الأسبوع:
2025-06-01@07:36:22 GMT

بين فاوست وزيلنسكي

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

بين فاوست وزيلنسكي

فاوست هو أسطورة ألمانية قديمة، تناولها الكثير من الأدباء في أعمالهم، ومنهم الأديب الألماني الشهير جوتا، الذي استلهمها فكرةً واسمًا لمسرحيته التراجيدية، التي كتبها ما بين عامي 1806-1832، وتحكي عن شخصية فاوست الذي ورث عن عمه أموالاً مكنته من تعلُّم الكثير من علوم زمانه، ولما أدركه الكبر، اعتقد فاوست أن كل ما بلغه من علم لا نفع فيه، حتى ندم على سنوات عمره، ليظهر له الشيطان مفستوفيليس، الذي أشعره بأنه مشفقٌ على حاله، فيقايضه على روحه وجسده، مقابل أن يجلب له السعادة ويحقق له كل ما يريد خلال أربعة وعشرين عامًا، ووقَّع فاوست العقد مع الشيطان مفستوفيليس بدمه، ومضى ليقضي سنوات عمره في ارتكاب الشرور والرذائل، ومع انتهاء سنوات العقد يأتي الشيطان مفستوفيليس من أجل تنفيذ اتفاقه مع فاوست، ألا وهو الحصول على روحه وجسده.

المسرحية من الناحية الفلسفية تعبر عن مأساة الإنسان في حياته وما بعد الموت، وعن محاولة الإنسان البحث عن الأسرار المغلقة، التي يقف العقل أمامها حائرًا وعاجزًا أمام الرغبات المتصارعة في النفس الإنسانية، ومعه فإن فاوست قد خسر حياة روحه إلى الأبد.وصارت كلمة فاوست في الآداب العالمية دلالة على الصفقة الخاسرة، التي تجعل الإنسان يبيع كل شيء، وذلك للرغبة في تحقيق مآربه في الحياة، لينتهي به الحال إلي خسران كل شيء.

وبالتوازي مع شخصية فاوست، نجد شخصية الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي أقنعه الغرب وأمريكا بتحقيق المجد لأوكرانيا، بوعدهم له بدخول حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ومن ثمّ الخروج على العلاقات التاريخية الاستراتيچية بين أوكرانيا وروسيا، والتسبب بشكل أو بآخر في الإضرار بأمن روسيا القومي، وفق صفقة مع زيلينسكي -في حالة ضمِّ أوكرانيا- يتم بمقتضاها نشرُ أسلحة دمار شامل ورؤوس نووية بالقرب من حدود روسيا، وغيرها من الأضرار التي يمكن أن تنجم من دخول أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وبما يخالف النظام الروسي. ما دفع روسيا حفاظًا على أمنها القومي إلى شن الحرب على أوكرانيا وغزوها، وذلك بعد فشلها في إقناع زيلينسكي بالتراجع عن موقفه، ما تسبب في ضم روسيا للكثير من الأراضي الأوكرانية، إضافة إلى الدمار والخراب الذي وقع، ووقوع الكثير من القتلى والجرحى في أوكرانيا، ودخول الحرب عامها الرابع، والتسبب في نزوح الكثير من الأوكرانيين للخارج، وانهيار الاقتصاد الأوكراني الذي كان واعدًا في الاقتصاد العالمي. ولأن زيلينسكي قَبِلَ صفقة الحرب بالوكالة ضد روسيا، فقد تلقى مقابل ذلك الكثير من الأسلحة والمساعدات الأمريكية والأوروبية لمواصلة تلك الحرب المدمرة. لكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فمع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلطة، يكتشف زيلينسكي أن أمريكا ترامب قد تراجعت عن مساندتها له، بل إنها باتت تفرض عليه الآن القبول بشروط السلام، وبدء المحادثات الإيجابية لعودة العلاقات الأمريكية والروسية من جديد، الأمر الذي أغضب أوروبا، ودفع قادتها -وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون- إلى إقناع زيلينسكي بمواصلة الحرب مع روسيا، ومواصلة إمداد أوكرانيا بالأسلحة ولربما بإرسال جنود لمواصلة تلك الحرب. ليكتشف زيلينسكي الهائم على وجهه الآن أنه لا طال شرقًا ولا غربًا، بل إنه قد تمَّ خداعُه، وتسبب بصفقته الخاسرة تلك في الخراب لبلاده وفقدان الكثير من أراضيها لصالح روسيا، فلا طال دخول الناتو والاتحاد الأوروبي، ولا طال استمرار العلاقات التاريخية مع روسيا، بل إنه باع روسيا حليفته الاستراتيچية بثمنٍ بخس. والأكثر من ذلك، أنه وجد نفسه بين سندان مطالبة ترامب له إما بتسديد أكثر من ثلاثمائة مليار دولار قيمة تمويل أمريكا له طوال فترة تلك الحرب، ومطرقة تهديد أمريكا ببسط نفوذها على موارد أوكرانيا النفيسة، بل الأدهى والأمرّ بقبوله بعدم استعادة الأراضي التي ضمَّتها روسيا خلال الحرب، ليصبح بذلك زيلينسكي فاوست جديدًا في أوكرانيا!!

