#سواليف

نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعدته آني كيلي وهدى عثمان وفرح جلاد جاء فيه أنه على الرغم من أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يتمتعون بالحماية بموجب القانون الدولي، إلا أن المئات منهم اعتقلوا أثناء الحرب الإسرائيلية في غزة. والآن، يتحدث بعض كبار الأطباء هناك عن العنف والإساءة التي تعرضوا لها.

وكان الدكتور عصام أبو عجوة (63 عاما) يجري عملية جراحية طارئة لمريض يعاني من إصابة خطيرة في البطن في مستشفى الأهلي العربي في وسط غزة عندما جاء الجنود إليه. وسأله أحدهم إن كان هو الدكتور عصام أبو عجوة؟ فأجاب بنعم وبدأ الضرب، ثم جروه وعروه من ملابسه وقيدوه وعصبوا عينيه ثم وضعوه في شاحنة عسكرية مع أطباء وممرضات وطواقم طبية أخرى وبعد أقل من 24 ساعة كانوا في مركز احتجاز ليبدأ ما وصفه بـ “أشهر من العنف والإساءة الوحشية والمستمرة.. لم تكن هناك قواعد”.

ويقول: “كان هناك حمام [في غرفة الاستجواب] … [كانوا] يأخذون فرشاة المرحاض ويقولون لي: اليوم سنقوم بتنظيف أسنانك وكنت مقيدا ومعصوب العينين وثلاثة أو أربعة منهم يمسكون بوجهي ويثبتونه ويستمرون في التنظيف”.

مقالات ذات صلة 5 طرق فشلت في هزيمة حماس.. ماذا عن السادسة؟ 2025/02/26

ويقول أبو عجوة إن “عديمي الإنسانية” كسروا أسنانه.

بحلول الوقت الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في كانون الثاني/ يناير، كان أكثر من ألف من العاملين في المجال الطبي في مختلف أنحاء غزة قد قتلوا وقُصفت العديد من المستشفيات حتى تحولت إلى أنقاض، في هجمات خلصت لجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أنها ترقى إلى جرائم حرب.

كما اعتقل مئات آخرون من العاملين في المجال الطبي ممن نجوا من الغارات الجوية والهجمات البرية، ونقلوا بشكل غير قانوني عبر الحدود واختفوا في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك العشرات من الأطباء.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، اعتقلت إسرائيل 297 طبيبا وممرضا ومسعفا وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية من غزة أثناء الحرب.

منظمة الصحة العالمية: اعتقلت إسرائيل 297 طبيبا وممرضا ومسعفا وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية من غزة أثناء الحرب

وتقول منظمة مراقبة العاملين في مجال الرعاية الصحية الفلسطينية غير الحكومية (أتش دبليو دبليو) إن العدد قد يكون أعلى قليلا، وإنها تحققت من اعتقال 339 من العاملين في مجال الرعاية الصحية من غزة، ولا يزال ما لا يقل عن 160 منهم داخل السجون الإسرائيلية.

وفي مقابلات مع صحيفة “الغارديان” وشبكة المراسلين العرب للصحافة الاستقصائية (أريج)، أدلى سبعة من كبار الأطباء في غزة بشهادات مروعة عن التعذيب والضرب والتجويع والإذلال خلال أشهر من الاعتقال. ويقول جميع الذين أجريت معهم المقابلات إنهم كانوا مستهدفين لأنهم أطباء. وقد تم اعتقال معظمهم داخل المستشفيات أثناء عملهم وتم أخذ آخرين من سيارات الإسعاف أو احتجازهم عند نقاط التفتيش بعد تحديد هويتهم كعاملين في مجال الرعاية الصحية.

يعتقد البعض، بمن فيهم أبو عجوة، أنهم تعرضوا للعنف الشديد من قبل حراس السجن والمحققين لأنهم أطباء.

ويقول: “لقد أصدر أحد المحققين الكبار تعليمات مفادها أنه نظرا لكوني جراحا استشاريا كبيرا، فيجب عليهم العمل بجد للتأكد من أنني فقدت القدرة على [استخدام يدي] وأصبحت غير قادر على إجراء الجراحة”.

