تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.

من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.

رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث يجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.

في قلب الريف المصري، حيث العائلة هي الركيزة الأولى، والتقاليد تحكم كل شيء، جاءت دراما "الوتد" لتقدم صورة حية عن المجتمع الريفي المصري في منتصف القرن العشرين. المسلسل لم يكن مجرد حكاية عن عائلة، بل كان ملحمة اجتماعية تُبرز قيمة الترابط الأسري، والمرأة القوية، والصراع بين القديم والحديث. 

تدور الأحداث حول شخصية فاطمة تعلبة، المرأة الصعيدية القوية التي تدير عائلتها بحزم وشدة، وتحرص على وحدة أبنائها وعدم تفرقتهم مهما كلفها الأمر. فاطمة، التي جسدتها ببراعة هدى سلطان، ليست مجرد أم، بل هي الوتد الذي يثبت العائلة ويبقيها متماسكة أمام تحديات الحياة.

تؤمن فاطمة بأن التفكك الأسري هو بداية الخراب، ولذلك تفرض قوانينها الصارمة على أبنائها وزوجاتهم، ولا تسمح لأي خلاف أن يعصف بالعائلة. ورغم قوتها الظاهرة، فإنها تحمل في داخلها حبًا عظيمًا لأبنائها، ورغبة في تأمين مستقبلهم.

المسلسل يرصد علاقات الأسرة داخل الريف المصري، وتأثير العادات والتقاليد على حياة الناس، خاصة مع ظهور التغيرات الاجتماعية التي بدأت تهدد هذا النمط التقليدي من الحياة.

حقق "الوتد" نجاحًا كبيرًا عند عرضه، لأنه لامس وجدان المشاهد المصري والعربي، خاصة أنه قدم نموذجًا أصيلًا للأم المصرية، تلك المرأة التي تضع عائلتها فوق كل شيء، وتحمل على عاتقها مسئولية الحفاظ عليها.

وكان الأداء التمثيلي لنجوم العمل، خاصة هدى سلطان، أحد أهم أسباب نجاح المسلسل، حيث استطاعت أن تجعل من فاطمة تعلبة شخصية أيقونية في الدراما المصرية.

كذلك، نجح المسلسل في نقل أجواء الريف المصري الحقيقية، من خلال اللغة، العادات، الملابس، وحتى الموسيقى التصويرية، مما جعل المشاهدين يشعرون وكأنهم يعيشون داخل هذه البيئة، وتقديم رسائل اجتماعية قوية حول أهمية العائلة والترابط الأسري.

المسلسل تأليف خيري شلبي عن روايته الشهيرة "الوتد"، وإخراج أحمد النحاس، ومن بطولة هدى سلطان، يوسف شعبان، فادية عبد الغني، حنان ترك، هشام سليم، عبدالله محمود.

"الوتد" لم يكن مجرد مسلسل عن الريف، بل كان صورة مصغرة من المجتمع المصري، حيث القيم والتقاليد تصنع حصنًا يحمي العائلة من الانهيار. إنه واحد من تلك الأعمال التي تعيش طويلًا في ذاكرة المشاهدين، وتعيدهم إلى زمن كانت فيه العائلة هي السند الحقيقي في مواجهة الحياة. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الوتد فاطمة تعلبة المرأة الصعيدية الريف المصري الریف المصری بل کان

إقرأ أيضاً:

من «جملات كفتة» إلى كوريا.. حكاية متحولات السينما

ربما لا يستسيغ للبعض أن يشاهد رجلًا فى زى امرأة خاصة فى مجتمعنا الشرقى، بل ربما هذا الفعل كما يقولون «تطير به الرءوس» ولكن على الشاشة وفى عالم التمثيل والخيال والقصص غير الواقعية يتقبل الجمهور تلك المشاهد فمثلًا كانت أشهر أدوار إسماعيل ياسين هو «الآنسة حنفى» بل قام بتلك الأدوار بعض رواد السينما والمسرح مثل فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى، وعبدالمنعم ابراهيم والكثير من نجوم الماضى والحاضر.. ولكن فى عالم السينما لا نجد المستحيل، حيث كانت جميع أدوار أحد نجوم الماضى حسين ابراهيم هو سيدة قبيحة كوميديا.. وفى سينما التسعينات ظهرت سيدة متوهجة الأنوثة ولكنها فى الواقع كانت رجلًا وأجرى عملية تحول لأنثى وكان من أوائل من أجرى عملية التحول فى مصر وهو «طارق» المتحول إلى «حنان».. واشتهرت حنان فى السينما وهى سيدة خفيفة الظل جميلة تستخدم أدوات الأنثى فى الإثارة رغم أنها فى الواقع ولدت ذكر. 

 

حكاية حسين إبراهيم 

«وجع قلبى وأحبه وأموت» جمالات كفتة.. وهو الفنان حسين إبراهيم.. وكان ممثلًا موهوبًا، ولكنه لم يأخذ فرصته أو يلفت اليه الأنظار الا من خلال عمل دور سيدة.. وكانت أشهر أدواره فى زمن السينما الجميل «جمالات كفتة» فى فيلم «الآنسة ماما» سنة ١٩٥٠ مع محمد فوزى، إسماعيل ياسين، وصباح.

