بقلم/ أوهاج م صالح

لقد سبق ان كتبت مقالا بعنوان " يا ايها البرهان، ما هي الرسالة التي تنتظر وصولها اليك من الله ابلغ مما وصلتك من رسائل، بعد مقتل ابنك؟. وإلحاقاً لذلك المقال اكتب هذه المرة هذا المقال المختصر بالعنوان المذكور اعلاه. وكما سمعتم وشاهدتم خلال الثلاثة أيام الماضية سقطوط ثلاثة طائرات حربية ووفاة جميع من فيها ومن ضمنهم قادة عسكريين كبار من الصف الأول وبرتب رفيعة، وعلى رأسهم اللواء طيار بحر الذي سقطت طائرته في أم درمان ويقال انه كان يرافقه عدد 6 طيارين، و6 ملاحيين جويين، وستة مساعدي طيارين، بالإضافة الى عدد من المواطنين، وتم تشييعهم جميعاً في أم درمان.

وهؤلاء كانوا قادمين من عزاء اللواء طيار الذي سقطت طائرته في مدينة نيالا بداية هذا الأسبوع. والغريب في الأمر ان اثنين من الطائرات الثلاثة التي سقطت، كان يقودها طياران برتبة لواء، وهذا ان دل على شىء فإنما يدل على ان ارادة الله قد تدخلت في هذا الأمر استجابة لدعوة المظلومين وعلى رأسهما الإمرأتين اللتين رفعت ايديهما الى السماء ودعتا الله بدعوات مباشرة وبليغة بأنهما مغلوبتان ولا ناصر لهما غير الله سبحانه وتعالى، وعلى الفور استجاب الله لدعائهما وأخذ لهما حقهما مباشرة من الفاعلين الرئيسيين أو الذين أمروا بقصف هاتين الإمرأتين. وصدق الرسول الكريم حين قال وهو اصدق القائلين (رُبَّ أَشعَثَ أَغْبرَ ذِي طِمْرَينِ مَدفُوعٍ بالأبوابِ لَو أَقسَمَ على اللهِ لأَبَرَّهُ). كما روى البخاري وغيرُه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال (إنّ للهِ عِبادًا لَو أَقسَمُوا على اللهِ لأَبَرَّهُم) أي يُعطيهِم ويُحقِّقُ مُرادَهم كما جاء في الحديث اعلاه الذي رواه مسلم وغيرُه . ومعنى الحديث ان كثيرٌ منَ المؤمنينَ، لا يتَمكّنُوا من العناية بأجسادهم وملابسهم، مِن شِدّةِ البؤسِ والفَقر ، لو حلفوا على الله ان يفعل لمهم او يستجيب لطلبهم لإستجاب لهم، وقد تكون الإمرأتين الفقيرتين التي قصف الطيران اغنامهما وبيوتهما في شمال دارفور ضمن هؤلاء الشعث الغبر.
وذلك لأنه من المعلوم ان الطائرات الحربية في العادة يقودها ضباط من الرتب الصغيرة (نقيب فما دون )، ولم نسمع قط بأن طائرة حربية يقودها لواء، ولكن تلك دعوة المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب. فاللواء بحر هذا رجل ذو سجل بالغ السواد، وهو من غلاة الكيزان، وقيل انه هو من قاد كتيبة فض اعتصام القيادة العامة، وأمر بإزهاق ارواح بريئة كثيرة واغتصاب الحرائر بصورة بشعة، جعلت اهل المغدور بهم يلهجون بالدعاء على الفاعلين ليل نهار. والدليل على ان اللواء بحر هو من فعل ذلك ارجعوا الى المقابلة التي اجراها سعد الكابلي مع الفريق (م) الفاتح عروة (مسؤول ملف ترحيل الفلاشا الأحباش لإسرائيل) . والفريق بحر هو أيضا قائد منطقة بحري العسكرية والذي في ظله تمت تصفية العديد من الأبرياء في بحري عندما دخلها الجيش ومن ضمنهم شباب التكايا.