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الکثیر من

إقرأ أيضاً:

إيفان يواس: روسيا تريد اعتراف أوكرانيا بسيطرتها على أراضيها

قال الدكتور إيفان يواس، مستشار السياسات الخارجية في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية، إن روسيا تحاول كسب مزيد من الوقت سياسيًا من خلال مذكرة تروج لها تتضمن شروطًا غير مقبولة، ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا، بل لحلفائها الدوليين أيضا.


وأضاف في مداخلة على قناة "القاهرة الإخبارية" ببرنامج "منتصف النهار" الذي تقدمه الإعلامية نهى درويش، أن كييف تنظر إلى هذه الشروط باعتبارها محاولة روسية للضغط والمراوغة، مؤكدًا: "لسنا مستعدين للقبول بشروط لا تخدم مصالحنا ولا تهيئ بيئة مناسبة للتفاوض الجاد".

وأشار يواس إلى أن موسكو تعي جيدًا أن مطالبها – وعلى رأسها اعتراف أوكرانيا بسيطرة روسيا على أراضى محتلة ستقابل بالرفض القاطع، ما يعني فشلًا محتومًا لأي محادثات.

كما لفت إلى أن توقيت إعلان روسيا لشروطها مؤجل لما بعد الثاني من يونيو، لتفادي تحريك الولايات المتحدة لعقوبات جديدة ضد موسكو، وهي العقوبات التي يُرجّح فرضها في حال تعثر المفاوضات.

وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد صرّح مؤخرًا بعدم رغبته في توقيع عقوبات جديدة ما دامت هناك محادثات جارية، وهو ما تحاول روسيا استغلاله لصالحها.

واختتم الدكتور يواس حديثه بالإشارة إلى أن أوكرانيا طلبت الاطلاع على تفاصيل المذكرة الروسية بشكل رسمي، لتتمكن من تحديد موقفها التفاوضي بالتنسيق مع شركائها الدوليين، معتبرًا أن ما يجري حاليًا لا يعدو كونه "لعبة سياسية" تهدف إلى كسب الوقت وتفادي العقوبات.

https://www.youtube.com/watch?v=oJ0tlwNoCrs

طباعة شارك روسيا أوكرانيا أمريكا

مقالات مشابهة

  • روسيا.. مقتل 7 أشخاص في انهيار جسر قرب الحدود مع أوكرانيا
  • روسيا: وقف إطلاق النار ليس كافياً لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • روسيا تعلن القضاء على 9420 عسكريا أوكرانيا خلال أسبوع
  • الكرملين: روسيا مستعدة للتفاوض.. ولقاء بوتين بـ ترامب أو زيلينسكي «مشروط»
  • روسيا تشن هجوماً واسعا على أوكرانيا بـ 90 مسيّرة
  • أوكرانيا تعلن استعدادها للمشاركة في مفاوضات روسيا بشرط
  • روسيا تطالب بـ«آليات ملزمة» من أجل السلام في أوكرانيا
  • روسيا تنتظر رد أوكرانيا بشأن حضور محادثات جديدة في إسطنبول
  • إيفان يواس: روسيا تريد اعتراف أوكرانيا بسيطرتها على أراضيها
  • روسيا مستعدة لبحث نقاط الاتفاق الشامل بشأن وقف إطلاق النار مع أوكرانيا