في 14 أبريل 2024، كان مروان المقدّم يقف على سطح سفينة « نافييرا أرمس ترانسميديتراني » متجهًا إلى بني أنصار لقضاء عيد الفطر مع عائلته. تلك الرحلة كانت أول زيارة له إلى المغرب بعد حصوله على الإقامة في إسبانيا. صعد إلى السفينة من ميناء بني أنصار (الناظور) بأوراقه الق  انونية، وأرسل مقاطع فيديو وتحدث عبر الهاتف مع أسرته، حتى اختفى أثره فجأة في البحر.

منذ ذلك الحين، وبعد ما يقارب العام، لا تزال عائلة مروان تنتظر إجابات لم تصل بعد، وتواجه « عراقيل مؤسساتية » في البحث عنه. يقول شقيقه محمد: « أمي لا تغادر المنزل، لا تستطيع النوم، تسأل عن ابنها طوال الوقت، تبكي باستمرار وتعيش في ألم عميق ». في 10 فبراير الماضي، بدأ محمد إضرابًا عن الطعام أمام مقر شركة « نافييرا أرمس ترانسميديتراني » في بني أنصار، مطالبًا بمعلومات عن اختفاء شقيقه خلال الرحلة.

مروان، البالغ من العمر 18 عامًا، أنهى دراسته الثانوية وبدأ العمل في صناعة الألمنيوم في المغرب، لكنه قرر الهجرة إلى إسبانيا عبر طريق البحر الأبيض المتوسط. استقل قارب صيد صغير من الحسيمة مع تسعة أشخاص آخرين، ووصل إلى إسبانيا عندما كان قاصرًا، حيث تم إيداعه في مركز لرعاية القاصرين حتى بلغ سن الرشد. بعد ذلك، حصل على مكان في إحدى الشقق المخصصة لرعاية الشباب التي تديرها حكومة الأندلس. وعندما تمكن من تسوية وضعه القانوني، قرر العودة إلى المغرب لقضاء العيد مع عائلته.

كان من المفترض أن تنتهي رحلة مروان في ميناء موتريل، حيث كان سيأخذ سيارة أجرة إلى شقته كما أخبر أسرته، لكنه لم يصل أبدًا. بعد يوم من مغادرته بني أنصار، قدم أحد أقاربه في خيخون (أستورياس) بلاغًا عن اختفائه للشرطة الإسبانية، بينما أبلغ شقيقه محمد السلطات المحلية في بني أنصار. لاحقًا، أحالت الشرطة القضائية في موتريل القضية إلى محكمة التحقيق رقم 5 في غرناطة.

آخر ما عُرف عن مروان

في يوم اختفائه، رافقه أفراد عائلته إلى ميناء الناظور حيث ودّعوه قبل أن يصعد إلى السفينة. وبحسب تقرير للشرطة المغربية، فقد مرَّ مروان بمراقبة الحدود وخرج رسميًا من المغرب في 20 أبريل 2024 متجهًا إلى إسبانيا.

آخر ما عرفته العائلة عنه أنه كان في مقهى السفينة حيث قضى الليل، لأنه كان يحمل تذكرة اقتصادية ولم يكن لديه مقصورة خاصة. يقول شقيقه: « جاء ليشاركنا فرحة العيد. لم يكن لديه المال، فقمت بشراء تذكرة العودة له ». أرسل مروان مقاطع فيديو لعائلته تظهر مشاهد من على متن السفينة، وكانت هذه آخر رسائله.

لكن مروان لم يدخل رسميًا إلى إسبانيا مع باقي الركاب الذين نزلوا في موتريل يوم 21 أبريل. ووفقًا لوثيقة أرسلتها الشرطة القضائية إلى المحكمة، فإن « الشخص المختفي لم يدخل في أي لحظة إلى الأراضي الإسبانية عبر نقطة حدودية معتمدة »، حسبما أكدته قواعد بيانات الشرطة الوطنية الإسبانية.

كان مروان يحمل شريحتي هاتف، واحدة إسبانية وأخرى مغربية. وأكدت شركة Digi الإسبانية أن هاتفه لم يُشغل منذ ليلة اختفائه، وفقًا لما أفادت به محامية العائلة. وقد بدأت المحامية إجراءات قانونية للحصول على سجل المواقع الجغرافية للهاتف من شركة Inwi المغربية.