الطبيب عصام أبو عجوة: طلب محقق من الجنود، نظرا لكوني جراحا استشاريا كبيرا، العمل بجد للتأكد من أنني فقدت القدرة على استخدام يدي وأصبحت غير قادر على إجراء الجراحة

ويقول إنه كان مقيدا بالأغلال لمدة 24 ساعة في اليوم واستخدم المحققون ألواحا بسلاسل لتقييد يديه لساعات في كل مرة. “قالوا إنهم يريدون التأكد من أنني لن أتمكن أبدا من العودة إلى العمل”.

لم يقل أي من الأطباء الكبار الذين أجريت معهم المقابلات إنهم حصلوا على تفسير لاعتقالهم. تم الإفراج عنهم جميعا دون توجيه تهمة بعد أشهر من السجن.

تم اعتقال الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء في شمال غزة، عند نقطة تفتيش أثناء سفره مع قافلة من المرضى في سيارات الإسعاف بعد أن أمره الجيش الإسرائيلي بإخلاء المستشفى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.

وقال: “عندما أخبرتهم باسمي، وجهوا أسلحتهم نحوي وتم احتجازي على الفور. كما لو كانوا ينتظرونني، وكأنهم حصلوا على جائزة كبيرة. لقد ضربوني بأعقاب البنادق والكراسي، بعد ذلك، صبوا الرمال على رأسي ودفعوا التراب في فمي وكنت على الأرض على ركبتي معصوب العينين وكانوا يضربونني بعد ذلك تم وضعي في سيارة، أنا والعديد من الآخرين مكدسين فوق بعضنا البعض بطريقة مهينة ومذلة. كان الجميع يصرخون. وكان الضرب مستمرا”.

يقول أبو سلمية: “بصراحة، بغض النظر عن مدى حديثي عما مررت به أثناء الاحتجاز، فهو جزء بسيط فقط مما حدث حقا فأنا أتحدث عن الضرب بالهراوات، والضرب بأعقاب البنادق، والهجوم من قبل الكلاب. لم يكن هناك سوى القليل من الطعام ولا نظافة شخصية ولا صابون داخل الزنازين ولا ماء ولا مرحاض، ولا ورق تواليت … لقد رأيت أشخاصا يموتون هناك”.

في شهاداتهم، يقول الأطباء إنهم حرموا أيضا من الطعام والماء، وأجبر بعضهم على تناول معجون الأسنان لعدم وجود أي شيء آخر. وقالوا إنهم لم يسمح لهم بالاستحمام أو تغيير ملابسهم، وأحيانا لشهور في كل مرة.

وقد اعتقل الدكتور محمود أبو شحادة، رئيس قسم جراحة العظام في مستشفى ناصر، أثناء عمله في 16 شباط/ فبراير 2024. يقول: “أُمر جميع الطاقم الطبي بالمغادرة. كنا مصطفين بين مبنى الإدارة ومبنى ناصر القديم” ولقد تعرضنا للضرب المبرح من ظهر الجمعة حتى الساعات الأولى من صباح السبت. كانت ليلة وحشية من الاعتداء والإساءة. لقد جردنا من ملابسنا وكان الجو باردا ورشونا عمدا بالماء البارد”. أمضى أبو شحادة حوالي ثلاثة أشهر في مراكز احتجاز مختلفة، حيث يقول إنه عانى من “الإذلال والتعذيب اليومي” قبل نقله إلى سجن النقب الصحراوي الإسرائيلي. ويقول: “في سجن النقب، كان المعتقلون يعانون من أمراض جلدية وجرب والتهابات شديدة مع صديد وإفرازات على الجلد” و”بعد فترة من الوقت انتشرت العدوى إلينا. سيطر علينا الضعف والتعب لدرجة أن العديد منا بالكاد يستطيع الوقوف”.

كما واعتقل الدكتور بسام مقداد، رئيس قسم جراحة العظام في المستشفى الأوروبي في غزة، بعد أن أوقفته نقطة تفتيش عسكرية وقضى سبعة أشهر في السجون الإسرائيلية. ويقول: “كان هناك ممرضون وأطباء إسرائيليون لكنهم لم يقوموا بفحصنا. رأيت أشخاصا مصابين بكسور في الأطراف وكان الحراس يسحبونهم من مكان إلى آخر. كانوا يسألون: أين يؤلمك؟ ثم يضربونك على تلك الإصابة”.

