الجزيرة:
2025-07-31@02:28:03 GMT

سلاح المقاومة وإدارة غزة.. معضلة أمام قمة القاهرة

تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT

سلاح المقاومة وإدارة غزة.. معضلة أمام قمة القاهرة

لا يختلف القادة العرب الذين سيجتمعون بالقاهرة يوم الرابع من مارس/ آذار 2025 على أن إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تديره أنه منطقة منكوبة، هو المدخل السليم، لتثبيت أهل القطاع في أرضهم، ومنع تهجيرهم قسريًا، وهو المقاربة الصائبة لمواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحويل القطاع إلى "ريفيرا" أميركية، والذي يلقى رفضًا دوليًا واضحًا.

لكن هذه القمة الموسعة، التي تأتي عقب قمة مصغرة استضافتها الرياض، وضمت قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب مصر، والأردن، ستجد نفسها أمام معضلة تتعلق بأمرين أساسيين هما: إدارة قطاع غزة، وسلاح فصائل المقاومة الفلسطينية بمختلف تنظيماتها، وهذا لا يمكن أن يخرج، بالطبع، عن طريقة التفكير التي تُعنى بها الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل.

فترامب الذي يهدد باحتلال أميركا القطاعَ، وإسرائيلُ التي تهدد بعودة الحرب بغية تحقيق الهدف الذي استعصى عليها في خمسة عشر شهرًا من الحرب، وهو استئصال (حماس) سيكون من الصعب عليهما قبول أي حل أو رد على خطة ترامب، دون التطرق إلى هذين الأمرين، ما يفرض ضرورة أن يشمل "الرد العربي" تصورًا واضحًا حولهما، يضع في اعتباره ألا تحقق إسرائيل بالتفاوض أو تسويات ما بعد المعركة، ما عجزت عن تحقيقه بالسلاح.

إعلان

تتعاطى فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى الآن، بإيجابية مع المقترح المصري لإعادة إعمار قطاع غزة، ليكون قابلًا للحياة، وفق جدول زمني مناسب، بغية اعتماده في قمة القاهرة لكنها تبدو حذرة حيال أي مقاربة تنزع سلاح المقاومة، وتدمر أنفاقها، بوصفها بنية تحتية قتالية، أو تضع في إدارة القطاع من يعمل، ولو بالتدريج، على تحقيق هذا الهدف.

نعم تعهدت الحكومة المصرية بتقديم تصور شامل يعيد إعمار غزة، بعد إزالة الركام والردم، وتقديم خطط تعافٍ مبكر، أو تأهيل يساعد الفلسطينيين على استمرار العيش في مكانهم، بوصف هذا حقًا مشروعًا لهم، لكن هذا التعهد يتطلب وجود موقف عربي حاسم، لا يتساوق مع الرغبات الإسرائيلية حيال موضوع سلاح المقاومة، وإدارة القطاع.

كل ما هو مطروح رسميًا وعلنًا وبوضوح في هذا الخصوص، هو حديث أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي دعا فيه حماس إلى التنحي عن إدارة القطاع إن كان هذا في صالح الشعب الفلسطيني، ثم حديث "مصادر" بالقاهرة عن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة إثر تنحية حماس جانبًا، وجذب تعاون دولي في إعادة الإعمار، والضغط في اتجاه حل الدولتين.

وإلى جانب تسريبات من هنا وهناك، لم يقدم أي من المسؤولين الرسميين في الدول الخمس، إلى الآن، ما يبين إن كان التواصل مع فصائل المقاومة الفلسطينية، خصوصًا حماس، قد حرص بشدة على الاستئناس برأيها، أو وضعها في الصورة، أو حصل على موافقة نهائية، بخصوص الإدارة والسلاح من عدمه.

فبعيدًا عن المقاربة المتّفق عليها حول الإعمار وتثبيت السكان، فإن قضية الإدارة والسلاح، تقع في قلب ما ترى مصر أنها "تطورات خطرة للقضية الفلسطينية"، حسب تعبير وزارة الخارجية المصرية، وهي مسألة لا تغيب عن ذهن المقاومة الفلسطينية في غزة، التي تجد نفسها الآن أمام خيار صعب.

فهي إن رفضت المقترح العربي، فتحت الباب أمام عودة الحرب، أو مضي ترامب في تنفيذ تهديداته، ما يزيد وضع سكان غزة صعوبة، وهي إن قبلته، فهذا معناه أن إسرائيل ستحقق أحد أهدافها المهمة من مهاجمة قطاع غزة بأيدٍ عربية، وفي عملية يمكن تسويقها للرأي العام العربي على أنها الطريقة الوحيدة لقطع الطريق على ترامب وإسرائيل في محاولة التهجير، وإبقاء أهل غزة في أرضهم.

إعلان

تفطن (حماس) بالطبع إلى هذا المأزق، ولذا سارعت بإعلان استعدادها للتخلي عن حكم غزة للجنة وطنية، لكنها تريد أن يكون لها دور في اختيار أعضائها، وأنها لن تقبل بنشر أي قوات برية دون موافقتها.

وهي بهذا تريد من إدارة القطاع ألا يكون ضمن أهدافها تقليم أظفار غزة، بنزع سلاح مقاومتها، أو تقديم معلومات لإسرائيل عن إمكانات المقاومين المادية والمعنوية، ولا تريد في الوقت نفسه أن يحدث أي صدام مع "قوة برية عربية أو دولية" تدخل إلى القطاع تحت غطاء دفع إسرائيل إلى انسحاب نهائي من قطاع غزة، واستعادة أمنه، أو حماية أفراد الشركات المكلفة بإعادة الإعمار هناك.

