نظّم نادي دبي للصحافة جلسة نقاشية على مائدة سحور ضمن مجلس المؤثرين الرمضاني التابع له، استضاف خلالها نخبة من أبرز المؤثرين وصُنّاع المحتوى الذين يحظون بشهرة عربية ودولية واسعة، وشارك فيها رواد شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية المهتمين بالقضايا الاجتماعية وتنمية العلاقات بين الأجيال وتهيئة مساحات شاملة ترسخ قيم التعاون والانتماء والتجارب المشتركة إضافة إلى الحفاظ على التراث الثقافي.


اللقاء الرمضاني جاء مستلهماً للقيم السامية التي حملها إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، تخصيص عام 2025 ليكون “عام المجتمع” في دولة الإمارات، ويأتي في سياق فعاليات مجلس المؤثرين الرمضاني الذي يناقش العديد من القضايا الإعلامية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها من الموضوعات والمجالات التي تحظى باهتمام الملايين في المنطقة العربية.
وفي مستهل الجلسة النقاشية، التي أدراها الإعلامي يوسف صالح والإعلامية اسمهان النقبي، رحّبت مريم الملا، مديرة نادي دبي للصحافة بالإنابة، بالمشاركين في اللقاء، مشيرة إلى أن هذا النقاش يعد فرصة للاقتراب من رؤى القيادة الرشيدة بأهمية تعزيز التلاحم بين أفراد المجتمع، وترسيخ القيم الإماراتية، وضمان بيئة تتيح للجميع الإسهام في تحقيق التقدم.
وأكدت حرص النادي على تنظيم لقاءات تنطلق من قناعته بأهمية الجلسات المعرفية وإطلاق المبادرات التي تعود بالنفع على قطاع الإعلام عموماً، وعلى صُنّاع المحتوى بصفة خاصة، انطلاقاً من مكانة دبي الرائدة كمركز عالمي للإعلام وصُناعة المحتوى العربي.
وأوضحت أن “مجلس المؤثرين الرمضاني” يعتبر أحد أهم الأنشطة التي ينظمها النادي سنوياً خلال شهر رمضان المبارك، ويستضيف شخصيات عربية هي الأكثر تأثيراً وخبرة في مجال التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا، وغيرها من القطاعات الحيوية التي تشكل في مجملها مواضيع تهم شرائح واسعة من المجتمع الإماراتي والعربي.
وخلال اللقاء، أكد مؤثرون مشاركون من جنسيات مختلفة أنهم يعتبرون دولة الإمارات وطناً لهم، وأن الإسهام الفاعل في المجتمع من خلال الخدمة المجتمعية، والتطوع، والمبادرات المؤثرة التي تُرسخ ثقافة المسؤولية المشتركة وتدفع عجلة التقدم، هي واجب أخلاقي ووطني لا يتأخروا في الاضطلاع به، انطلاقاً من إيمانهم بأهمية التوظيف الأمثل للتأثير الإيجابي الذي يتمتعون به على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأشار المشاركون في النقاش إلى أن “عام المجتمع”، يعكس رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع قوي ومتماسك، يرتكز على قيمه الأصيلة وروابطه العائلية والمجتمعية وهذا الإعلان يُعد دعوة وطنية لتعزيز المسؤولية المشتركة لجميع فئات المجتمع الذين يتمتعون بالتأثير الايجابي، لتمكين الأفراد من إطلاق إمكاناتهم، وتحقيق التلاحم المجتمعي الذي يشكل أساس التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولفت المشاركون خلال اللقاء الرمضاني، إلى أنه من الخطأ وضع كل المؤثرين في قالب واحد، لأن الأغلبية منهم يقدمون محتوى إيجابي ومفيد، فيما يوجد قلة منهم يسعون فقط وراء الشهرة، خاصة ممن يقدمون معلومات على غير حقيقتها ، داعين المؤثرين وصُناع المحتوى الجدد، إلى التحقق من المعلومات قبل نشرها.
وأضاف المشاركون في النقاش أن صناعة المحتوى العربي يحتاج إلى عملية تسريع ووضع معايير عمل ومؤشرات قياس واضحة لتعريف المحتوى الإيجابي والمحتوى السلبي.
وأكدت سلمى المنصوري، تنفيذي أول الاتصال الإعلامي، حرص النادي على إثراء الأفكار المواكبة لتطلعات المجتمع نحو المستقبل عبر حوار يشارك فيه شخصيات مؤثرة ونخبة من الإعلاميين والمبدعين.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

