لم تكن دموعه تمثيلًا، ولا كانت المكتبة مجرد ديكور. في زمن صارت فيه الدراما "وجبة سريعة"، قرر منذر رياحنة أن يشعل النار في قلب الشاشة، ويحول حلقة "سقوط بغداد" من مسلسل سيوف العرب إلى مرثية فنية تُشبه البكاء على أطلال الأندلس. لم يمثل، بل نَحَتَ دور "صاحب المكتبة" كما تُنحت الحجارة في معابد الحضارة؛ بحسّ فنان ووجع مؤرخ.


في مشهد استثنائي لا يُشبه سواه، ظهر منذر رياحنة على الشاشة وكأنه آخر حارس لذاكرة الأمة. لم يكن الأداء مجرد دور في مسلسل تاريخي، بل تجسيد حقيقي لحظة سقوط مدينة تمثل حضارة بأكملها. تقمّص شخصية "صاحب المكتبة" حد الانصهار، وبعينيه قال كل ما عجزت عنه كتب التاريخ.

صرخته كانت صدى آلاف الكتب المحترقة، وانكساره كان امتدادًا لصوت العباسيين وهم يسقطون دون مقاومة. وفي مشهد مكتوب بعناية وإخراج يعانق الدقة، اختلطت دموع الشخصية بدماء الذاكرة، وتحول الرياحنة إلى مرآة تعكس حزنًا عربيًا لا يُنسى.

المشاهد لم يكن يرى حلقة، بل يعيش جنازة مكتبة، ونهاية عصر. وبين صمت الكاميرا وصوت الحروف المذبوحة، أهدى رياحنة للفن العربي مشهدًا سيبقى يُدرس، لا كمجرد تمثيل، بل كموقف فني لا يُنسى.

مسلسل سيوف العرب، من إنتاج المؤسسة القطرية للإعلام، وإخراج سامر جبر، يضم نخبة من عمالقة الفن العربي منهم سلوم حداد، جمال سليمان، باسم ياخور، وآخرين. ورغم كل هذه الأسماء اللامعة، كان منذر رياحنة هو المفاجأة التي وضعت الأداء التاريخي في قالب إنساني نادر.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: منذر رياحنة الفجر الفني آخر أعمال منذر رياحنة

إقرأ أيضاً:

جلستان تناقشان الذاكرة والهوية ضمن معرض «الوسائط المتعددة»

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة لوحات عفراء الكتبي.. أصالة الموروث «متنزه مليحة».. نافذة على التاريخ

بهدف اكتشاف موضوعات الذاكرة والهوية والتحولات الثقافية والعمرانية المتعددة، تنظم مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، بالتعاون مع متحف سيول للفنون (SeMA)، جلستين حواريتين معمّقتين ضمن البرنامج العام لمعرض «الوسائط المتعددة: كلنا دوائر مفتوحة»، المقام في منارة السعديات بأبوظبي خلال الفترة من 16 مايو حتى 30 يونيو 2025.
تنطلق الجلستان في 14 و20 يونيو الجاري، بمشاركة نخبة من الفنانين والقيّمين والمفكرين الثقافيين، ضمن برنامج «حوارات متعدّدة»، الذي يوفّر منصة حوارية رفيعة للتفاعل مع أبرز الأصوات في مشهد الفن والثقافة المعاصرة.
ويُعدّ المعرض ثمرة تنسيق مشترك بين المنسّقتين الفنيتين كيونغ هوان يو من متحف سيول للفنون، ومايا الخليل، ويضم 48 عملاً لـ29 فناناً كورياً، من بينهم روّاد مثل نام جون بايك وبارك هيونكي، وأسماء معاصرة بارزة مثل لي بول، وهيغي يانغ، وأيونغ كيم، وموكا لي.
ويستمد المعرض عنوانه من المقولة الشهيرة للفنان الكوري الرائد نام جون بايك: «نحن في دوائر مفتوحة»، حيث يعيد طرح الوسيط الفني ليس كمجرد مادة، بل كنظام تواصلي يتقاطع مع الزمن والتكنولوجيا والجغرافيا والهوية.  

مقالات مشابهة

  • بيتر ميمي يراهن على مملكة الحرير: أكثر مسلسل راضي عنه كتابة وتنفيذ وإخراج وضخامة الإنتاج
  • مصر.. أغنية جزائرية يستشهد بها علاء مبارك ويعلق مثيرا تفاعلا
  • هند رزق تحصد ذهبية بطولة البحر المتوسط في أول تمثيل دولي لاتحاد الجوجيتسو
  • "سيوف العرب".. منذر رياحنة يتألّق في ملحمة درامية عن سقوط بغداد
  • في أول تمثيل دولي رسمي لاتحاد الجوجيتسو .. هند رزق تحصد ذهبية بطولة البحر المتوسط بروما
  • محمد حميد الله.. العلّامة المنسي الذي أعاد السيرة النبوية إلى قلب الإنسان والعالَم
  • جلستان تناقشان الذاكرة والهوية ضمن معرض «الوسائط المتعددة»
  • بقايا من الذاكرة.. معرض فني يوثّق الوجع السوري
  • صبري فواز يعلق على قافلة الصمود: طب ما كل بلد تعمل عندها