أسئلة بلا إجابات

تتساءل العائلة: « ما الذي حدث لمروان خلال الرحلة؟ أين متعلقاته الشخصية التي كان وزنها 20 كيلوغرامًا؟ » كان مروان يسافر بحقيبة وهاتفه، لكن لم يتم العثور على أي منهما. زارت محامية العائلة مكتب الشركة في غرناطة بحثًا عن المفقودات، لكن الموظفين أبلغوها بعدم وجود أي شيء متعلق برحلة 21-22 أبريل 2024.

طلبت المحكمة من شركة النقل تسجيلات كاميرات المراقبة من السفينة ومنطقة الصعود، لكن « نافييرا أرمس ترانسميديتراني » ردت بأن الكاميرات لم تكن تعمل، مما يعني عدم توفر أي تسجيلات للرحلة، وفقًا لمحامية العائلة. وعند الاتصال بالشركة للحصول على تعليق، رفضت الإدلاء بأي تصريحات بحجة أن التحقيق لا يزال مفتوحًا.

للتأكد مما إذا كان مروان قد نزل من السفينة في موتريل، ينبغي أيضًا فحص تسجيلات الجمارك، لكن لا يمكن طلب هذه التسجيلات إلا عبر القضاء، مما يؤخر العملية. وتتهم العائلة التحقيق بالبطء ووجود « عراقيل بيروقراطية » وغياب المعلومات رغم مرور ما يقارب السنة على الحادثة.

إضراب شقيقه عن الطعام

طوال فترة البحث، لجأ شقيق مروان إلى مؤسسات مغربية عدة دون أن يتلقى إجابات. يقول: « سافرت إلى عدة مدن، طرقت كل الأبواب، حتى وزارة الخارجية في الرباط. زرت الحسيمة، أرسلت رسائل إلى سلطات الولاية، وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، الديوان الملكي، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الناظور ».

نتيجة اليأس من عدم تحرك السلطات، بدأ محمد المقدّم إضرابًا عن الطعام في 10 فبراير، مطالبًا بفتح تحقيق رسمي في المغرب حول اختفاء شقيقه. يقول: « بعد 10 أشهر من البحث، قررت الدخول في إضراب عن الطعام والماء، ومستعد لتصعيد نضالي ». قضى عدة أيام أمام مقر « نافييرا أرمس » في بني أنصار بدعم من السلطات المحلية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

تدخل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الناظور لفتح تحقيق في الحادثة، مما أدى إلى إنهاء محمد لإضرابه الذي استمر ثلاثة أيام.

الهجرة والمأساة

مثل كثير من الشباب المغاربة، نشأ مروان في بيئة يعتبر فيها الهجرة إلى أوروبا وسيلة لتحقيق مستقبل أفضل. يقول شقيقه: « نعيش في منطقة لدينا فيها ثقافة الهجرة، جميعنا نفكر في الهجرة. في الصيف، نرى المهاجرين يعودون إلى المغرب بسياراتهم في وضع مادي جيد، مما يعزز فينا الرغبة في السفر إلى أوروبا ».

عبر مروان طريق البحر الأبيض المتوسط، أحد أخطر الطرق للوصول إلى إسبانيا بعد الطريق الأطلسي المؤدي إلى جزر الكناري. ومع ذلك، فإن اختفاءه لم يحدث في قارب هجرة غير شرعي، بل على متن سفينة رسمية إسبانية، بوثائقه القانونية وإقامته السارية. والآن، تكتنف الغموض قضية اختفائه، تاركة أسرته في صراع مستمر للبحث عن إجابات لم يحصلوا عليها بعد.

 

عن (OKDiario)

 

كلمات دلالية المغرب حوادث هجرة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب حوادث هجرة إلى إسبانیا کان مروان بنی أنصار عن الطعام

إقرأ أيضاً:

من الإعدام إلى المؤبد.. كيف أعاد حكم محكمة مصرية قضية العبيدي إلى الواجهة؟

يمانيون../
أعادت السلطات القضائية المصرية، الأحد، الجدل حول قضية مقتل مسؤول التصنيع الحربي في وزارة الدفاع التابعة لحكومة المرتزقة بمأرب، اللواء حسن العبيدي، بعد أن قضت محكمة جنايات مستأنف بولاق الدكرور بتخفيف الحكم على المتهم الرئيسي من الإعدام شنقًا إلى السجن المؤبد، في خطوة أثارت موجة واسعة من التساؤلات والشكوك.

