ديكارلو: الجمود السياسي يهدد الاستقرار في ليبيا والحاجة ملحة لحل الأزمة
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
ليبيا – ديكارلو: الاستقرار الهش في ليبيا معرض للخطر والحاجة مُلحة للتقدم في حل الأزمة
أكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، أن ليبيا لم تحقق بعد حلمها في بناء دولة مدنية وديمقراطية، رغم مرور 14 عامًا على ثورة فبراير، مشيرة إلى أن الانقسامات العميقة وسوء الإدارة الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان، إلى جانب المصالح المتنافسة محليًا ودوليًا، تواصل تقويض وحدة البلاد واستقرارها.
وفي إحاطتها لمجلس الأمن، أوضحت ديكارلو أن الصراع على مؤسسات الدولة يهيمن على المشهد السياسي والاقتصادي، مما يعيق التقدم نحو تسوية شاملة. كما أشارت إلى أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) تعمل على إحياء العملية السياسية الليبية، بناءً على مبادئ الشمول والملكية الوطنية.
جهود البعثة الأمميةكشفت ديكارلو عن تشكيل لجنة استشارية مكونة من 20 خبيرًا ليبيًا لمعالجة الخلافات حول التشريعات الانتخابية، كما تعمل البعثة على إجراء حوار بين الليبيين لمعالجة الصراعات طويلة الأمد، وتطوير رؤية وطنية شاملة.
وفي الجانب الاقتصادي، قالت ديكارلو إن البعثة تنظم مشاورات بين خبراء ليبيين مستقلين لتحديد الأولويات ووضع حلول لضمان حوكمة اقتصادية سليمة. ومع ذلك، لم يتم إحراز أي تقدم بشأن ميزانية موحدة أو إطار إنفاق متفق عليه، كما لا يزال النزاع حول منصب رئيس المجلس الأعلى للدولة دون حل بعد ستة أشهر من التقاضي والأحكام المتضاربة.
مخاوف أمنية متزايدةوفيما يتعلق بالوضع الأمني، أشارت ديكارلو إلى أن الجهات المسلحة غير النظامية وشبه النظامية لا تزال تشكل تهديدًا لاستقرار ليبيا، مستشهدة بالهجوم المسلح على وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة في طرابلس، داعية إلى تحقيق شفاف لمحاسبة المسؤولين.
كما أكدت أن اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 لم يُنفذ بالكامل، محذرة من أن الفشل في تطبيق بنوده المتبقية يعرض الأمن الهش في ليبيا للخطر ويعيق إعادة توحيد المؤسسات الأمنية.
كما أعربت عن قلقها العميق إزاء تزايد حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، مطالبة السلطات الليبية بوقف هذه الممارسات وضمان محاكمات عادلة للمعتقلين.
انتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوءكما تطرقت ديكارلو إلى الوضع المأساوي للمهاجرين وطالبي اللجوء، الذين يواجهون انتهاكات خطيرة، بما في ذلك التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية.
وأشارت إلى اكتشاف مقابر جماعية في إجخرة والكفرة عقب مداهمات لمواقع الاتجار بالبشر، مؤكدة أن التحقيق الشامل أمر ضروري لتقديم الجناة إلى العدالة، ومشددة على الحاجة الملحة لحماية المهاجرين ومكافحة الاتجار بالبشر.
الدعوة لكسر الجمود السياسيأكدت ديكارلو أن الاستقرار الهش في ليبيا أصبح معرضًا للخطر بشكل متزايد، محذرة من أن القادة السياسيين والجهات الأمنية يفشلون في تقديم المصلحة الوطنية على صراعاتهم السياسية والشخصية.
كما حثت أعضاء مجلس الأمن على دعم الممثلة الخاصة الجديدة للأمم المتحدة، هانا تيتيه، التي ستتولى مهامها في طرابلس، للمساعدة في كسر الجمود السياسي وحل الأزمة الليبية، وصولًا إلى توحيد المؤسسات وإجراء انتخابات وطنية شاملة.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الجمود السیاسی فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
اقتحام قسم المعصرة يهدد بقاء السيسي
" يارب أنا عملت اللي عليا".. صرخة أطلقها شاب مصري فأسمعت من به صمم.
