اهتمت وسائل إعلام عبرية بتصريحات رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، والتي تحدث فيها عن حق "إسرائيل" في الوجود، وحقها في الدفاع عن نفسها، رغم عدم إدانته لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر لعام 2023، ودعمه الثابت للشعب الفلسطيني، وإدانته للإبادة الجماعية في غزة.

وقال الباحث في معهد ترومان بالجامعة العبرية غيورا أليراز إنّ "إجابات إبراهيم جاءت مفاجئة، لأنه أعلن معارضته لكل أشكال العنف، ملمحا إلى أن خطابه يمحو عقودا قبل السابع من أكتوبر، ويتجاهل محنة الفلسطينيين منذ نكبة 1948، ويغمض عينيه عن تاريخ الاستعمار ويغفر له حتى الإبادة الجماعية".



وتابع ترومان في ورقية بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب وترجمته "عربي21": "ينبغي أن نعرف إذا ما كانت تصريحات إبراهيم مجرد تمرين للعلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموحا للتدخل في الشرق الأوسط، أو ربما علامة أولية على تغيير في الاتجاه نحو إسرائيل (..)".

وذكر أنه "من المفارقات أنه عندما انتُخب إبراهيم رئيسا للوزراء أواخر 2022، بعد مسار سياسي طويل، كان من المتوقع أن يخفف من سياسة ماليزيا الصارمة تقليديا تجاه إسرائيل، بزعم أنه لم يشارك في حدة الخطاب المعادي لها على مدة عقود من الزمن، بعكس سلفه الراحل مهاتير محمد".

ولفت إلى أنه "في مواقف سابقة لإبراهيم نستحضر كلمات قالها في مقابلة عام 2012 مع صحيفة وول ستريت جورنال، عندما كان زعيماً بارزاً للمعارضة بأنه يؤيد كل الجهود لحماية أمن دولة إسرائيل، وأكد في الوقت نفسه التزام بلاده العميق بالقضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين، وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مشروط باحترامها لتطلعات الفلسطينيين، وحينها لم تتأخر الانتقادات اللاذعة من خصومه السياسيين بسبب تصريحاته غير العادية بشأن قضية أمن تل أبيب، وظلّت ترافقه".



ونوه إلى أنه "هذه المرة أيضا سمعنا انتقادات بعد تصريحاته الأخيرة، لأنها انتشرت على نطاق واسع في شكل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يبدو أنها كانت هذه المرة محدودة نسبيا من حيث النطاق والشدة، حيث ردّ على المنتقدين، متهماً إياهم بخداع الرأي العام، استناداً لمقطع فيديو تم تحريره، وإخراج بعض كلماته من سياقها، مؤكدا أنه لم يتغير شيء؛ وستظل ماليزيا ملتزمة بدعم فلسطين، وحديثه هنا باللغة الماليزية، مجددا تصريحاته القاسية ضد تل أبيب".

وبحسب رئيس الوزراء الماليزي، "من يسأل هل أن إسرائيل موجودة، سيكون الجواب نعم، هي موجودة، لكن ماليزيا لم تعترف بها قانونيا قط، بل فقط بوجودها كحقيقة واقعة، بدليل عدم وجود علاقات دبلوماسية معها، ومن وجهة نظره فالموضوع مغلق".

لكن الباحث الإسرائيلي قال إن "تصريحات إبراهيم تزامنت مع نشر مقال صحفي لكاتب عمود محلي من أصل هندي في ماليزيا، تحت عنوان "لماذا أؤيد موقف أنور إبراهيم بشأن حق إسرائيل في الوجود"، ما يكشف عن حقيقة المواقف السائدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين الأقليات التي تشكل 40% من سكانها، أكبرها الصينيون، يليهم الهنود".

وزعم الكاتب الهندي، وفق القراءة الإسرائيلية، أنه "يتحدث باسم جميع غير المسلمين في ماليزيا، لأنهم، بشكل عام، وعلى عكس المسلمين فيها، ليس لديهم رأي سلبي تجاه دولة إسرائيل، أو رأي إيجابي للغاية تجاه فلسطين، وينظرون للطرفين كدولتين في حالة حرب، مثل أوكرانيا وروسيا، ونرى "نحن غير المسلمين" أن الحرب في الشرق الأوسط حرب خارجية، لا نريد المشاركة فيها، وعندما نرى اعتقاد المسلمين الصادق بأن الحق مع فلسطين، وأن إسرائيل هي الشريرة، فهم يتخذون هذا الموقف من منطلق التعاطف مع الفلسطينيين".

وأشار أننا "نحن غير المسلمين في ماليزيا" نفهم رغبة المسلمين بأن تلعب بلادنا دوراً أكثر نشاطاً لدعم الفلسطينيين في الصراع، مع أنها فعلت الكثير فيما يتصل بالحرب في الشرق الأوسط، ولكن لأن وضع المسلمين أكثر إثارة للقلق، فإن ماليزيا ليست مضطرة للمشاركة في الحرب باختيار الجانب الأضعف ضد الجانب الأقوى بكثير، وهي إسرائيل، لأننا لسنا متأكدين من الصحيح ومن المخطئ، ولا يمكننا أن ندعم رغبات الفلسطينيين إلا إذا اعتزموا أن يروا ماليزيا وسيطًا للسلام في الصراع".



الكاتب الاسرائيلي يعود ليعتبر أن "كلمات رئيس الوزراء إبراهيم، التي يتفق فيها على أن لدولة إسرائيل الحق بالوجود، والدفاع عن النفس، نقطة انطلاق صحيحة لماليزيا، ما يستدعي التوضيح أن التماهي السياسي والعاطفي مع القضية الفلسطينية، الذي يتسم بقوة في الخطاب السياسي والعام في ماليزيا، يبدو متشابكاً مع البناء القديم للهوية الوطنية لدى أغلبيتها المسلمة التي تزيد عن 50% من السكان، بما من شأنه حشد الشعور بالتضامن الإسلامي الشامل، ومثل هذا البناء تضمن أيضًا نغمات معادية لإسرائيل والغرب والاستعمار، لكنه قد يعتبر مشكلة كبيرة من وجهة نظر الأقليات فيها".

وزعم أن "هذه الأقليات الماليزية قد لا تكون الوحيدة التي تشعر حالياً بعدم الرضا عن وضع بلادهم في ضوء حرب غزة الأخيرة، ناقلا عن أحد باحثي الشؤون الماليزية الذي ينقل عن جماعات المجتمع المدني وشخصيات المعارضة استياءهم من موقف الحكومة تجاه حماس، ومخاوفهم من أن يضرّ بمصالح الدولة، بزعم أن تمويل حماس من قِبَل المنظمات الماليزية المؤيدة للفلسطينيين قد يعرضها للعقوبات من قِبَل الغرب".

واستدرك بالقول إن "تصريحات إبراهيم غير العادية بشأن دولة إسرائيل يمكن أن تكون موجهة للخارج والساحة الدولية، لإصلاح صورته في الغرب، وتخفيف التوتر في علاقاته بالولايات المتحدة بسبب اتصالات بقيادة حماس، ويسعى لتجنب الضغوط نظرا لعلاقاته معها، والإشارة أن بلاده شريكة بجهود السلام في الشرق الأوسط، وتتخذ موقفا داعما لجهود السلام من خلال الاتصال بالجسم السياسي للحركة، دون تدخل بأنشطتها العسكرية، زاعما أن علاقاته بها يمنحه ميزة بمحاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط".

وزعم أنه "في الممارسة العملية، فإن خطاب إبراهيم يصرخ بالتناقضات؛ خاصة صمته المطبق إزاء هجوم حماس الدموي في السابع من أكتوبر، مقابل الصراحة الكبيرة بإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعوته على منصة القمة العربية الإسلامية في الرياض لبناء إجماع يحمل المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة ضد دولة الاحتلال، وصولا لطردها من الأمم المتحدة".

وختم بالقول إننا "سنضطر للانتظار حتى نفهم ما إذا كانت التصريحات غير العادية لإبراهيم التي مجرد حادثة عابرة، أو تمرين في العلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموح للانخراط في الشرق الأوسط، أو ربما إشارة أولية لتغيير في الاتجاه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية حماس غزة ماليزيا الاحتلال حماس غزة الاحتلال ماليزيا أنور ابراهيم صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط دولة إسرائیل فی مالیزیا

إقرأ أيضاً:

إيران تتوعد إسرائيل بانتقام ساحق بعد الهجوم الدموي.. الشرق الأوسط يترقب انفجار الصراع

في تطور خطير ينذر بانفجار الأوضاع في الشرق الأوسط، أعلنت الحكومة الإيرانية عن بدء اتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية وقانونية للرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف العاصمة طهران وخلف عشرات القتلى والجرحى، من بينهم قادة عسكريون وعلماء بارزون. يأتي هذا التصعيد في لحظة حساسة تشهد فيها المنطقة توتراً غير مسبوق بين طهران وتل أبيب، وسط ترقب دولي واسع لمآلات الساعات والأيام المقبلة.

تفاصيل العدوان الإسرائيلي وسقوط الضحايا

فجر الجمعة، نفذت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مواقع داخل العمق الإيراني غرب طهران. وبحسب وكالة "فارس" الإيرانية، أسفر الهجوم عن سقوط 78 قتيلاً وإصابة 329 آخرين في حصيلة أولية. وقد سُمع دوي انفجارات عنيفة في أنحاء واسعة من العاصمة الإيرانية، في حين لم تتضح التفاصيل الدقيقة حول جميع المواقع المستهدفة أو طبيعة الأهداف العسكرية التي طالتها الغارات.

الموقف الإيراني الرسمي.. تهديد صريح وانتقام قادم

عقب الهجوم مباشرة، أصدرت الحكومة الإيرانية بياناً شديد اللهجة وصفت فيه إسرائيل بـ"الكيان الصهيوني اللقيط" الذي بات يستحق "أن يُحرم النوم من عيونه". وأكد البيان أن هذا العدوان يثبت مجدداً أن إسرائيل "كيان غير شرعي يمارس الإرهاب العلني بلا رادع"، متهمة تل أبيب بإشعال الحرب دون أي احترام للقانون الدولي أو حقوق الإنسان.

واعتبر البيان أن استهداف القادة والعلماء الإيرانيين جريمة تثبت "الطبيعة الإرهابية" لإسرائيل، مشيراً إلى أن هذه العملية وقعت في وقت حساس تتواصل فيه المحادثات الدبلوماسية بشأن الملف النووي الإيراني، وهو ما يكشف عن محاولة إسرائيل عرقلة جهود طهران لإقناع المجتمع الدولي بعدم تهديدها للأمن العالمي.

طهران.. لا تراجع عن الدفاع ولن نتردد في الرد

وجّه البيان الإيراني رسائل حاسمة، مؤكداً أن طهران لم تكن يوماً البادئة في أي حرب منذ أكثر من 200 عام، لكنها في المقابل لن تتردد في الدفاع عن نفسها بكل الوسائل المتاحة. وأضافت الحكومة: "الدفاع عن تراب الوطن ومياهه وسمائه وأطفاله وقادته وعلمائه واجب لا تهاون فيه".

وفي لهجة تصعيدية واضحة، شدد البيان على أن "الانتقام قادم، وهو أقرب من حبل الوريد للصهاينة الإرهابيين"، في رسالة تؤكد عزم طهران على الرد الذي قد يغير قواعد اللعبة في المنطقة.

مجلس الأمن في دائرة الاتهام

دعت إيران مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته والوقوف أمام ما وصفته بـ"انهيار النظام الدولي"، لكنها في الوقت نفسه أكدت أنها لن تنتظر تحرك هذه المؤسسات الدولية، وستمارس حقها المشروع في الدفاع والانتقام، معتبرة أن صمت العالم سيمنحها شرعية الرد الحاسم على هذا العدوان.