 

جمالات كفتة التى لحن لها محمد فوزى اغنية «اخييييه.. وجع قلبى وأحبه وأموت» دور كوميديا من نوع فريد.. تخيل سيدة ترتدى فستان ساتان لامع ومعطف فرو، وصوتها خشن وبتغنى أغنية اخيييه. محمد فوزى فى الفيلم كان يعتقد أنها صباح، لما اكتشف الحقيقة، سألها باستغراب: «حضرتك جمالات كفتة؟

فردت بكل ثقة وسخرية وطرب نعم يا فندم!

ومن هنا، جمالات كفتة سرقت الأضواء. واستغل حسين إبراهيم هذا النجاح وقرر يكمل فى تقديم أدوار الستات لمدة ٢٠عامًا، وظهر مرة واحدة كرجل فى فيلم «مراتى نمرة ٢»، ولكن كشف فى آخر الفيلم عن أنه امرأة، وكان آخر ظهور حسين إبراهيم دوره سيدة مطربة من محاسيب أحد الأغنياء فى فيلم «خضرة والسندباد القبلى» وقد شارك الملحن محمود الشريف فى غناء وألحان هذا الفيلم. 

والذى كان بطولة درية أحمد وكمال الشناوى محمود المليجى وحسن فايق وزوزو شكيب وعباس فارس وشكوكو وعلى الكسار وحسن اتلة وعمر الجيزاوى وصفا الجميل وإخراج السيد زيادة، وكانت جميع أدوار حسين إبراهيم امرأة وبعدها اختفى فجأة، ولم نعرف عنه شيئًا حتى الآن ولا حتى تاريخ وفاته. 

 

«كوريا» فى المعسكر 

أما حكاية «كوريا» بطلة فيلم عسكر فى المعسكر وهى فى الحقيقة رجل تحول من طارق إلى حنان الطويل من مواليد عام ١٩٦٦.. وطارق أو حنان بعد التحول كان يعيش حياة بائسة، حيث طرده أهله ولم يتقبلوا فكرة تحوله من رجل إلى سيدة وإجراء عملية جراحية فى الخارج ونجح فى التحول الجنسى، حيث كان يعانى من اضطراب نفسى وهو رجل حتى التحول وبعد هذا التحول لجأ إلى التمثيل وكانت أشهر ادواره فى فيلم الناظر بطولة علاء ولى الدين وأحمد حلمى وحسن حسنى، حيث لعب دور «مس عفاف» مدرسة اللغة الإنجليزية والتى أحبها صديق الناظر عاطف وهو أحمد حلمى.. كما قامت حنان الطويل دور كورية صاحبه أشهر أغنية فى فيلم عسكر فى المعسكر بطولة محمد هنيدى.. وصاحبة أشهر منولوج بالفيلم: البيت دا طاهر وهيفضل طول عمره طاهر ويا ام المطاهر رشى الملح سبع مرات. 

تعرضت حنان لهجوم شديد من جيرانها منذ أن قررت الخضوع لعملية التحول الجنسى، لدرجة تقديمهم بلاغًا ضدها للشرطة والذى انتهى باحتجازها فى مستشفى العباسية للأمراض العقلية. فارقت الحياة بشكل مفاجئ عام ٢٠٠٤ عن عمر ٣٨ عاماً، حيث أكدت الفنانة هالة فاخر أنها ماتت خلال جلسة علاج بالصدمة الكهربائية حيث توقف قلبها.

ربما لم يصبح طارق نجمًا سينمائيًا لولا تحوله الجنسى إلى امرأة ولكن الظروف هى التى جعلته يمثل ويشتهر وهو انثى وتحول من أهله وجيرانه إلى محل استغراب وتعجب وربما استنكار، منهم من غضب من فعلته ومنهم من أشفق عليه أو عليها ووصفوها بأنها مريضة نفسياً.. لم تلقَ حنان قبولًا مجتمعيًا إلا من خلال مشاهديها أمام الشاشة فى أدوارها بالسينما مع عدم معرفتهم قصتها الواقعية وأنها رجل متحول.

 

مقالات مشابهة

  • آدم ماجد المصري يكشف سبب رفضه المشاركة في أولاد الراعي|فيديو
  • من بلقاس إلى المسرح.. حكاية صعود المطربة أنغام البحيري
  • من «جملات كفتة» إلى كوريا.. حكاية متحولات السينما
  • اختيار المصري محمد رمضان لتصوير الأغنية الرسمية لكأس أفريقيا بالمغرب
  • "ساعة قبل الفجر".. نضال الشافعي في حكاية تكسر باب الصمت الزمني المخيف
  • محمد رمضان: الجنيه المصري فوق أي عملة في العالم
  • أشبه بلوحة.. الضباب يرسم ملامح سكان الريف في بابل (صور)
  • ما كان ينبغي أن يجتمع هذان المجنونان.. غونجا الجميلة التي تتحدى غوردال في المسلسل التركيحلم أشرف
  • اليوم الثاني يشتعل.. الريف يتحرك والقبائل تفرض إيقاعها الانتخابي
  • أوركسترا ليالي زمان تحتفل بـ50 عامًا على إرث أم كلثوم في كاليفورنيا