخبر صحيحا، فالجبل أبو صفية يليق بالحرية وهي تليق به، والإفراج عنه هو تكريم لكل شهداء وجرحى وأبطال القطاع الطبي في غزة، وهذا القطاع المنبسط الذي وهبته الجغرافيا سهولة رائقة، ينتظر على أحر من الجمر أحد جباله ورجاله الذين لا يتكررون، إلا مرة كل ألف عام!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الاحتلال غزة الفلسطيني فلسطين غزة الاحتلال حسام ابو صفية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة حسام أبو صفیة القطاع الطبی هذه الحرب أبو هلال لم یکن

إقرأ أيضاً:

حقيقة وفاة سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق

حقيقة وفاة سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق - حيث انتشرت خلال الساعات الماضية من اليوم الأحد، 25 مايو 2025، أنباء تتحدث عن وفاة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق الدكتور سلام فياض. ما أثار حالة من الجدل والتساؤلات بين المستخدمين في فلسطين وخارجها.

وتفاعل الكثير من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، مع أنباء وفاة سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، مطالبين بمعرفة حقيقة هذه الأنباء من الجهات الرسمية.

حقيقة وفاة سلام فياض


 

وبالتحقق من مصادر رسمية ومقربة، تبيّن أن هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة، وأن سلام فياض يتمتع بصحة جيدة، ولم ترد أي تأكيدات رسمية من عائلته أو الجهات الفلسطينية حول وفاته.

وتُعد هذه الشائعة جزءًا من موجة الأخبار الزائفة التي تنتشر عبر الإنترنت، خاصة في ظل الأوضاع السياسية المعقدة التي تمر بها المنطقة. وقد دعت مصادر إعلامية إلى توخي الحذر عند نقل أو تصديق مثل هذه الأخبار، دون الرجوع إلى مصادر موثوقة.

يُذكر أن سلام فياض شغل منصب رئيس الوزراء الفلسطيني بين عامي 2007 و2013، ويُعرف ببرنامجه الإصلاحي ورؤيته الاقتصادية، وهو لا يزال يُدلي بتصريحات سياسية بين الحين والآخر.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من اخترنا لكم موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2025 من هو معلق مباراة الأهلي وكاواساكي في نهائي دوري أبطال آسيا 2025؟ متى تكون الأيام البيض لشهر ذي القعدة 2025 - 1446 هـ الأكثر قراءة الكابينيت يصادق على بناء جدار أمني على الحدود الشرقية مع الأردن الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق صاروخين من غزة ويأمر بإخلاء مناطق بالصور: زامير : التوصل لإتفاق مع حماس لا يعني وقف حرب غزة ويتكوف يقدم عرضا محدثا لإسرائيل وحماس – هذه تفاصيله عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • رأي.. إردام أوزان يكتب: سوريا بين المبادرة والتغيير الحقيقي.. وفرصة لن تنتظر
  • درعا بعد التحرير.. أنوار العودة وحلكة المعاناة
  • حركة فتح: الاحتلال يشن حربًا ممنهجة على الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: جيش الاحتلال اقتحم مناطق بمحافظة نابلس
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: حرب غزة ليست أبدية وسنختصرها.. والحوثيون يطلقون صواريخ إسناد
  • ذكرى التحرير..راية الشهيد القائد نصر الله ستبقى مرفوعة حتى زوال الاحتلال
  • الرئيس الفلسطيني يبحث هاتفيا مع رئيس المجلس الأوروبي وقف الحرب على غزة
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: مياه حي الصفا تنتظر القرار
  • إبراهيم النجار يكتب: دبلوماسية تحت الرصاص
  • حقيقة وفاة سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق