سؤال طفولي: لماذا تكرهين القوات المسلحة؟

رشا عوض

ما هي  مشكلتك مع الجيش؟ لماذا تكرهين القوات المسلحة؟

أسئلة مكررة في سياق التعليق على ما أكتب حول الجيش! إن شخصنة القضايا العامة هي طفولة سياسية وعجز فكري، لو أن مواقفي في الشأن العام تتحكم فيها الاعتبارات والمصالح الشخصية فلن تكون لي أدنى مشكلة مع الجيش! لأنني من الناحية الإثنية انتمي إلى تلك المجموعات المحظية بالرتب العليا في الجيش! ولي أقارب أعزاء من جهة الأم والأب ضباط في الجيش بعضهم ما زال في الخدمة! ورغم كل ذلك أرى أن هذا الجيش مؤسسة مأزومة تحتاج إلى إعادة بناء من جديد أو على الأقل تحتاج لإصلاحات هيكلية عميقة تفضي إلى إعادة البناء بالتدريج لأسباب فصلتها في عدد من المقالات السابقة، ونقد الجيش لا يعني مخاصمة وكراهية أي فرد انتمى لهذه المؤسسة ضابطاً كان أو جندياً أو قائداً لفرقة، مؤكد هناك أناس محترمين ونزيهين ووطنيين وأكفاء خدموا في الجيش، ولكن المعضلة تكمن في “عقل المؤسسة العسكرية” ومناهج عملها وشبكة المصالح الداخلية والخارجية المرتبطة بها والمتحكمة فيها، وقاصمة الظهر في عهد الإسلامويين هي التسييس المغلظ والهيمنة الحزبية!

هذه المعضلة هي التي جعلت الجيش أكبر مشروع استنزاف للثروة القومية وفي ذات الوقت الغالبية العظمى من جنوده وضباطه الصغار فقراء يعانون شظف العيش!! وهؤلاء أصحاب مصلحة راجحة في إصلاح الجيش!

هذه المعضلة هي التي جعلت الجيش يفشل في وظيفته الأساسية “احتكار العنف نيابة عن الدولة في إطار دستوري وقانوني” وتحول إلى مصنع لإنتاج المليشيات أو على أحسن الفروض متحالف معها ومتوكئاً عليها في حروبه الداخلية!

هذه المعضلة هي التي جعلت الجيش يقصف مواطنين سودانيين بالبراميل المتفجرة والقنابل المحرمة!

هذه المعضلة هي السبب في أن المواطن السوداني يستقبل في بيته الدانات والرصاص الطائش وقذائف الطيران فيقتل ببشاعة أو ينزح بعسر ومذلة رغم أنه هو من دفع ثمن كل هذه الآليات العسكرية لحمايته وليس لقتله وترويعه في صراع سلطة!

هذه المعضلة هي سبب تحويل الجيش إلى “حزب سياسي مسلح” يردد جنوده شعارات سياسية “قحاتة يا كوم الرماد” و”براؤون يا رسول الله”.

معضلة الجيش هي جزء من معضلة السودان السياسية والاقتصادية المزمنة، ولا نهوض ولا تقدم إلى الأمام دون الاعتراف بكل عيوب مؤسساتنا العسكرية والمدنية على حد سواء ولكن المشكلة هي سياج القدسية الذي يحرم تحريماً غليظاً أي كلمة نقد للجيش!

الجيش يا سادتي مؤسسة خدمة عامة (الخدمة العامة في الدولة الحديثة هي الخدمة المدنية والخدمة العسكرية)، علاقة المواطن والمواطنة بمؤسسات الخدمة العامة لا مجال فيها للحب والكراهية أو الولاء والبراء، بل هي علاقة محكومة بحقوق وواجبات دستورية، المواطن هو دافع الضرائب ومالك الثروة القومية التي تمول مؤسسات الخدمة العامة التي من واجبها خدمة المواطن في مجال اختصاصها، ومن حق المواطن قياس جودة ما تقدمه له من خدمات  بمعايير موضوعية.

