هل يعتبر العرب من مصير زيلينسكي؟ واشنطن.. الحليف المتقلب
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
يمانيون../
لم تكن أوكرانيا سوى أحدث ضحية لنهج الولايات المتحدة في استغلال حلفائها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، قبل أن تتنصل منهم وتلقي بهم إلى مصير مجهول. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تبنى سياسة التصعيد ضد روسيا وفق التوجيهات الغربية، وجد نفسه في موقف مهين داخل البيت الأبيض، عندما واجه نقدًا لاذعًا من الرئيس دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس، واتهامه بتوريط واشنطن في حرب لا شأن لها بها.
ما حدث لأوكرانيا ليس استثناءً، بل هو نموذج متكرر في السياسة الأمريكية، حيث تسعى واشنطن لاستخدام الدول الحليفة كأدوات في حروبها الجيوسياسية، قبل أن تتخلى عنها بمجرد انتفاء الحاجة إليها. لم يكن زيلينسكي الأول، ولن يكون الأخير.
في أفغانستان، كانت الولايات المتحدة الداعم الأول للمجاهدين في الثمانينيات، حيث سلّحتهم وأمدتهم بالمال والسلاح لقتال الاتحاد السوفيتي. لكن بمجرد انتهاء الحرب الباردة، تحولت هذه الفصائل إلى أعداء، وشنت واشنطن حربًا مدمرة ضدهم انتهت بانسحابها المهين من كابل عام 2021، تاركة الحكومة الأفغانية التي دعمتها لسنوات تواجه مصيرها وحدها.
وفي العراق، دفعت واشنطن صدام حسين إلى الدخول في حرب استنزاف ضد إيران استمرت لثماني سنوات، دعمت فيها الولايات المتحدة والعواصم الغربية بغداد عسكريًا وسياسيًا. لكن بعد انتهاء الحرب، تغيرت الحسابات، ووقع العراق في الفخ الأمريكي بعد غزوه للكويت عام 1990، حيث انقلبت عليه واشنطن وفرضت عليه حصارًا اقتصاديًا قاسيًا، ثم احتلته عام 2003، وأسقطت نظامه بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وهي الذريعة التي ثبت زيفها لاحقًا.
أما المملكة العربية السعودية، فقد كانت أبرز مثال على هذا النمط من التلاعب الأمريكي. فمنذ شنها العدوان على اليمن عام 2015، تلقت الرياض دعمًا عسكريًا واستخباراتيًا غير مسبوق من واشنطن، وشجعتها الإدارة الأمريكية على مواصلة الحرب تحت ذريعة مواجهة النفوذ الإيراني. لكن مع طول أمد الصراع، بدأت الانتقادات الأمريكية تتزايد، وبدأت الضغوط على السعودية لوقف الحرب، بل إن واشنطن نفسها أوقفت صفقات تسليح كانت تقدمها للرياض، وكأنها لم تكن شريكًا في الحرب منذ البداية.
ولا يختلف الحال كثيرًا مع نظام الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، الذي كان الحليف الأبرز لواشنطن في المنطقة طوال ثلاثة عقود. لكن عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011، رفعت عنه الولايات المتحدة الغطاء السياسي، وتركته يسقط في غضون أيام، رغم أنه كان ينفذ السياسة الأمريكية بحذافيرها لعقود.
اليوم، يجد زيلينسكي نفسه في مواجهة المصير ذاته، بعدما بات يُنظر إليه كعبء على الغرب، تمامًا كما حدث لحلفاء أمريكا السابقين. وما جرى له ليس مجرد حادثة فردية، بل هو نمط متكرر في السياسة الأمريكية تجاه حلفائها، حيث تستخدمهم كأدوات مؤقتة، ثم تتخلى عنهم فور انتهاء دورهم.
ختامًا، يجب أن نتساءل: هل سيتعلم العرب من تجارب الآخرين، مثل زيلينسكي، أم سيستمرون في الانجرار وراء سياسات قد تؤدي إلى توريطهم في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟ إن الدول التي تراهن على الدعم الأمريكي يجب أن تدرك أن هذا الدعم مشروط بالمصلحة الأمريكية فقط، وأن من يعتمد على واشنطن في تحقيق أمنه أو استقراره قد يجد نفسه في لحظة ما وحيدًا في مواجهة العواقب تمامًا كما حدث مع أوكرانيا، والعراق، وأفغانستان، والسعودية، ومصر، وغيرها من الدول التي استخدمتها أمريكا لتحقيق أهدافها، ثم تخلت عنها عندما انتهت صلاحيتها.
السياسية || محمد الجوهري
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يزور واشنطن لطلب صواريخ بعيدة المدى
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الاثنين، إنه سيتوجه إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع لإجراء محادثات بشأن إمكانية تزويد واشنطن بلاده بأسلحة بعيدة المدى، وذلك بعد يوم من تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه قد يرسل صواريخ "توماهوك" بعيدة المدى إلى كييف.
وقال الرئيس الأوكراني إنه قد يعقد اجتماعا مع الرئيس ترامب في وقت مبكر من يوم الجمعة، مضيفا أنه سيجتمع أيضا مع شركات الدفاع والطاقة وأعضاء في الكونغرس الأميركي.
وأضاف أن "المواضيع الرئيسية ستكون الدفاع الجوي وقدراتنا بعيدة المدى".
جاءت تصريحات زيلينسكي خلال اجتماع مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس.
وقال إنه سيسعى أيضا للحصول على مزيد من المساعدات الأميركية لحماية شبكتي الكهرباء والغاز في أوكرانيا.
تأتي زيارة الولايات المتحدة بعد اتصالين هاتفيين بين ترامب وزيلينسكي، الأحد والسبت، وصفهما الرئيس الأوكراني بأنهما "مثمرين للغاية".
وحذر ترامب من أنه قد يرسل إلى أوكرانيا صواريخ "توماهوك" بعيدة المدى إذا لم تتوصل موسكو لتسوية للأزمة الدائرة هناك قريبا. وستسمح هذه الصواريخ لأوكرانيا بشن هجمات في عمق الأراضي الروسية.