في ليلة الجمعة 25 يوليو 2025، هزّت منطقة المعصرة بحلوان المشهد السياسي المصري بحدث غير مسبوق، حيث اقتحمت مجموعة شبابية أطلقت على نفسها اسم "الحديد 17" مبنى أمن الدولة في قسم شرطة المعصرة وقامت باحتجاز عدد من أفراد الأمن لعدة ساعات في سابقة هي الأولى منذ انقلاب السيسي على السلطة عام 2013.
العملية، التي وثقتها مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع، لم تكن مجرد هجوم على مبنى أمني، بل تعبير عن غضب شعبي متصاعد ضد سياسات النظام المصري، خصوصًا دوره المتخاذل والذي وصل إلى حد التواطؤ في إغلاق معبر رفح وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة والذي ظهر جليا في حوار بين الشابين وعدد من أفراد الأمن المحتجزين حول إغلاق معبر رفح من الجانب المصري والذي علق الضابط على المطالبة بفتحه بكلمة واحدة : مستحيل.
عبر قناة تدعى "طوفان الأمة" على تليغرام تحتوي على ما يقارب 50 الف مشترك ظهرت مقاطع مصورة تُظهر مجموعة من الشبان داخل مبنى مركز أمن الدولة بالمعصرة، ويحتجزون عددًا من الضباط لساعات. الفيديوهات، التي حصدت ملايين المشاهدات، أظهرت الشباب وهم ينددون بإغلاق معبر رفح، الذي يُعد شريان الحياة لأهل غزة، وباعتقال ناشطين مصريين جمعوا تبرعات لدعم القطاع المحاصر.
كيف وصل هؤلائ الشبان إلى مكتب الأمن الوطني بهذه السهولة؟
منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو 2024، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة العشرات، غالبيتهم أطفال، بسبب المجاعة. النظام المصري، الذي ينفي مسؤوليته عن الإغلاق، يواجه اتهامات بالتقاعس عن الضغط لإعادة فتح المعبر. هذا الموقف أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، يرى فيه البعض خضوعًا لضغوط إسرائيلية وأمريكية، على حساب القضية الفلسطينية.إجابة على هذا السؤال جاءت سريعة، فبعدها بدقائق نشرت قناة طوفان الأمة على تليجرام مجموعة من الوثائق المسربة من داخل مكتب الأمن الوطني تظهر كشوفات تحتوي على أسماء لما يطلق عليه المراقبة الأمنية وهي سياسة تتبعها وزارة الداخلية المصرية مع السجناء المفرج عنهم للقدوم إلى مراكز الشرطة بشكل دوري شهريا أو أسبوعيا للتوقيع ومقابلة ضابط الأمن الوطني.
في أحد الفيديوهات المنشورة يقول أحد الشبان أنهم قرروا القيام بتلك العملية قبل صلاة الجمعة الموةافق 25 يوليو لأن الإجراءات الأمنية في هذا التوقيت تكون سهلة وغير مشددة وهو ما أكده عدد من المعتقلين السابقين الذين نشروا شهادات عن سهولة دخول مبنى قسم المعصرة والصعود إلى الطابق الرابع حيث يوجد مكتب الأمن الوطني للتوقيع في كشف المراقبة الأمنية ومقابلة الضابط وهذا ما يفسر كيف وصل هؤلاء الشبان إلى هذا المكان ثم قاموا باتحداز أفراد الأمن.
الوثائق المسربة كشفت أيضا عن مجموعة من الأسماء لمعتقلين حاليين ومختفين قسريا على ذمة قضايا تتعلق بالتظاهر والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين كما أظهرت الوثائق أيضا تصنيفات أمنية لمن تم إلقاء القبض عليهم تنوعت ما بين منتمي لجماعة الإخوان أو السلفيين أو متعاطف معهم.
على صفحتها الرسمية على موقع فيس بوك نشرت منصة التحقق بالعربي تحليلا مطولا عن الفيديوهات والوثائق المسربة أكدت فيه صحة بعض الأسماء الواردة في الوثائق على سبيل المثال:
بطاقة متابعة باسم فتحي رجب حسان أحمد وهو أحد المتهمين في قضية كتائب حلوان ، وبطاقة متابعة أخرى باسم أحمد نادي حداد درويش والذي ورد اسمه في نفس القضية.
وفي أحد المستندات ظهر اسم عبد الرحمن رمضان محمد عبد الشافي وهو نفس الشخص الذي ورد اسمه في منشور عام 2024 على صفحة مركز الشهاب لحقوق الإنسان بعنوان " مختفون ظهروا بنيابة أمن الدولة العليا".
لم تنتظر وزارة الداخلية كثيرا هذه المرة لنفي كل شيء ، فسارعت إلى إصدار بيان نفت فيه صحة الفيديوهات، زاعمة أنها مفبركة وجزء من مؤامرة تقودها جماعة الإخوان لكنها في الوقت نفسه لم تنف صحة الوثائق المسربة بلأشارت إلى أنها لا تمت للواقعة المذكورة بصلة وأعلنت القبض على عدد من الأشخاص المتورطين في نشرها.
هذا الرد، الذي اعتاد عليه الرأي العام، لم يُخفِ الإحراج الذي تسبب به الحدث لوزارة الداخلية بل زاد من الانتقادات التي تتهم النظام بالغرق في حالة من الإنكار لكل الانتقادات الموجههة إليه بشكل مستمر.
بعد بيان الداخلية الضعيف والذي لاقى انتقادات وسخرية واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت قناة التليجرام نفسها مقطع فيديو جديد لأحد الشابين وقد ظهر وهو ينزف من رأسه مصابا بعدة جروح وملابس ممزقة ما يؤكد حدوث مشاجرة بينه وبين أفراد الأمن قبل احتجازهم ، الفيديو أكد فيه الشاب أنهم غير إرهابيين وأنهم دخلوا إلى مكتب الأمن الوطني ومعهم مسدس صوت فارغ ولو أرادوا قتل أحد لفعلوا ذلك ولكنهم أرادوا إيصال رسالة.
طالب الشاب من أحد أفراد الامن المحتجزين التأكيد أنه لن يصاب بأذى إذا أفرج عنهم وهو ما أكده الضابط ولكن الاتصال انقطع تماما مع الشابين بعدها بدقائق كما اختفت كل الرسائل السابقة على قناة طوفان الأمة على تليجرام ولم نتأكد هل تم السيطرة على قناة التليجرام من قبل الأجهزة الأمنية بعد اعتقال الشابين أو أن إدارة القناة هي من حذفت جميع الرئاسل.
قبل اختفاء رسائل قناة التليجرام بساعات وعلى طريقة إصدارات الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة نشرت قناة طوفان الأمة تسجيلا صوتيا وصفته بأنه بيان تبني عملية الحديد 17، صادر عن الشابين أبطال الواقعة وهما أحمد عبد الوهاب ومحسن مصطفى .
في هذا التسجيل ، أكد المنفذون أنهم لا ينتمون إلى أي تيار سياسي، واصفين أنفسهم بـ”أحفاد عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ” الذين يسعون لإعادة إحياء الروح الوطنية المصرية. وجهوا رسالة واضحة: "نريد وقف الإبادة في غزة، ونرفض قمع الشعب المصري".
اللافت في هذا البيان هي طبيعة الرسائل التي وجهها الشابان لعدد من الجهات أبرزها الشعب المصري الذي أشارا لأنه تعرض لضربات قوية للغاية وهو ما دفعهم لإحياءه من موته على حد قولهم.
على مواقع التواصل الاجتماعي اختلف المعلقون بين مشكك في صحة الفيديو ومؤمن بما جاء فيه ، حالة الانقسام كذلك كانت واضحة في تحليل أسباب ما حدث ، حمل البعض النظام المصري المسؤولية عن انفجار الأوضاع نتيجة القمع المستمر والقبضة الأمنية القوية ، وذهب البعض الآخر إلى تحميل جماعة الإخوان المسملين وبعض الاطراف الإقليمية مسؤولية ما أطلقوا عليه المؤامرة لإسقاط الدولة المصرية عبر نشر فيديوهات مفبركة وأخبار كاذبة.