لا تخلو يد الفصائل الفلسطينية هنا من أوراق، لا بدّ أن تضعها قمة القاهرة في الاعتبار، وهي أن المقاومة لم تنكسر، وأنها قادرة على مواصلة حرب استنزاف ضد الجيش الإسرائيلي إن عاد إلى اجتياح القطاع برًا.

ولا يزال في يدها أسرى إسرائيليون، وأن تل أبيب لا تلتزم، إلى الآن، بتنفيذ بنود اتفاق غزة كاملة، وأن هناك رفضًا دوليًا لمحاولات التهجير الجماعي، لأنها ترتقي لمستوى الجرائم ضد الإنسانية، وأن تصور ترامب هو محض خيالات أو أوهام غير قابلة للتنفيذ، وأنه لا يفكر في احتلال القوات الأميركية للقطاع، لا سيما أنه يدرك أن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة، بسلاحها ومعلوماتها وتأييدها السياسي، عن الحرب التي دارت رحاها على مدار خمسة عشر شهرًا، وعجزت مع إسرائيل عن تحقيق الأهداف التي أعلنها بنيامين نتنياهو، وأن الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، لا يمكنها قبول ما يحقق هذه الأهداف بيد العرب، أو عبر السلطة الفلسطينية في رام الله.

لقد أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن "بلاده منفتحة على مقترحات من الدول العربية في شأن غزة"، وهذا معناه في المجمل أن واشنطن تدرك أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تنفيذ تصور ترامب عنوة، وهي مسألة يجب أن يأخذها الزعماء العرب في الاعتبار، فلا يسمحوا بأن تحصل إسرائيل بالدبلوماسية على ما لم تتمكن من حصده بالحرب.

إعلان

من الضروري هنا ألا يكون "الحل العربي" على حساب المقاومة، ومن المهم أن ينفتح العرب، في هذا كله، على مساندة دولية لمسلكهم، قد تكون بتنظيم مؤتمر دولي لإعمار غزة، تُدعى إليه دول العالم التي أعلنت رفضها تصور ترامب، وأن يكون ذلك عقب قمة القاهرة مباشرة، بما يسند الظهر العربي في مواجهة جموح الرئيس الأميركي وانحيازه لإسرائيل.

ولعل حصول مصر على موافقة "من حيث المبدأ" لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة المرتقبة، هو أول الطريق لهذا الإجراء المهم، فالقضية الفلسطينية، لا سيما في ظل ما ترتب على "طوفان الأقصى"، تعزز حضورها كقضية دولية وإنسانية، وهناك كثيرون في العالم من المنحازين لحقوق الشعب الفلسطيني، لن يقبلوا بتصفيتها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المقاومة الفلسطینیة إدارة القطاع قمة القاهرة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

فرنسا: فلسطين لن تكون حماس.. وتوزيع المساعدات بغزة تحول إلى حمام دم

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الاثنين إن باريس تعترف بحق الفلسطينيين في أن يكون لهم وطن.

إيران تعلن إحباط مخطط استخباراتي خطير لتخريب البلادشاهد | تحطم طائرة عسكرية مغربية في مطار فاس ومصرع ضابطين

وأوضح وزير الخارجية الفرنسي أن غزة باتت مكانا للموت، مضيفا أن توزيع المساعدات في القطاع تحول إلى حمام دم.

وأعرب بارو عن تطلعه لنزع سلاح حماس وإقامة الفلسطينيين علاقات طبيعية مع إسرائيل، مشيرا إلى أن فلسطين ليست ولن تكون حماس، التي ارتكتب فظائع في 7 أكتوبر – وفقا لتعبيره.

وفي وقت سابق من اليوم الاثنين، أكد وزير خارجية فرنسا أن اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية سيحدث رسميا في سبتمبر المقبل.

وقال وزير الخارجية الفرنسي خلال كلمة له في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وتنفيذ حل الدولتين إن هناك دول أخرى قد تعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل.

ودعا بارو إلى أن يشكل مؤتمر الأمم المتحدة حول الحل السلمي للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين نقطة تحول حاسمة. 

ترامب يهدد إيران: سنقصف المنشآت النووية مرة ثانيةالجيش الإسرائيلي يعرض خطة على المجلس الوزاري لاحتلال قطاع غزة بالكامل

وشدد على ضرورة الانتقال من إنهاء الحرب في غزة إلى الوقف الكامل لعدوان الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد أن المجتمع الدولي لا يمكنه قبول استهداف الأطفال والنساء، لا سيما في سعيهم للحصول على مساعدات إنسانية. 

طباعة شارك وزير الخارجية الفرنسي فلسطين جان نويل بارو نزع سلاح حماس سلاح حماس الدولة الفلسطينية تسوية القضية الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • قاسم: سلاح المقاومة شأن لبناني لا علاقة للعدو (الإسرائيلي) به
  • قاسم: لبنان أمام خطر وجودي ولن نعطي السلاح لإسرائيل
  • “حماس”: سلاح التجويع الصهيوني في غزة إبادة جماعية ممنهجة
  • حماس: العدو الصهيوني حوّل الغذاء إلى سلاح قتل بطيء
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة
  • جمعية الإغاثة في غزة: مصر وقفت سدا منيعا أمام تهجير الفلسطينيين
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: القطاع يحتاج إلى 1000 شاحنة يوميا لتجاوز المأساة الراهنة
  • فرنسا: فلسطين لن تكون حماس.. وتوزيع المساعدات بغزة تحول إلى حمام دم
  • ترامب: من الصعب التعامل مع حماس وأدرس خططا مع نتنياهو