تجويد المحتوى العماني الرقمي

في الساعات التي أقضيها على وسائل التواصل الاجتماعي أتعرّض لسيل من المحتوى الرقمي، غير أنّ ما يلفت انتباهي دائما وسط هذا الزخم هو ندرة المحتوى العماني الأصيل والإبداعي الذي يمتلك مقوّمات الوصول والانتشار. فمعظم ما يظهر أمامي من محتوى عماني رقمي لا يتجاوز إعلانات تجارية، أو أخبار مؤسسات وأنشطة رسمية، أو يوميات شخصية، تتجاور مع كمٍّ هائل من مواد التسلية والترفيه السطحية التي يصعب أحيانًا تصنيفها بين الترفيه الهادف والتفاهة العابرة.

سعيًا إلى الدقّة والموضوعية استجديت لغة الأرقام لتجيب عن سؤالي حول حضور المحتوى العماني في الفضاء الرقمي، غير أنّ ما هو متاح من بيانات على كبر حجم الشبكة العنكبوتية يكشف عن مفارقة لافتة؛ فالأرقام تتحدّث عن الاستخدام لا عن الإسهام، وعن المتابعة لا عن الإنتاج أو التأثير. تشير الإحصائيات إلى أنّ أكثر من ستين في المئة من السكان يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، أي ما يزيد على ثلاثة ملايين مستخدم في سلطنة عمان، يشكّل «فيسبوك» المنصّة الأكثر انتشارًا بينهم، وإن كان هذا الرقم «في تقدير واقعي» يضم العمانيين والمقيمين على حدّ سواء. فيما تظهر مؤشرات أخرى أنّ نصف المجتمع تقريبًا يفضّل تطبيق الإنستغرام، تليه منصّة إكس بدرجات متفاوتة. غير أنّ هذه النسب مهما بدت مرتفعة لا تعكس حقيقة المساهمة في صناعة المحتوى بقدر ما تكشف عن حجم الاستهلاك والمتابعة.

ومن قراءة عامة للمشهد الرقمي يمكن القول: إننا « كمجتمع » لا نزال أقرب إلى موقع المتلقّي منه إلى موقع المنتج؛ نستهلك ما يصنعه الآخرون، ونتفاعل مع ما يقدَّم إلينا أكثر مما نبدعه بأيدينا. وهي سمة تتجاوز العالم الافتراضي لتصوّر واقعًا أشمل في حياتنا الثقافية والإنتاجية؛ إذ يطغى الاستهلاك على روح الابتكار والإبداع.

وإذا تجاوزنا الحديث عن ضعف المحتوى الرقمي العماني واتفقنا على محدودية تأثيره في المتلقي سواء داخل سلطنة عمان أو خارجها فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ما سبب هذا الضعف؟ أهو غياب الرؤية أم غياب من يُسلّط الضوء عليها؟ وهل تركت الساحة الرقمية لتجارب فردية ومبادرات شخصية تتفاوت في النضج والاتجاه دون إطار وطني جامع؟

إن الإجابة عن هذا السؤال تبدو للوهلة الأولى يسيرة، غير أنّها في جوهرها معقّدة؛ لأنّ المشهد الرقمي يتداخل فيه ما هو مؤسسي بما هو فردي، وما هو تنظيمي بما هو إبداعي. فالقضية لا تقف عند حدود غياب المحتوى فحسب، بل تمتد إلى غياب التصوّر الشامل للفضاء الرقمي العُماني: هل توجد جهة تُعنى بجودة المحتوى لا برقابته، وتضع له معايير ومعالم ترسّخ حضوره؟ وهل وضعت استراتيجيات إعلامية مؤسسية تؤطّر هذا الحضور ليصبح أكثر تأثيرًا على المستويين المحلي والإقليمي، أم أننا ما زلنا نعتمد على مبادرات شخصية تلمع حينًا وتخفت حينًا آخر دون أن تراكم خبرة وطنية قادرة على تثبيت هوية رقمية عمانية في فضاء عالميّ متسارع؟

