في اكتشاف جديد قد يغير فهمنا للوشاح العميق للأرض، توصل فريق بحثي دولي من المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى وجود كتلتين ضخمتين بحجم القارات مدفونتين في عمق الوشاح.. فما القصة؟

يكمن الاختلاف الرئيسي بين هاتين الكتلتين في كونهما ليستا متشابهتين كما كان يُعتقد سابقًا، مما قد يؤثر بشكل كبير على استقرار المجال المغناطيسي للأرض.

اكتشاف قارتين في باطن الأرض 

تم اكتشاف هاتين الكتلتين، المعروفتين باسم "المقاطعتين الكبيرتين منخفضتي السرعة" (LLVPs)، لأول مرة في الثمانينيات من القرن العشرين عندما لاحظ الجيولوجيون أن الموجات الزلزالية تنتقل عبر منطقتين في الوشاح السفلي بسرعة أبطأ بكثير مما كان متوقعًا. 

يبلغ ارتفاع كل منهما نحو 900 كيلومتر، وعرضها يمتد لآلاف الأميال، مما يجعلهما تغطيان معًا حوالي 25% من سطح نواة الأرض.

ظلت العلماء لفترة طويلة يعتقدون أن هذه الكتل تتكون من قشرة محيطية قديمة اندست في الوشاح، واعتُبر أن لهما خصائص فيزيائية متشابهة نظرًا لتشابه طريقة مرور الموجات الزلزالية خلالهما. 

ولكن، الدراسة الجديدة كشفت أن تكوينيهما وعمرهما يختلفان بشكل جوهري، ورغم تشابه درجات حرارتهما، إلا أن هذا الاختلاف في التركيب هو العامل الأساسي في فهم طبيعة هاتين الكتلتين.

التطور الجيولوجي لـ LLVPs

من أجل فهم تطور هذه الكتل مع مرور الزمن، استخدم الباحثون نموذجًا يجمع بين الحمل الحراري في الوشاح وإعادة بناء حركات الصفائح التكتونية خلال آخر مليار سنة. 

وقد كشفت المحاكاة عن اختلافات واضحة بين الكتلتين: الكتلة الأفريقية تتكون من مواد أقدم وتمتزج بشكل أفضل مع الوشاح المحيط بها، بينما الكتلة تحت المحيط الهادئ تحتوي على 50% من قشرة المحيط التي اندست خلال آخر 1.2 مليار سنة، مما يجعلها أكثر تجددًا.

تشير النماذج إلى أن كتلة المحيط الهادئ قد تلقت باستمرار قشرة محيطية جديدة على مدى الـ 300 مليون سنة الماضية، بسبب قربها من حزام النار، وهو حزام زلزالي وبركاني ضخم يحيط بالمحيط الهادئ. في المقابل، لم تتعرض الكتلة الأفريقية لنفس المعدل من التجديد، مما أدى إلى امتزاجها بشكل أكبر مع الوشاح المحيط بها وانخفاض كثافتها.

التأثيرات على المجال المغناطيسي للأرض

نظرًا لموقع LLVPs في عمق الوشاح وارتفاع درجات حرارتهما، فإنهما تؤثران بشكل مباشر على كيفية تبديد الحرارة من نواة الأرض. وفقًا للدراسة، فإن فقدان الحرارة من النواة يحدث بشكل أكبر في المناطق التي يكون فيها الوشاح العلوي أكثر برودة، مما يعني أن LLVPs تعيق هذه العملية.

يؤثر ذلك على الحمل الحراري في النواة الخارجية، وهي العملية المسؤولة عن توليد المجال المغناطيسي للأرض. في حال أصبح توزيع الحرارة غير متوازن، فقد يؤدي ذلك إلى انعكاس المجال المغناطيسي، مما قد يتسبب في إضعافه مؤقتًا، ويؤثر على أنظمة الاتصالات وشبكات الطاقة بالإضافة إلى القدرات الملاحية لدى بعض الحيوانات.

وأكد الباحثون أن هذه الاختلافات في الكثافة ينبغي أخذها في الاعتبار عند دراسة ديناميكيات الأرض العميقة وتطور المجال المغناطيسي. كما أشاروا إلى أهمية البحث عن بيانات إضافية، مثل ملاحظات الجاذبية الأرضية، لتأكيد الفرضيات المتعلقة بعدم تماثل الكتلتين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اكتشاف علمي كوكب الأرض المزيد المجال المغناطیسی

إقرأ أيضاً:

اكتشاف 6 أنواع فريدة من الفراشات الزجاجية التي حيرت العلماء

في غابات أميركا الوسطى والجنوبية، تعيش فراشات شفافة الجناحين تعرف بـ"الفراشات الزجاجية"، تبدو للعين غير مميزة عن بعضها بعضا، إلا أن فريقا بحثيا كشف أنها تمتلك قدرة فريدة تساعدها على تمييز بعضها عن بعض عبر الرائحة، مما يمكنها من التزاوج الصحيح وتجنب الانقراض.

وفي دراسة جديدة نشرت يوم 28 يوليو/تموز في مجلة "بي إن إيه إس"، أعاد باحثون رسم شجرة أنساب الفراشات الزجاجية التي تنتمي إلى مجموعتي "ميكانيتيس" و"ميلينيا"، واكتشفوا 6 أنواع جديدة كانت مصنفة سابقا كأنواع فرعية فقط. أتاحت النتائج للعلماء فهما أعمق حول نجاح بعض الفراشات دون غيرها في التكيف السريع والانتشار عبر موائل جديدة.

الفراشات الزجاجية تتشابه في الشكل واللون (بيكسابي)شفرة وراثية تكشف ما لا تراه العين

توضح المؤلفة الرئيسية للدراسة إيفا فان دير هايدن -باحثة الدكتوراه في علم الحيوان في معهد سانجر في المملكة المتحدة- أنه رغم أن الفراشات الزجاجية تتشابه في الشكل واللون، الذي يساعدها على خداع الطيور المفترسة بأن جميعها سامة، فإن هذا التشابه يجعل من الصعب تمييز الأنواع المختلفة، سواء بالعين المجردة أو حتى بالعدسة المكبرة.

ولفك هذا اللغز، قام الفريق البحثي بتسلسل الشفرة الوراثية لحوالي 400 نوع من هذه الفراشات، وحددوا 10 جينومات مرجعية متاحة الآن مجانا للباحثين في أنحاء العالم، وهو ما يسهل رصد الأنواع ودراستها ميدانيا.

وتقول فان دير هايدن في تصريحات للجزيرة نت: "كانت الفراشات الزجاجية موضوعا مهما للبحث منذ أكثر من 150 عاما، ولكن لم تكن لدينا أدوات وراثية كافية لتمييز الأنواع بدقة".

وتضيف: "الآن، ومع توفر جينومات مرجعية وتحديث شجرة الأنساب، أصبح بالإمكان تتبع هذه الفراشات وفهم تطورها بشكل أعمق، مما يعزز جهود حماية التنوع البيولوجي حول العالم".

ومن بين أبرز ما كشفته الدراسة أن الفراشات من النوع نفسه تفرز روائح (فيرومونات) مميزة تساعدها على تمييز بعضها عن بعض رغم التشابه الخارجي، وتؤدي هذه القدرة دورا محوريا في تحديد شريك التزاوج المناسب.

إعلان

وتشير الباحثة إلى أنه رغم أن هذه الفراشات تتشارك في الألوان والنقوش التي تحذر الطيور من افتراسها، فإن الفيرومونات التي تفرزها كل فصيلة تختلف عن الأخرى، مما يسمح لها بالتعرف على شركائها داخل النوع نفسه. هذا الاكتشاف يفتح أمامنا أبوابا جديدة لفهم كيفية تعايش هذه الكائنات المتقاربة وراثيا في مواطن مشتركة.

أحد أكثر الجوانب إثارة في الدراسة هو اكتشاف تباين كبير في عدد الكروموسومات بين الأنواع المختلفة (بيكسابي)تباين في الكروموسومات

كان أحد أكثر الجوانب إثارة في الدراسة هو اكتشاف تباين كبير في عدد الكروموسومات بين الأنواع المختلفة، إذ يتراوح بين 13 و28 كروموسوما، مقارنة بـ31 كروموسوما في معظم أنواع الفراشات الأخرى.

وتكمن أهمية هذا التفاوت -بحسب الباحثة- في أنه يؤثر بشكل مباشر على قدرة الفراشات على التكاثر، فإذا تزاوج فردان من أنواع ذات ترتيب كروموسومي مختلف، فإن نسلهم غالبا ما يكون عقيما، وبالتالي، فإن الفراشات طورت استخدام الفيرومونات كوسيلة لتمييز الشريك القادر على إنتاج ذرية خصبة.

وترى فان دير هايدن أن هذه الآلية البيولوجية ربما تفسر لماذا تشهد الفراشات الزجاجية ظهور عدد كبير من الأنواع في وقت قصير، وتقول: "عندما يتغير عدد الكروموسومات في مجموعة معينة، فإنها تنعزل تلقائيا عن باقي المجموعات، وتبدأ في تطوير سمات جديدة، مما يمنحها قدرة أسرع على التكيف مع بيئات مختلفة مثل التغيرات في الارتفاع أو أنواع النباتات".

وتلفت المؤلفة الرئيسية للدراسة إلى أن أهمية هذا الاكتشاف لا تقتصر على تصنيف الفراشات فقط، بل تمتد لتشمل مجالات أوسع مثل مراقبة التنوع البيولوجي، وفهم كيفية استجابة الأنواع الحية لتغير المناخ، وربما تطبيقات مستقبلية في الزراعة ومكافحة الآفات.

مقالات مشابهة

  • وزير المياه والري يبحث مع السفير الهنغاري تعزيز التعاون في مجال المياه
  • علماء: الحياة على الأرض ستنقرض بعد مليار عام بسبب نقص الأكسجين
  • هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية تعلن إغلاق المجال الجوي فوق مدينة أنكوريج
  • علماء يحددون موعد نفاد الأكسجين وانقراض الحياة على الأرض!
  • الكهرباء: بدء إعادة الطاقة بشكل تدريجي
  • سقوط نيزك من المريخ يكشف أسرارًا عمرها 4.56 مليار سنة.. ما القصة؟
  • اكتشاف 6 أنواع فريدة من الفراشات الزجاجية التي حيرت العلماء
  • الحريديم يهددون: سنضرب المجال الجوي الإسرائيلي
  • بالدعم المستدام والتمكين الحقيقي.. مؤسسة قطر تعكس إستراتيجية الرياضة النسائية
  • جيولوجيون يعثرون على آثار كارثة كونية في قاع المحيط