ثقافة القهر والتخلف السائدة في مجتمعنا والتي تزاوجت مع مشاريع الاستبداد والفساد العسكري المتطاول أدخلت في روع السودانيين أن الجيش بحكم أن في يده السلاح ويستطيع أن يقتل فهو قاهر فوق السودانيين ومالك للدولة وللوطن بما فيه وبمن فيه، وأي نقد للجيش هو كفر بواح يخرج صاحبه من ملة الوطنية ويسلب حقه في ملكية الوطن إذ يتحول إلى خائن وعميل! وأصبح للجيش حصانة وقدسية لا تستند إلى أي منطق سوى منطق القوة، وللأسف لمنطق القوة هذا حاضنة ثقافية معتبرة في المجتمع بحكم الجهل والتخلف وثقافة العنف، وحتى في القطاع الحديث هناك فقر في الثقافة الديمقراطية وتواطؤ معتبر بين بعض التيارات على مشروعية الحكم استناداً إلى قوة السلاح وتمجيد من يحمله.

يجب أن نتذكر دائماً أن الجيوش المحصنة من النقد والتي تجعل من نفسها نصف آلهة أو آلهة كاملة هي أكثر الجيوش تلقياً للهزائم العسكرية وأقلها كفاءة ومهنية.

وأقوى الجيوش في العالم هي جيوش الدول الديمقراطية حيث الجيش خارج الصراع السياسي وملتزم بتنفيذ قرارات الحكومة المنتخبة ديمقراطياً.

الوسومالخدمة العامة الديمقراطية السودان الفساد العسكري القوات المسلحة المليشيات براؤون ثقافة القهر رشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخدمة العامة الديمقراطية السودان الفساد العسكري القوات المسلحة المليشيات براؤون رشا عوض القوات المسلحة الخدمة العامة

إقرأ أيضاً:

اختتام البطولة الوطنية العسكرية للرياضات الجماعية وتتويج الفرق الفائزة

أسدل الستار أول أمس الجمعة، على منافسات البطولة الوطنية العسكرية للرياضات الجماعية لسنة 2025، التي احتضنها المركز الرياضي للقوات المسلحة الملكية بسلا، وعرفت مشاركة واسعة من مختلف مكونات المؤسسة العسكرية.

وشهدت هذه الدورة، المنظمة تحت إشراف المديرية العامة للرياضات العسكرية، خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 25 يونيو، مشاركة 496 رياضيا يمثلون 25 وحدة عسكرية، تنافسوا في رياضات كرة القدم، وكرة السلة، والكرة الطائرة.

في كرة القدم، تُوج فريق اللواء الخفيف للأمن باللقب، متقدماً على الدرك الملكي في المركز الثاني، والحرس الملكي في المرتبة الثالثة.

أما كرة السلة، فقد تصدرها فريق الدرك الملكي، متبوعاً بـ الحرس الملكي، ثم المركز الرياضي للقوات المسلحة الملكية.

وفي الكرة الطائرة، انتزع الحرس الملكي المركز الأول، تلاه المركز الرياضي للقوات المسلحة الملكية، ثم اللواء الأول للمشاة المظليين.

وجرى حفل رسمي لتوزيع الجوائز والميداليات على الفرق المتوجة بالمراكز الثلاثة الأولى في كل صنف، بحضور رئيس المديرية العامة للرياضات العسكرية، والقائد المنتدب للحامية العسكرية الرباط-سلا، إلى جانب عدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين.

 وتهدف هذه التظاهرة الرياضية السنوية إلى تعزيز اللياقة البدنية، وترسيخ قيم الانضباط والتعاون والتنافس الشريف بين أفراد القوات المسلحة الملكية، كما تمثل مناسبة لتقوية الروابط بين مختلف مكوناتها.

كلمات دلالية البطولة الوطنية العسكرية الرياضات الجماعية القوات المسلحة الملكية

مقالات مشابهة

  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه
  • الملك محمد السادس يقر ترقية شاملة لأفراد القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والحرس الملكي والقوات المساعدة في 2025
  • المعاهد الصحية العسكرية 2025.. اعرف الأماكن وشروط التقديم ونظام الدراسة
  • الجيش ينظم عروضا جوية وقفزات استعراضية بالمظلات بساحل المضيق احتفالا بعيد العرش
  • “دومة” و”حماد” يبحثان الميزانية العامة ودعم القوات المسلحة
  • الحوثيون: قررنا تصعيد عملياتنا العسكرية وحصار إسرائيل
  • الهزائم العسكرية العجيبة.. لماذا نتفاجأ مما نعرفه؟
  • القوات اليمنية: قررنا تصعيد العمليات العسكرية في ظل استمرار الإبادة بغزة
  • اختتام البطولة الوطنية العسكرية للرياضات الجماعية وتتويج الفرق الفائزة
  • الجيش الليبي يفتح باب القبول للدراسة العسكرية في الخارج