يأتي هذا في مقابل قلق وارتباك واضحَينِ لدى الصهاينة إزاء احتمالية عودة العمليات البحرية اليمنية وما سيترتب عليها، حَيثُ أعلن العدوّ عن تجاوبه مع دعوة الوسطاء لاستئناف المفاوضات الرامية للدفع باتّفاق وقف إطلاق النار نحو الأمام، لكنه حرص في الوقت ذاته على الدفع بالولايات المتحدة إلى واجهة المشهد، مؤكّـدًا اعتماده عليها بشكل أَسَاسي في مواجهة سيناريو عودة العمليات اليمنية؛ الأمر الذي يكشف عن نجاح القيادة اليمنية في وضع العدوّ بسرعة أمام مخاطر كبيرة تجعل ثمن إصراره على سلوكه الإجرامي أكبر من قدرته على تحمله بمفرده.

وبعد 24 ساعة من إعلان السيد القائد عن المهلة، أعلن العدوّ الصهيوني عن موافقته على إرسال وفد تفاوضيّ إلى الدوحة، اليوم الاثنين؛ لبحث "المضي في اتّفاق وقف إطلاق النار" فيما كشفت وسائل إعلام أمريكية أَيْـضًا عن توجّـه مبعوث ترامب، ستيفن ويتكوف، إلى الدوحة يوم الثلاثاء، وهو تغيير واضح لم يكن بالإمْكَان عزله عن قرار القيادة اليمنية، بالنظر إلى حقيقة أن عودة العمليات البحرية سيكون لها تأثير صاخب وواسع النطاق، لا تخفي حتى جبهة العدوّ رغبتها في تجنبه.

 مع ذلك فَــإنَّ هذا التغيير لا يزال غيرَ كافٍ بحد ذاته، حَيثُ لا تزال مؤشرات تعنت العدوّ قائمة، وتعبر عنها تصريحات مختلفة، وهو ما يجعل كُـلّ الأنظار تتجه صوب ساعة المهلة التي حدّدها السيد القائد والتي من المرتقب أن تنتهي الثلاثاء، خُصُوصًا مع إعلان المجلس السياسي الأعلى، الأحد، عن الجهوزية العسكرية الكاملة لاستئناف العمليات البحرية.

 

وبينما يترقب الجميع الموعد المحدّد من القيادة اليمنية، تتعاظم مؤشرات القلق لدى العدوّ بالشكل الذي يؤكّـد على انعدام خياراته لمواجهة سيناريو عودة العمليات البحرية اليمنية، حَيثُ كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الأحد، أن "إسرائيل تعول على إدارة ترامب في التصرف بشكل أكثر قسوة من إدارة بايدن" ضد اليمن، وهو ما يعني أن كيان العدوّ قد ألقى بتبعات خطة لعرقلة وقف إطلاق النار على الراعي الرئيسي لهذه الخطة وهو إدارة ترامب، وأن الاستجابة لدعوة الوسطاء جاءت على الأرجح كمحاولة لكسب الوقت بينما يتم تدارس كيفية التعامل مع سيناريو عودة العمليات اليمنية وما سيترتب عليها.

وبرغم أن إعلام العدوّ قد تحدث عن تنسيق مسبق مع القيادة المركزية الأمريكية فيما يتعلق باحتمالات عودة العمليات اليمنية، فَــإنَّ إبقاء مسار العودة إلى الاتّفاق مفتوحًا من خلال التجاوب مع الوسطاء، يعكس بوضوح وجود مخاوف من الذهاب بشكل مباشر إلى خيار التعنت وما سيرتب عليه، ويؤكّـد أن العدوّ يفضل البحث عن مسار التفافي يضمن له المماطلة، وتجنب عودة الحصار البحري اليمني.

ويأتي ذلك من حقيقة أن الاستجابة الأمريكية التي يعول عليها كيان العدوّ لمواجهة سيناريو عودة العمليات البحرية اليمنية ليست في الحقيقة سوى عنوان دعائي مضلل لا يتضمن أية خطة فعلية مضمونة تطمئن العدوّ بشأن المضي في خيار التعنت، فإدارة ترامب لا تملك أي حَـلّ سحري لإيقاف العمليات البحرية اليمنية، وحتى الآن لا زالت تواجه صعوبة في تطبيق قرار "التصنيف" الذي اتخذته ضد اليمن بالشكل الذي تأمله، وبينما لا زالت البحرية الأمريكية تلعق جراح الهزيمة المدوية التي لحقت بها في البحر الأحمر خلال العام الماضي، فَــإنَّ الخيارات العسكرية أمام إدارة ترامب تنحصر على القصف الجوي الذي بات من المعترف به أنه لا يحقّق أية نتائج، بل إنه -وَفقًا لكل التقييمات- سيكون سبباً لانفجار أوسع للصراع، وهو ما سيضاعف مأزق العدوّ وإدارة ترامب على حَــدٍّ سواء.

وبعبارة أُخرى: بينما يحاول العدوّ استحضار "الدعم الأمريكي"؛ باعتبَاره خطة سحرية لمواجهة عودة العمليات اليمنية، فَــإنَّه يتجاهل في الواقع أن إدارة ترامب نفسها ستواجه مأزقاً كَبيرًا إذَا قرّرت المضي نحو التصعيد ضد اليمن، وهو مأزق سينعكس في النهاية على العدوّ الصهيوني نفسه مثلما حدث في الجولة السابقة عندما وجد الصهاينة أنفسهم مضطرين للاندفاع إلى واجهة العدوان على اليمن لتغطية الفشل الذريع للولايات المتحدة وبريطانيا، وهو اندفاع كانت نتائجه عكسية وفاضحة بالنسبة لجيش العدوّ الصهيوني، حَيثُ كانت عمليات القصف العدوانية الفاشلة التي نفذها ضد اليمن بمثابة دليل مجاني على أنه يعاني عجزاً عملياتيًّا واستخباراتيًّا كَبيرًا في التعامل مع اليمن.

ووَفقًا لذلك فَــإنَّ المناورة الدبلوماسية من خلال المفاوضات تبدو هي العنوان الأنسب لموقف العدوّ حَـاليًّا، وهي تشير إلى أن العدوّ ورعاته الأمريكيين ليسوا مستعدين فعليًّا لمواجهة سيناريو عودة الحصار البحري اليمني وما سيترتب عليه، مثلما تروج وسائل الإعلام العبرية.

وعلى أية حال، فَــإنَّ جاهزية الجبهة اليمنية للتحَرّك ستبقى معضلة لا يمكن الالتفاف عليها حتى بالمناورة الدبلوماسية، وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور عند انتهاء مهلة القيادة اليمنية، فَــإنَّ الانعدام الواضح لخيارات العدوّ فيما يتعلق بالتعامل مع اليمن، سيبقى حاضراً في كُـلّ تفاصيل المشهد، وسيكون تأثيره مباشراً في مسار المفاوضات والميدان، في ظل التنسيق الكبير بين المقاومة الفلسطينية واليمن، والذي أقرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية بأن المهلة اليمنية كانت واحدة من انعكاساته.

وخلال ما تبقى من ساعات المهلة اليمنية، فَــإنَّ مُجَـرّد عودة العدوّ إلى طاولة المفاوضات لا تكفي بكل تأكيد، وَإذَا ما رأت المقاومة الفلسطينية والقيادة اليمنية أن العدوّ مصر على مواصلة تجويع الشعب الفلسطيني، فَــإنَّ عودة العمليات البحرية ستكون أمرًا حتميًّا بمُجَـرّد انتهاء المهلة، وعندها ستكون مهمة العدوّ صعبة في إثبات حقيقة "استعداده" لمواجهة سيناريو عودة الحصار اليمني، في ظل واقع انهيار كُـلّ وسائل الردع الأمريكية و"الإسرائيلية" أمام اليمن، وإدراك الجميع، بما في ذلك قطاع الشحن ودول المنطقة، لحقيقة أن صنعاء قد التزمت بالفعل بوقف عملياتها البحرية عندما كان الاتّفاق سارياً، وأن العدوّ والولايات المتحدة تسبَّبا بعودة التصعيد؛ بسَببِ إصرارهما على تجويع الفلسطينيين.

المسيرة

 

 

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: العملیات البحریة الیمنیة القیادة الیمنیة إدارة ترامب ضد الیمن أن العدو ف ــإن

إقرأ أيضاً:

الخطوط الجوية اليمنية تدين استهداف العدو الصهيوني طائرة مدنية تابعة لها بمطار صنعاء

الثورة نت/..

أدنت شركة الخطوط الجوية اليمنية إقدام العدو الإسرائيلي على استهداف طائرة مدنية تابعة للشركة صباح اليوم بمطار صنعاء الدولي، وذلك قبل لحظات من صعود ركابها من حجاج بيت الله، ضمن رحلة مجدولة حصلت على كافة التصاريح القانونية للتشغيل من الجهات المعنية.
واعتبرت الخطوط الجوية اليمنية في بيان ، هذا العدوان جريمة جديدة تضاف إلى السجل الإجرامي للكيان الصهيوني.. مؤكدة أن الطائرة كانت تستعد لنقل حجاج ضمن برنامج التفويج الرسمي، ولم تكن تحمل أي طابع عسكري أو سياسي، بل تؤدي مهمة إنسانية بحتة.
وأشار البيان إلى أن هذا الاستهداف يعكس حقداً دفيناً تجاه كل ما يربط الشعب اليمني بالحياة والأمل.. مؤكدا أن تمادي العدو في استهداف المنشآت المدنية مؤشر خطير لم يعد السكوت عليه مقبولا.
وأعلنت الشركة عن توقف مؤقت وشامل لجميع رحلاتها من مطار صنعاء حتى إشعار آخر.. محمّلة العدو الصهيوني ومن تعاون معه المسؤولية الكاملة عن هذا الاستهداف السافر، ومؤكدة أن هذا الفعل الإجرامي يشكل اعتداءً على سيادة الجمهورية اليمنية.
وأكد البيان أن الخطوط الجوية اليمنية شركة وطنية تمارس عملها بحياد ومهنية عالية، وكرّست جهودها لخدمة أبناء الشعب اليمني دون تمييز، وهو ما يجعل استهدافها عملاً لا يمكن تبريره بأي شكل.
ودعت الشركة في بيانها جميع أحرار العالم، والمنظمات الدولية، ومؤسسات الطيران المدني إلى كسر صمتهم تجاه هذا العدوان، الذي لا يقتصر على استهداف طائرة فقط، بل يضرب في صميم مبدأ حرية التنقل وحق الحياة.
كما أكد البيان احتفاظ الشركة بحقها القانوني في ملاحقة جميع المتورطين في هذه الجريمة، أمام المحاكم المختصة، ووفقًا للقوانين الدولية وقوانين الطيران المدني.

مقالات مشابهة

  • بين التأييد والنقد.. تصريحات العليمي عن الحوثيين وطائرات اليمنية تُثير الجدل في اليمن
  • روسيا تحذر أوكرانيا: خياركم بين التفاوض أو الهزيمة في ساحة القتال
  • رويترز: ترامب لم يحسم أمره بعد بخصوص فرض عقوبات على موسكو
  • كاتب إسرائيلي: واشنطن تستخدم إسرائيل لتحسين شروط التفاوض مع إيران
  • ترامب: التراجع عن التهديد بفرض الرسوم الجمركية ليس جبنا بل طريقة في التفاوض
  • الحكومة اليمنية: الحوثيون يغامرون بمقدرات اليمن خدمة لأجندات إيران
  • الهوية اليمنية .. عودة إلى الجذور وثبات على الأصالة
  • الخطوط الجوية اليمنية تدين استهداف العدو الصهيوني طائرة مدنية تابعة لها بمطار صنعاء
  • أول تعليق من الخطوط اليمنية على قصف إسرائيل آخر طائرة لها في مطار صنعاء
  • تباين أميركي إسرائيلي بشأن التفاوض مع إيران على وقع تهديد بضرب طهران