هل يمكن لمريض السرطان الصيام بشكل آمن؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
قد تتأثر رحلة العبادة خلال شهر رمضان بظروف صحية خارجة عن الإرادة، مثل الأمراض الشديدة التي تمنع الصيام. ومع ذلك، يختار بعض المرضى، كمرضى السرطان، الصوم أحياناً بدافع المشاعر الروحية التي تغلب على الاعتبارات الصحية، ولو لبعض الأيام.
هذا القرار شخصي للغاية، فقد يشعر بعض الأشخاص أن صحتهم الروحية أكثر أهمية.
وهنا ينصح خبراء "مركز ماكميلان للسرطان" بأن يتحدث المريض مع فريق الرعاية الصحية الخاص به، لمعرفة المزيد حول كيفية تأثير ذلك على صحته، أو فعالية أي علاج.
الظروف الفرديةبصيغة أخرى، يعتمد القرار على الظروف الفردية، وتنبغي مراجعة الطبيب فيه.
و"الحقن أو العلاجات التي تُعطى بالتنقيط (التسريب) من خلال الوريد قد لا تفطر الصيام، اعتماداً على سبب إعطائها، فإذا كانت الحقنة توفر قيمة غذائية، مثل السوائل الوريدية، فإنها تفطر. ولكن إذا كانت لقاحاً أو مسكناً للألم أو مضاداً حيوياً، فلن تفطر".
العلاج الكيميائيويقول خبراء "مركز نيولايف للسرطان": "إذا كان مرضى السرطان يعانون من الجوع و/أو الجفاف لفترة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى التعب وانخفاض قوة الجسم وزيادة الآثار الجانبية المرتبطة بالعلاج. وقد يؤدي الصيام والجفاف إلى فشل الكلى وتجلط الدم غير الطبيعي، ما يترتب عليه عواقب خطيرة".
ولهذا السبب، من المهم جداً "للمرضى الذين يستمر علاجهم الكيميائي من السرطان أن يأكلوا بانتظام، وبكمية كافية دون تخطي وجبات الطعام، وأن يناموا جيداً، وأن يشربوا كميات كافية من السوائل".
ولا يوصي الخبراء بالصيام للمرضى الذين يخضعون لعلاج السرطان بنشاط.
لكن قد يُسمح للمرضى الذين أكملوا علاج السرطان والذين يشعرون بتحسن عام بالصيام؛ بعد استشارة أطبائهم.
مخاطر الجفافويحذر خبراء مركز "سيتي أوف هوب"، من مخاطر الجفاف، "فالجسم يحتاج إلى الماء لنقل العناصر الغذائية إلى الخلايا، وموازنة مستويات الحمض، وتنظيم الهرمونات، وطرد الخلايا التالفة والسموم التي قد تتحلل أثناء الصيام".
و"يجب على مرضى السرطان الانتباه بشكل خاص إلى مستويات الترطيب لديهم. بسبب الآثار الجانبية للسرطان أو لعلاجه".
وقد يعاني المرضى بالفعل من فقدان الماء من خلال الإسهال أو الغثيان والقيء أو الحمى، وقد تساهم بعض الأدوية التي تتناولها أيضاً في الجفاف.
في حالة الصيامإذا أتاح الطبيب إمكانية الصيام في مرحلة معينة من رحلة العلاج، فلا تتخطى وجبة السحور، فهذه الوجبة ضرورية للحفاظ على الطاقة طوال اليوم.
و"تناول وجبات مغذية: أثناء السحور والإفطار، وركز على الأطعمة التي توفر طاقة تدوم لفترة أطول".
وهذا يشمل الأطعمة الغنية بالبروتين مثل: اللحوم الخالية من الدهون، والدواجن، والأسماك، والمكسرات، والبيض، والبقوليات، والأطعمة الكربوهيدراتية الكاملة، مثل خبز القمح الكامل والأرز والمعكرونة والشعيرية والبطاطس.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية السرطان شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
منذ أن تشكّلت الدول وبدأت تمارس وظائفها، ظل الاقتصاد جزءًا لا يتجزأ من أدواتها السياسية، فالسياسات الاقتصادية ليست مجرد قرارات تقنية تُتخذ بمعزل عن الواقع، بل هي في جوهرها قرارات سياسية تعكس مصالح، وأولويات، وتوازنات قوى. القول إن الاقتصاد محايد أو مستقل عن السياسة يتجاهل حقيقة أن كل قرار مالي أو استثماري أو تجاري يتطلب إرادة سياسية لتوجيهه، وتحمل تبعاته.
في التاريخ القديم، كانت السيطرة على الموارد الاقتصادية تُعد بمثابة إحكام للسيادة السياسية. الإمبراطورية الرومانية لم تكن لتصمد دون تأمين تدفق القمح من مستعمراتها، وعلى رأسها مصر، التي شكّلت “سلة الغذاء” للإمبراطورية. وفي ذلك الزمن، لم يكن الغذاء مجرد سلعة؛ بل أداة للحكم، والاستقرار السياسي كان رهناً بالوفرة الاقتصادية.
أما في العصر الحديث، فقد تجلّت العلاقة بين الاقتصاد والسياسة بوضوح في أزمة النفط عام 1973، حين قررت الدول العربية المنتجة للنفط خفض الإنتاج وفرض حظر على الولايات المتحدة وهولندا بسبب دعمهما لإسرائيل. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 300%، وانزلاق الاقتصاد العالمي في موجة تضخم وركود حاد. وهنا لم يكن النفط مجرد مادة خام؛ بل أداة سياسية أثَّرت في مواقف دول، وساهمت في إعادة تشكيل النظام الدولي.
في التجربة الصينية، شكّل النمو الاقتصادي منذ نهاية السبعينيات خطة سياسية منظمة، لم يكن تحرير السوق وتوسيع قطاع التصدير هدفًا اقتصاديًا فحسب، بل وسيلة استراتيجية لإرساء شرعية الحزب الشيوعي داخليًا، وتعزيز مكانة الصين في النظام العالمي. خلال أربعة عقود، نجحت الصين في انتشال أكثر من 800 مليون إنسان من الفقر، وفق بيانات البنك الدولي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو إنجاز اقتصادي ما كان ليتحقق لولا رؤية سياسية محكمة.
الواقع الأوروبي يعزز أيضًا هذا الترابط الوثيق، فالاتحاد الأوروبي بُني على فكرة أن التكامل الاقتصادي سيمنع اندلاع الحروب مجددًا بين دول القارة. إنشاء السوق الموحدة، وتبني العملة الموحدة “اليورو”، لم يكن مسعى اقتصاديًا بحتًا، بل هدفًا سياسيًا طويل المدى لتحقيق السلام والاستقرار. رغم التحديات، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي نحو 18 تريليون دولار في عام 2023؛ مما يعكس عمق هذا التكامل الذي جمع بين السياسة والاقتصاد.
في منطقتنا العربية، تتضح العلاقة في اعتماد العديد من الدول على السياسات الاقتصادية كأدوات للتماسك الاجتماعي والسياسي. برامج الدعم الحكومي للوقود والغذاء، والتوظيف في القطاع العام، والإعفاءات الضريبية، كلها قرارات اقتصادية تُستخدم سياسيًا لاحتواء التوترات الاجتماعية وتعزيز شرعية الدولة. وفي دول الخليج، مثلًا، لا تُفهم خطط التنويع الاقتصادي بمعزل عن التحولات السياسية والاجتماعية التي تهدف إلى ضمان الاستدامة والاستقرار في عالم ما بعد النفط.
ومن واقع تجربتي، حين ناديت أثناء المقاطعة الشعبية الأخيرة بعد حرب غزة بضرورة تطوير المنتج المحلي ليحل محل السلع المُقاطَعة، اعتبر البعض أن هذا الموقف تعاطف عاطفي لا علاقة له بالاقتصاد، وأن الأجدى هو تغيير سلوك المستهلك فقط. لكن هذا الفهم يغفل عن حقيقة أن الأزمات تخلق فرصًا لإعادة توجيه الموارد، وتعزيز الإنتاج الوطني، وتثبيت السيادة الاقتصادية. وقد وقعت بعض الجهات والدول في هذا الخطأ، حين تعاملت مع المقاطعة كفعل شعبي مؤقت بدل أن تستثمره في بناء بدائل وطنية مستدامة.
حتى في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع الدول، يظهر الاقتصاد كأداة ضغط سياسي.. الاشتراطات المصاحبة لبرامج الإصلاح، مثل تحرير سعر الصرف، أو خفض الدعم، أو خصخصة المؤسسات، ليست فقط إصلاحات تقنية، بل تؤثر مباشرة في القاعدة الاجتماعية والسياسية للحكم، وتعيد رسم العلاقة بين الدولة ومواطنيها.
في النهاية.. الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. لا يمكن فصل الإنفاق عن التمويل، ولا الضرائب عن العقد الاجتماعي، ولا الاستثمار عن رؤية الدولة لمكانتها في الداخل والخارج. كل قرار مالي هو رسالة سياسية، وكل سياسة اقتصادية تعكس هوية الدولة وأولوياتها… لهذا، فإن من يزعم أن الاقتصاد حيادي، يغفل عن واحدة من أهم حقائق التاريخ: الاقتصاد كان وسيظل أداة للسياسة، وأحيانًا جوهرها.