اقتحام قسم شرطة المعصرة، إلى جانب احتجاجات السفارات، يكشف عن تصاعد الضغط على النظام المصري، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية. هذه التحركات قد تشجع قوى المعارضة على تنظيم نفسها بشكل أكبر، خاصة مع تزايد القمع الأمني. النظام، الذي يعتمد على سياسة القبضة الحديدية، قد يجد نفسه أمام مأزق إذا استمر في تجاهل المطالب الشعبية، سواء في دعم غزة أو تحسين الأوضاع الداخلية. الحراك الحالي قد يكون بداية لمرحلة جديدة، حيث يستعيد الشعب المصري صوته، مستلهمًا إرث ثورة يناير.صباح اليوم نشرت صفحة المتحدث باسم الرئاسة المصرية بيانا مقتضبا عن اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الداخلية المصري محمود توفيق دون الإشارة لتفاصيل ما جرى في هذا الاجتماع.
نشرت بعض المواقع المصرية المقربة من النظام أن الاجتماع بحث مستجدات الأوضاع الأمنية وحركة تنقلات ضباط وزارة الداخلية والمتوقع الإعلان عنها في السساعات القادمة ولم توضح تلك المواقع إذا ما كان السيسي قد تطرق إلى ما جرى ليلة الأمس في مكتب الأمن الوطني في المعصرة أم لا وهل ستشمل حركة تنقلات وزارة الداخلية قرارا بالإطاحة بوزير الداخلية على خلفية تلك الحادثة أم لا.
الحقيقة أن حادثة اقتحام قسم المعصرة لم تأت من فراغ، بل جاءت امتدادًا لموجة احتجاجات بدأت الأسبوع الماضي أمام السفارات المصرية في عواصم أوروبية حيث بدأ ناشطون، على رأسهم أنس حبيب في هولندا، أحملة لإغلاق أبواب السفارات المصرية رمزيًا احتجاجًا على إغلاق معبر رفح. هذه التحركات، التي امتدت إلى مدن أخرى، أرسلت رسالة قوية إلى النظام: الشارع المصري، داخليًا وخارجيًا، لن يصمت على ما يراه تواطؤًا في معاناة غزة. اقتحام المعصرة يعزز هذا الحراك، ويظهر أن الغضب بدأ يتحول إلى أفعال ميدانية.
منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو 2024، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة العشرات، غالبيتهم أطفال، بسبب المجاعة. النظام المصري، الذي ينفي مسؤوليته عن الإغلاق، يواجه اتهامات بالتقاعس عن الضغط لإعادة فتح المعبر. هذا الموقف أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، يرى فيه البعض خضوعًا لضغوط إسرائيلية وأمريكية، على حساب القضية الفلسطينية.
ما أشعل الأمور أكثر هي تصريحات اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء بالأمس مع الإعلامي المصري المقرب من النظام مصطفى بكري واللذي أشار فيها إلى أن مصر لا تستطيع فتح معبر رفح بالقوة لأنها ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما لا تستطيع مصر أن تفعله وهو ما اعتبره مراقبون اعترافا ضمنيا بمسؤولية النظام المصري المباشرة في إغلاق معبر رفح.
اقتحام قسم شرطة المعصرة، إلى جانب احتجاجات السفارات، يكشف عن تصاعد الضغط على النظام المصري، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية. هذه التحركات قد تشجع قوى المعارضة على تنظيم نفسها بشكل أكبر، خاصة مع تزايد القمع الأمني. النظام، الذي يعتمد على سياسة القبضة الحديدية، قد يجد نفسه أمام مأزق إذا استمر في تجاهل المطالب الشعبية، سواء في دعم غزة أو تحسين الأوضاع الداخلية. الحراك الحالي قد يكون بداية لمرحلة جديدة، حيث يستعيد الشعب المصري صوته، مستلهمًا إرث ثورة يناير.
في النهاية، يبقى اقتحام قسم المعصرة صرخة مدوية ضد الظلم، سواء في غزة أو داخل مصر. النظام أمام اختبار حقيقي: إما الاستجابة لهذه الأصوات، أو مواجهة تصعيد قد يغير قواعد اللعبة.