فكون في خلال اقل من أربعة ايام تسقط ثلاثة طائرات حربية ويموت فيها تقريبا معظم قادة الصف الأول في سلاح طيران البرهان، فهذا شىء يجب ان يتوقف البرهان عنده وقفة طويلة، ويراجع سجله وعقيدته، ويسأل نفسه ان كان بإستطاعته السير في هذا الطريق وتحدي الله سبحانه وتعالى ذو القوة المتين. يا برهان، اذا دعدتك قدرتك الى هزيمة الدعم السريع - وهذا ما لم يحدث بعد – فتذكر قدرة الله تعالى عليك وعلى جيشك وطيرانك، ودعوات الشعث الغبر، الذين لا يرد الله لهم دعوة.
لذلك اختتم هذا المقال لأقول لك يا برهان انك قد استنفذت جميع الفرص التي اتاحها لك الله، فعليك بالكف عن غيك وايقاف هذه الحرب القذرة والركون لصوت العقل الذي ينادي بإيقاف الحرب والتشريد والقتل الممنهج، والجوع، والعنصرية البغيضة التي يبثها ضعاف العقول والإيمان. وإلا، والله وتالله، سوف يكون مصيرك اكثر سواد من مصير جميع طغاة الأرض، منذ ان خلق الله الأرض ومن عليها، لأن دعوات المظاليم الكثر، ومن بينهم الشعث الغبر سوف تنالك وان كنت استعصمت بأعلى ابراج وجبال الأرض. فالبدار ، البداربالتوبة اليوم قبل الغد. والمثل السوداني يقول (المابي الصلح ندمان).
كذلك اود ان ارسل رسالة خاصة للدكتور/عبد الله حمدوك، لأقول له اهل دارفور عندهم مثل بقول (اهلك لو كلاب بنبحوا كلو انبح معاهم) أي ان اهلك لوكانوا كلابا ينبحون، عليك ان تنبح معهم. يا دكتور انت تتعامل مع اناس قاسية قلوبهم، مشكوك في اسلامهم، ضعيف ايمانهم، منزوعي الوطنية، فإن ظللت تسعى مائة عام لتصل معهم الى صيغة لإيقاف هذه الحرب التي اشعلوها سوف لن تفلح، لأنهم قالوها وعلى الملأ، انهم سوف لن يوقفوا هذه الحرب ولو امتدت مائة عام. وكل الذي ستجنيه هو انك سوف تعرض نفسك للكثير من المهانة والذلة والمخاطر، وما حدث من قصف لمدينتك الوادعة التبون، وراح ضحيتها اكثر من ثلاثون شخصاً منهم ستة من افراد اسرتك المباشرين، هو ابلغ مثال. لذلك اقول لك يا دكتور دع عنك المثالية مع هؤلاء الأوباش وانزع عن ظهرك ذلك السرج الذي في ظهرك، وان دعى الأمر، تخلى عن ذلك الذي يمتطي ظهرك إن اصر على سيرك في هذا الطريق المعوج الذي تسير فيه، فما اجمل بنات عمك في التبون ان اردت البديل. يا دكتور ان مكانك الطبيعي هو وسط اهلك ضمن فريق حكومة السلام الجديدة. فهلا اجبت النداء.
اوهاج م صالح

awhaj191216@gmail.com
//////////////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

نور على نور

#نور_على_نور

د. #هاشم_غرايبه

من آخر ما كتبه “ستيف جوبز” مالك شركة آبل قبل موته عن عمر 56 عاما تاركا خلفه 7 مليارات: “تستطيع بمالك أن تستأجر من يقود لك سيارتك أويخدمك، لكنك لن تجد شخصا يحمل عنك مرضك وألمك، وتستطيع أن تشتري أشياء كثيرة بالمال، لكن لا يمكنك شراء الحياة أوالسعادة الداخلية.”
رغم أن كل ذلك من البديهيات التي لا يمكن لأحد أن ينكرها، إلا أن أغلب الناس لا يصدقونها، ويعتبرون أن المال هو كل شيء في هذه الحياة، وأن وجوده يسد كل نقص، والسعادة تتحقق بمقدار وفرته، ومثلهم المفضل هو: الدراهم مراهم.
الحقيقة هي ما قاله تعالى في وصف المال بأنه زينة الحياة الدنيا، لكن قوام حياة الإنسان هو الرزق.
ومفهوم الرزق أشمل كثيرا لاحتياجات معيشة الانسان، فهو يشمل زيادة على المال، الصحة، والسعادة والاطمئنان النفسي، والمواهب، والقدرات، والذكر الحسن، ويتوسع ليشمل الزوجة الصالحة والأولاد.. لكن كل ما سبق في كفة، والإيمان في كفة الأخرى، فمن فقد الإيمان فكل ما يناله في حياته الدنيا متاع زائل، لن ينفعه في حياته الأخرى، وسيتركه عند موته، وإن لم يوظف البنود التسعة الأولى في تحويل رصيده من أرزاقه، الى العملة الوحيدة المقبولة في حياته الثانية، وهي الحسنات، فهو مفلس مهما بلغ ماله وممتلكاته.
لذلك عندما يندب الانسان حظه في الدنيا لفقرة وقلة ماله، فإنه في حقيقة الأمر افتقد واحدا من عشرة عناصر تمثل الرزق.
لقد تكفل الخالق بتأمين أرزاق كل مخلوقاته، وأولها الإنسان، ويرى العاقل كل ذلك ماثلا أمامه، ابتداء من الحشرات الصغيرة الى أكبر الحيوانات، فلا تجد مخلوقا بات جائعا، ولا عصفورا يسأل غيره أن يجود عليه بفائض من طعامه، بل يغدو الجميع الى طلب رزقهم منذ الفجر، ويروحوا مساء فيناموا عند الغروب شبعانين.
لقد أودع الله تعالى في الأرض جميع العناصر اللازمة لحياة الكائنات الحية، لكنه خص الرزق بأنه في يده وبتقديره: “وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ” [الذاريات:22]، مما يعني أن تقدير هذه الأرزاق وتوزيعها خاضعة لتقدير العليم الخبير، رغم أن موادها ومكوناتها منبثة في الأرض.
ويريد الله أن يطمئن البشر الى أنه أرزاقهم مضمونة لأنها ليست في يد أحد غيره، وهو لا يمكن أن ينسى أحدا من فضله، فيقول في الآية التي تليها: “فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ”، مقسما بذاته العلية، وبصيغة لم ترد بهذه القوة في آية غيرها، وذلك لكي لا يبقى شك في هذا الأمر.
لكن هذه الأرزاق ورغم أنها مقدرة لكل مخلوق بحساب، لا تزيد ولا تنقص، فلن ترسل إليه وهو قاعد، بل هي متاحة فقط لمن يسألها، أي يسعي لتحصيلها، ويجدّ في طلبها: “وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا فِىٓ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍۢ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ” [فصلت:10].
ويؤكد الخالق مرة أخرى على ذلك بقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ” [الملك:15]، ونلاحظ أنه تعالى لم يقل (وكلوا من رزقها) بل (من رزقه) ليؤكد مرة أخرى أن الرزق من عنده أي بتقديره ووفق ما أراده وليس بحسب توفره المادي.
يحكى أن النبي سليمان عليه السلام، أراد أن يعلم الناس دلالة تكفل الله بأرزاق مخلوقاته، فسأل عن حاجة النملة الواحدة للغذاء سنويا، فقيل له عشرة حبات من القمح، فحبس نملة ومعها عشرة حبات، ولما فتح عنها بعد سنة وجدها لم تستهلك سوى ثمانية، فسألها لماذا أبقيت اثنتين، فقالت عندما كنت طليقة كنت مطمئنة الى ان الله لا ينسى من رزقه أحدا، لكن لما حبستني قطعت عني رزق الله، وخفت ان تنساني فادخرت حبتين لعلهما تقيتانني زمنا.
لا شك أن المرء عندما يستعرض ما مر به في حياته، من حالات ضيق مادي أحيانا وانفراج أحيانا، يجد أن التعاسة التي ذاقها ساعات الشدة امّحت سريعا، قد لا يتذكر الانعامات الكثيرة في الأبواب الأخرى من الرزق التي ساعدت في محوها، لكن لو كان رصده دقيقا للاحظ أن أبواب الفرج كانت دائما أوسع من وأرحب من ابواب الضيق، وبأضعاف مضاعفة.
وهذا كله من فضل المنعم الكريم، الذي لا ينسى من فضله أحدا حتى الكافرين.

مقالات ذات صلة الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة.. نزولٌ حقيقيٌ عن الشجرة أم خداعٌ استراتيجيٌ جديدٌ 2025/07/01

مقالات مشابهة

  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • الصراع يبدأ.. “الدعم السريع” تستولي على منطقة تتبع لـ”الحلو”
  • “الدعم السريع” تعلن سيطرتها على منطقة جديدة في كردفان
  • الأسباب مجهولة.. قوات الدعم السريع تختفي من محيط بابنوسة
  • “المشتركة” ترد على أكاذيب “الدعم السريع”
  • الخوي تشتعل من جديد... الجيش السوداني يقترب من استعادتها والدعم السريع تتكبد خسائر فادحة
  • مرفق: منشور معمر الذي يتواجد مع الجيش ويشجع ويشيد بالدعم السريع
  • غارات مدمّرة تُفشل حصار الدعم السريع للفاشر.. وتحذيرات من سقوط آخر معاقل الدولة
  • ???? البيت الأبيض السوداني تدمر تدميرا كاملا من قبل مليشيا الدعم السريع
  • نور على نور