إفطارهم فى الجنة.. شهيد فى قلب أمه.. صرخة الفخر والوفاء
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
في غرفة بسيطة، وعلى أريكة تحمل ذكريات الزمن الماضي، تجلس السيدة فاطمة العشماوي، والدة الشهيد العقيد تامر العشماوي عينها تحمل نضوج الأيام التي مرت، وقلبها يحمل وجع الفقد وأمل الشرف، تسرد حكاية ابنها الذي استشهد قبل تسع سنوات، لكنه يعيش في كل لحظة تمر، وفي كل زاوية من قلبها الكبير.
حينما تُسأل عن شعورها في رمضان هذا العام، تشعر السيدة فاطمة بمزيج من الفخر والحزن، ففي قلبها يحيا تامر شهيدًا، وفي ذاكرتهما تظل تلك الأيام التي مرَّت وكأنها لم تنقضِ.
حينما تتذكر السيدة فاطمة آخر لحظات الحديث مع تامر، يختلط الألم بالمحبة. "كان يقول لي دائمًا: 'إذا جائتني الشهادة، فلا تخافي، فأنا ذاهب لأعلى مكان'". كانت آخر مكالمة بينهما قبل استشهاده بيومين، حيث كان يطمئن عليها، يتحدث عن آماله وطموحاته، لم تكن تعلم أنه الوداع الأخير. كلمات ابنها عن الشهادة ظلت عالقة في قلبها، تتحول إلى وقود لفخر لا ينطفئ.
"لقد مر تسع سنوات على استشهاد تامر، لكن الوقت لم يغير شيئًا في قلبي"، تقول السيدة فاطمة، مشيرة إلى أن الفخر لا يزال يملأ قلبها. "صحيح أنه غادر، لكنه حاضر في كل خطوة أخطوها، وفي كل يوم أعيشه". تامر كان مثالًا للشجاعة والعطاء، ورغم أن الزمن يمضي، فإن ذكراه تظل حية، يرويها كل من كان يعرفه.
تتحدث السيدة فاطمة بفخر عن سيف، شقيق الشهيد الذي اختار أن يسير على نهج تامر، ملتحقًا بكلية الشرطة بعد استشهاده. "سيف يعرف تمامًا أن طريقه ليس مجرد إتمام حلم تامر، بل هو استكمال لقيمه، وحب لوطنه، ما زال يحمل في قلبه حلم أخيه، ويسير على دربه، ليكون خير خلفٍ لخير سلف".
وفي ذكرى استشهاد تامر، تدعو السيدة فاطمة كل المصريين إلى التلاحم والتكاتف، "فمصر اليوم تحتاج إلى كل واحد منا، لا مجال للضعف أو الاستسلام. علينا أن نكون يقظين، متحدين، حتى نبني مصر الأقوى. تامر ضحى بحياته من أجل هذا الوطن، ونحن في حاجة إلى أن نواصل الدفاع عنه بكل ما أوتينا من قوة".
وفي ختام الحديث، تلتقط السيدة فاطمة أنفاسها بصعوبة، وأعينها تحمل دمعة تحاول إخفاءها بابتسامة مليئة بالفخر، تقول: "أنت في القلب دائمًا، يا تامر. شرفنا وأنت حي، ولن ننسى تضحياتك مهما مر الزمن".
هذه الكلمات ليست مجرد حديث، بل هي صلاة من نوع آخر، صلاة تذكر وتخليد لروح شهيدٍ سطر بدمه أسمى معاني الوفاء للوطن.
في قلب هذا الوطن الذي لا ينسى أبنائه، يظل شهداء الشرطة رمزًا للتضحية والفداء، ويختصرون في أرواحهم أسمى معاني البذل والإيثار، رغم غيابهم عن أحضان أسرهم في شهر رمضان، يبقى عطاؤهم حاضرًا في قلوب المصريين، فالوطن لا ينسى من بذل روحه في سبيل أمنه واستقراره.
هم الذين أفنوا حياتهم في حماية الشعب، وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والإصرار على مواجهة الإرهاب، هم الذين لم يترددوا لحظة في الوقوف أمام كل من يهدد وطنهم، وواجهوا الموت بابتسامة، مع العلم أن حياتهم ليست سوى جزء صغير من معركة أكبر ضد الظلام.
في رمضان، حين يلتف الجميع حول موائد الإفطار في دفء الأسرة، كان شهداء الشرطة يجلسون في مكان أسمى، مكان لا تدركه أعيننا، ولكنه مكان لا يعادل في قيمته كل الدنيا؛ فإفطارهم اليوم سيكون مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
مع غيابهم عن المائدة الرمضانية في بيوتهم، يظل الشعب المصري يذكرهم في صلواته ودعواته، تظل أسماؤهم محفورة في ذاكرة الوطن، وتظل أرواحهم تسكن بيننا، تعطينا الأمل والقوة لنستمر في مواجهة التحديات.
إن الشهداء هم الذين حفظوا لنا الأمان في عز الشدائد، وهم الذين سيظلون نجومًا مضيئة في سماء وطننا، فلهم منا الدعاء في كل لحظة، وأن يظل الوطن في حفظ الله وأمانه.
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: شهداء شهداء الشرطة شهداء الوطن الداخلية اخبار الداخلية وزارة الداخلية افطارهم في رمضان قصص الشهداء اسر الشهداء حوادث اخبار الحوادث السیدة فاطمة
إقرأ أيضاً:
صرخة تحت النار: أب فلسطيني ينتشل طفله المحترق من بين الركام في مجزرة جديدة بخان يونس
في مشهد يختصر حجم المأساة في قطاع غزة، وثقت عدسات المراسلين لحظات مروعة لأب فلسطيني يحاول بشجاعة يائسة إنقاذ طفله من ألسنة اللهب، بعدما اندلع حريق هائل جراء قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، مساء السبت.
الخيام التي كانت توصف بـ"الآمنة" بحسب تصريحات الجيش الإسرائيلي، تحولت إلى كتل من النار والرماد بعد أن طالتها غارات مكثفة، وسط اكتظاظ بعائلات فرت من جحيم القصف في شمال القطاع لتواجه مصيراً مشابهاً في الجنوبالكاميرات التقطت لحظة مأساوية لأب يبحث وسط الجثث والنيران عن ابنه، يحاول احتضانه رغم اشتعال النيران من حوله، في صورة تجسد الواقع المرير الذي يعيشه المدنيون في غزة، حيث لم تعد هناك أماكن آمنة.
وبحسب مصادر طبية، أسفرت الغارات عن سقوط 34 شهيداً على الأقل، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى عشرات الجرحى الذين أصيبوا بحروق خطيرة. وتتفاقم المأساة مع غياب الماء والغذاء وتهالك الخدمات الطبية، في وقت تواصل فيه الحرب الإسرائيلية حصد أرواح الأبرياء بلا هوادة.
هذا المشهد الموجع ليس الأول من نوعه، بل هو جزء من سلسلة مجازر يومية تستهدف المدنيين في غزة، حيث تحولت أماكن اللجوء إلى ساحات موت، وسط صمت دولي مطبق، وعجز واضح عن وقف حمام الدم.
فلسطينخان يونسحرب غزةقد يعجبك أيضاًNo stories found.