حتى الآن، توفي اثنان من كبار أطباء غزة في الاعتقال الإسرائيلي. توفي الدكتور إياد الرنتيسي، استشاري أمراض النساء والتوليد في مستشفى كمال عدوان، في سجن شيكما. وتوفي الدكتور عدنان البرش، رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء، بعد وقت قصير من نقله إلى سجن عوفر في نيسان/ أبريل 2024، حيث زعم معتقلون سابقون أنه توفي بسبب التعذيب وعانى من عنف جنسي شديد في الساعات التي سبقت وفاته.

في تقرير صادر عن “أتش دبليو دبليو” في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، أدلى العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين تم حبسهم داخل مرافق الاحتجاز الإسرائيلية بشهادات عن تعرضهم للصعق بالكهرباء والتعليق من أذرعهم من السقف والاعتداء الجنسي وتشويه أعضائهم التناسلية.

أدلى العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين تم حبسهم داخل مرافق الاحتجاز الإسرائيلية بشهادات عن تعرضهم للصعق بالكهرباء والتعليق من أذرعهم من السقف والاعتداء الجنسي وتشويه أعضائهم التناسلية

وقال طبيب لصحيفة “الغارديان” وأريج إنه شهد اعتداءات جنسية أثناء وجوده في الاحتجاز الإسرائيلي وحاول المساعدة في علاج عاملة رعاية صحية تعرضت للاغتصاب من قبل حراس السجن.

وبالنسبة لأسر الأطباء الذين اختفوا أثناء الاحتجاز، فإن غياب المعلومات عن أحبائهم يشكل عذابا يوميا.

في كانون الأول/ ديسمبر، واجهت السلطات الإسرائيلية إدانة دولية لاعتقال طبيب الأطفال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في مخيم جباليا للاجئين في غزة. وتقول عائلته إنه احتجز في معسكر اعتقال سدي تيمان سيئ السمعة.

وفي الأسبوع الماضي سمح لمحام يمثل أبو صفية بزيارة الطبيب في سجن عوفر لأول مرة، وقال إن أبو صفية تعرض للتعذيب والضرب وحرم من العلاج الطبي.

الدكتور أحمد مهنا، رئيس مستشفى العودة في شمال غزة، محتجز لدى إسرائيل منذ أكثر من عام دون توجيه تهمة إليه. في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تمكن مهنا من كتابة رسالة إلى عائلته قال فيها لزوجته: “أفتقدك كثيرا وأنتظر اللحظة التي أستطيع فيها رؤيتك والأطفال. لدي الكثير من الخطط التي سنفعلها معا بمجرد خروجي من السجن.. أريدك أن تظلي قوية. أعلم أن العبء ثقيل ولكنك تستطيعين التعامل معه، لدي ثقة كاملة فيك. أحبك كثيرا”.

منذ إطلاق سراحه من الاعتقال، لم يتمكن أبو عجوة من إصلاح أسنانه المكسورة، لكنه عاد إلى العمل في نظام الرعاية الصحية المدمر في غزة.

ويقول: “أما بالنسبة للمحقق الذي كان مصمما على جعلي أفقد الإحساس في يدي، فأقول: مهما فعلتم، أنا طبيب، وسأمارس مهنتي. وسأستمر دائما، حتى آخر نفس، في التواجد في غرفة العمليات”

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف العاملین فی مجال الرعایة الصحیة من العاملین فی فی مستشفى أبو عجوة فی غزة

إقرأ أيضاً:

السيد عبدالملك الحوثي.. الثائر الذي قلب المعادلة وكسر هيبة الطغاة

سيف النوفلي*

كلمة حق اقولها في السيد عبدالملك الحوثي ، في زمن كاد فيه العرب أن يفقدوا معنى الكبرياء، ويُغرقهم بحر الذل والارتهان، ظهر عبدالملك بدر الدين الحوثي كصوتٍ خارج عن المألوف، خارج عن الخط الرسمي المليء بالتطبيع والانبطاح، ليُعلنها صريحة: لا خضوع لا استسلام… لا سلام مع مغتصب الأرض وقاتل الأطفال.

هذا القائد اليمني الشاب، لم يكن أميرًا مُرفّهًا ولا ابن دولة نفطية مترفة، بل ابن جبلٍ وقريةٍ محاصرة، خرج من بين أنقاض الحصار والجوع، فصار كابوسًا دوليًا لكل من تآمر على اليمن.

دحر العدوان، واستعادة السيادة

منذ أن بدأت الحرب الدولية على اليمن عام 2015، بقيادة تحالف ضم قوى كبرى وإقليمية، كان الهدف سحق إرادة الشعب اليمني وكسر عزيمة من قال لا لهيمنة الخارج.
لكن عبدالملك الحوثي، وبخطاباته النارية، وبالتحام قواته الشعبية، حوّل المعركة إلى درعٍ وسيف، فكانت الجبهات تشتعل بالكرامة، والطائرات تُقصف، والحدود تُسحق، وأسطورة القوة الخليجية والدولية تنهار أمام رجالٍ حفاة، ولكن أشداء.

قصف تل أبيب، الفعل الذي هزّ المنطقة

في الوقت الذي كانت فيه عواصم عربية تفتح ذراعيها لنتنياهو، وتُفرش له السجاد الأحمر، أمر عبدالملك الحوثي بقصف عاصمة الاحتلال تل أبيب، كأول قائد عربي يفعل ذلك منذ عقود طويلة.

كان هذا القصف رسالة قوية: أن فلسطين ليست شعارًا، بل ميدان مواجهة، وأن صواريخ اليمن، وإن كانت تحت الحصار، أبلغ من بيانات العرب مجتمعة.

الحصار البحري والجوي لـ”إسرائيل”

لم يكتفِ الحوثي بالشعارات، بل فرض واقعًا جديدًا: حظر بحري وجوي على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن، وتوسعت عملياته حتى أصبحت السفن “الإسرائيلية أو المرتبطة بها” هدفًا مشروعًا للمقاومة اليمنية.
إنه الفعل الذي لم يتجرأ أي زعيم عربي حتى التفكير فيه، بل إن البعض من خصومه السياسيين، اضطروا إلى الاعتراف بقوته وشجاعته، حتى سمعنا من كان يهاجمه سابقًا يناديه اليوم بالأخ عبدالملك!

مواجهة أمريكا، ووثيقة الانكسار

بلغ التحدي مداه، حين أرسل الحوثيون رسائل النار إلى السفن الأمريكية نفسها، مما دفع إدارة ترامب إلى التهديد بالمحو الشامل لليمن. لكن ما جرى بعد ذلك كان مذهلًا: التهديد انقلب إلى تفاوض، والمواجهة انتهت بتفاهمات سرية، يُقال إن ترامب اضطر لتوقيعها بعد أن تيقن أن اليمنيين لا يُخيفون بالكلام.

إنه اليمن الفقير، لكنه أبيّ، الذي أجبر أقوى دولة في العالم على مراجعة حساباتها.

في اخر كلامي أقول:

أن عبدالملك الحوثي، بفعله قبل قوله، حفر اسمه في وجدان الشعوب لا في نشرات الأخبار، وكشف الزيف العربي الرسمي من المحيط إلى الخليج.
قد يختلف الناس حول سياساته، أو يوافقونه، لكن لا أحد ينكر أن هذا الرجل كسر حاجز الخوف، وفتح باب المواجهة، وقال للعدو: لسنا عبيدًا، بل أسيادٌ في أرضنا.
حفظ الله اليمن واليمنيين وعلى رأسهم القائد الفذ عبدالملك الحوثي..

* كاتب وسياسي عُماني

مقالات مشابهة

  • مؤسسة النفط تدعم «مستشفى أوباري» بأدوية وتجهيزات طبية لتعزيز الرعاية الصحية
  • ضعيف يعالج ضعيفًا.. أطباء في غزة يتضورون جوعًا كما مرضاهم
  • الرئيس السيسي يوجّه بتوفير الرعاية الصحية للكابتن حسن شحاتة
  • لفتة إنسانية.. الرئيس السيسي يوجه بتوفير الرعاية الصحية للكابتن حسن شحاتة
  • لفتة إنسانية..الرئيس السيسي يوجه بتوفير الرعاية الصحية العاجلة للكابتن حسن شحاتة
  • «التضامن» تستعرض تحديات نظام الرعاية الصحية بمؤسسات رعاية الأطفال
  • السيد عبدالملك الحوثي.. الثائر الذي قلب المعادلة وكسر هيبة الطغاة
  • الدكتور أحمد صادق مديراً لمديرية الشئون الصحية بقنا
  • تكليف الدكتور أحمد صادق مديرًا لمديرية الشؤون الصحية بقنا
  • الجيش الإسرائيلي يقتحم سفينة "حنظلة" أثناء توجهها إلى غزة