دعوة أوجلان.. هل تنهي وجود حزب العمال في كردستان العراق؟
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
2 مارس، 2025
بغداد/المسلة: دعا عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، إلى حل الحزب والتخلي عن السلاح، في خطوة وصفت بالتاريخية تهدف إلى تمهيد الطريق لعملية سلام مع تركيا. وأتى هذا الإعلان بعد عقود من الصراع المسلح مع أنقرة، ليثير تساؤلات حول مستقبل الحزب وتأثيره على المناطق الكردية.
ويأمل أوجلان أن يتحول النزاع من العنف إلى الحوار السياسي، لكن ردود الفعل داخل الحزب وخارجه تشير إلى انقسامات قد تعيق هذا المسار.
ويُعتبر حزب العمال الكردستاني السبب الرئيسي وراء توغل القوات التركية داخل إقليم كردستان، حيث منح نشاطه العسكري أنقرة ذريعة لإقامة قواعد عسكرية عديدة في مناطق مثل شمال دهوك وزاخو وأربيل.
وأدى هذا الوجود إلى نزوح السكان من قرى المناطق الحدودية، مما زاد من تعقيد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
ويشير تقدير غير رسمي إلى أن أكثر من 27 قاعدة تركية تنتشر في الإقليم، بحسب تصريحات محلية كردية، بينما أقر رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدرم بوجود 11 قاعدة عام 2018.
ويتسبب وجود حزب العمال أيضاً في إحراج السلطات الاتحادية العراقية، خاصة مع قاعدة “زليكان” في بعشيقة بمحافظة نينوى، التي أثارت جدلاً حول السيادة العراقية. ويمتد تأثير الحزب إلى قضاء سنجار، حيث يُقدر أن نحو 1500 عنصر مسلح من أبناء المنطقة يتبعون الحزب، مما يعزز نفوذه هناك.
ويرى محللون أن هذا الوجود يعكس قدرة الحزب على استقطاب الشباب المحلي، لكنه يثير مخاوف من تصاعد التوترات مع القوى الأخرى في المنطقة.
وأحدث حزب العمال انقسامات داخل البيت الكردي، إذ يتهمه البعض بتقويض تجربة الحكم الذاتي في إقليم كردستان منذ تأسيسه عام 1992. ويؤكد منتقدون أن موقفه السلبي من الإقليم وصراعاته مع القوات الكردية، مثل البيشمركة، ساهما في إضعاف الوحدة الكردية. وتتجلى هذه الانقسامات في الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، اللذين يريان في نشاط “العمال” تهديداً لاستقرار الإقليم.
ويبقى الوضع في سنجار معقداً على المدى القريب، حيث ترفض القوى المحلية الإيزيدية الربط بينها وبين حزب العمال، معتبرة نفسها مستقلة وحامية للمجتمع الإيزيدي. وتظهر هذه التصريحات محاولة لفصل الهوية المحلية عن أجندة الحزب، لكن الواقع يشير إلى تداخل النفوذ. ويحذر خبراء من أن استمرار الصراع قد يعرقل عودة النازحين الإيزيديين، الذين يقدر عددهم بحوالي 300 ألف شخص منذ أحداث 2014.
ويتهم الحزب بإحداث “خراب كبير” في إقليم كردستان، بحسب آراء سياسية محلية، حيث يرى منتقدوه أن أنشطته العسكرية خدمت مصالح تركيا أكثر مما خدمت القضية الكردية.
ويعتبر البعض أن دعوة أوجلان قد تكون فرصة لإنهاء هذا الإرث المدمر، لكن نجاحها يتوقف على استجابة قيادات الحزب الميدانية، التي أظهرت حتى الآن تردداً في تنفيذ الدعوة.
وتُظهر الأحداث الأخيرة، مثل الاشتباكات في العمادية بمحافظة دهوك، استمرار التوتر بين حزب العمال والجيش التركي، حتى بعد دعوة أوجلان. وتشير الغارات الجوية التركية الأخيرة إلى أن أنقرة لن تتراجع عن عملياتها ما لم تتأكد من نزع سلاح الحزب فعلياً.