يبقى السؤال الجوهري بعد كل ما سبق: هل يمكن تجويد المحتوى الرقمي العماني ليصبح قادرًا على المنافسة، وليحجز له مكانا لائقا في المجتمع الرقمي على الأقل في نطاقه العربي إن لم نقل العالمي؟ والإجابة على بساطتها الظاهرة تأتي بالإيجاب. نعم، يمكن الارتقاء بالمحتوى العماني، وتعزيز حضوره وتأثيره؛ لأنّ جوهر القوة متوافر أصلًا في مادته الخام؛ فالمحتوى هو الملك كما يقال في العرف الصحفي، ومن يملك المحتوى يملك الجمهور. والمجتمع العماني بطبيعته وتاريخه يزخر بمخزون ثري من القصص والرموز والتجارب التي يمكن أن تُغذّي فضاء رقميًا زاخرًا بالمعرفة والجمال؛ ففي كل زاوية من زوايا الحياة العُمانية تكمن مادةٌ تستحق أن تُروى في التراث والعادات والتقاليد، في الفنون والموسيقى، في السياحة والبيئة، في الاقتصاد والسياسة، بل في تفاصيل الإنسان العُماني نفسه بما يحمله من قيم وخصوصية وتجارب. المشكلة ليست في غياب المحتوى، بل في ضعف تحويل هذا الثراء إلى مادة رقمية احترافية قادرة على الوصول والتأثير.

إن تجويد المحتوى الرقمي العماني لا يتحقق بالصدفة ولا بالمبادرات الفردية وحدها، بل يحتاج إلى رؤية شاملة تعيد تنظيم المشهد وتوحيد الجهود. فالنهوض بهذا المحتوى يبدأ من اكتشاف المواهب الإعلامية الشابة في الفضاء الإلكتروني، ورعايتها وتبنّيها، وتوفير ما يلزمها من دعم وتدريب وتمكين لتتحول إلى طاقات خلّاقة تسهم في صناعة حضور رقمي عماني مؤثر. كما يتطلّب الأمر تخطيطًا واضحًا لما يُراد أن يقدَّم من رسائل واتجاهات، وتحديد أولويات المحتوى الذي يعكس صورة سلطنة عمان وقيمها وثقافتها للعالم.

لا يتحقق ذلك إلا من خلال بناء استراتيجية إعلامية وطنية للفضاء الرقمي تعنى بالارتقاء بالمحتوى في محاور متعدّدة: جودة الإنتاج، وعمق الرسالة، واتساع الانتشار، وتأهيل الكفاءات. فالمحتوى الرقمي لم يعد ترفًا أو تواصلاً عابرًا، بل أصبح جزءًا من القوة الناعمة للأوطان.

مقالات مشابهة

  • تجويد المحتوى العماني الرقمي
  • بنية ووعي كثير من منسوبي القوات المشتركة لا يستوعب ولا يتماشى مع المدينة
  • حزب البناء الوطني يحتفي بيوم المعلم ويكرّم نخبة من المربين
  • ولي العهد عبر إنستغرام: كفاءات أردنية تمثل نخبة من الشركات الرائدة في المملكة المتحدة (صور)
  • «لم يستقر على اسمه».. شريف سلامة يشارك نيللي كريم مسلسلها الرمضاني المقبل
  • الشائعات وأثرها على الامن القومى ..ندوة لإعلام طنطا
  • من الطب إلى الاقتصاد.. نخبة علماء وفكراء يحصدون مجد نوبل 2025 حول العالم
  • المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين يوقعان اتفاقية شراكة استراتيجية
  • ورد الآن.. فضائح “المؤثرين المأجورين” تهز مواقع التواصل اليمنية
  • المندوب الدائم بجنيف يخاطب جلسة الإحاطة المشتركة حول الأوضاع الإنسانية في السودان