وكان العبيدي قد عُثر عليه مقتولًا داخل شقة مستأجرة في منطقة بولاق الدكرور بالقاهرة، في واقعة لا تزال تحيط بها ملابسات غامضة منذ وقوعها، وتسببت حينها في صدمة داخل أوساط حكومة المرتزقة، خصوصًا أنها طالت شخصية عسكرية بارزة تولّت مسؤولية التصنيع الحربي في وزارة الدفاع الموالية لتحالف العدوان.

وقد قضت محكمة جنوب القاهرة سابقًا بإعدام المتهم الأول، المدعو “رمضان ع.”، بعد إحالة أوراقه إلى مفتي الجمهورية، لكن الحكم الجديد بتخفيف العقوبة أعاد إشعال فتيل الشبهات، وأطلق موجة جديدة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بين نشطاء وإعلاميين موالين لحزب “الإصلاح”، الذين أعادوا طرح فرضية الاغتيال السياسي في القضية، موجهين أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى المخابرات الإماراتية.

ورأى مراقبون أن تخفيف الحكم، رغم ثبوت الجريمة، يشير إلى احتمال وجود ضغوط أو تدخلات غير معلنة، قد تهدف إلى طمس معالم الجريمة أو التستر على الجهة المحرضة، خصوصًا في ظل التوترات والصراعات الخفية بين أجنحة حكومة المرتزقة والهيمنة الأمنية الإماراتية على مفاصل القرار العسكري في مأرب وعدن.

وتداولت حسابات سياسية وناشطون مقاطع وصورًا من تصريحات سابقة للعبيدي، أشار فيها إلى اعتراضه على تدخلات إماراتية في قطاع التصنيع الحربي، ما يعزز من فرضية تصفيته ضمن سياق صراع النفوذ، خصوصًا بعد تقارير تحدثت عن رفضه لمقترحات تتعلق بإعادة هيكلة التصنيع وفق أجندة إماراتية.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه الخلافات بين أدوات العدوان داخل المناطق المحتلة، في ظل سعي أبو ظبي لإحكام قبضتها على القطاعات الأمنية والعسكرية، وهو ما يفسّره البعض بأنه تحوّل متعمد في سياسة “التصفية الناعمة” لكل من يعارض المسار الإماراتي.

وما زالت عائلة العبيدي وعدد من المقربين منه يطالبون بكشف الملابسات الكاملة لعملية القتل، ومحاسبة الجهات التي سهّلت تنفيذ الجريمة أو سعت لحرف مسار التحقيق، مؤكدين أن ما حدث لا يمكن فصله عن أبعاد سياسية وأمنية عميقة تتجاوز مجرد حادث جنائي.

ومع استمرار الغموض حول القضية، تبقى التساؤلات مفتوحة بشأن حقيقة ما جرى، وما إذا كانت المحكمة المصرية قد خفّفت الحكم بناء على معطيات قانونية جديدة، أم تحت تأثير اعتبارات سياسية مرتبطة بالعلاقات الثنائية والتنسيق الأمني بين القاهرة وأبو ظبي.

مقالات مشابهة

  • مسافر يسقط في البحر خلال رحلة بحرية بين ألميريا ومليلية
  • مروان عطية يوجّه رسالة لـ رامي ربيعة .. ماذا قال؟
  • الوزير زيدان: ألمانيا ليست أحسن من المغرب وفيها توجد أيضا مشاكل مثل قضية قيلش
  • إسبانيا تفكك منظمة إجرامية نقلت آلاف الأطنان من النفايات البلاستيكية إلى المغرب
  • عاجل. خامنئي: لا نظن أن المفاوضات مع واشنطن سوف تثمر ولا نعرف ماذا سيحدث
  • شاب متعدّد اللغات يحصد الملايين من المعجبين عبر الإنترنت.. ماذا قال عن اللغة العربية؟
  • من الإعدام إلى المؤبد.. كيف أعاد حكم محكمة مصرية قضية العبيدي إلى الواجهة؟
  • جثث تتدلى من الأشجار.. سلسلة وفيات غامضة تثير الذعر في المغرب وتستنفر الأمن
  • الحصبة تقترب من إسبانيا.. تحذيرات صحية وتوصيات عاجلة بالتلقيح
  • رحلة مليئة بالمغامرة.. ماذا ينتظرك في لعبة Syberia Remastered؟