خيارات الرد الإيراني.. بين التهدئة والتصعيد

وحول تداعيات هذه العملية العسكرية، أكد اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن الساعات القادمة ستكون شديدة الحساسية، حيث يترقب الجميع شكل الرد الإيراني على هذه الضربة غير المسبوقة.


وأوضح السيد أن طهران أمامها عدة سيناريوهات، أولها رد محدود يحفظ ماء الوجه ويحافظ على توازن القوى القائم، وثانيها تصعيد أوسع قد يجر المنطقة بأكملها إلى صراع مفتوح يصعب احتوائه لاحقاً.

وأضاف أن إيران قد تلجأ في البداية إلى توجيه ضربات دقيقة لمواقع عسكرية إسرائيلية أو مصالح حليفة لها في المنطقة دون المساس بالمراكز السكانية الكبرى أو البنية التحتية الحيوية داخل إسرائيل، في محاولة لتجنب اندلاع حرب شاملة لا تستطيع طهران تحمل تكلفتها على المدى الطويل.

الموقف الأمريكي المعقد

في المقابل، أشار اللواء السيد إلى أن الولايات المتحدة تواجه معضلة صعبة في ظل هذا التصعيد. فهي من جهة تظل ملتزمة بدعم إسرائيل كحليف استراتيجي لا غنى عنه في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى تخشى من أن يؤدي تصعيد المواجهة إلى حرب إقليمية واسعة قد تتداخل فيها أطراف دولية كبرى مثل روسيا والصين.

ورجّح الخبير الاستراتيجي أن تقدم واشنطن في المرحلة المقبلة دعماً عسكرياً واستخباراتياً متزايداً لإسرائيل، بالتوازي مع مساعٍ دبلوماسية مكثفة لاحتواء التصعيد ومنع انفجار الوضع إلى صراع شامل يصعب السيطرة عليه.

تداعيات اقتصادية وأمنية على مستقبل المنطقة

وفي ختام حديثه، حذّر اللواء السيد من أن التصعيد الحالي قد يكون بداية لفترة طويلة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة، مع ما يحمله ذلك من آثار مباشرة على الاقتصاد وأسواق الطاقة العالمية، التي قد تشهد اضطرابات حادة بسبب حساسية المنطقة كمصدر رئيسي للطاقة.

مع اشتداد هذا التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، تقف المنطقة والعالم بأسره أمام مفترق طرق خطير، حيث سيحدد الرد الإيراني وشكل التعاطي الدولي مع الأزمة مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة.

طباعة شارك طهران تل أبيب إسرائيل إيران

مقالات مشابهة

  • إيران تتوعد إسرائيل بانتقام ساحق بعد الهجوم الدموي.. الشرق الأوسط يترقب انفجار الصراع
  • العرابي: الرد الإيراني على إسرائيل سيحدد مستقبل النزاع في الشرق الأوسط
  • ليلة النار في الشرق الأوسط.. إيران تُغرق إسرائيل بـ150 صاروخًا وتعلن أسر طيّارة إسرائيلية
  • ألمانيا: الأوضاع في الشرق الأوسط تتفاقم بعد هجمات إسرائيل على إيران
  • كيف أضعفت إسرائيل حلفاء إيران في الشرق الأوسط قبل الضربة الأخيرة؟
  • الذهب عند أعلى مستوى في شهرين بعد هجوم إسرائيل على إيران
  • رسالة حاسمة من الرئيس الألماني لـ إيران قبل زيارته إلى إسرائيل
  • ترامب: ضرب إسرائيل لإيران محتمل للغاية.. وأحذر من صراع واسع النطاق
  • تقرير: إسرائيل "على أهبة الاستعداد" لضرب إيران
  • ساعات حرجة قبل العاصفة.. كيف تدفع إسرائيل نحو حرب شاملة مع إيران؟