عندما كتب رونالد بارتيت الفيلسوف والناقد الفرنسى مقالته الشهيرة عام ١٩٦٧ «موت المؤلف» بدأت مدرسة نقدية حديثة فى دراسة النص والعمل الأدبى أو الفنى بمعزل عن الكاتب أو المبدع وكأن العمل الفنى قائمًا بذاته، ولديه جمالياته وخصوصيته الفنية والأدبية فكان ذلك الاتجاه ثورة فى مجال الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة وأغفلت قيمة الكاتب وأهمية دراسة حياته وتاريخه ومجتمعه الذى أثر سلبًا أو ايجابًا على نتاجه الإبداعي؛ على الرغم من ذلك فما زال النص الأدبى أو العمل الفنى يحمل فى طيات وجودهما الإبداعى جينات هذا الفنان أو ذاك المبدع لأن ما أبدعه جزء أصيل من تجربته الحياتية والإبداعية، فلا يوجد نص أو عمل بلا كاتب أو مبدع.
اليوم نجد أنه ليس الكاتب فقط قد مات بل الناقد ذاته مات، فقد اختفى النقد الأدبى والفنى من الحياة الثقافية المصرية لأسباب متعددة منها غياب الإبداع الحقيقى المؤثر فى التجربة الثقافية ومن ثم تحول الكثير من النقاد إلى الدراسات العلمية والأكاديمية الخالصة دون تمازج مع الواقع الإبداعى النابض بالمتغيرات والتحديات والبعض من أهل علم النقد صوب علمه نحو دراسة ومناقشة الإبداعات الشبابية والإعلامية من باب المجاملات الأدبية أو الإنسانية فى غرف وصالونات وندوات مغلقة لا بصل نفعها ولا يسمع جرسها الجمهور والمتلقى ولا تفرد لها أى مساحات فى وسائل الإعلام المرئى والمقروء والمسموع اللهم بعض صور على شبكات التواصل الاجتماعى.. ويظل الكاتب والناقد يدوران فى دوائر مغلقة لا منفذ لها …
أما النقد الفنى للسينما والدراما والمسرح فغالبًا ما يسيطر على الصفحات الفنية والشاشات الفضائية صحفيون منحوا أنفسهم حق ممارسة العملية النقدية المتخصصة بالخبرة والممارسة والسطوة الإعلامية بينما القليل منهم يكتب وينقد عن علم ودراسة وفهم ومتابعة لما يجرى عالميًا فى مجال الدراسات النقدية الحديثة والمدارس والاتجاهات الأدبية والفلسفية المؤثرة على الإبداع والإنتاج الفنى سواء سينما أو دراما تليفزيونية أو منصات أو مسرحًا أو أغنية موسيقى.
والغالبية تعتمد فى طرحها النقدى على العلاقات والمواءمات والإنطباعات الشخصية ودوائر المصالح أو المنافع حتى يظل ذلك الناقد الفنى ضيفًا على المهرجانات والحفلات والعروض المسرحية والفنية والشاشات الفضائية.
أما حال النقد السياسى فى بلادى فهو المنطقة الشائكة فكريًا المحفوفة بالمخاطر اجتماعيًا فهو طريق يؤدى إلى الانعزالية وقد يؤدى إلى فقدان الحرية باعتبار الناقد معارض وخائن للوطن أو الدين وتلك قضية أخرى… قضية النقد لا تعنى الهجوم أو الذم ولكن النقد فى تعريفه العلمى هو محاولة للفهم والإدراك من أجل كشف أغوار وفك أسرار النص الفنى أو النص الإنسانى الحياتى.. عبر أدوات التحليل والربط والتفسير والتأويل والشرح وتحديد مواطن القوة الإيجابية ونقاط الضعف السلبية... التنوير والكشف وتهذيب الذائقة النقدية بغية الوصول إلى المزيد من الاستمتاع الفكرى والوجدانى بالعمل الأدبى أو الفنى أو النص الإنسانى الحياتى.
موت الناقد فى كل المجالات يعنى موت العين الثانية والضوء الساطع اللامع الذى يرى الإبداع والإنسان بصورة أجمل وأفضل وأكثر نقاء... النقد حياة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النقد حياة
إقرأ أيضاً:
ذكرى رحيل فتى الشاشة الأول.. رحلة محمود ياسين في عالم الفن
تحل اليوم الذكرى الخامسة لرحيل الفنان محمود ياسين الذى قدم العديد من الأعمال الفنية التى تظل علامة فى تاريخ الفن العربى بشكل عام والمصرى بشكل خاص.
وكشفت الفنانة شهيرة عن النصيحة التى وصاها عليها محمود ياسين وتلازمها باستمرار وتعمل بها فى حياتها.
وقالت شهيرة فى حوار سابق لـ صدى البلد :"هناك الكثير من العبارات التى اتذكرها، لانه كان من المبدعين أو الفنانين المثقفين اجتماعيا وفنيا، ولكن كان دائما يقول عبارة واحدة تلازمنى حتى الآن وهى أهم شيء فى العمل الفنى هو النص أو السيناريو، فليس هناك أى تأثير للممثل إذا كان السيناريو ضعيفا وكذلك المخرج، وبالتالى السيناريو أو النص هو عماد العمل الفنى".
مسيرة محمود ياسين الفنية
ولد محمود ياسين في مدينة بورسعيد وحصل على درجة الليسانس في الحقوق من جامعة عين شمس في عام 1964، وعمل بالمحاماة في بداية حياته العملية، ثم التحق للعمل بالمسرح القومي بعد تقدمه للاختبارات الخاصة به ورفض تعيين القوى العاملة له في بورسعيد، وشارك خلال هذه الفترة في مسرحيات عديده منها سليمان الحلبي، ليلى والمجنون، الزير سالم، وقدم ما يقرب من 300 عمل فني ما بين السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون.
وقدم محمود ياسين عشرات المسلسلات الدرامية على شاشة التليفزيون المصري منها « الدوامة، غدًا تفتح الزهور، مذكرات زوج، اللقاء الثاني، أخو البنات، اليقين، العصيان، سوق العصر، وعد، مش مكتوب، ضد التيار، رياح الشق، أبو حنيفة النعمان".
بدأ محمود ياسين في السينما، بأدوار صغيرة من خلال أفلام “الرجل الذي فقد ظله، القضية 68، شيء من الخوف”، حتى جاءته فرصة البطولة الأولى من خلال فيلم «نحن لا نزرع الشوك» مع شادية ومن إخراج حسين كمال، ثم توالت أعماله السينمائية ليصل رصيده لأكثر من 150 فيلما حصد خلالها لقب «فتى الشاشة الأول»، ومن أهم أفلامه وهو كبير السن فيلم “الجزيرة” مع أحمد السقا.
تزوج الفنان محمود ياسين من الفنانة شهيرة ، إنجب منها كل من عمرو ورانيا ، وكشفت زوجة الراحل فى حديث تليفزيوني لبرنامج ساعة صفا ، ان زوجها كان يرفض ترشيحها فى الافلام التى يقوم ببطولتها لانه يري أن هذا الأمر مسئولية المخرج.