ويبقى السؤال: هل ستكون هذه الدعوة بداية نهاية الصراع، أم مجرد فصل جديد في سلسلة طويلة من النزاعات؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: حزب العمال
إقرأ أيضاً:
العراق يورّث أزماته للجيل الأصغر: التعليم يتراجع وورشة العمل تكبر
8 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: ووثّقت منظمات إنسانية دولية مشاهد متكررة لأطفال لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات وهم يحملون أدوات العمل في شوارع الموصل والرمادي وكركوك، يطرقون أبواب الورش والأسواق بدل مقاعد الدراسة، بعد أن باتت عائلاتهم ضحية لنزاعات طويلة وأزمات اقتصادية متلاحقة أجبرتها على الزجّ بأطفالها في سوق العمل.
واستند تقرير لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) إلى بيانات ميدانية جمعت بين تشرين الأول 2024 وآذار 2025، وأظهر أن 52% من أطفال العوائل النازحة والعائدة في محافظات نينوى والأنبار وكركوك يزاولون أعمالاً يومية أو موسمية، فيما يُحرم نحو 35% من التعليم المنتظم أو يُجبرون على الانقطاع التام عنه.
وارتفعت نسب انخراط الأطفال في مهن تتراوح بين أعمال البناء، وبيع السلع في الأسواق، والتسول، وجمع الخردة، في ظل غياب شبه تام لهياكل الحماية الاجتماعية، حيث أشارت نتائج التقرير إلى أن 85% من المناطق التي شملها التقييم تحتوي على أطفال عاملين، دون توافر مراكز رعاية رسمية للأطفال غير المصحوبين أو المفصولين عن ذويهم.
وسلّط التقرير الضوء على حجم الأزمة المتفاقمة، حيث أظهرت النتائج أن 80% من الأطفال المنخرطين في العمل يتقاضون أجوراً يومية، ويعمل 43% منهم في البناء، و41% في محال صغيرة، فيما تُسجَّل أعلى نسبة انخراط للفتيات في أعمال منزلية أو التسرّب من التعليم للزواج المبكر، الذي رُصد بنسبة 54% بين العوائق المانعة للالتحاق بالمدارس.
واستعادت منظمات محلية مشهدًا مماثلًا حدث في العراق قبل سنوات، حين كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عام 2017 عن وجود ما لا يقل عن 150 ألف طفل عامل، أغلبهم في مناطق نزوح داخلي أو متأثرة بالحرب ضد داعش، ما يسلّط الضوء على نمطٍ تكراري يؤكد هشاشة السياسات الوقائية في التعامل مع فئة الطفولة.
وأظهرت إفادات الأسر المشاركة في الاستطلاع أن افتقار الأطفال للوثائق الرسمية، ونقص المعلمات في المدارس، إضافة إلى الأعراف الاجتماعية المقيدة، تزيد من فجوة التعليم، خاصة لدى الفتيات في المناطق الريفية. وبلغت نسبة العوائل التي تعزو ذلك إلى غياب الأمن أو الخوف من العنف الطائفي والمنزلي ما يزيد عن 40% خلال الستة أشهر الماضية.
وتعمّقت الأزمة مع ضعف الخدمات الحكومية ومنظومات الحماية المحلية، إذ عبّرت لجنة الإنقاذ الدولية عن قلقها من أن الاعتماد المتزايد على عمالة الأطفال والزواج المبكر بات يشكّل آلية سلبية للتكيّف مع الضغوط الاقتصادية، ما يهدّد بخلق جيل جديد محروم من أبسط حقوقه في التعليم والرعاية.
وأكّدت اللجنة استمرارها في تقديم الدعم القانوني والتوعية رغم محدودية تغطية هذه الخدمات، فيما دعت إلى شراكة أوسع مع الجهات العراقية والدولية لتعزيز برامج الحماية، وضمان وصول أوسع إلى المناطق النائية المتضررة من النزاع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts