في كل المواجهات مع الاستعمار والاستعباد في فلسطين وغيرها، الأنظمة والزعامات العربية لا تستطيع أن تتخذ قراراتها بل إنها تعول على الآخرين فيما يجب أن تقوم به، لذلك فكل خطاباتها ومناشداتها إما للمجتمع الدولي أو لليهود والنصارى، جاعلة إياهم خصما وحكما، ولا تخرج قراراتهم الجماعية والفردية عن ذلك، يناشدونهم بالتدخل للضغط على العدو الإسرائيلي ووقف الجرائم التي يرتكبها والدخول في المفاوضات .


رئيس السلطة الفلسطينية (عباس) في أوج الإجرام الصهيوني المسلّط على رفح قال (نأمل أن تتوقف إسرائيل عن هذا العمل ونناشد –كررها ثلاث مرات- أمريكا بالإيعاز أو بالطلب من إسرائيل بأن تتوقف عن عملية رفح) وهذا هو أكبر احتجاج صرح به مسؤول عربي، أما الآخرون فقد باركوا العملية قولا وعملا.
بعض عقلاء ومفكري الغرب تخلصوا من جريمة الصمت وغادروا مربع الخوف من تهمة معاداة السامية التي اغتالوا بها كل المعارضين لليهود أمثال “روجيه جارودي” الذي غيّر اسمه إلى “رجاء جارودي” بعد إسلامه وفضح الدعاية اليهودية في كتابه “الأساطير المؤسسة للسياسة اليهودية “، ومنهم الكاتبة الفرنسية (فيفان فورستيه) في كتابها “جريمة الغرب” الذي تناولت فيه كيف حوّل الإجرام الغربي ضد اليهود إلى تعاون بينهما من خلال عدة أسئلة :
من أحرق من الأوروبيون؟ أم عرب فلسطين أحرقوا يهود أوروبا؟ وهم من ارتكبوا المحرقة؟ مَنْ جوع مَنْ؟ عرب فلسطين جوعوا اليهود أم نحن الأوروبيون من قام بذلك؟ من أقام المقابر الجماعية، الأوروبيون هم من قاموا بذلك وهم من قاموا باحتلال أرض فلسطين وتهجير سكانها واحتلوها بالقوة والإرهاب ومنحوها لليهود، (صنعنا مأساة الشعب الفلسطيني؛ غسلنا عارنا بدماء الفلسطينيين وتركنا اليهود يتفننون في قتل وذبح وهدم بيوت الفلسطينيين وتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم واحتلال بلدهم أمام أعيننا وجعلنا من المظلومين إرهابيين وقتلة)، اليهود أيضا ليسوا بريئين من دماء النصارى، بل وصل إجرامهم إلى محاولتهم قتل المسيح عيسى ووصفه بما لا يليق ووصف السيدة العذراء أيضا؛ وفي كتاب “سدحادرون” اعترفوا بقتلهم لمائتي ألف نصراني في روما بالإضافة إلى كل نصارى قبرص عام 214م.
لقد تم التأسيس لاحتلال فلسطين على أنها أرض الميعاد بسبب وجود جينات يهودية تربطهم بفلسطين وذلك غير صحيح بل إن ما يربطهم بها هو المشروع الاستعماري لا غير، فالدكتور الشهيد/جمال حمدان- عالم الانثربولوجيا المصري قدم دراسته عن الصلة الجنسية والجينية بين يهود اليوم ويهود التوراة وأثبت أنها (مفقودة تماما من الناحية العملية ؛فيهود اليوم أوروبيون سلاف أو آريون أكثر منهم ساميون)، وهو ذات الاستنتاج الذي توصل اليه عالم الانثربولوجيا البريطاني “جيمس فنتون” في دراسته عن يهود إسرائيل بأن 95% منهم ليسوا من بني إسرائيل التوراة، وانما هم اجانب متحولون مختلطون في جملته اختلاطا يبعدهم عن أي أصول إسرائيلية فلسطينية قديمة .
الدكتور جمال حمدان تم اغتياله في شقته في مصر بسبب دراسته، لكن إذا ثبت ذلك فليس هناك مجال للاستناد إلى النصوص الدينية المحرفة التي يتعلقون بها، لكن كل التعلق هو من خلال القوة الاستعمارية والإجرام الذي جمع شتات القتلة والمجرمين وسلمهم فلسطين ليمارسوا فيها أبشع جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية حتى يتمكنوا من الاستيلاء عليها وتهجير أهلها .
على غير المعتاد أراد المذيع البريطاني المتصهين وأشهر إعلامي بريطاني هناك أن يدين الناشط الأمريكي “دان بليزيريان” بمعاداة السامية كتهمة جاهزة لإسكات صوته، لكنه ألجمه الحُجة –الساميون الحقيقيون هم الفلسطينيون لا اليهود ولو أجرى تحليل الحمض النووي لمن سلمت لهم فلسطين سيثبت أنهم يهود اشكناز من أوروبا الشرقية وليس لديهم حمض نووي عبراني تاريخي” وهو ما جعل إسرائيل تمنع وتجرّم أجراء التحليل فيها.
“دان” أثبت تناقض الإجرام الإعلامي في حق المسلمين وانحيازه للصهاينة (تستطيع أن تقول ما تشاء ضد مليار ونصف من المسلمين وتصفهم بالإرهاب وتسيء إلى مقدساتهم لكنك لا تستطيع أن تتحدث بالحقائق ضد اليهود)، من يتحدث عنهم يتعرض للقتل أو العزل حتى ولو أمضى عمره في خدمتهم سواء في أوروبا أو أمريكا أو في الوطن العربي بتهمة معاداة السامية .
اليهود يدّعون أنهم شعب الله المختار ويعاملون الآخرين كما لو أنهم حيوانات وفق تعاليم تلمودهم (إذا لم تكن يهوديا فأنت لست إنسانا)؛ ما يتحدث عنه “دان” جاء كثمرة لطوفان الأقصى الذي عرى إجرام اليهود وفضحهم على الملأ برغم التعتيم الإجرامي الإعلامي الذي تكالبت فيه قوى الهيمنة والصهيونية العالمية من أجل ذلك.
“دان” لديه واحد وثلاثون مليون متابع، لكنه معارض لليهود ولولا ذلك لما تمت المخاطرة بالحديث معه خاصة أنه يؤكد أن اليهود قاموا بقتل المسيحيين بشكل جماعي؛ ويدرسون أن يسوع يحترق في الجحيم وأن مريم العذراء عاهرة؛ ولديهم نظامان للعدالة ومن المقبول لديهم في دينهم سرقة غير اليهود؛ واغتصاب السجناء الفلسطينيين بشكل جماعي ولذلك فالتمويلات التي يحصلون عليها من أمريكا هي لتمويل جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
العلو والاستكبار اليهودي والاستعماري بلغ اليوم أوج قوته وسطوته ولذلك يريد أن يثبت للعالم أجمع أنه قادر على اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وإخراجه منها من أجل التكفير عن خطاياه في حق شركائه في الإجرام، لكن على حساب الأمتين العربية والإسلامية التي باتت مسلوبة الإرادة والقرار؛ وكما يقال في جيش الثعالب الذي يقوده أسد أنه ينتصر على جيش الأسود الذي يقوده ثعلب، ما بالك إذا كان هؤلاء مجموعة من الثعالب سلمها الاستعمار والاستعباد مقاليد السلطة والحكم على حين غفلة من الشعوب .
القرآن الكريم يحثنا على العمل وعدم التواكل وينهانا عن اليأس والقنوط قال الله تعالى ((واعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدو الله وعدوكم ))، وفي سيرة المصطفى وجدنا الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يحث المؤمنين على الاعتماد على الله والخوف منه مهما واجهوا من الأعداء؛ بخلاف ذلك سلوك الخانعين والعملاء والخونة الذين يخافون من المجرمين أكثر من خوفهم من الله، يخافون من اليهود والنصارى والهندوس وكل الأعداء؛ ويعولون على الآخرين أن يقوموا بدورهم بدلا عنهم من أجل استرداد حقوقهم المسلوبة وأرضهم المغتصبة وثرواتهم المنهوبة؛ ويصل الأمر إلى حد التعاون مع الإجرام والمجرمين ضد المقاومة التي هي أمل الشعوب في الخلاص من الإجرام والإرهاب العالمي.
حاربوا شعوبهم ووصفوها بأحط الأوصاف ومكنوا للإجرام والاستعباد والاستعمار في كل شؤونهم وتحولوا من حماة إلى جلادين وسجانين وسخّروا إمكانيات بلدانهم لتطبيق ما يمليه عليهم الطغاة والمجرمون؛ وفي فورة الحماس وعدوا شعوب الأمتين العربية والإسلامية بأنهم قادرون على هزيمة الأعداء واسترجاع ما سُلب منها وإذا بهم يسلبون شعوبهم الأمن والاستقرار لصالح الإجرام والمجرمين .
فلسطين لم ولن يحررها من يعوّل على الآخرين القيام بدوره، وأن من يحررها هم المؤمنون والرجال الصادقون، وفي الإنجيل عبارة تكتب بماء الذهب “إن الله لا يساعد من لا يساعد نفسه” أما في القرآن الكريم فيقول الله تعالى: ((الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء)).

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

فلسطين: سحب تشيلي ملحقيها العسكرييْن من إسرائيل خطوة شجاعة

فلسطين – أشادت فلسطين، امس الأربعاء، بقرار تشيلي سحب ملحقيها العسكرييْن من سفارتها لدى إسرائيل؛ احتجاجا على استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب منذ 20 شهرا في قطاع غزة.

وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان، إنها ترحب “بقرار الرئيس التشيلي جابرييل بوريك سحب الملحقيْن العسكرييْن من سفارة بلاده لدى تل أبيب”.

وأضافت أن هذه الخطوة تأتي “احتجاجا على استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع إدخال المساعدات، وحرمان أكثر من 2 مليون فلسطيني من حقهم الإنساني من الحصول على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية”.

الرئاسة الفلسطينية وصفت قرار تشيلي بـ”الخطوة الهامة والشجاعة، التي تعبر عن الرفض الدولي لما تقوم به سلطات الاحتلال من إجرام وقتل وتدمير وتجويع بحق الشعب الفلسطيني”.

وتابعت قائلة: “خطوة إضافية للضغط على سلطات الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا”.

ودعت إلى “مواقف دولية جادة وفورية لإجبار دولة الاحتلال على وقف حربها الدموية في قطاع غزة، واعتداءاتها في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وامتثالها لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي”.

وبالتوازي مع إبادة غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 972 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

والأربعاء، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: “وجَّه رئيس تشيلي غابرييل بوريك بسحب الملحقيْن العسكرييْن لبلاده من إسرائيل”.

ووصفت هذه الخطوة بأنها “تصعيد جديد في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ اندلاع حرب غزة، والاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب”.

وقالت الخارجية التشيلية على موقعها الإلكتروني، إن سفارتها أبلغت السلطات الإسرائيلية “سحب الملحقين العسكريين والدفاعيين والجويين، اللذين كانا يؤديان مهامهما في بعثتنا في تل أبيب”.

وأرجعت القرار إلى “الحالة الإنسانية البالغة الخطورة التي يعيشها السكان الفلسطينيون في قطاع غزة، نتيجة للعملية العسكرية غير المتناسبة والعشوائية للجيش الإسرائيلي”.

كما أرجعته إلى “العقبات المستمرة التي تحول دون السماح بدخول المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية”.

ومنذ 18 عاما تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع مجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.

ودعت تشيلي إسرائيل إلى “وقف عمليتها العسكرية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والسماح بدخول المعونة الإنسانية، واحترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي”.

ووفق “يديعوت أحرونوت” كان لدى تشيلي ثلاثة ملحقين عسكريين للبحرية والبر وسلاح الجو، إلا أن “أحدهم سُحب قبل أشهر أما الآن، فقد تم سحب الاثنين المتبقيين بشكل نهائي”.

وقبيل خطاب بوريك السنوي للأمة الأحد المقبل، قدرت مصادر دبلوماسية إسرائيلية “أن هناك احتمالا كبيرا أن يعلن الرئيس قطع العلاقات تماما مع إسرائيل”، حسب الصحيفة.

وتابعت المصادر: “هذه الخطوة الجديدة تُعد تصعيدا إضافيا في العلاقات، بعد أن أعلن الرئيس التشيلي في 31 أكتوبر 2023 استدعاء السفير التشيلي من إسرائيل”.

والخميس الماضي، قال بوريك عبر منصة “إكس”، إن “الحكومة الإسرائيلية تقوم بتطهير عرقي في غزة، ووصل الأمر إلى حد أن آلاف الأطفال قد يموتون في الساعات القادمة لأن إسرائيل لا تسمح بدخول المساعدات الإنسانية”.

وأكد أن “من يقومون بهذا ومن يغضون الطرف عنه، مجرمو حرب وستحاسبهم الإنسانية بطريقة أو بأخرى، وتمارس تشيلي الضغوط اللازمة على جميع المنابر لوضع حد لهذه الوحشية”.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن مشروع التهويد الأخضر الذي تنفذه إسرائيل؟
  • فلسطين: سحب تشيلي ملحقيها العسكرييْن من إسرائيل خطوة شجاعة
  • مسؤول حوثي: ارتفاع عدد الطائرات المدنية التي دمرتها إسرائيل في مطار صنعاء إلى 8
  • الزعماء العرب .. اجتماعات وقرارات
  • فلسطين يا رب العالمين
  • مصر أكتوبر: إسرائيل تواصل استفزاز العرب ومخططاتها لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية لن تمر
  • السيد القائد: نسعى لموقف أقوى إلى جانب فلسطين في معاناتها التي لم يسبق لها مثيل
  • مستوطنون صهاينة يحرقون أراضٍ زراعية في رام الله
  • بعد الإشكال الذي أوقع 3 جرحى أمس.. الجيش يُداهم منازل في حوش العرب
  • مستوطنون صهاينة يحرقون أراض زراعية شرق رام الله